Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيارة "تاريخية" للرئيس الإريتري إلى إثيوبيا

أفورقي التقى آبي أحمد لبحث العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون الإقليمي

أفورقي وأحمد خلال جولة قاما بها الإثنين 13 أكتوبر الحالي في مدينة جيما الإثيوبية في إقليم أروميا (صفحة إثيوبيا)

وصل الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إلى إثيوبيا، الإثنين، في زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام، بدعوة من رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وهي الثالثة له منذ عودة العلاقات بين البلدين عام 2018 بعد الحرب الحدودية التي خاضاها عام 1998.

وكانت أول زيارة للرئيس الإريتري إلى إثيوبيا في 14 يوليو (تموز) عام 2018 وتم خلالها افتتاح السفارة الإريترية في أديس أبابا، عقب إبرام إتفاق السلام الذي أنهى حالة عدم الاستقرار التي مر بها البلدان على مدى عقدين من الزمان.

وقال وزير الإعلام الإريتري يماني جبر مسقل إن "أفورقي غادر إلى إثيوبيا بدعوة من رئيس الوزراء الإثيوبي"، مشيراً إلى أن الزيارة ستبحث العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون الإقليمي، من دون تفاصيل أخرى.

منذ تولي أبي أحمد مقاليد السلطة في مارس (آذار) عام 2018، اتسمت سياسات إثيوبيا بفلسفة السلام والاستقرار في المنطقة الإقليمية.

وعلى الرغم مما واجهته أديس أبابا من تحديات داخلية، استطاع أحمد تحقيق توازن يحافظ ما بين المصالح القومية لإثيوبيا ومدلولات السلام في الاستقرار الذي تحتاجه البلاد. فعلى النطاق الداخلي واجهت الحكومة جملة من التحديات السياسية ضمن صراع الرؤى وتدافع الإثنيات إلى جانب قضايا تحقيق التنمية والرفاهية للمواطن، وعلى المستوى الإقليمي ما يمثله مشروع سد النهضة من تحد قومي استطاعت إثيوبيا برغم الظروف المتباينة تثبيت واقعه والخروج به إلى خيار التفاوض.

علاقات وتحديات

كانت عودة العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا قراءة صحيحة للواقع الإقليمي الذي يجمع بين الدولتين أسهم فيها "جهد عربي" قادته السعودية إلى جانب الإمارات ما أعاد التوازن لصالح السلام والاستقرار في المنطقة. فالعلاقات بينهما من العداء إلى مُشتركات السلام بُنيّت أرضيتها على توافق تام بين أحمد وأفورقي قبل اعتمادها على أي حقوق أو تنازلات، وهذا ما يعطي الطابع الخاص للعلاقة بين الدولتين اللتين تجمعهما أواصر القربى وتداخل الأنساب.

ويرى المراقبون أن دور السلام الذي قام به أحمد وأفورقي في إعادة العلاقات من أهم النجاحات نحو تحقيق الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي باعتبار أن المصالحة الإثيوبية- الإريترية مقدمة لواقع السلام الذي ظل غائباً عن المنطقة ردحاً من الزمان.

جذور الصراع

ويشير بعض المراقبين إلى أن منطقة القرن الأفريقي "ظلت دائماً محطّ أنظار واهتمام الكثيرمن المفكرين الإستراتيجيين وصناع السياسة". بينما يصنفها آخرون كونها من أكثر مناطق أفريقيا المملوءة بالصراعات وعدم الاستقرار. ويلفت بعضهم النظر إلى ظهور بعض التجارب الفريدة في إدارة التنوع وصياغة الدولة والحكم وأشكال الاندماج مع الثقافات.

ورغم ما تعيشه شعوب هذه المنطقة من ظروف إنسانية، يشكل موقعها الجيوستراتيجي غايات لنفوذ وتنافس لقوى خارجية ما زالت ترى فيها مكمناً لأطماعها.

وإلى جانب الدور الريادي للدولتين الجارتين في توطيد السلام في بلديهما، وفي حيثيات ما يمثله القرن الأفريقي من أهمية وتعقيّد، يحسب للدولتين كذلك إنجاز المشاركة في أنشطة وفعالية "منظمة دول الإيقاد" التي تجمعهما إلى جانب كل من السودان والصومال وأوغندا وكينيا وجنوب السودان والتي ظلت تمثل حضوراً مؤثراً في قضايا المنطقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مستجدات العلاقة

ووفقاً لهذه المعطيات، يمكن تقييم زيارة الرئيس الإريتري إلى أديس أبابا، فإضافة لما يجمع أفورقي وأحمد من علاقة خاصة وتقارب أفكار فهناك مستجدات التحديات التي ما زالت قائمة على المستويين المحلي والاقليمي، حيث إن الدولتين تواجهان واقعاً إقليمياً متغيراً مع واقع دولي يعيش عالمه ظروفاً استثنائية، خاصة بعد ظروف تفشي جائحة كورونا، التي تأثرت بها معظم دول العالم.

وضمن انعكاسات هذه الظروف التي أدت إلى انهيارات وحروب وعدم استقرار، تشهد منطقة القرن الإفريقي هي الأخرى ظروفاً جديدة تتطلب التنسيق المشترك بين الدولتين، تجاه تعزيز السلام وضمان الاستقرار في حيثيات المشاكل الاقتصادية والسياسية والإثنية.

تصف مصادر سياسية دعوة أفورقي إلى زيارة إثيوبيا بـ"استعراض" تجاه مقومات السلام في المنطقة وضرورات التعايش السلمى لتحقيق مصالح الشعوب. وقالت إن الرئيس الإريتري يتمتع بحنكة ورؤية ملمة بواقع المنطقة إلى جانب ما يُمثله رئيس الوزراء الإثيوبي كونه داعية سلام، حسب التقدير الدولي الذي حظي به.

فإثيوبيا ضمن المكاسب التي حققتها على المستوى الاقتصادي وإبرامها العديد من الصداقات الدولية فضلاًعن خططها التنموية الناجحة، التي ارتفع بموجبها دخلها القومي ليحقق معدلات عالية بمتوسط نسبة نمو 8.5 لسنوات متتالية (وفق التقارير الدولية)، تظل حريصة للحفاظ علي مكتسباتها القومية على المستوى الداخلي.

وعلى المستوى الإقليمي يأتي إنجاز سد النهضة الذي اكتمل بنسبة 76.3 في المئة، بحسب تصريحات الحكومة الإثيوبية، مقصداً تجاه التنمية التي تبني طريقها، كما يمثل لها تحدي سلام ظلت ترفع شعاره وتعمل وفق غاياته عبر المفاوضات التي تظل هي الخيار الأمثل للوصول إلى توافق بين دول حوض النيل الثلاثة.

أوروبا وسلام القرن الإفريقي

إلى جانب الإرادة الإقليمية التي يدفع بها البلدان إثيوبيا وإريتريا، تمثل دعوة الاتحاد الأوروبي للسلام الإقليمي خطوة مهمة هي الأخرى، بحسب مراقبين. فقد ذكر الممثل الأعلى الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل "أن أمن وازدهار إثيوبيا أمر مهم بالنسبة للاتحاد الأوروبي".

وأضاف بوريل، خلال مؤتمر صحافي، في ختام زيارة له إلى إثيوبيا الأسبوع الماضي "أن أي تطورات وتوترات سياسية في إثيوبيا يتأثر بها الاتحاد الأوروبي". وأوضح أن الاتحاد يريد أن يكون أفضل شريك لأفريقيا بشكل عام وإثيوبيا بشكل خاص.

المزيد من دوليات