Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صراع المياه داخل إيران...تحويل مجاري الأنهار وفيضانات واتهامات متبادلة

روحاني يتعهد بتعويضات ورئيسي يدعو لمحاكمة المتسببين

مرت إيران خلال الأسبوعين الماضيين بواحدة من الكوارث الكبيرة التي ضربت عدداً من مناطق البلاد، وخاصة مناطق الأحواز التي يقطنها العرب على الساحل الشرقي للخليج العربي. وتفجر الغضب في الشارع الأحوازي نتيجة لحجم الكارثة الناتج عن ضعف البنية التحتية، وتجميع مياه الأنهار خلف سدود ضخمة، الأمر الذي فاقم من الكارثة عندما هبطت الأمطار الغزيرة، التي بسببها تدفقت المياه من تلك السدود على المدن والقرى الأحوازية، الأمر الذي خلف كارثة بيئية واقتصادية وبشرية كبيرة.

ويقول العديد من النشطاء العرب الأحوازيين والأكراد وغيرهم ممن تعرضت قراهم ومدنهم للخراب إن سياسات النظام كانت تتعمد نقل مياه الأنهار إلى داخل المدن الرئيسية الإيرانية الواقعة ضمن المحافظات الفارسية، وأن ذلك أدى إلى تجميع المياه بشكل أدى إلى الفياضانات بعد هبوط الأمطار الغزيرة.

يذكر الناشط الحقوقي الأحوازي كريم دحيمي أن هناك غضباً محتدماً في المناطق العربية الأحوازية داخل إيران، بسبب سياسات النظام الذي عرض تلك المناطق للتخريب بنقل مياه أنهارها لتغذية الاحتياجات داخل المدن الواقعة في المحافظات الفارسية، ببناء سدود ضخمة على الأنهار الأحوازية الأمر الذي أدى إلى تجمع منسوب كبير من تلك المياه التي حرمت منها الأراضي الزراعية في الأحواز، ثم فاضت أخيراً بشكل كبير أدى إلى إحداث دمار هائل في الممتلكات، عدا عن عشرات القتلى بسبب الفيضانات.

مشاريع سدود وقنوات

يقول كريم دحيمي إن "عمليات بناء السدود على الأنهار الأحوازية استمرت على مدى عقود طويلة منذ أيام الشاه"

ويذكر أنه وعلى أيام شاه إيران، وتحديداً في عام 1948 اكتمل تنفيذ مشروع "كوهرانج 1"، لنقل المياه من نهر كارون إلى أصفهان، ثم جاء مشروع "كوهرانج 2" الذي بدأ عام 1973، غير أنه توقف لتنتهي أعمال بنائه عام 1985 بعد ثورة الخميني، وفيه تم نقل كميات كبيرة من مياه كارون إلى المدن المركزية في المناطق الفارسية.

 

ويضيف دحيمي أنه في العام 1991 نفذ مشروع آخر يدعى كوهرانج 3 واكتمل عام 1998 لنقل مياه نهر كارون إلى مدينة قم.

وفي 2003 بدأ مشروع آخر انتهى العمل فيه في 2011، وعُدَّ أكبر مشروع في حينه في الشرق الأوسط، لبناء سد آخر وقنوات لنقل المياه إلى قم والمدن التي في الطريق إليها، ولكن من نهر "الدز" هذه المرة، وسمي هذا المشروع "نهر قم"، وهو الذي افتتحه الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد.

ويضيف الناشط الحقوقي الأحوازي أن هناك مشروعاً آخر لبناء سد ونقل المياه على أيام الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد سُمي مشروع "سد كوكري" لنقل المياه إلى مدينة قم وحوالي 30 قرية ومدينة صغيرة في الطريق إلى قم، إضافة إلى مشروع "غلاب" لنقل المياه إلى مدن آران وكاشان وكارون، انتهى العمل فيه في 2005.

تصحر وملوحة وهجرة نحو المركز

وكان من نتائج هذه المشاريع تجفيف عدد من الأهوار في الأحواز، بالإضافة إلى تناقص منسوب المياه بشكل كبير، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة الملوحة في التربة، وبالتالي تلف الكثير من المنتجات الزراعية، وقلة جودتها، وتناقص في منسوب مياه الشرب، وتلوث الأنهار، وانتشار الأمراض المختلفة، كل ذلك أدى إلى هجرة أعداد كبيرة من الأحوازيين واللوريين والبختياريين والأكراد إلى داخل المدن المركزية الإيرانية.

