Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عودة الرحلات الجوية بين طرابلس وبنغازي قد تمهد لنهاية متاعب الليبيين

سلسلة خطوات إيجابية للأطراف الليبية تعبّد الطريق نحو المصالحة الوطنية

طائرات على مدرج مطار معيتيقة في العاصمة الليبية طرابلس (أ ف ب)

خطت الأطراف الليبية خطوةً إيجابية جديدة، في سعيها إلى التوصل لاتفاق سياسي شامل ونهائي للأزمة التي تتخبط فيها البلاد. جاء ذلك بتسيير أول رحلة جوية، بين عاصمتَي النزاع، طرابلس وبنغازي، بعد أكثر من سنة من القطيعة، وإقفال المجال الجوي بينهما.
واستقبل الشارع الليبي هذه الخطوة، بترحيب كبير، نظراً إلى دلالتها الرمزية التي تشير إلى إنهاء الانقسام وإعادة توحيد البلاد، التي شطرتها الخلافات السياسية وحرباً شرسة امتدت لسنوات. وتُعدّ هذه الخطوة المشجعة، الثانية خلال أسبوع، بعد زيارة لافتة، أجراها وفد من مدينة مصراتة إلى شرق البلاد، أثمرت اتفاقاً لتبادل الأسرى بين الطرفين، سيُنفَذ في الأيام المقبلة.

وفي سياق الجهود الرامية للتوصل إلى مصالحة وطنية تدعم مساعي التسوية التي تجريها الأطراف السياسية منذ أسابيع، تحتضن مدينة سرت (وسط)، مؤتمراً للمصالحة تشارك فيه أطياف سياسية وكيانات محلية وشخصيات عامة ورسمية، لتسوية الخلافات الاجتماعية ومعالجة الشروخ التي خلفتها سنوات الصراع بين الأقاليم والمدن الليبية.

مد الجسور

حطت في مطار بنينا في مدينة بنغازي، يوم الجمعة 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، طائرة تابعة لشركة الخطوط الجوية الليبية، قادمة من مطار معيتيقة في طرابلس، في أول رحلة بين المطارين، منذ أكثر من عام، لتعلن الشركة عن تسيير رحلات ركاب منتظمة على خط "معيتيقة – بنينا – معيتيقة"، بواقع رحلتين أسبوعياً، بدءاً من ذلك اليوم.

وسبق أن أعلن الناطق باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، اللواء أحمد المسماري في مؤتمر صحافي، قبل أيام، قبول القيادة فتح المجال الجوي لمطار بنينا، أمام الرحلات الداخلية والطيران المدني، في خطوة تهدف إلى حل أزمة المواصلات والتواصل، بين المدن الليبية.

وأبدى عضو المجلس الرئاسي عن مدينة مصراته، أحمد معيتيق، ارتياحه وسعادته، لنجاح الجهود التي بُذلت طيلة الأسابيع الماضية، لاستئناف الرحلات الجوية بين المطارين.

وقال معيتيق في منشور على صفحاته الشخصية على مواقع التواصل، "بتوفيق من الله، كُللت جهودنا، وجهود جميع الخيّرين بالنجاح، باستئناف الرحلات الجوية بين مطاري معيتيقة وبنينا"، معرباً عن أمله في أن "تكون هذه الرحلات، بداية النهاية لمعاناة الليبيين، في الشرق والغرب والجنوب، ليس في التنقل وحده، بل في كل ما يواجهون من مصاعب".

ولقيت الخطوة فور الإعلان عنها، إشادةً وترحيباً كبيرين من أغلب الشخصيات السياسية والناشطين الليبيين على مواقع التواصل، لما لها من أهمية رمزية وفعلية، في إنهاء الانقسام وتخفيف وطأة الأعباء المعيشية المتعددة عن كاهل المواطن الليبي، عبر تسهيل وتسريع حركة التنقل والتواصل بين أهم مدينيتن في البلاد.

 

خطوة مهمة

وقيم الصحافي الليبي معتز الفيتوري، أهمية ما حدث في هذا التوقيت، وقال في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن "هذه الحظوة ذات دلالات عدة، فمن جهة تعطي مؤشراً على أن حالة التقارب بين أطراف الأزمة الليبية، بدأت تؤتي ثمارها وتنعكس شيئاً فشيئاً حلولاً عملية على عدد من الأزمات الداخلية، وتشير كذلك إلى بداية النهاية لانقسام خطير، عاشته البلاد في الفترة الأخيرة". وأضاف أن "انقطاع حبال التواصل بين عاصمتَي الشرق والغرب، تسبب في تفاقم أزمات البلاد والمواطن في الأشهر الماضية، خصوصاً الأزمات المعيشية، مثل أزمة تأخر المرتبات، التي يصدر أغلبها من طرابلس، وذلك بسبب انقطاع الحركة البرية والجوية بينهما، فكان وصولها من طرابلس إلى بنغازي يتطلب أشهراً. كما تواجه عملية توصيلها مصاعب جمة، تسببت في انقطاعها لفترات طويلة، إضافة إلى تجميد تام لعمليات تبادل السلع، بين الشرق والغرب، ما أدى إلى حالة من الغلاء، أثقلت كثيراً كاهل المواطن".

وأشار الفيتوري إلى إجراءات أخرى يجب اتخاذها لإنهاء المعاناة المعيشية للمواطن الليبي، مشدداً على وجوب "استغلال هذه الخطوات المبشِّرة، وتدعيمها بأخرى ضرورية، مثل توحيد المؤسسات الاقتصادية والخدمية، ما يسهل عملها على حل الأزمات المتشعبة التي تعيشها البلاد".
كذلك وصف المحلل الاقتصادي،، سليمان الشحومي عودة الطيران بين طرابلس وبنغازي بـ"الخطوة المفرحة والمهمة لعودة التواصل، ولمّ الشمل بين الليبيين"، متمنياً أن "تفتح الطرق البرية لمد مزيد من الجسور التي هُدمت، بين أبناء البلد الواحد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


زيارات لافتة وتبادل للأسرى

في سياق متصل، شهدت الأيام الماضية، تبادل زيارات لافتة بين وفود من برقة ومدينة مصراتة، قادت بدورها إلى تفاهمات إيجابية، حول عملية تبادل الأسرى القابعين في سجون الطرفين منذ سنوات، في الأيام المقبلة.

وذكرت مصادر ليبية، أن عملية تبادل الأسرى، أتت نتيجةً لاتفاق بين وفدي الحوار الأمني، الذي عُقد في مدينة الغردقة المصرية في الأيام الماضية، بمشاركة قيادات أمنية وعسكرية من شرق ليبيا وغربها.

وكان من بين التوصيات التي خلص إليها المشاركون في جلسات الحوار الأمني بمصر، حسب البيان الختامي، "الإفراج الفوري عن كل محتجز على الهوية، من دون أي شروط أو قيود، واتخاذ تدابير عاجلة لتبادل المحتجزين بسبب العمليات العسكرية، وذلك قبل نهاية شهر أكتوبر، عبر تشكيل لجان مختصة من الأطراف المعنية".

ولتنفيذ هذه التوصيات، زار وفد من مشايخ وأعيان إقليم برقة، مدينة مصراته، قبل أن يردّ وفد من الأخيرة الزيارة بمثلها منذ يومين، فقد اجتمعوا برئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، وعقدوا محادثات إيجابية، أكدوا على أثرها دعمهم لجهوده الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا.

وتناول اللقاء، بحسب المكتب الإعلامي لرئيس البرلمان "مبادرة عقيلة صالح لإنهاء الأزمة الليبية، التي أعلن عنها من القاهرة، للوصول إلى تسوية سياسية، تحقق الأمن والاستقرار في البلاد، وتنهي حالة الانقسام، بما يحقق إرادة الشعب الليبي، في العدالة والمساواة والعيش الكريم".

ميثاق سرت 2

وفي إطار الجهود المتواصلة، لتحقيق المصالحة الوطنية، انطلق يوم السبت 17 أكتوبر، في مدينة سرت، مؤتمر يجمع بين 100 شخصية ليبية سياسية وثقافية واجتماعية بارزة، لمناقشة التوقيع على اتفاق محلي جامع، ينهي حالة الانقسام المجتمعي والخلافات المحلية بين المدن والقبائل الليبية، التي أدت إلى الاقتتال لسنوات.

وأكدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر سرت الثاني، في بيان أنه "سيعمل على تقديم خارطة طريق سياسية، ومحاولة جادة لتكوين مرجعية وطنية لكل الليبيين".

وأشار البيان إلى أن "اسم المؤتمر اشتُق من ميثاق سرت التاريخي، الذي عُقد بين القبائل الليبية عام 1922، لنبذ الخلافات وتوحيد الجهود الوطنية لمواجهة الاستعمار الإيطالي وقتها، وأكد أن الآباء والأجداد المؤسسين لميثاق سرت الأول، كانوا على مستوى من الحرص والحس بالمسؤولية، وتناسوا وتساموا على الجراح والخلافات، وأعلنوا ميثاقاً تاريخياً، كان مثالاً للأجيال السابقة والحالية والقادمة، ونحن اليوم بعد مئة عام، نلتقي من كل المدن الليبية، للعمل على عقد ميثاق جديد، واستحضار الذاكرة التاريخية لدعم الثوابت الوطنية".

المزيد من العالم العربي