Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قطاع الأدوية البريطاني يدعو لتلافي النقص المحتمل بسبب "بريكست"

خاص لـ "اندبندنت": القيمون على صناعة الدواء يقولون إن على لندن وبروكسل "إيلاء الأولوية للمرضى"

قطاع الأدوية في بريطانيا قد يعاني من النقص إذا غادرت لندن الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق (غيتي)

وجه قطاع صناعة الدواء في بريطانيا مناشدات لبوريس جونسون للتوصل إلى اتفاق فرعي سريع مع بروكسل، بغية تلافي التأخيرات والنقص في إمدادات الأدوية، إن قام رئيس الوزراء بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق بنهاية هذه السنة.

إعلان جونسون الجمعة الفائت أنه يستعد لاحتمال عدم الوصول إلى اتفاق في 31 ديسمبر (كانون الأول)، وضع قطاع الدواء في حال ارتباك إزاء إمكان غياب التفاهمات التي تضمن الاعتراف المتبادل بالمعايير والقواعد الضرورية، لتفادي ازدواجية باهظة التكاليف في الإجراءات البيروقراطية، والحفاظ على التدفق التجاري للأدوية الأساسية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.

ومع أقل من 70 يوماً تفصلنا عن بداية المرحلة الانتقالية لما بعد بريكست، والتي ستحكم العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي، رأت رابطة منتجي الدواء والمستحضرات الصيدلانية البريطانية ABPI أن عدم ضمان التوصل إلى معاهدة تبادل تجاري أساسية، أو حتى اتفاق فرعي مخصص لقطاع الدواء، سيكلف "ملايين كثيرة من الجنيهات الإسترلينية"، كما سيؤدي إلى فترة تأخير في الإمدادات قد تبلغ ستة أسابيع.

وتأتي مناشدات صناعيي الأدوية اليوم في الوقت الذي يستعد فيه جونسون ووزاء بارزين لإطلاق حملة إعلانية تحذر فيه قطاعات الأعمال والتجارة في بريطانيا أنه "لم يعد ثمة متسع من الوقت" للتحضير لنهاية المرحلة الانتقالية. وفي هذه الأثناء رأت "رابطة المرضى" Patients’ Association في بريطانيا، أنه من المهم أن "لا يجد المرضى خدمات رعايتهم وعلاجاتهم تتعرض للعرقلة والتعطيل، نتيجة مغادرة الاتحاد الأوروبي".

وفي حديث مع "اندبندنت"، قال الرئيس التنفيذي لرابطة منتجي الدواء والمستحضرات الصيدلانية البريطانية ABPI، ريتشارد توربيت، إن أقطاب قطاع الدواء، ومنذ الاستفتاء على الاتحاد الأوروبي في العام 2016، يعملون على نحو وطيد مع الحكومة لضمان سريان الفترة الانتقالية بأسلس طريقة ممكنة، بيد أنهم ما زالوا لا يملكون تفاصيل عن القواعد والنظم التي ستطبق بعد الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل.

وذكر توربيت أن "45 مليون علبة دواء تنتقل كل شهر من بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي، و37 مليون علبة تنتقل من الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا". وأضاف أن "عدة آلاف من الأدوية تستخدم من قبل هيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS وغيرها من المؤسسات العلاجية الأخرى، وجميع هذه الأدوية تتطلب سرياناً جيداً لحركة التجارة عبر الحدود مع الاتحاد الأوروبي وباقي دول العالم، لذا فإن الأمر بالغ الأهمية".

ورأى توربيت أنه مع الـ 12 ألف نوع من الدواء المخصص لإمداد هيئة الخدمات الصحية الوطنية وحدها، فمن المتعذر التكهن أي من الأدوية سيقل مخزونه بغياب الاتفاق. بيد أنه قال إن المرضى الذين يعانون أمراضاً وحالات مزمنة سيكونون على الأرجح أول المتأثرين بغياب الاتفاق، لأنهم ببساطة مرتبطون بعلاقة أكثر انتظاماً مع النظام الصحي.

في المقابل، رحب توربيت بالاتفاق مع شركات النقل البحري الذي أعلنته الحكومة البريطانية الأسبوع الفائت، والبالغة قيمته 78 مليون جنيه إسترليني (حوالي 101 مليون دولارأميركي). ويقضي الاتفاق بتأمين خدمات إضافية في ثمانية مرافئ على السواحل الجنوبية والشرقية لإنجلترا، لضمان إمدادات الأدوية الأساسية في حال الازدحام الشديد في دوفر، حيث مرفأ كينت جنوب شرقي إنجلترا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويأتي الاتفاق المذكور على رأس الاجراءات والتدابير التي قامت الشركات سلفاً باتخاذها وبكلفة كبيرة، والهدف منها إعادة توجيه وتغيير مسار كميات كبيرة من بضائع تجارتها من مرفأ كينت في دوفر، الذي كانت تتم فيه سابقاً معظم شحنات الأدوية. ومن المرجح أن يشهد هذا المرفأ طوابير انتظار طويلة ومظاهر ازدحام شديدة حين يجري تطبيق الترتيبات الجمركية الجديدة. كما قامت الشركات المذكورة ببناء مخزونات من الأدوية وتدعيمها بهدف الحد من احتمالات نقصان إمدادات الدواء في السنة الجديدة المقبلة، وأيضاً لتلافي انعكاسات (سياسة)"حافة الهاوية" cliff edge حين تغادر بريطانيا كلياً الاتحاد الأوروبي مطلع يناير (كانون الثاني) المقبل.

وتعاونت الشركات في هذا الإطار مع هيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS لتحسين عملية استشراف معدلات الطلب على الأدوية، بحسب ما قال السيد توربيت، الذي لفت الانتباه إلى أن بعض المنتجات والمستحضرات ذات العمر القصير لا يمكن أن تُشمل بتلك التدابير.

لكنه أوضح أن هذه الإجراءات المتخذة لم تحل المشكلات القائمة، وأنه من دون اعتراف متبادل بالمعايير الطبية والتجارية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، فإن الأمر سيتجه نحو "مزيد من التعقيد وبصورة دائمة".

وقال في السياق، إنه "وخلف مسألة الإمدادات الفورية، فهناك العديد من الأمور الأساسية التي علينا معالجتها كي نمضي قدماً في مسألة تأمين الامدادات". وتابع، "مثلاً عندما يصنع الدواء، فإن كل كمية منفصلة منه ينبغي أن تخضع للتجارب في المختبر. السؤال هنا، هل سيتم الاعتراف في بريطانيا بتلك التجارب التي تجرى في الاتحاد الأوروبي، والعكس صحيح؟ ما زلنا لا نعرف الجواب". كما قال توربيت إن الوضع المثالي بالنسبة لقطاع صناعة الدواء يتمثل بالوصول إلى اتفاق شامل للتجارة الحرة.

لكن إعلان رئيس الوزراء بوريس جونسون نيته الخروج من المحادثات الساعية للوصول الى اتفاق ما لم يبدل الاتحاد الأوروبي مواقفه وشروطه كلياً، خلق إحساساً بضرورة الوصول الى اتفاق حد أدنى يغطي قطاع الأدوية. إذ بحسب توربيت، "فثمة حد أدنى مبدئي، وقطاع الدواء بحاجة ماسة إليه". وأشار إلى أن "اتفاقات الاعتراف المتبادل بالمعايير يتم التوصل إليها وتوقيعها خارج أطر اتفاقات التجارة الحرة، لأنها من البدهيات، وهي مطالبات لا تحتاج إلى كثير من التفكير، كوننا لا نريد إضفاء المزيد من التعقيد على سلاسل الإمدادات". وتابع، "ناشدنا الحكومة البريطانية والمفوضية الأوروبية للتأكد على نحو قاطع من مسألة إيلاء الأولوية للمرضى، لذا دعونا نحقق اتفاق اعتراف متبادل بالمعايير، وليعترف كل طرف بالمعايير المتبعة عند الطرف الآخر. إن لم نقم بذلك، فيمكن وقتها أن نخزن كميات الأدوية التي نقدر عليها، ويمكننا الاستعانة بجميع شركات النقل البحري، وسنعاني من التأخير لأن الأدوية ستخضع لتجارب عدة، وهو الأمر الذي يزيد التكاليف والتعقيدات في سلسلة الإمدادات، وتلك مسألة لا نريدها".

كما رأى توربيت أن حل هذا الموضوع بات أكثر إلحاحاً اليوم، لأن جائحة كورونا تحكم قبضتها على البلدان من كلا جانبي القناة الإنجليزية، الأمر الذي يستنزف معدلات هائلة من مصادر شركات إنتاج الأدوية ووقتها. ونحن في زمن الجائحة العالمية هذا، نحاول إبقاء امدادات الادوية مؤمنة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية وغيرها من الهيئات الصحية في العالم.

ومع إغلاق نصف الاقتصاد العالمي، فإننا لسنا بحاجة أبداً لمزيد من التعقيدات في سلسلة الإمدادات". كما ذكر توربيت محذراً من أن عدم التوصل الى اتفاق يحيط بالغموض مستقبل التطوير بالنسبة لأحد أهم القطاعات الاقتصادية البريطانية، وهو قطاع ينفق بصورة رئيسة في مجال الأبحاث والتطوير، كما تبلغ قيمة صادراته 30 مليار جنيه إسترليني (حوالي 390 مليار دولار أميركي) في السنة الواحدة.

وتابع توربيت حديثه في مسألة عدم التوصل إلى اتفاق قائلاً، "الأمر سيسهم في النهاية بتقييدنا بمقدار من الإجراءات البيروقراطية الذي لم نألفه من قبل، وهذا لا يمثل خبراً ساراً للاستثمارات ولقدرتنا في جذب الشركات كي تستثمر أموالها هنا في بريطانيا".

وشدد توربيت على أنه من "الممكن تماماً" للندن وبروكسل أن تتوصلا إلى الاتفاق الضروري في الوقت المتبقي. "ما تحتاجانه فقط هو إيلاء الأمر الأولوية، وبالتالي العمل على تحقيقه، إذ إن عدم التوصل إلى اتفاق حتى الآن يمثل أمراً محبطاً للغاية، فآخر أمر نريده هو القيام بالمخاطرة. أنظارنا في الوقت الراهن متجهة نحو الساعة. نحن في النصف الثاني من أكتوبر، وكما تعلم فعلينا إيضاح الأمور عاجلًا لا آجلًا، وهذا يشكل مقداراً هائلاً من المسؤولية".

من جهة أخرى، قالت المديرة التنفيذية لرابطة المرضى Patient’s Association، راتشيل باور، إنه "لا ينبغي أن يرى المرضى علاجاتهم ومظاهر العناية بهم تتعرض للعرقلة والتعطيل بعد انقضاء المرحلة الانتقالية من بريكست مع حلول العام الجديد". وتابعت، "نعلم أن وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية DHSC وهيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS قاما بتطوير خطط شاملة للحفاظ على تدفق الإمدادات نحو هيئة الخدمات، ومع ترجيح بقاء جائحة كوفيد-19 عاملاً رئيساً في شهر يناير (كانون الثاني)، فإننا نأمل بأن تحظى هذه الخطط بالنجاح".

أما المتحدث باسم وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية فقال، "اقترحت الحكومة على الاتحاد الأوروبي اتفاقاً يتعلق بالأدوية والأجهزة الطبية من شأنه أن يمنح المرضى وقطاع الصناعة الصحية والهيئات الصحية في بريطانيا والاتحاد الاوروبي فوائد كبيرة، ويشمل ضمان وصول الجميع إلى العلاجات الجديدة". وتابع المتحدث باسم الوزارة، "إلى جانب تلك المفاوضات نحن نعمل وبتعاون وثيق مع شركاء في مجمل أوساط القطاع الصحي لاعتماد إجراءات وتدابير فعالة بنهاية المرحلة الانتقالية، آخذين بعين الاعتبار الضغوط الإضافية في ظل فصل الشتاء وجائحة كوفيد-19. وكجزء من هذه الخطط، طلبنا من الموردين تخزين ما يمكن تخزينه من أدوية على الأرض البريطانية بكميات تغطي احتياط ستة أسابيع، وهذا يأتي في سياق مقاربة فعالة ومرنة ومتعددة الطبقات، تتضمن أيضاً عمليات تحويل مسار سلاسل الإمدادات، وجعلها جاهزة للعمليات التجارية".        

© The Independent

المزيد من الأخبار