Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أصبحت "بلاغات التغيب" ضد المرأة في السعودية من الماضي؟

هيئة حقوق الإنسان في البلاد حددت الانتهاكات التي تتعرض لها الفتيات في محيط عائلاتهن

دعت هيئة حقوق الإنسان إلى ضرورة التقيد بالأنظمة التي تبنتها السعودية لتمكين المرأة (واس)

أنهت هيئة حقوق الإنسان في السعودية الجدل القائم حول مشروعية "بلاغات التغيب" ضد النساء، والمقدمة من الأسرة وأولياء الأمور، والتي تُعد من أكثر القضايا جدلاً في البلاد، في ظل أعراف مجتمعية تمنع المرأة من الاستقلال في منزل منفصل عن ذويها وأسرتها. كما منح ذلك العرف السائد الأسر الحق في تقديم "بلاغات تغيب ضد بناتهن اللاتي اخترن العيش بعيداً من العائلة، الأمر الذي دفع الهيئة الحقوقية في بيان صادر عنها، الإثنين 12 أكتوبر (تشرين الأول)، إلى منع الأهالي من اللجوء إلى "بلاغات التغيب" والعقوق (عصيان الوالدين والخروج من طاعتهما)، واصفة إياها بـ"الكيدية"، خصوصاً في حال كانت الشكوى مقدمة ضد فتاة بلغت السن القانونية، بحسب النظام السعودي.

وشددت الهيئة في الوقت ذاته على ضرورة منح المرأة حقها المكفول لها شرعاً ونظاماً، وعدم تجاوزه من جميع الجهات المعنية، ودعت إلى ضرورة التقيد بالأنظمة والتماشي مع الإصلاحات التي تبنتها السعودية في مجال تمكين النساء وحفظ حقوقهن وتعزيزها.

الانتهاكات ضد الفتيات

وحددت الهيئة الحقوقية الانتهاكات التي تتعرض لها الفتيات في محيط عائلتهن، بضعف الاهتمام بهن، أو تعرضهن لضغوط أو إيذاء نفسي، أو جسدي، أو عضلهن (التضييق عليهن)، أو هضم حقهن في الميراث، أو حرمانهن من أي حق من الحقوق التي كفلتها لها الشريعة الإسلامية والأنظمة، مؤكدة أنها توصلت من خلال تحليل عدد من القضايا المرفوعة ضد الفتيات أن غالبيتها كيدية، مشيرة إلى أن الاحتواء داخل الأسرة وإشاعة روح الحوار والمودة بين أفراد الأسرة وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم الشرعية والنظامية وتربيتهم عليها، من أبرز العوامل التي تغلق الطريق أمام هذه الحالات.

وتابعت الهيئة أن "من حق الأسر رفع قضايا التغيب في حال اختفاء الفتاة وعدم معرفة مكانها لضمان سلامتها والتأكد من عدم تعرضها لأي جريمة"، لافتة إلى أن القرارات والتعديلات التي جرت أخيراً على العديد من الأنظمة التي من بينها أنظمة وثائق السفر، والعمل، والتأمينات الاجتماعية، والأحوال المدنية تصب جميعها في إطار تمكين المرأة وتعزيز حقوقها.

رفض ست توصيات برلمانية

الجدل في قضية بلاغات التغيب لم يتوقف على الشارع السعودي؛ إذ نال نصيبه داخل مجلس الشورى بعدما تقدمت عضوة المجلس إقبال درندري بستِّ توصيات تنص على إيقاف دعاوى التغيب ضد الفتيات وأحقيتهن بالسكن المستقل بعيداً عن أسرهن، وقالت درندري لـ"اندبندنت عربية": "مع الأسف، قوبلت التوصيات من قبل الأعضاء في البرلمان السعودي برفض أربع منها، في حين كادت تسقط التوصيتان الأخريان بسبب قرب انتهاء الدورة الشورية بعد أسبوعين وعدم إدراجها للنقاش في جدول الأعمال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت "أولى التوصيات كانت في عام 2018، والتي طالبت فيها وزارة الداخلية بالعمل على إطلاق سراح السجينة فور انتهاء مدة محكوميتها، وفقاً لنظام السجون، من دون اشتراط موافقة أو تسلم ولي أمرها أو أحد أقاربها، والتأكد من توفير الحماية والرعاية اللاحقة لها"، مشيرة إلى أن تلك التوصية لم تحصل على التصويت الكافي.

وتابعت "في العام ذاته تقدمت بتوصية أخرى للنقاش داخل مجلس الشورى طالبت فيها وزارة العدل بإيقاف دعاوى التغيب والهروب والعقوق الكيدية ضد المرأة منعاً لاستغلالها لإيقاع الضرر بها، ولم تحصل هي الأخرى على التصويت الكافي من قبل الأعضاء".

وفي إطار معالجة شكاوى التغيب من قبل الأهالي على فتياتهم، أشارت درندري إلى أنها تقدمت بتوصية في العام الماضي 2019 لوزارة الداخلية تنص على إنشاء شرطة مجتمعية، تتولى أعمال الضبط الأمني الأسري، والمشاركة في بث الوعي الأمني المجتمعي الاستباقي، مع تمكين المرأة من العمل في هذه الشرطة، ولم تحصل التوصية على الأصوات اللازمة لإقرارها.

تأجيل النقاش

ولفتت عضوة مجلس الشورى إلى أن عدداً من التوصيات التي تقدمت بها للنقاش في جلسات المجلس لم يحالفها الحظ في التداول والنقاش، إذ تم تأجيلها من قبل الأعضاء، منها توصية لمجلس الأسرة طالبت فيه بدراسة مشكلة شكاوى ودعاوى التغيب والعقوق المقدمة من أولياء الأمور على أبنائهم وبناتهم وأسبابها واقتراح الحلول والتدابير المناسبة للحد منها.

أضافت "كما طالبت في توصية مقدمة لهيئة حقوق الإنسان بالتصدي للممارسات التي تتعارض مع حق التنقل والسفر واختيار محل الإقامة، الممنوحة نظاماً للمرأة التي بلغت السن القانونية، ومنها: تقديم بلاغات التغيب على من تستقل بسكنها ويعلم مكان إقامتها، والتعامل معها على أنها مجرمة تستحق العقوبة، وأهمية فرض العقوبات على المخالفين".

سلاح تهديد

وعللت درندري كثرة توصياتها في هذا الخصوص بقولها "التوصيات الأخيرة التي تقدمت بها تهدف إلى حفظ الحقوق، لا سيما أن بعض الجهات المعنية تتعامل مع بلاغات التغيب الكيدية على أنها سلوك مجرم موجب للعقوبة، وما يترتب عليه من إيقاف الضحية وسجنها أو إيداعها دور الرعاية"، وأكدت درندري أن التصدي للممارسات التي تتعدى على حقوق المرأة، ووضع عقوبات للمخالفين، سيحافظ على حقوقها، ويوقف الممارسات الخاطئة التي تتعارض مع حقها في الاستقلال في السكن عند الحاجة لذلك للعمل أو لتجنب عنف الأسرة، وإقفال بلاغات التغيب بمجرد التواصل مع الضحية، والتأكد من سلامتها ونفيها التعرض لأي جناية.

وأشارت في الوقت ذاته إلى أن التعامل مع هذه القضايا على أنها "قضايا أسرية" تُحل بالتفاهم، باللجوء إلى وحدات ولجان الصلح الأسري التي وفرتها الدولة هو الحل الأمثل، بدلاً من التصعيد واللجوء للعقوبات، والحد من استغلال أولياء الأمور للتداخل بين قضايا التغيب الفعلية والكيدية، لتهديد بناتهم وسجنهن بغير وجه حق.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات