Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متهمون بالفساد يتحججون بمسؤولية بوتفليقة للإفلات من العقاب

يرى مراقبون أن محاكمة الرئيس الجزائري السابق شبه مستحيلة بسبب عدم حدوث الانتقال السياسي في البلاد

محكمة سيدي امحمد في العاصمة الجزائرية حيث مثل مسؤولون سابقون ورجال أعمال بتهم الضلوع بقضايا فساد (غيتي)

حرك ذكر الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة على لسان المتهمين الملاحقين في قضايا الفساد، المطالب بمحاكمته، وبين من يرى في تلك الخطوة محاولة للإفلات من العقاب، ترى جهات أخرى أن حضوره أمام المحكمة ضروري على اعتبار أنه كان رئيس البلاد لمدة 20 سنة.
ويقذف معظم المتهمين من رؤساء حكومات ووزراء ومسؤولين رسميين كبار بمسؤولية ممارسات الفساد على الرئيس السابق بوتفليقة، مؤكدين خلال محاكمتهم أنهم كانوا ينفذون أوامره وقراراته، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أصوات مطالبة باستدعائه للمحكمة كشاهد على الأقل، بخاصة أن عدد الوزراء الملاحقين في قضايا الفساد بلغ 37 وزيراً، 34 منهم يقبعون في السجن.

رمي المسؤولية على بوتفليقة

وفي تحول مفاجئ، أكد رئيسا الوزراء السابقان عبد المالك سلال، وأحمد أويحيى، خلال محاكمتهما في قضية رجل الأعمال "المدلل" لدى الرئيس السابق، علي حداد، في نهاية الأسبوع، أنهما كانا ينفذان تعليمات بوتفليقة، بشأن تمكين مجموعة رجال أعمال مقربين من شقيق الرئيس، السعيد بوتفليقة، من مشاريع درَّت عليهم أموالاً طائلة، وأن الرئيس السابق كان على علم بكل ما يقوم به شقيقه.
وقال سلال "كنت مجرد وزير أول أسهر على تطبيق برنامج الرئيس بوتفليقة، وهو المسؤول الأول سياسياً، لأنه هو من يصادق على البرنامج، ومهمتي التنسيق وتطبيق برنامج الرئيس، ومن المفروض أن يأتي بوتفليقة كشاهد".
كما قال وزير الأشغال العمومية السابق، عمر غول، ووزيرة الثقافة السابقة، خليدة تومي، أثناء استجوابهما حول مشاريع وصفقات مُنحت لرجال أعمال، على الرغم من مخالفتها التشريعات والقوانين التي تضبط الاستثمار، إن كل الإجراءات التي اتخذت لفائدة المستثمرين خلال توليهما الوزارتين، كانت إما تنفيذاً لتعليمات بوتفليقة، وإما قرارات من الحكومة أو الوزير الأول (رئيس الوزراء).
وكان الوضع مماثلاً بالنسبة إلى وزير العمل السابق محمد الغازي، الذي صرّح بأنه استجاب لتعليمات مستشار بوتفليقة، في التعامل مع "مدام مايا"، وهي سيدة أعمال تدعي أنها الابنة الوهمية للرئيس السابق. ويذكر أن نشناش زوليخة المعروفة إعلامياً بـ"مدام مايا" ملاحقة مع ابنتيها ومسؤولين آخرين بتهم "تبييض الأموال"، و"استغلال النفوذ"، و"منح امتيازات غير مستحقة"، و"تبديد المال العام"، و"تحريض أعوان عموميين على منح امتيازات غير مستحقة"، و"تحويل العملة الصعبة بشكل غير قانوني إلى الخارج".

وزراء ومسؤولون يبحثون عن البراءة

يعتبر المحامي الجزائري عبد الغاني بادي، أن "هناك تعليمات صارمة للقضاء بعدم فتح أي ملاحقة ضد بوتفليقة وعائلته باستثناء القضية التي حركها قائد الأركان الراحل أحمد قايد صالح، ضد السعيد بوتفليقة بالتآمر على سلطة الجيش". وأضاف بادي أن "تصريحات الوزراء والمسؤولين المتهمين وحجم الفساد والخراب الذي لحق بالبلد، يجعل من محاكمة بوتفليقة أمراً أكثر من ضروري، لكن المنظومة هي ذاتها، والانتقال السياسي لم يحدث، وعليه يستحيل محاكمة بوتفليقة والظرف السياسي لم يشهد تحولاً نحو بناء دولة الحق والقانون"، مشيراً إلى أن الوزراء والمسؤولين لم يجدوا سوى التمسك بمسؤولية بوتفليقة عن الفساد لتبرئة ساحتهم، فهم لا يملكون حججاً كثيرة للدفاع عن أنفسهم.

وتطرق بادي إلى مسألة توقيت تصاعد المطالب بمحاكمة بوتفليقة، فقال "لا أرى تميزه عن غيره من الأوقات التي تلت بداية اعتقالات المسؤولين، إذ إن أويحيى يؤكد منذ بداية محاكمته أنه لم يقم بأكثر من تنفيذ تعليمات بوتفليقة، وكذلك فعل سلال"، مضيفاً أنه "ربما هناك جهات تعتقد أن تمرير الاستفتاء في ظروف أحسن قد يحتاج إلى قربان بحجم بوتفليقة، ولا أرى أن ذلك أمر وارد". واستبعد بادي أن يكون عدم الاستجابة للمطالب عائد إلى الوضع الصحي المتردي للرئيس السابق، لأنه "كان بالإمكان تحريك الدعوى وهو على كرسيه، مثلما فعل المصريون مع مبارك، وفعل القضاء التشيلي، وقبله الإسباني، مع أوغوستو بينوشيه". وختم بأن "محاكمة بوتفليقة محاكمة لكل المرحلة السابقة، وهذا ما لا تريده السلطة؛ لأن كثيرين منهم شكلوا جزءاً مهماً من تلك المرحلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مانع صحي؟

من جانبه، رأى الناشط السياسي، رئيس حزب "أنصار الجزائر" (قيد التأسيس)، سعيد مرسي، أن "القضاء لا يزال غير مستقل، ولا تنفع محاكمة بوتفليقة وحده، بل كل من أساء إلى الشعب الجزائري، وهو عربون التغيير الإيجابي المطلوب"، مضيفاً أن "المطالب بمحاكمته مشروعة؛ نظراً إلى حجم الإجرام بحق الجزائر". وتابع "في تقديري، الرجل كان ذاهباً إلى العهدة الخامسة، وعليه لا يُعفى من المحاكمة لسبب صحي".
 

"بوتفليقة لا يستطيع الدفاع عن نفسه"

وسُئل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن رأيه في الدعوات لمحاكمة بوتفليقة، فقال إن "القضاء مستقل، ولا أريد أن أتدخل في الملفات المطروحة عليه". واعتبر الرئيس السابق للهيئة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان التابعة لرئاسة الجمهورية، فاروق قسنطيني، في رده على سؤال بشأن محاكمة بوتفليقة، أنه "لا جدوى من ذلك نظراً إلى وضعه الصحي. إنه ليس ميتاً ولا حياً، ولا داعي لتقديمه للعدالة في هذه الحالة؛ فهو لا يستطيع الدفاع عن نفسه، ولا يستطيع الكلام".

المزيد من العالم العربي