يذكر أنه تم تهجير أهالي 70 قرية في منطقة السوس، و 11 قرية من الحميدية بالإضافة إلى قرى في الخفاجية والفلاحية وغيرها من مناطق الأحواز.

ويرى مراقبون ونشطاء أحوازيون أن الهدف من هذه المشاريع هو جذب سكان الأحواز وغيرها من المناطق إلى حواضر المدن الفارسية وسط البلاد لإحداث عمليات "نقل ديموغرافي مقصود"، كما يرى الناشط في مجال حقوق الإنسان كريم دحيمي، وذلك لدمج بقية القوميات ضمن القومية الفارسية.

يُذكر أن قضية بناء السدود ونقل المياه كانت ولا زالت تتفاعل في وسائل الإعلام والأروقة السياسية، وداخل مجلس الشوري في إيران، وقد شكى نواب من المناطق المتضررة من هذه العمليات، التي يرى مراقبون أن الحكومة تتلاعب بها.

فحين يخرج الآلاف من أبناء المناطق التي تحول مجاري أنهارها احتجاجاً على بناء السدود وتحويل المجرى، يخرج متظاهرون آخرون في المدن المركزية للتظاهر ضد توقف هذه العمليات، لتظهر الحكومة وكأنها تقع بين رغبات جماهيرية متضاربة، وتبدو كأنها تتصرف وفقاً للمصلحة العامة، وتحاول التوفيق بين المطالب المختلفة.

وعلى الرغم من أن أحد أهم أسباب الفيضانات الأخيرة يعود لتجميع المياه وراء سدود ضخمة لتحويل مجرى الأنهار إلى مدن أخرى، إلا أن المسؤولين الإيرانيين يرون فيما حدث سبباً كافياً لنقل المياه وتحويل مجاري الأنهار، لتجنب مثل تلك الفيضانات المدمرة. يقول محمد حاج رسولي ها مدير مستشار وزير الطاقة ومدير إدارة المنابع المائية في إيران إن "هذه الفياضانات تحتم علينا نقل المياه إلى الهضبة الوسطى الإيرانية".

مواجهات مسلحة واتهامات

وفي محاولة لإبعاد مجرى الفيضان عن المنشآت النفطية في الأحواز قامت فرق هندسية عسكرية تتبع الحرس الثوري بتحويل مياه الفيضانات بعيداً عن تلك المنشآت، الأمر الذي أدى إلى أضرار فادحة في القرى والأراضي الزراعية المجاورة، وعلى الإثر اندلعت مواجهات مسلحة بين قوى الأمن والقرويين.

وتداول ناشطون أحوازيون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لمواجهات مسلحة بين عناصر من الحرس الثوري وعدد من أهالي قريتي "الجليزي" و"المقاصيص" غربي الإقليم لمنع العناصر الحكومية من فتح منافذ من النهر صوب مزارعهم لحماية مدينة الخفاجية والمنشآت النفطية هناك.

وذكرت مصادر محلية أن المواجهات أدت الى جرح ٩ أشخاص من المواطنين العرب هناك.

 

ولقي ما لا يقل عن 47 شخصا حتفهم خلال الأسبوعين الماضيين في سيول بشمال وجنوب إيران بعد سقوط أمطار بغزارة لم تشهدها البلاد منذ عشر سنوات على الأقل.

وذكرت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء (إيرنا) أن السلطات أخلت عشرات في الأحواز الغنية بالنفط بجنوب غرب البلاد.

وفي غضون ذلك ذكر التلفزيون الرسمي أن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي أشاد بجهود الإنقاذ لكنه قال إن المسؤولين كان يجب أن يتوقعوا الكارثة على نحو أفضل.

واتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أميركا بتعطيل حركة الإغاثة بسبب العقوبات المفروضة على قطاع الطيران وغيره، ورد نظيره الأميركي مايك بومبيو بأن السلطات في إيران تبحث عن أطراف خارجية لتحميلها المسؤولية بدلاً من تحمل هذه السلطات مسؤولية ما حدث.

وتعهد الرئيس حسن روحاني، الذي يتهمه منتقدون بسوء إدارة الأزمة، بدفع تعويضات للمتضررين.

وكان رجل الدين المحافظ إبراهيم رئيسي رئيس السلطة القضائية قال إن المسؤولين الذين أساءوا إدارة الكارثة وتسببوا في وفاة مدنيين قد يمثلون للعدالة.

المزيد من الشرق الأوسط