Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما أسباب تكاثر حالات كورونا في مصانع اللحوم ببريطانيا والعالم؟

أحد مسؤولي الهيئة النقابية للقطاع في لندن يقول "على الرغم من كل شيء لم تتوقف صناعتنا عن العمل"

كثير من مصانع اللحوم في بريطانيا أغلقت أبوابها بسبب جائحة كورونا (غيتي)

صدرت تقارير عدَّة في الآونة الأخيرة أفادت بتفشي فيروس كورونا في مصانع اللحوم بجميع أنحاء العالم، بما في ذلك في مواقع عدة لهذه الصناعة في المملكة المتحدة. ففي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أكد الفحص إصابة 75 عاملاً في معمل معالجة لحوم الديك الرومي في نورفوك (جنوب شرقي إنجلترا)، في حين سُجلت 72 حالة إصابة بالفيروس في إحدى منشآت معالجة الأغذية في سافولك بإنجلترا أيضاً. 

وسجل قبل أسابيع من ذلك أكثر من 170 إصابة بمرض كوفيد-19 في أحد مصانع اللحوم في كورنوال، جنوب البلاد، فيما توقفت منشأة للدجاج في ويلز ومصنع للحوم في يوركشاير، عن الإنتاج في يونيو (حزيران)، بعدما تبين أنهما كانا مصدراً لتفشي العدوى.

الظاهرة نفسها تتكرر في أماكن أخرى من أوروبا خلال فصل الصيف، حيث شُددت إجراءات الحجر في إحدى المقاطعات الألمانية بعدما شهدت زيادةً كبيرةً في حالات الإصابة بـ كوفيد-19 في مسلخ للحوم، وتسجيل أكثر من 1500 إصابة بفيروس كورونا بين عماله.

وفي الولايات المتحدة أغلقت بعض مصانع اللحوم أبوابها بسبب تفشي داء كوفيد-19 فيها وإصابة مئات العمال بالفيروس.

وفيما تعزو بعض النظريات الأسباب وراء هذا التفشي إلى وضع عمل الموظفين في تلك المصانع على مقربة من بعضهم البعض، وعقود العمل السيئة، ودرجات الحرارة شديدة البرودة، يصر ممثلو الصناعة في المملكة المتحدة على أن السبب وراءها "يظل لغزاً" محيراً.

ففي حديث مع صحيفة "اندبندنت" أكد ديفيد ليندارز من "الجمعية البريطانية لمعالجة اللحوم" British Meat Processors Association "ألا دليل علمياً على أن مصنع لحوم يختلف عن أي مصنع للأغذية المبردة الذي ينتج أطعمةً أخرى".

وأضاف ليندارز أنه "لم يُذكر أي شيء عن أن بيئة العمل في مصانعنا قد تكون على وجه التحديد من وجهة نظر علمية، العامل وراء هذا التفشي للمرض. إن السبب يظل لغزاً".

وفي إشارة إلى الدور الذي تقوم به الصناعة خلال تفشي الوباء، يقول ليندارز الذي يتولى إدارة العمليات الفنية في الهيئة التي تمثل قطاع اللحوم في المملكة المتحدة، إنه "في وقت تعطلت فيه صناعة السيارات والكثير من الصناعات الأخرى، يجب ألا ننسى أننا لم نتوقف أبداً عن الإنتاج".

ويتابع "لقد واصلنا العمل، ونجحنا حتى الآن في تزويد البلاد بالكمية الكافية من اللحوم التي تحتاجها، وضمان إيصالها إلى رفوف تجار التجزئة من دون الاضطرار إلى تطبيق حجر جماعي كما حدث في دول أخرى".

معلوم أن المصانع الرئيسة لمعالجة اللحوم في الولايات المتحدة أغلقت أبوابها خلال مرحلة تفشي الجائحة، ما أثار مخاوف من شح في اللحوم، بعدما تأكدت إصابة مئات من عمال عدد من المعامل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن نقابة "يونايت" Unite (أكبر اتحاد لنقابات العمال في المملكة المتحدة)، تؤكد أنها حذرت غير مرة من احتمال تفشي المرض في مصانع اللحوم في البلاد. ويرى محللون أن الظروف الخاصة ببعض مصانع اللحوم يمكن أن تكون قد ساهمت جزئياً في تفشي هذا العدد الكبير من الحالات.

وفي تحليل لهذه الظاهرة، أشار البروفسور رولاند كاو وهو أستاذ علم الأوبئة البيطرية وعلم البيانات في "جامعة إدنبره"، إلى أنه "ثبت أيضاً من خلال دراسات تجريبية، أن الدرجات المنخفضة للحرارة في تلك المصانع، تسبب ارتفاعاً في معدلات انتشار الأنفلونزا، وفي توفير نوع من البيئة الحاضنة لفيروسات كورونا الأخرى مثل (ميرس – كوف) التي تساهم في إبقائها ناشطة. وفيما لم يتم بعد الإثبات أن الأمر قد يكون مشابهاً بالنسبة إلى فيروس كوفيد-19، فقد يتم تطبيق آليات مماثلة لتأكيده".

لورانس يونغ أستاذ علم الأورام الجزيئية في "جامعة وورويك" University of Warwick يتفق مع نظرية أن البيئة داخل مصانع اللحوم والمسالخ، قد تكون مثاليةً لبقاء فيروس كورونا ناشطاً وقادراً على الانتشار. وقال في هذا الإطار إن "الفيروس يعيش على الأسطح الباردة. وفي غياب التهوئة وأشعة الشمس، فإن القطرات التي تحتوي الفيروس الآتية من أفراد مصابين، يمكنها أن تنتشر وتستقر على الأسطح وتظل على قيد الحياة".

ويلفت البروفسور كاو في المقابل إلى أن "مصانع اللحوم والمسالخ هي من الأماكن التي يتعين فيها على الموظفين ممارسة حركة بدنية ذات مستويات عالية من النشاط، وبما أنه يصعب الحفاظ على تباعد جسدي في مثل هذه المواقع المغلقة، وتصعب تالياً مراقبته، فإن هذين العاملين من شأنهما زيادة احتمالات انتقال العدوى".

ويوضح البروفيسور جيمس وود العالم في أوبئة الأمراض المعدية في جامعة كامبريدج لصحيفة "اندبندنت"، أن "الحفاظ على التباعد الاجتماعي قد يكون صعباً في النقاط المخصصة لذبح الحيوانات حيث يتعين على العمال التحرك بسرعة. وإضافةً إلى ذلك، يمكن أن تكون حركة انتقال الهواء السريع الناجمة عن التبريد في عدد من المسالخ أو عبرها وفي منشآت اللحوم، سبباً آخر محتملاً لانتشار هذه الظاهرة".

ويضيف البروفيسور وود أنه "مع ذلك، فإن عدداً من مصانع اللحوم قد أرسى بنيةً وممارسات سليمة تعتمد استخدام معدات الحماية الشخصية PPE الأمر الذي يجب ألا يشكل صعوبة لديها في تعميم استعمالها".

وفي عودة إلى مدير العمليات الفنية في "الجمعية البريطانية لمعالجة اللحوم"، يقول ديفيد ليندارز لصحيفة "اندبندنت" أنه "بمجرد صدور قرار تطبيق القيود في نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، أنفقت صناعتنا بضعة ملايين من الجنيهات الإسترلينية على توفير أقنعة Perspex البلاستيكية لحماية الوجه، ومعدات إضافية للوقاية الشخصية، وغيرها. وكنا سريعين للغاية في الاستجابة لنصائح الحكومة في هذا الإطار".

وأكد أن بعض المصانع "قلص مستويات القدرة الإنتاجية والكفاءة في العمل" من خلال اعتماد مسافات تباعد أكبر في النقاط المخصصة لذبح الأغنام، التزاماً بقواعد التباعد الاجتماعي المطلوبة بين العاملين، لكن بيف كلاركسون المسؤولة النقابية على المستوى الوطني في اتحاد "يونايت"، رأت أن ظروف العمل المتقاربة "لا تسوغ" حالات تفشي المرض هذه. وقالت "صحيح أن هناك صعوبات في إبقاء العاملين على مسافة بعيدة في عدد من المواقع، إلا أن هذا لا يشكل مبرراً كافياً، خصوصاً أن تقارير عدة صدرت على نطاق واسع تحدثت عن حالات تفشٍّ مماثلة في الولايات المتحدة ودول أخرى".

وقالت كلاركسون، إن "الأجور المتدنية" و"عقود العمل المجحفة" يمكن أن يكون لها دور هي كذلك في تفشي المرض في مصانع معالجة اللحوم.

وأوضحت أن عدداً من أرباب العمل يرفض تقديم أي دعم مالي للأفراد الذين تظهر عليهم أعراض المرض، وهذا ما يدفع ببعض العاملين ببساطة إلى أن يأملوا في ألا يكونوا قد التقطوا الفيروس، فيذهبون إلى مقر عملهم. ويتوجب على أرباب العمل معاملة موظفيهم بشكل أفضل للمساهمة في وقف انتشار العدوى".

تجدر الإشارة إلى أنه يمكن للعمال الحصول بموجب القانون على بدل مرض مقداره 95 جنيهاً إسترلينياً (حوالي 124 دولاراً أميركياً) في الأسبوع، في حال أصيبوا بالمرض أو اضطروا إلى عزل أنفسهم بسبب فيروس كورونا.

وفي مبادرة من شركة "أسدا" Asda المالكة لمصنع "كوبر" Kober لمعالجة اللحوم في غرب يوركشاير، قالت الشركة عندما ثبت تفشي الفيروس داخل المصنع في يونيو (حزيران) الماضي، إنها ستحرص على مواصلة حصول الموظفين الذين يحتاجون إلى عزل أنفسهم على راتبهم كاملاً. 

(ساهمت وكالات إخبارية في إعداد محتوى هذا التقرير)

© The Independent

المزيد من متابعات