Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يحتاج العالم للأمم المتحدة؟

لهذه المنظمة العالمية من الشرعية والقدرة على الحشد في سبيل العمل الجماعي ما لا تملكه أي مؤسسة في العالم

مبنى مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك (رويترز)

24 أكتوبر (تشرين الأول) 2020 هو "يوم الأمم المتحدة" والذكرى الـ 75 لتأسيسها، في 25 أبريل (نيسان) 1945، اجتمع مندوبو 50 دولة في مدينة سان فرانسيسكو لصوغ ميثاق الأمم المتحدة الوليدة حينها. ووقع الميثاق ممثلو البلدان الـ 50 يوم 26 يونيو (حزيران) 1945. وهكذا نشأ كيان الأمم المتحدة رسمياً يوم 24 أكتوبر 1945، عندما صدق على الميثاق كل من الاتحاد السوفياتي والصين وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، ودول كثيرة أخرى.

أسئلة مشروعة ولكن!

احتفالات كثيرة ستجرى في أنحاء العالم لإحياء هذا اليوم الذي وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنه مناسبة لتسليط الضوء على المُثل المكرّسة في الميثـاق، "وفي خضم الأحداث العالمية العاصفة، يظل الميثاق المرساة الأخلاقية المشتركة التي نحتكم إليها".

كالعادة في مثل هذه المناسبات ستكون هناك اعتراضات كثيرة وأسئلة: ما الذي فعلته الأمم المتحدة كي نحتفل بيومها؟ الحروب تملأ العالم، والجوع يقض مضاجع الملايين، والفقر لا يكف عن الانتشار، والأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية في كل مكان. ألم يكن الهدف من تأسيس الأمم المتحدة قبل 75 عاماً هو القضاء على كل هذه الموبقات؟

هذه الأمثلة مشروعة وصحيحة، لكن هذا هو هدف "يوم الأمم المتحدة"، أي التعريف بكل ما تقوم به هذه المنظمة التي تجمع تحت سقفها جميع دول العالم للتشاور والنقاش ومحاولة إيجاد الحلول لكل المشكلات العالقة. وهذا اليوم هو فرصة للتعريف بالمؤسسات الدولية الكثيرة التي تندرج في إطار الأمم المتحدة، والتي لكل منها عمل كبير وضخم تقوم به حول العالم، في دول الحرب كما في دول السلم، وفي المجتمعات الغنية كما الفقيرة. وهناك شعوب بأكملها تستفيد منها، كالـ "أونروا" للفلسطينيين، ومنظمة التغذية في دول أفريقيا جنوب الصحراء، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي للدول المتعثرة اقتصادياً، وطبعاً قوات الأمم المتحدة للسلام التي تفصل بين المتحاربين في عدد كبير من الدول، هذا غيض من فيض المؤسسات التي سنأتي على ذكرها في هذا التحقيق.

ولا يعوزنا القول إن للأمم المتحدة كمنظمة عالمية، من الشرعية ومن القدرة على الحشد في سبيل العمل الجماعي والتأثير في صعيد وضع القواعد التي تحكم العلاقات بين الدول، ما لا تملكه أي مؤسسة في العالم.

الأمم المتحدة التي نحتاج

لو أخذنا البشر كأفراد أو كجماعات وشعوب، فإن الأمم المتحدة تبثّ في النفوس الشخصية والجمعية "الأمل" في إيجاد عالم أفضل. ثم حدث أمران ذكرانا بحاجة العالم لهذه المنظمة، الأول وباء كورونا الذي أكد ترابطنا الوثيق، وبأنه لا بد من العمل معاً بالتضامن والتكافل في مواجهة هذا النوع من الأخطار، فالفيروس لا يعرف العرق ولا القومية ولا الحدود ولا لون البشرة ولا الطبقة الاجتماعية، إنه يغزو الجنس البشري كنوع من دون تفرقة. وكان للأمم المتحدة عبر منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات السبق في محاربة هذا الفيروس وفي تأمين التضامن الدولي لمواجهته.

