Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنجح مساعي الكاظمي باستقطاب الاستثمارات الأوروبية للعراق؟

جزء أساسي من جولته تتعلق بمحاولة إخراج البلاد من اللائحة السوداء بما يتعلق بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب

تعددت الجولات الخارجية لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، فبعد طهران وواشنطن، والقاهرة وعمّان، توجه إلى فرنسا وألمانيا وبريطانيا، في إطار سعي حثيث للحصول على دعم اقتصادي للبلاد التي انهكتها الحروب وهزّ اقتصادها تدهور أسواق النفط العالمية.

ويرافق الكاظمي في جولته الأوروبية، وفد رفيع ضم وزراء ورؤساء هيئات مستقلة، وتأتي هذه الجولة بعد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بغداد مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، لطرح مبادرة لـ "دعم السيادة".

أبعاد مختلفة للزيارة

وناقش الكاظمي ملفات اقتصادية وسياسية وأمنية مختلفة مع فرنسا وألمانيا، وعبّر عن تطلّعه إلى الدعم الألماني في مجال ترسيخ المؤسسات الديمقراطية وتنظيم الانتخابات الحرة والنزيهة، وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، "الانتخابات المبكرة ستعيد ثقة الشعب العراقي بالنظام السياسي"، مضيفة، "سنقدم دعمنا للاقتصاد العراقي وفق خطة طموحة".

وأعلن الكاظمي من برلين، الثلاثاء 20 أكتوبر (تشرين الأول)، عن بدء المرحلة الثانية من "خريطة الطريق التي تنفذها شركة "سيمنز" الألمانية في مجال تأهيل قطاع الكهرباء في العراق"، كما بحث مع عدد من رؤساء الشركات الألمانية، "إمكانية خلق بيئة استثمارية آمنة تدعم القطاع الخاص وتغلق منافذ الفساد في العراق".

وعبّر الكاظمي خلال زيارته أيضاً عن تطلعه  إلى "مواصلة التعاون الأمني والعسكري في مكافحة الإرهاب، خصوصاً في مجال تدريب قدرات القوات الأمنية العراقية وبنائها ضمن إطار حلف الناتو".

أما في باريس فتناول الكاظمي "سبل تعزيز التعاون المشترك بين العراق وفرنسا، خصوصاً ما يتعلق بالمجالات الاقتصادية والأمنية والثقافية، ومكافحة الإرهاب"، مثمناً "الجهود التي تقوم بها فرنسا لإطلاق مبادرة لدعم الحكومة العراقية في تنفيذ بعض فقرات برنامجها الحكومي الإصلاحي".

وفي لندن، بحث رئيس رئيس الوزراء العراقي مع نظيره البريطاني بوريس جونسون، "القضايا ذات الاهتمام المشترك"، واستعرضا "مجمل المستجدات والمواقف السياسية والأمنية في العراق والمنطقة، وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، بما يخدم السلم والاستقرار المحلي والإقليمي"، وفق ما ذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي للكاظمي.

وأضاف البيان أنه تم "الاتفاق على المزيد من التعاون بين بغداد ولندن، في مجال محاربة الإرهاب، وأيضاً في المجال السياسي والاقتصادي... والمضي قدماً لتعاون استراتيجي بين العراق والمملكة المتحدة، يشمل محاور عدة".

محاولات جذب الاستثمار

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتصدر البعد الاقتصادي كل دلالات زيارة الكاظمي إلى العواصم الأوروبية الثلاث، في محاولة لجذب استثمارات أجنبية وتفعيل العقود السابقة في ما يتعلق بمجالات الطاقة والنقل وغيرها من القضايا الاقتصادية، فضلاً عن توفير دعم مالي ربما يساهم إلى حد ما في الحد من الأزمة المالية التي تعيشها البلاد، لا سيما مع تكرار أزمة سداد رواتب الموظفين أكثر من مرة.

ويشير مراقبون إلى أن على وفد العراق، التفاوض مع تلك الدول لإخراج البلاد من القائمة السوداء للاتحاد الأوروبي المتعلقة بغسيل الأموال ودعم الإرهاب، ما قد يمثّل بوابة تزيل العقبات أمام الاستثمارات الأجنبية.

معرقلات داخلية

وعلى الرغم مما تشير إليه الحكومة من دلالات "مطمئنة" إلى كون الزيارة قد تمثل منطلقاً لتفاهمات اقتصادية كبرى، وبادرة انفتاح على دول أوروبية رئيسة، يرى مهتمون بالشأن الاقتصادي أنها لا تخرج من إطار "الزيارات البروتوكولية" المتكررة، التي لم تفض إلى أي نتائج تذكر، خصوصاً مع عدم حسم المعرقلات الداخلية التي تعيق ملف الاستثمارات الأجنبية.

واعتبر المستثمر والباحث في الشأن الاقتصادي حسن الأسدي، زيارة الكاظمي إلى أوروبا "إعلامية استعراضية وليست واقعية"، مشيراً إلى أن المشكلة الرئيسة أمام فتح باب الاستثمارات الأجنبية ترتبط بـ "حسم المشاكل الداخلية"، وأوضح لـ "اندبندنت عربية"، أن معوقات عدة تقف في طريق جذب الاستثمارات الأجنبية، تتمثل بـ "السلاح المنفلت، واستشراء الفساد، فضلاً عن صعوبة البيئة الاستثمارية البيروقراطية"، مبيناً أنه "على الرغم من كون قانون الاستثمار جيداً نظرياً، إلا أن تطبيقه يصطدم بمعوقات عدة".

وأشار إلى أن "إحدى أبرز الإشكالات القانونية تتمثل بالنافذة الواحدة في الهيئة الوطنية للاستثمار، والتي باتت عبئاً كبيراً نتيجة البيروقراطية والفساد، فضلاً عن عدم توّفر أطلس استثماري يوضح بنبذة مختصرة نوع المشاريع الاستثمارية الممكن إقامتها في العراق"، لافتاً إلى أن "المستثمر المحلي يحتاج إلى أكثر من سنة لإصدار إجازة استثمار، ما يعد أمراً طارداً للأجنبية".

وتابع الأسدي، "كان يفترض برئيس الوزراء إتمام كل تلك الإجراءات والذهاب إلى دول العالم بأجندة متكاملة لإقناعها"، مضيفاً، "الدولة غير قادرة على إقناع العراقي بالاستثمار في البلاد نتيجة تلك الإشكالات".

"بروباغاندا" إعلامية

وبينما ينشغل الرأي العام بقراءة دلالات الزيارة اقتصادياً، يشير مراقبون إلى أن الزيارة ترتبط "بأبعاد سياسية محلّية"، فضلاً عن أن إبرام أي اتفاقات يتطلب موافقة البرلمان، الأمر الذي يعني أن تلك الزيارة ربما تمهّد في مراحل لاحقة إلى شراكات اقتصادية.

وفي السياق، رأى الكاتب والصحافي صادق الطائي أن جولة الكاظمي الأخيرة "بروتوكولية"، خصوصاً أنها لم تشتمل سوى على "توقيع مذكرات بيان النوايا التي تعد أدنى درجة من التفاهمات بين البلدان"، وأشار إلى أن الغاية الحقيقية من الجولة، "تحصيل دعم سياسي"، لافتاً إلى أنها لا تخرج من دائرة "البروباغاندا الإعلامية المتعلقة بالترويج الانتخابي المبكر"، ولفت إلى أن ما يطرح من مشاريع واستثمارات أوروبية يجب أن يتساوق مع "حسم ملف السلاح المنفلت الذي بات يستهدف بعثات دولية من دون قدرة الحكومة على الردع".

وبشأن المعرقلات الأخرى أمام عقد اتفاقات مع دول أوروبية، رأى الطائي أن "كل الاتفاقات يجب أن تحظى بموافقة البرلمان، والتوافق في شأن تلك القضاياً ربما يصعّب تحقيقه في الفترة الحالية، خصوصاً مع قصر عمر الحكومة".

مسارات جديدة

ويرى مراقبون أن زيارة الكاظمي العواصم الأوروبية تمثل محاولات توسيع علاقات العراق الخارجية بعد انكفائها في فترة حكم رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي.

في المقابل، اعتبر رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن زيارة رئيس الحكومة تأتي في إطار "المحاولات لفتح مسارات جديدة في علاقاتها السياسية والاقتصادية"، وأضاف، "الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها البلاد دفعتها، إلى البحث عن داعم أوروبي للاقتصاد"، لافتاً إلى أن "محاولة استقطاب الشركات الاستثمارية إلى العراق، وما وقع في بيان إعلان النوايا يشيران بشكل واضح إلى كون البعد الاقتصادي هو العنوان الأبرز"، وأشار الشمري إلى أن "صراعات الاحزاب للاستحواذ على العقود عطلّت فرص الاستثمار على مدى السنوات الماضية".

وعلى الرغم من البعد الاقتصادي الواضح، كشف الشمري عن أن جزءاً من زيارة باريس يأتي في إطار نقل "وجهة نظر الأطراف السياسية بالمبادرة الفرنسية".

إخراج العراق من اللائحة السوداء

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين حسين علاوي فرأى أن الزيارة إلى الدول الأوروبية الثلاث، "كانت ناجحة من خلال تحفيز دول حلف الناتو على تمويل برامج التدريب الخاصة بالقطاع الأمني، وإعادة تعريف التزامات الدول الأوروبية بما يتعلق بالمناطق المحررة من تنظيم "داعش" والتحديات الاقتصادية"، وأضاف، "جزء أساسي من جولة الكاظمي تتعلق بمحاولة إخراج البلاد من اللائحة الأوربية السوداء بما يتعلق بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب"، مبيناً أن "دلالات التجاوب الأوروبية كانت واضحة".

وبشأن التحديات الأمنية التي تعرقل ملف الاستثمارات الأجنبية، لفت علاوي إلى أن رئيس الوزراء يتحرك في هذا السياق من خلال مسارين،الأول "إصلاح القطاع الأمني"، أما الآخر فيتعلق بـ "إشراك القوى السياسية في تحمل الأعباء الأمنية على الدولة، سواء بالضغط على الجماعات المسلحة وتحييدها، أو من خلال إشراكها بالقرارات المتعلقة بالتفاهمات مع الدول الأجنبية".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات