Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غرامات انتهاك حجر كورونا في بريطانيا مثل اليانصيب

خاص بـ "اندبندنت": يقول ناشطون "إن معاملة الشرطة لمخالفي إجراءات محاربة الفيروس يجب أن لا تعتمد على رموز عناوينهم البريدية"

.كشف تحقيق قضائي لسجلات الغرامات عن 63 اتهاماً غير قانوني أصدرت وفق تدابير الحماية الصحية (أ ف. ب)

 

تقوم قوات الشرطة البريطانية في مناطق عديدة من المملكة المتحدة بفرض غرامات (لانتهاكات) تتصل بتدابير كورونا، وذلك بمعدل يفوق بـ 80 مرة نسبة الغرامات المتعلقة بمخالفات أخرى. كما يتلقى الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الأكثر معاناة جراء الجائحة النسبة الأقل من هذه الغرامات.

ويُظهر تحليل للمعطيات والأرقام الرسمية، أجرته "اندبندنت"، تفاوتات كبيرة في معدلات الغرامات بين الفروع المختلفة لقوى الشرطة. إذ قام البعض منها بفرض أكثر من 1000 غرامة، فيما لم يتخط عدد الغرامات التي فرضتها فروع شرطة أخرى الـ 100.

وقد أُصدرت غالبية الغرامات طبقاً للإجراءات الصحية التي تم على أساسها فرض الإغلاق الشامل (لمواجهة كورونا) في بريطانيا، بيد أن تلك الغرامات عادت في ما بعد وتفرعت إلى أنماط عديدة ومتنوعة، تشمل مناطق مختلفة.

وهذه المعلومات الرسمية المتعلقة بالغرامات التي يُفصح عنها اليوم، جُمّعت قبيل الخطاب الذي وجهه رئيس الوزراء بوريس جونسون إلى الأمة الاثنين في 12 أكتوبر، حيث شرح فيه تدابير الإغلاق الجديدة المُبسطة (لكن الأكثر صرامة على الأرجح)، التي فرضت في أنحاء مختلفة من المملكة المتحدة، إذ أكد جونسون على نظام مؤلف من ثلاثة مستويات، "متوسط"، و"مرتفع"، و"شديد الارتفاع"، ويتطلبُ ذلك اعتماد مستويات متفاوتة من التدابير والقيود في المناطق المختلفة.

وإضافة إلى القوانين الراهنة التي تطبق من خلال فرض الغرامات، قامت الحكومة أيضاً بوضع قوانين وتدابير جديدة، يتعرض المواطنون إزاءها إلى غرامة بـ 100 جُنيه إسترليني (أي حوالي 130 دولار أميركي) إن لم يضعوا كمامة للوجه حين يكون ذلك مطلوباً، و1000 جُنيه إسترليني (أي حوالي 1300 دولار أميركي) إن خالفوا أوامر العزل (الصحي) الذاتي أو تجاهلوها. هذا وتتضاعف الغرامات مع كل مخالفة تتكرر، ما يعني أنه يمكن للمواطن تلقي غرامة بقيمة 3200 جنيه (أي حوالي 4163 دولار أميركي) لبعض المخالفات، و10 آلاف جنيه (أي حوالي 13 ألف دولار أميركي) للحفلات غير المرخصة والتجمعات الكبيرة.

وتشير المعطيات والأرقام التمهيدية، إلى أنه، ولغاية 21 سبتمبر (أيلول)، جرى إصدار 18912 غرامة في كل من إنجلترا وويلز، ونصف هذه الغرامات تقريباً لم يسدد حتى الآن. كما تظهر الأرقام أن فرع شرطة دايفد - باويس Dyfed-Powys، في ويلز، أصدر العدد الأكبر من الغرامات 1731 غرامة، يليه فرع شرطة العاصمة لندن Metropolitan Police  1088 غرامة، وفرع ديفون وكورنوال Devon and Cornwall 1010 غرامة، ثم فرع ساسيكس Sussex 868 غرامة. أما العدد الأقل من الغرامات فقد صدر من فرع شرطة ستافورد شير Staffordshire 43 غرامة، وفرع شرطة وورويكشتاير Warwickshire 64 غرامة، وفرع شرطة كينت Kent 126 غرامة، ثم فرع شرطة غوينت Gwent 132 غرامة.

وعندما يؤخذ في الحسبان عدد السكان في كل منطقة من مناطق فروع الشرطة هذه، فإن التحليلات الحسابية تظهر قيام شرطة دايفد - باويس بإصدار غرامات تفوق ما أصدرته شرطة ستافوردشاير بـ 86 مرة. أما بالنسبة لمعدل فرع شرطة ويست ميدلاندز West Midlands فيبقى أقل من نصف متوسط المعدل العام في أنحاء إنجلترا وويلز، وذلك على الرغم من فرض قيود أكثر تشدداً ترافقاً مع ارتفاع معدلات عدوى فيروس كورونا. كما تُصدر فروع الشرطة في مناطق مانشستر الكبرى Greater Manchester، ونورث أُومبْرِيا Northumbria، وغوينت Gwent، وجنوب ويلز South Wales، ودورهام Durham غرامات بمعدلات منخفضة، على الرغم من تمتعها (أي فروع الشرطة المذكورة) بصلاحيات كبيرة ضمن قوانين تدابير الإغلاق المحلية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد اتصلنا في هذا الإطار بالمحامية المتخصصة في حقوق الإنسان، كيرستي برايملو كيو سي، كي تراجع خارطة وسجل الغرامات الصادرة حتى الآن وتُعلق عليهما، فقالت لـ"اندبندنت" إن "معاملة الشرطة للأشخاص ينبغي ألا تعتمد على رموز عناوينهم البريدية". وأضافت "من المرجح أن تكون هذه النتائج الاعتباطية صورة عن السلطة الممنوحة لكل فرع محدد من فروع الشرطة. إذ إننا شهدنا عديداً من الأمثلة التي قام فيها قادة شرطة باعتماد إجراءات صارمة تخطت السلطات الممنوحة لهم".

أما قادة الشرطة، من جهتهم، فقد رأوا أن هناك عوامل عديدة تكمن وراء ظاهرة التفاوت والاختلاف في إصدار الغرامات، وأن الأرقام لا تشير تماماً إلى أعداد الناس الذين التزموا القوانين من تلقائهم، أو بعد حديث غير رسمي معهم.

بيد أن الخبراء والناشطين في المقابل دعوا إلى مزيد من الانسجام في تطبيق القانون وفرض الغرامات، كما حذروا من مغبة الخلط بين القيود المختلفة المفروضة، من خلال عديد من القوانين المخصصة لمناطق مختلفة.

وفي السياق ذاته اعتبرت روزاليند كومين، مديرة السياسات والحملات في مجموعة "ليبيرتي" (حرية) Liberty لحقوق الإنسان، أن "مظاهر التباين في عمليات حفظ النظام التي أظهرتها قوى الشرطة خلال الجائحة كانت متوقعة، لأن الحكومة الراهنة خلقت آليات واسعة وقسرية لفرض القوانين والتدابير التي جرى تعميمها والإبلاغ عنها بطريقة فوضوية". وأضافت كومين أن التحولات المتسارعة والإغلاقات المحلية وعمليات حفظ النظام في جميع أنحاء بريطانيا، تؤدي حتماً إلى التباين". وتابعت "وسط كل هذا جاء إصرار الحكومة الدؤوب والخطير على استخدام القوانين الجنائية كعلاج للأزمة الصحية السائدة في المجتمع".

من جهة أخرى اعتبر الدكتور غابرييل سكالي، العضو في "هيئة الحكماء المستقلة" Independent Sage board (وهي لجنة تقدم استشارات للحكومة)، رئيس قسم علم الأوبئة في "جمعية الطب الملكية" Royal Society of Medicine أن ما كنا بحاجة له من جانب الحكومة هو "توجيهات واضحة ومنسجمة". وذكر سكالي لـ"اندبندنت" أن "وجود كثير من الإجراءات  المتمايزة في أماكن مختلفة لم يساعد في تسوية الأمور". وتابع "نحن كهيئة حكماء نرى أن ذلك يثير الارتباك، لذا فإننا ننحاز للمقاربة المتسلسلة والمتعددة المستويات... إن وجهة نظرنا العامة ترى أن الأمر الأمثل يتحقق حين يرغب الناس من تلقائهم القيام بالأشياء". وأشار إلى أن "الناس يشعرون بالقلق إذ يبدو الحال وكأن ثمة منطقة محددة لا تخضع للتدابير، بينما منطقة أخرى، بنفس معدل الإصابة بالفيروس، تخضع لتلك التدابير".

وفي نفس السياق كشف تقرير أصدره "المجلس الوطني لقادة الشرطة" National Police Chiefs’ Council أن معظم الغرامات صدرت نتيجة تجاوز القيود على الحركة والتجمعات. بينما جاءت 89 غرامة فقط نتيجة عدم ارتداء كمامات الوجه. كما أن تلك الغرامات الأخيرة لم تصدر سوى من 11 فرع شرطة من أصل الفروع الـ 45 في إنجلترا وويلز.

من جهتها، عبرت "الهيئة البرلمانية المشتركة لحقوق الإنسان" (في مجلس العموم البريطاني) عن "مخاوف جدية" تجاه الغرامات الصادرة، محذرة من أن تكون أوساط السود والآسيويين والأقليات العرقية تتعرض لعقوبات غير متكافئة، ومن انعدام وسيلة للاستئناف والطعن بتلك الغرامات من دون التعرض للملاحقة.

وكشفت مراجعة أجرتها دائرة النيابة العامة الملكية في بريطانيا Crown Prosecution Service لسجلات الغرامات، عن 63 اتهاماً غير قانوني، صدرت وفق تدابير الحماية الصحية، بيد أن نواباً في البرلمان قالوا، إن الغرامات التي لا تمر من المحاكم تفتقر لضوابط الحماية. وذكر تقرير دائرة النيابة العامة الملكية الذي نُشر الشهر الفائت أنه "من غير المقبول تعرض آلاف الناس للغرامات في ظروف اتسمت فيها إرشادات الإغلاق بلغة غامضة وغير واضحة، وأن هناك أدلة تشير إلى عدم فهم رجال الشرطة لصلاحياتهم على نحو تام". كما تابع التقرير "يلاحظ أفراد في المجتمع، ممن تلقوا من غير وجه حق عقوبات محددة، أنه ليست هناك طريقة لتصحيح الأمر، والشرطة من جهتها ستدرك أن أعمالها على الأرجح لن تخضع للتدقيق والمراجعة".

الجدير ذكره هنا أن "اندبندنت" استثنت فرع "شرطة لندن" London Police من تحليلها، لأن معظم من تلقوا غرامة ضمن نطاق الفرع المذكور، كانوا من غير المقيمين في لندن، بل من العابرين لها. كما استثنى التحليل أيضاً فرعي "شرطة النقل في بريطانيا" British Transport Police و"شرطة وزارة الدفاع" Ministry of Defence Police نظراً لتعذر تحديد معدلاتهما.

© The Independent

المزيد من متابعات