أما الأمر الثاني فهو حصول "برنامج الأغذية العالمي" قبل أسابيع قليلة على جائزة نوبل للسلام. وهذا البرنامج التابع للأمم المتحدة هو أكبر منظمة إنسانية في العالم تعالج آثار الجوع ويقدم المساعدة لأكثر من 97 مليون شخص في 88 دولة من ضحايا انعدام الأمن الغذائي وانتشار الجوع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشادت لجنة نوبل بعمل برنامج الأمم المتحدة للأغذية، وسلطت الضوء على دوره في تعزيز الاستدامة وإثراء مرونة المجتمعات من خلال تقديم المعونات الغذائية الطارئة، خصوصاً بعدما أضافت أزمة كورونا إلى مآسي العالم، تفاقم انعدام الأمن الغذائي العالمي، ومن المحتمل أن يصل إجمالي عدد الجوعى إلى 265 مليون شخص في غضون العام الأول من انتشاره. كما أكدت لجنة نوبل "أن الأمن الغذائي لا يمنع الجوع فحسب، بل يمكن أن يساعد أيضاً في تحسين فرص الاستقرار والسلام. فأينما وجد الصراع، وجد الجوع. وأينما وجد الجوع، غالباً ما يكون هناك صراع".

أجهزة الأمم المتحدة الرئيسة

الأجهزة الرئيسة للأمم المتحدة هي "الجمعية العامة" و"مجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي" و"مجلس الوصاية" و"محكمة العدل الدولية" و"الأمانة العامة. وكلها أنشئ في 1945 عند تأسيس الأمم المتحدة.

الجمعية العامة هي جهاز التداول ووضع السياسات والتمثيل في الأمم المتحدة بين الدول الـ 193 الأعضاء. وفي كل سنة، ابتداء من سبتمبر (أيلول)، تجتمع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في قاعة الجمعية العامة بنيويورك للدورة السنوية للجمعية العامة والمناقشة العامة التي يحضرها كثيرون من الزعماء ويلقون فيها كلماتهم. وتنتخب الجمعية العامة سنوياً رئيساً لدورتها، يشغل ذلك المنصب فترة سنة واحدة.

أما مجلس الأمن فتقع على عاتقه المسؤولية الرئيسة عن صون السلم والأمن الدوليين، وللمجلس 15 عضواً (خمسة دائمين و10 غير دائمين)، ولكل عضو صوت واحد، وبموجب الميثاق، على جميع الدول الأعضاء الامتثال لقرارات المجلس. ويأخذ المجلس زمام المبادرة في تحديد وجود تهديد للسلم أو عمل من أعمال العدوان، ويطلب إلى الدول الأطراف في النزاع تسويته بالطرق السلمية، وفي بعض الحالات، يمكن مجلس الأمن اللجوء إلى فرض عقوبات وصولاً إلى الإذن باستخدام القوة، ويتولى رئاسة المجلس كل من أعضائه بالتناوب مدة شهر واحد.

الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة هو "محكمة العدل الدولية"، وهي الجهاز الوحيد من الأجهزة الرئيسة الستة للأمم المتحدة، الذي يقع مقره خارج مدينة نيويورك الأميركية، وتضطلع المحكمة بتسوية المنازعات بين الأعضاء وإصدار فتاوى قانونية للأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة. ويشكل نظامها الأساسي جزءاً لا يتجزأ من ميثاق الأمم المتحدة.

وهناك "الأمانة العامة" التي تضطلع بشتى الأعمال اليومية للمنظمة، وتقدّم الخدمات إلى الأجهزة الرئيسة الأخرى، وتعمل على إدارة عمليات السلام، ومسح الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية، وإعداد دراسات عن حقوق الإنسان وغيرها من المهام، وتتولى الأمانة العامة خدمة أجهزة الأمم المتحدة الرئيسة الأخرى وإدارة البرامج والسياسات التي تضعها، ويرأسها الأمين العام، الذي تعينه الجمعية العامة بناء على توصية من مجلس الأمن فترة خمس سنوات قابلة للتجديد.

الصناديق والبرامج والوكالات

ويتكوّن نظام الأمم المتحدة أو "أسرة الأمم المتحدة"، من منظمة الأمم المتحدة ذاتها وعديد المنظمات التابعة لها التي تسمى برامج وصناديق ومفوضيات ووكالات متخصصة، ولكل واحدة من تلك المنظمات أعضاؤها وقيادتها وميزانيتها. وتُمول برامج الأمم المتحدة وصناديقها بالتبرعات الطوعية، أما الوكالات المتخصصة فهي منظمات دولية مستقلة تُمول بالمساهمات المحددة القيمة والتبرعات الطوعية.

على رأس هذه المنظمات "يونسيف" أو منظمة الأمم المتحدة للطفولة المتخصصة بتقديم المساعدة الإنمائية والإنسانية للأطفال والأمهات. و"مفوضية شؤون اللاجئين" التي توفّر الحماية للاجئين في كل أنحاء العالم، وتسهل عودتهم إلى أوطانهم وديارهم، وهناك مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وهو الوكالة الأممية الرائدة المعنية بقضايا الحمل والولادة المأمونين والتمكين لقدرات الشباب.

وهناك الوكالة التي نعرفها في العالم العربي، وهي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم الـ "أونروا"، والتي قامت حتى اليوم برعاية أربعة أجيال من اللاجئين الفلسطينيين. وتشتمل خدماتها على التعليم والرعاية الصحية وخدمات الإغاثة والخدمات الاجتماعية وهياكل المخيمات وتطويرها والمساعدة في حالة الطوارئ والتمويل المصغّر.

وكالات الأمم المتحدة المتخصصة

وكالات الأمم المتحدة المتخصصة هي منظمات مستقلة تعمل مع الأمم المتحدة من خلال اتفاقات، فبعضها كان موجوداً قبل الحرب العالمية الأولى، وبعضها كان متصلاً برابطة الأمم، في حين أن بعضها أنشئ بالتزامن مع تأسيس الأمم المتحدة أو أن الأمم المتحدة هي نفسها التي أنشأتها، أما بعضها الآخر فأنشأتها الأمم المتحدة عند ظهور حاجات تتطلب ذلك، وعلى رأسها البنك الدولي الذي يعمل على الحد من الفقر وتحسين المعيشة في جميع أنحاء العالم، من خلال تقديم قروض بفوائد منخفضة وقروض ائتمانية من دون فوائد ومنحاً للبلدان النامية لاستخدامها في التعليم والصحة والهياكل الأساسية والاتصالات.

أما صندوق النقد الدولي فيعمل على تعزيز النمو الاقتصادي وتأمين فرص العمل من خلال تقديم المساعدة المالية الموقتة إلى البلدان التي تحتاج إلى تعديل ميزان المدفوعات والمساعدة التقنية، وللبنك الدولي قروض غير مسددة لدى 74 بلداً تصل قيمتها إلى 28 بليون دولار أميركي.

ومن المنظمات المهمة "منظمة الصحة العالمية" التي تتصدر الجهود العالمية في الحملات الرامية إلى القضاء على الأمراض القاتلة مثل شلل الأطفال والملاريا، والآن كورونا.

أما الـ "يونيسكو" أو منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة فتعمل على حماية المواقع الثقافية التاريخية المهمة، وهي تضيف سنوياً عدداً كبيراً من المواقع العالمية إلى لائحة التراث العالمي.

وهناك منظمة العمل الدولية والوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة التجارة العالمية واللجنة التحضيرية لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية والمنظمة الدولية للهجرة.

الميزانية العادية لفترة السنتين التي تشمل أنشطة المنظمة ومرتبات الموظفين والهياكل الأساسية تبلغ 5.4 مليار دولار أميركي. وتبلغ ميزانية عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام 6.8 مليار دولار. وبالمقارنة، أنفق العالم أثناء 2016 على شراء الأسلحة حوالى تريليوني دولار أميركي، ما يعني أن السلام أقل كلفة من الحرب.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات