Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تنظر أطراف الأزمة الليبية إلى اتفاق جنيف؟

مصر ترحب وتركيا تشكك وأميركا تطالب روسيا بإخراج "الفاغنر" من البلاد والأخيرة تلتزم الصمت

وقّع الطرفان العسكريان الليبيان الممثلان في لجنتي (5 + 5)، اتفاقاً دائماً لوقف إطلاق النار بجنيف، وُصف بـ"التاريخي"، كونه الأول من نوعه منذ اندلاع المعارك في بنغازي وطرابلس قبل ست سنوات مضت، وتنتهي بموجبه حالة من التوتر والترقب امتدت عاماً كاملاً، لمعركة مشوبة بتداعيات خطيرة على المستويين المحلي والإقليمي في سرت والجفرة.

وما إن أعلنت البعثة الأممية للدعم في ليبيا نجاح المفاوضات، التي رعتها في العاصمة السويسرية وتفاصيلها، حتى انفجرت موجة من ردود الفعل داخل البلاد وخارجها، جاءت غالبيتها مرحبة بما اتفق عليه الطرفان، بينما أثار بعضها، خصوصاً الموقف التركي، تساؤلات حول إمكانية تفعيل الاتفاق على الأرض بشكل سلس.

تفاصيل الاتفاق

كشفت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، عن تفاصيل الاتفاق المُوقّع بين اللجنتين المكلفتين الحوار في المسار العسكري من طرفي النزاع، بقولها في مؤتمر صحافي "اتفق الوفدان العسكريان على إخراج المرتزقة من البلاد في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وإنشاء غرفة عمليات مشتركة للشرطة، وقوة عسكرية محدودة من عسكريين نظاميين".

كما اتفق الوفدان على "تصنيف الجماعات المسلحة، تمهيداً لدمج أفرادها بمؤسسات الدولة، وإعادة تشكيل القوات المسؤولة عن تأمين المنشآت النفطية، وفتح الطرق البرية وحركة الملاحة الجوية بينهما".

وتضمن الاتفاق أيضاً تعهد الطرفين بـ"إيقاف القبض على الهوية أو الانتماء السياسي، واقتصار الملاحقة على المطلوبين جنائياً، وإحالتهم على الجهات المختصة، وإنهاء احتجاز المقبوض عليهم من الطرفين في المعارك العسكرية طوال السنوات الماضية".

وأشارت ستيفاني إلى أن "الوفدين الممثلين للقيادة العامة للجيش وحكومة الوفاق، طلبا من البعثة الأممية رفع اتفاق وقف إطلاق النار الموقع إلى مجلس الأمن، لاعتماده وضمان التزام الجميع به".

وانقسم الاتفاق، الذي حصلت "اندبندنت عربية" على نسخة منه، إلى قسمين، الأول بنود الاتفاق وذكرتها المبعوثة الأممية، ومبادئ عامة اشتملت على 5 نقاط، أكدت وحدة التراب الليبي، والعمل على ضمان سيادته وحمايته، والامتناع عن رهن القرار الوطني ومقدرات البلاد لأي قوة خارجية، وتأكيد أن مكافحة الإرهاب سياسة وطنية مشتركة، والتزام احترام مبادئ حقوق الإنسان. وشددت النقطة الخامسة على أن بنود الاتفاق تشمل كامل الأراضي الليبية، وما يتبعها من مناطق تحت سيادة الدولة، براً وبحراً وجواً.

سعادة قادة المفاوضات

أعرب قائدا فريقي التفاوض في اللجنتين العسكريتين الممثلتين لشرق البلاد وغربها، عن سعادتهما للتوصل إلى اتفاق شامل للسلام والهدنة المستديمة، بعد مفاوضات سلسة على عكس ما كان متوقعاً للمسار العسكري في جنيف. ومن جانبه، قال مراجع العمامي، رئيس وفد الجيش الوطني الليبي "سعداء بما أنجزنا، ونشكر البعثة الأممية على هذه المجهودات التي تبذلها، وسنعمل على تنفيذ هذه المقررات التي وافقنا عليها".

في المقابل، دعا أحمد أبو شحمة، رئيس وفد الوفاق، السياسيين في ليبيا، إلى أن "يكونوا يداً واحدة، ولا تجذبهم الأحزاب والتيارات السياسية، ليتحقق الاستقرار السياسي داخل البلاد"، لافتاً إلى أن "اتفاق وقف النار سيُعيد الأمن والاستقرار، ويكون سبباً رئيساً في وقف نزيف الدم وإنهاء النزاع المسلح داخل التراب الليبي بالكامل".

تصريحات متناقضة تعيد المخاوف

بعد مُضيّ ساعات قليلة، خيمت فيها حالة من التفاؤل على المشهد الليبي، عادت الشكوك من جديد في تنفيذ ما اتُّفق عليه، بخروج تصريحات متناقضة لمصادر مقربة من الطرفين الموقعين على الاتفاق، ومواقف غامضة لأطراف دولية وإقليمية، كان لها دور بارز في الأزمة والصراع الداخلي طوال السنوات الماضية.

وبدأت هذه التصريحات المتناقضة والمحيرة، بعدما قال رئيس وفد الوفاق أحمد أبو شحمة، "الاتفاق الموقع يقضي بخروج كل القوات من الطرفين، من سرت والجفرة، وتشكيل قوة مشتركة لحمايتها"، ليرد عليه اللواء خيري التميمي، عضو وفد القيادة العامة للجيش في المفاوضات، قائلاً "الوفدان لم يتفقا على منطقة منزوعة السلاح، في سرت أو الجفرة، بل على تشكيل غرفة أمنية مشتركة لتأمين المدينتين".

وبعدها أدلى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، بتصريحات زادت المشهد غموضاً، فعلى الرغم من مباركته الاتفاق، شدد على "عدم التساهل مع من ارتكب جرائم في حق الليبيين، ومن خلّف عند انسحابه ألغاماً ومقابر جماعية"، في إشارة صريحة إلى قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، داعياً في الوقت ذاته إلى "مسار يقود سريعاً إلى الانتخابات"، وواصفاً إياه بأنه "الاستحقاق الذي سينهي أزمة الشرعيات التي أنهكت البلاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي سياق المواقف الخارجية، كان الجميع يترقب أربعة مواقف رئيسة، من الأفرقاء الدوليين والإقليميين الأكثر تأثيراً وانخراطاً في الأزمة الليبية طوال السنوات الماضية، مصر وتركيا من جهة، والولايات المتحدة وروسيا من جهة أخرى.

وبينما لم تعلق موسكو حتى الآن على الاتفاق، رحبت مصر ترحيباً كاملاً، بينما اشترطت الولايات المتحدة التزام روسيا إخراج فرقة "الفاغنر" العسكرية من البلاد لنجاح الاتفاق، قبل خروج القوات التركية، حسب تصريحات سفيرها في ليبيا، ريتشارد نورلاند.

وأكثر التصريحات إثارة للجدل حتى الآن، هي تلك الصادرة عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وصف الاتفاق بـ"ضعيف المصداقية"، قائلاً إنه "ليس اتفاقاً على أعلى مستوى، والأيام ستظهر مدى قدرته على الصمود".

ويقول الإعلامي الليبي فرج حمزة، "ما قاله الرئيس التركي يعطي مصداقية للمعلومات التي أفصحت عنها مصادر ليبية مطلعة في الأيام الماضية، على رأسها القيادة العامة للجيش الليبي، التي أفادت بمساعٍ تركية لعرقلة الاتفاق قبل توقيعه، وممارستها ضغوطاً بهذا الشأن على وزير الدفاع ورئيس الأركان التابعين لقوات الوفاق، في زيارتهما إلى أنقرة الأسبوع الماضي".

وأضاف "كما يثير حديث أردوغان شكوكاً حقيقية بشأن مساعٍ ستبذلها أنقرة لإفشال تطبيقه على الأرض، كونه يعارض مصالحها وأهدافها الاستراتيجية في البلاد"، مشيراً إلى أن "تصريحات السفير الأميركي في ليبيا، تعطي الآن أهمية كبيرة للموقف الروسي المرتقب من الاتفاق وما نص عليه، وهو موقف سيكون مفصلياً في تعزيز فرص نجاح الاتفاق من عدمها في الفترة المقبلة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات