Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فوضى السلاح في فلسطين تمزق النسيج الاجتماعي

جرائم القتل ارتفعت نسبتها في الضفة الغربية و90 في المئة من الأسلحة مصدرها الجيش الإسرائيلي

لافتات توعوية في الضفة الغربية تحث على نبذ العنف (اندبندنت عربية)

استعدت أم محمد زايد بالحناء والزهور والزغاريد، لاستقبال نجلها عدنان وعروسه الجديدة، وبدل أن تنهمر دموع الفرحة من عينيها، فُجعت الأُم بمقتل العروسين، وابنتها التي كانت برفقتهما ببشاعة لم يعتد الفلسطينيون على سماعها يوماً، فأشقاء العروس الذين رفضوا إتمام الزواج، نصبوا فخاً لهما أثناء عودتهما من المحكمةِ الشرعية التي عَقدت قرانهما، وقاموا بإطلاق النار من أسلحة رشاشة بشكلٍ جنوني، وفرّوا هاربين من المكان، تاركين خلفهم حالةً من الصدمة في المجتمعِ الفلسطيني، خاصةً وأن عملية قتلِ العروسين ومن معهما، تمت في وضحِ النهار وسط طريقٍ عام وأمام المارة.

زايد عبد اللطيف والد الضحايا يتحدث لـ"اندبندنت عربية"، "تفاجأنا بأن أشقاء العروس الذين شهِدوا معنا في المحكمة على عقد القران، هم من قاموا بقتلها وأبنائي بطريقة بشعة للغاية، فيما تعرض اثنان آخران من أبنائي لإصاباتٍ خطرةٍ جراء إطلاق النار بكثافة. هل أصبح الحب ينتهك شرف العائلة؟".

يضيف تيسير رزق وهو أحد شهود العيان لـ "اندبندنت عربية"، "كنت أقود مركبتي  بشكل اعتيادي في طريق عام، حتى ركض أربعة مسلحين وأطلقوا النار بشكلٍ مباشرٍ وكثيف على أجسادِ الضحايا في المركبة التي أمامي، بعد أن اعترضوا مسارها. المشهد كان مرعباً بشكل لا يوصف، كما نشاهد بأفلامِ الرعب والقتل والجرائم. صوتُ أزيز الرصاص استمر ثلاث دقائق دون توقف، وبعد أن تأكدَ المسلحون من قَتلِهم لجميع من كانوا داخل المركبة، لاذو بالفِرار، ولم يتمكن أحد من المتفرجين على الجريمة اللحاق بهم، خوفاً من الرصاص".

فوضى سلاح

منذ بدايةِ العامِ الحالي وحتى نهاية سبتمبر (أيلول)، سجلت 43 ضحية في الضفة الغربية (منهم 26 امرأة) بجرائمَ قتلٍ محلية، أغلبها تمت بإطلاق نارٍ من أسلحة مشبوهة (غير مرخصة أو مسروقة)، بزيادة مرتفعة وصلت إلى 45 في المئة عن عام 2019، الذي شهد 25 جريمة قتل.

الناطق باسم الشرطة الفلسطينية العقيد لؤي إرزيقات يتحدث لـ"اندبندنت عربية" قائلاً، "الجريمة في فلسطين  آخذة بالتصاعد بأشكالٍ وأساليب متنوعة ومتعددة، ولجمُها وإن كان صعباً فلا يُمكن أن يصلَ حد الفلتان الأمني. فالجريمةَ ظاهرة اجتماعية موجودة في كل المجتمعات ولها أسباب ودوافع وليس فقط في فلسطين، فوضى السلاح في الضفة الغربية والمتزايدة باستمرار، جاءت بسبب عدم سيطرة الأجهزة الأمنية على الحدود وخاصة في مناطق ج (تابعة للسيطرة الإسرائيلية)، حيث يتمُ تهريب السلاحِ والذخيرة بكافة الأشكال والأنواع من تلك المناطق ومن داخل إسرائيل إلى الضفة الغربية، مما أدى إلى ارتفاعِ الجرائمِ واستخدام السلاح في الشجارات والنزاعات العائلية، هذه الفوضى أدت إلى استسهالِ القتل، الذي أصبح ظاهرةً لدى الشباب في المجتمع الفلسطيني. من الضروري أن يكون هناك ميثاق وطني وميثاق شرف، لتجريمِ هذه الظاهرة لحفظ المجتمع من التفكك، فتوابع عملية القتل مرعبة، تُحرق البيوت، والعائلات بما فيها من نساء وأطفال تُشرّد خوفاً من الثأر".

يضيف "يومياً هناك عمليات ضبط وملاحقة لتجار السلاح في الضفة الغربية، وإذا ما جُمعت الأرقام من مختلف الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية التي تلاحقُ المجرمين، فهناك مئات آلاف القطعِ والأسلحة والذخائر تضبط سنوياً. قبل أيام وبسبب الارتفاع الكبير بسبب استخدام السلاح بالضفة الغربية، صدرَ قرار بقانون يُجرم تجارةَ السلاح، ومطلقي النار، بعقوباتٍ مغلظة تصلُ لعشر سنوات سجن، وغرامات مالية تفوق 30 ألف دولار، حيث نأمل أن تُساهم هذه العقوبات بالحدِ من انتشار واستخدام السلاح، الذي يشكلُ خطراً على أمنِ وسلامةِ المواطنين، ويهدد السِلم المجتمعي".

 

26 امرأة

الهيئة المستقلة لحقوقِ الإنسان في فلسطين قالت في بيان "إن حياة المواطنين وأمنهم ستظل مهددة في ظل انتشارِ الأسلحة بين المواطنين، وتساهل جهات إنفاذ القانون مع مستخدمي الأسلحة في التجمعات والمناسبات الاجتماعية، يهدد السلم الأهلي وسلامة وحياة المواطنين". ونظراً لارتفاع  جرائمِ قتل النساء في المجتمع الفلسطيني على خلفية ما يسمى "شرف العائلة" طالبت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، بضرورة إقرار قانون لحماية الأسرة من العنف، ومحاسبةِ وردع كل من يرتكب ويحرض على جرائم العنفِ ضد النساء.

مديرة مؤسسة تنمية وإعلام المرأة النسوية سهير فراج تقول لـ "اندبندنت عربية" "ارتفاعُ جرائم القتل ضد النساء في المجتمع الفلسطيني هو دليلٌ واضح على حالة الفلتان الأمني، ونُطالب بإقرارِ منظومةٍ من القوانين والتشريعات التي تحفظ حياة وكرامةِ النساء، بما فيها إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، حتى يكون هناك مؤسسة تشريعية تستطيع أن تُسن قوانين وتشريعات تحمي المجتمع الفلسطيني من ارتفاع حوادث قتلِ النساء، والسعي وراء تغيير جذريٍ للمناهج والخطاب المجتمعي، بما يتضمن التربيةَ على حقوق الإنسان ومساواة النوع الاجتماعي، وإلغاءِ كل ما يتعلق بالصور النمطية للنساء والفتيات في كافة المناهج والخطابات والأعراف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مشهد اعتيادي

مع تفاقمِ أعمال العنف والجريمة في الضفة الغربية، أضحى القتل مشهداً اعتيادياً في البلدات العربية داخل إسرائيل، فالسنوات الأخيرة شهدت ازدياداً في أعداد الضحايا، وتجاوزت نسبة القتل عام 2018 لدى العرب في البلدات العربية خمية أضعاف نسبة القتل في الضفة الغربية، وثمانية أضعاف نسبتها في أوساط اليهود، وتعتبر فوضى السلاح من أهم الأسباب لجرائم القتل. فحسب تقرير جمعية الشباب العرب (بلدنا) "بين الأعوام 2011 و2018 سقط  قرابة 500 ضحية، أي بمعدل 64 جريمة سنوياً. فيما شهد عام 2019 تسجيل 94 جريمة، أي بمعدل جريمتين كل اسبوع. 74 في المئة من تلك الجرائم نُفذت باستخدام السلاح وإطلاق النار، يليها إستعمال السلاح الأبيض والطعن بنسبة 14 في المئة".

يتحدث رئيس لجنة المتابعة لقضايا الجماهير العربية في داخل إسرائيل، محمد بركة لـ "اندبندنت عربية" "منذ عام 2000 ولغاية اليوم قُتل أكثرُ من 1400 فلسطيني داخل إسرائيل بجرائم بشعة، وإذا استمر تواطؤ الشرطة الإسرائيلية في الإجرام وغياب العقاب والملاحقة، سترتفع الجرائم أكثر وأكثر. نتحدث عن مئات آلاف قطع السلاح الموجودة في أيدي فلسطينين تستعمل في الحياة المدنية داخل المجتمع العربي، وإسرائيل تتقصد غض البصر عما يجري من جرائم، لأنها تريد تفتيت وسحق المجتمع الفلسطيني، ليصبح من دون قيادة أو مرجعية، مفكك اجتماعياً، ومرهون للتهديد والإغراءات من قبل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية".

سلاح من الجيش

يُضيف بركة "90 في المئة من السلاح الذي يصل الى أيدي الشباب في البلدات العربية مصدره من الجيش الإسرائيلي الذي يقوم ببيعه في السوق السوداء، وطالما أن سلوك المجرم العربي يدخل في باب الجريمة داخل الوسط العربي، فإن الشرطة وقوى الأمن لا يتعرضون له ولا يلاحقونه، فجرائمُ القتل في البلدات العربية الآن أصبحت منظمة من قبل عصابات الإجرام، التي تريدُ بسط السيطرة والنفوذ.نعمل في لجنة المتابعة العربية على حل هذا العنف المتصاعد وكبح جرائم القتل بالاخص ضد النساء، من خلال مراكز الإصلاح والأهالي والمدارس والجامعات".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير