Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جهود أرمينية مكثفة لنيل اعتراف دولي بجمهورية "أرتساخ"

مشروع قانون أمام الجمعية الوطنية الفرنسية للاعتراف بالإقليم المتنازع عليه ودعوة مماثلة في الكونغرس الأميركي

مع تواصل الصدام المسلح بين قوات إقليم ناغورنو قره باغ شبه المستقل، الذي يقطنه سكان أرمن، وجيش أذربيجان، وسط فشل متكرر للالتزام بوقف إطلاق النار، على الرغم من "الهدنة الإنسانية" التي كان من المفترض أن تدخل حيز التنفيذ، الأحد 18 أكتوبر (تشرين الأول)، الحالي، يضغط المواطنون الأرمن في الشتات لنيل اعتراف حكومات الدول الكبرى بدولة "أرتساخ" (التسمية الأرمنية لإقليم ناغورنو قره باغ).

مشروع قانون فرنسي

كثفت روابط الأرمن في الخارج دعواتها منـذ الأسبوع الماضي إلى الاعتراف الدولي بالسيادة الكاملة للإقليم المتنازع عليه، تحت اسم جمهورية "أرتساخ". وأثمرت الجهود حتى الآن "مشروع قانون" تم تقديمه إلى الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان الفرنسي). وأفاد صندوق المصالح الوطنية الأرمنية على صفحته على موقع فيسبوك بأنه بالتنسيق مع نظرائه الفرنسيين، تم تقديم مشروع قانون "الاعتراف بجمهورية أرتساخ" إلى البرلمان الفرنسي الأربعاء الماضي.

وأعرب القائمون على الصندوق عن امتنانهم لـ"الزملاء الفرنسيين" الذين من خلال مبادراتهم المؤيدة للأرمن، يدعمون باستمرار "تسوية نزاع أرتساخ واستعادة العدالة"، ومن بينهم النائب الفرنسي فرانسوا بوبوني، ممثل الحزب الاشتراكي الذي كان أول من وقع على مشروع القانون، داعياً إلى إقامة علاقات دبلوماسية دائمة مع الإقليم.

وانضم بوبوني إلى الأرمن الثلاثاء الماضي، لدعوة الجمعية الوطنية للاعتراف باستقلال "أرتساخ". وكتب النائب الفرنسي على حسابه على فيسبوك "كنت أمام الجمعية الوطنية الليلة مع آلاف المتظاهرين والعديد من زملائي البرلمانيين للمطالبة بالاعتراف بأرتساخ ودعوة فرنسا إلى تحمل المسؤولية للدفاع عن أشقائنا الأرمن". وأضاف "بصفتي عضواً في البرلمان، سأواصل اتخاذ جميع المبادرات الممكنة، واعتباراً من يوم غد، بصفتي الموقع الأول، سأقدم قراراً وقّع عليه عدد من النواب حتى يُصوِّت ممثلونا الوطنيون على الاعتراف بأرتساخ وحق الأرمن في العيش على أرضهم".


تكرار مذابح 1915

في منشور آخر على حسابه الرسمي، وجّه النائب الفرنسي انتقادات إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحليفه في أذربيجان الرئيس إلهان علييف. وكتب مشيراً إلى المذابح التي ارتكبها الأتراك العثمانيون ضد المواطنين الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى "دعونا لا نخطئ: ما يتم لعبه في أرتساخ هو أكثر من مصير منطقة، إنه الاستقرار والتنوع الديني لمنطقة بأكملها. دعونا لا نسمح لعلييف وأردوغان بمواصلة ما بدأ في عام 1915. دعونا لا نترك الأرمن وحدهم في مواجهة أذربيجان وتركيا". وأضاف "هذا الاعتراف الدولي هو السبيل الوحيد لإنهاء العدوان الأذربيجاني على ناغورنو قره باغ وحماية الشعب الأرمني وحماية حق هذا الشعب في العيش على أرضه في أرتساخ. ونعتزم اتخاذ كل المبادرات اللازمة لضمان إدراج هذا القرار بسرعة على جدول الأعمال والتصويت عليه من قبل الجمعية الوطنية. بالإضافة إلى ذلك، سأزور أرمينيا في غضون أسبوع على رأس وفد برلماني لدعم إخواننا الأرمن وإظهار التضامن".


اعتراف أميركي وعقوبات

وفي الولايات المتحدة، أعلن عضو الكونغرس الديمقراطي جيم ماكغفرن، في خطاب ألقاه أمام المئات من ناخبيه في ولاية ماساشوستس يوم الجمعة الماضي، أن "الولايات المتحدة يجب أن تعترف رسمياً بأرتساخ باعتبارها دولة مستقلة". ودعا إلى "فرض عقوبات فردية على قادة تركيا وأذربيجان، وتجميد أصولهم في البنوك والمؤسسات المالية الأميركية وإعلان أرتساخ دولةً مستقلة بشكل نهائي".
وأتت دعوة النائب الأميركي بعدما أدلى نحو 100 من أعضاء الكونغرس بتصريحات تدين أذربيجان وتركيا. وتحث اللجنة الوطنية الأرمينية - الأميركية أعضاء الكونغرس الأميركي على اتخاذ خطوات حقيقة في الدعوة إلى الاعتراف بأرتساخ وتوقيع عقوبات على كل من تركيا وأذربيجان.


اتهامات متبادلة

وتتبادل أرمينيا وأذربيجان الاتهامات بشأن اختراق هدنتين كانتا مقررتين لوقف إطلاق النار، كما تتبادلان الاتهامات بشأن قصف مواقع مدنية. وفي حين قالت وزارة الدفاع في ناغورنو قره باغ، إن القوات الأذربيجانية تقصف مواقعهم في مناطق إلى الشمال والجنوب من خط التماس الذي يفصل بين الجانبين. ردت وزارة الدفاع الأذربيجانية باتهام القوات الأرمينية بقصف مواقعها في مناطق غيرانبوي، وترتر، وأغدام، ليلاً، وقالت إن منطقة أغجابيردي تعرضت للقصف صباح الاثنين 19 أكتوبر (تشرين الأول).

واتهم الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، عبر حسابه بموقع "تويتر"، القوات الأرمينية بأنها تخرق على نحو "وقح" وقف إطلاق النار وتقتل المدنيين بقصف الأحياء السكنية. وأضاف أن جيش بلاده سيطر على 13 بلدة جديدة.

وتشتد حدة القتال بين الطرفين منذ 27 سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث تفيد التقارير بمقتل 700 شخص على الأقل بينهم مدنيون، لكن يعتقد أن الخسائر أعلى بكثير، وسط اتهامات متبادلة باستهداف مناطق مدنية وتقارير تفيد بتهجير مواطنين أرمن من قراهم في الإقليم الذي أعلن الانفصال عن أذربيجان قبل وقت قليل من تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991، حين كانت أذربيجان وأرمينيا تابعتين للاتحاد.


أسلحة إسرائيلية محظورة

من جهة أخرى، أفادت منظمة العفو الدولية (أمنستي) في 5 أكتوبر الحالي، باستخدام أذربيجان القنابل العنقودية المحظورة ضد سكان مدينة ستيباناكيرت، عاصمة ناغونو قره باغ، ما أسفر عن سقوط عدد غير معروف من الضحايا المدنيين.

وقالت "أمنستي" في تقرير يدعو إلى حماية المدنيين إن "المتخصصين في مجال الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية تمكنوا من تتبع موقع اللقطات إلى المناطق السكنية في ستيباناكيرت، وحددوا الذخائر العنقودية إسرائيلية الصنع من طراز أم 095 دي بي أي سي أم - M095 DPICM التي يبدو أنها أطلقت من قبل القوات الأذربيجانية".

وأشار دينيس كريفوشيف، رئيس برنامج شرق أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة العفو الدولية بالإنابة إلى أن "استخدام القنابل العنقودية في أي ظرف من الظروف محظور بموجب القانون الدولي الإنساني؛ لذا فإن استخدامها لمهاجمة المناطق المدنية أمر خطير بشكل خاص، ولن يؤدي إلا إلى وقوع مزيد من الوفيات والإصابات". وأضاف "القنابل العنقودية أسلحة عشوائية بطبيعتها، واستخدامها في المناطق السكنية أمر مروع وغير مقبول إطلاقاً. ومع استمرار تصاعد القتال، يجب حماية المدنيين، وليس استهدافهم عمداً أو تعريضهم للخطر بشكل متهور". ودعت منظمة العفو الدولية أطراف النزاع إلى احترام القانون الدولي الإنساني، وحماية المدنيين من آثار الأعمال العدائية.
في المقابل، قالت أذربيجان، في 4 أكتوبر، إن القوات الأرمنية هاجمت مناطق مدنية، في "غنجة"، ثاني أكبر مدينة في البلاد، وبلدات أخرى، بالمدفعية الثقيلة والقنابل العنقودية. وعلى الرغم من أن المتخصصين في منظمة العفو الدولية تحققوا من أن منظومات المدفعية الصاروخية من طراز سميرتش عيار 300 ملم قد استخدمت على ما يبدو، من قبل القوات الأرمنية، فإن المنظمة تقول إن "الأدلة الفوتوغرافية وأشرطة الفيديو المتاحة من الجانب الأذربيجاني لا تسمح حتى الآن بإجراء تحليل قاطع لأهدافها المحددة، ولا ما إذا كانت الرؤوس الحربية الصاروخية تحتوي على ذخائر عنقودية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


بداية القضية

يعود الجدل بشأن تبعية إقليم ناغورنو قره باغ إلى وقت مبكر من القرن العشرين، ففي 4 يوليو (تموز) 1921 عقد المكتب القوقازي للحزب الشيوعي الروسي في العاصمة الجورجية تبليسي اجتماعاً تم فيه اعتماد ناغورنو قره باغ جزءاً لا يتجزأ من أراضي جمهورية أرمينيا الاشتراكية، لكن بإملاء من موسكو، وبمشاركة مباشرة من جوزف ستالين، أعيد في اليوم التالي الخامس من يوليو، النظر بالقرار، واتخذ آخر تم بموجبه اعتبار ناغورنو قره باغ منطقة ذات حكم ذاتي تتبع جمهورية أذربيجان السوفياتية، وهو ما تعتبره أرمينيا اختراقاً واضحاً للمواثيق الدولية من قبل مجموعة بلشفية بزعامة ستالين من دون أي صلاحيات قانونية، قررت نقل أراضي دولة لتصبح تابعة لأخرى حديثة الإنشاء أطلق عليها في عام 1918 اسم أذربيجان.

ووجه الشعب الأرميني في أرتساخ (ناغورنو قره باغ) مراراً طلبات إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي، ناشد فيها ضم ناغورنو قره باغ إلى جمهورية أرمينيا الاشتراكية السوفياتية، الأمر الذي تعتبره أذربيجان تمرداً انفصالياً.

وفي عام 1966 اتخذت أمانة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي قراراً يقضي بتفويض اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأرميني واللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأذربيجاني بمناقشة المشكلة بشكل مشترك. وفي عام 1977 عندما تمت مناقشة المشروع الجديد لدستور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية عاد من جديد طرح القضية، لكن المشكلة بقيت من دون حل حتى سقوط الاتحاد السوفياتي، واندلعت بعدها جولات عدة من الاشتباكات بين الطرفين.

المزيد من دوليات