Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائريون فرحون باستقالة بوتفليقة وقلقون من "حكم العسكر"

بعد بث التلفزيون الحكومي بيان استقالة الرئيس امتلأت ساحة البريد المركزي في العاصمة بالعائلات والشباب احتفالاً بهذا القرار

في ليلة الثاني من أبريل (نيسان)، كان الوضع مختلفاً في شوارع الجزائر. أنوار المصابيح مشتعلة ونسمات الجو دافئة وأصحاب المحلات يتأهبون لغلق محلاتهم، بينما يشاهد الجزائريون شاشات التلفاز، التي لم تتوقف عن بث أخبار متسارعة عن وضع البلاد طيلة اليوم. فجاءت النهاية بأن قدم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إستقالته من رئاسة البلاد بضغوط من المؤسسة العسكرية.

منذ 22 فبراير (شباط) الماضي، تاريخ إنطلاق الحراك، يخرج الجزائريون إلى الشوارع للمطالبة برحيل بوتفليقة ورموز نظامه. وبعدما تحقق المطلب الأول، وجد البعض منهم الإحتفال ملزماً، لأن تنحي بوتفليقة من الحكم ما كان ليحصل لولا صيحات المواطنين التي هزت أركان النظام.

ومباشرة بعد بث التلفزيون الحكومي بيان استقالة بوتفليقة من منصب رئاسة الجمهورية، امتلأت ساحة البريد المركزي في العاصمة بالعائلات والشباب احتفالاً بهذا القرار. وهو مشهد تكرر في عدة مدن جزائرية أخرى.

زغاريد النسوة وصفارات السيارات لم تتوقف، إيذاناً بنهاية حقبة تاريخية كان يراها الجزائريون مليئة بالأحداث السيئة، خصوصاً السنوات الخمس الأخيرة، التي يجهل فيها الشارع من كان يحكمه، بعد إصابة بوتفليقة بوعكة صحية.

ووفق ما رصدته "اندبندنت عربية"، رفع المحتفلون الرايات الوطنية وهتفوا بشعارات تحتفي بـ "النصر"، على غرار "تحيا الجزائر... جزائر حرة ديمقراطية" و"هي البداية ومزال مزال" و"جيش شعب خاوة خاوة".

تحفظ وترقب

في الجهة المقابلة، يفضل بعض الجزائريين عدم التسرع في الاحتفال. ويقول أحد المواطنين "حقيقة أنا سعيد برحيل بوتفليقة، لكن أعتقد أن ذهابه هو مجرد خطوة أخرى، وعلينا أن لا نفرح كثيراً، بل نتمسك بمطالبنا وهي الدعوة إلى رحيل رموز النظام كافة".

بينما عبّر البعض ممن تحدثت إليهم "اندبندنت عربية"، خصوصاً من كبار السن، عن حسرتهم لخروج بوتفليقة من الباب الضيق، في حين كان بإمكانه أن يختار لنفسه نهاية مشرفة تنهي مساره السياسي.

وقالت إحدى السيدات "صحيح أنني خرجت للإحتفال مع أولادي، لكنني أشعر بحزن شديد عندما أرى أن بوتفليقة في تلك الصورة المؤلمة".

ويعتقد عدد كبير من الجزائريين أن الرئيس بوتفليقة، صاحب الـ 82 عاماً، أخطأ بعدم تسليمه السلطة مع نهاية ولايته الثانية، في العام 2009، عقب تعديله دستور البلاد في العام 2008 لعدم تحديد عدد الولايات الرئاسية، ما منحه حق الترشح إلى ولاية ثالثة ورابعة، وكان ينوي التقدم إلى الخامسة لولا إسقاط الشعب لها تحت شعار "مكاش الخامسة يا بوتفليقة".

مواقف قائد الأركان

وعلى الرغم من سعادة الجزائريين بوقوف قيادة أركان الجيش إلى جانبهم، عقب إصدار قائدها أحمد قايد صالح مواقف تاريخية شكلت منعرجاً حاسماً في مسار الحراك الشعبي، أولاً بمطالبة بوتفليقة بالتنحي وثانياً حديثه عن عصابات نهب أموال الجزائريين، إلا أن ذلك لم يبدد مخاوف الجزائريين من احتمال تصدر الجيش الواجهة السياسية والأحداث التي تعيشها البلاد.

وتقول بشرى سومر، وهي طالبة في جامعة بومرداس شرق العاصمة، "نطالب بتغيير حقيقي وجذري للنظام، ولا نريد رحيل أشخاص وتعويضهم بآخرين من السلطة الحاكمة نفسها".

وتضيف "نريد أن تجري الانتخابات في أقرب وقت ويختار الشعب ممثليه بكل ديمقراطية وشفافية. أعتقد أن رحيل بوتفليقة هو نقطة البداية فقط، لأنه مجرد شخص في منظومة ولم يكن يحكم البلاد بمفرده".

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي جرى نقاش حاد بين نشطاء حول ما إذا كان قائد الأركان سيكتفي بمرافقة المرحلة الانتقالية وضمان تحقيق مطالب الشعب أم أنه ينوي فرض مرشح المؤسسة العسكرية في الانتخابات المقبلة، هي التي كانت تلقب دوماً بصانعة الرؤساء في الجزائر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولعل ما يثير مخاوف هؤلاء، هو العودة إلى التاريخ الجزائري، الموسوم بسيطرة مؤسسة الجيش على المشهد السياسي. ففي العام 1965، قاد وزير الدفاع آنذاك هواري بومدين إنقلاباً عسكرياً ضد الرئيس أحمد بن بلة، الرئيس الأول في تاريخ الجزائر المستقلة.

وفي العام 1978، تدخل الجيش لاختيار العقيد الشاذلي بن جديد بعد وفاة بومدين، بينما جرى توقيف المسار الانتخابي من قبل الجيش، في العام 1992، عقب فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ.

وفي العام 1994، عُيّن وزير الدفاع اليمين زروال رئيساً للدولة لمدة سنة، قبل انتخابه رئيساً للجمهورية في العام 1995. ثم جاء، في العام 1999، الرئيس بوتفليقة بدعم من المؤسسة العسكرية.

واليوم يتنحى الرئيس بوتفليقة من منصبه عقب دعوات من قبل الجيش الجزائري بتفعيل المادة 102 من الدستور وإعلان شغور منصب رئيس الجمهورية. لكن قائد أركان الجيش وعد بتسوية الأزمة التي تعيشها البلاد في الإطار الدستوري، وهو ما ينفي مبدئياً الحديث عن "الإنقلاب".

ماذا بعد؟

في خضم تسارع الأحداث منذ بداية الأسبوع الحالي، تتوجه الأنظار إلى القرارات التي يمكن إعلانها عقب تنحية بوتفليقة ورحيله. إذ تتوجه الأنظار إلى المجلس الدستوري، الذي يُرتقب أن يجتمع الأربعاء وجوباً لإعلان حالة الشغور، قبل اجتماع البرلمان بغرفتيه لإثباته، مع انتشار دعوات على مواقع التواصل الإجتماعي لمواصلة الحراك السلمي حتى تحقيق الأهداف المرجوة، وفي مقدمتها محاسبة "أفراد العصابة التي نهبت أموال الجزائريين".

موقف روسي

دعت روسيا، الأربعاء، إلى تحقيق الانتقال السياسي في الجزائر من "دون تدخل" من بلدان أخرى.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف "نأمل، مهما حدث، أن تجري العمليات الداخلية في هذا البلد، التي هي شؤون داخلية جزائرية حصراً، من دون تدخل من دول أخرى".

وأضاف أن موسكو تأمل كذلك ألا يكون للانتقال المقبل "أي تأثير على الطبيعة الودية لعلاقاتنا الثنائية".

ويذكر أن روسيا حليف قديم للجزائر، التي تصدر إليها الأسلحة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي