أظهرت بيانات المعهد الملكي للمسّاحين المعتمدين في بريطانيا، الصادرة اليوم الخميس، استمرار قوة سوق العقار البريطانية على الرغم من الوضع الاقتصادي الهش في البلاد. وقال المعهد إن مؤشره لأسعار المنازل ارتفع على غير المتوقع إلى +61 لسبتمبر (أيلول) الماضي من +44 في أغسطس (آب)، وهي أعلى قراءة لمؤشر أسعار البيوت للمعهد منذ يونيو (حزيران) 2002.
المؤشر يخالف توقعات المحللين
وجاءت الزيادة في المؤشر بهذا الارتفاع غير المسبوق في 18 عاماً، مقابل توقعات المحللين بانخفاض المؤشر بدلاً من ارتفاعه. وفي وقت سابق ذكر مسح لوكالة "رويترز" استطلعت فيه آراء خبراء سوق العقار وشركات السمسرة أن المؤشر قد يسجل +40 في سبتمبر 2020.
ويُضاف ارتفاع مؤشر أسعار البيوت للمعهد الملكي للمسّاحين المعتمدين إلى بيانات أخرى تعزز استمرار الزيادة في أسعار العقار ببريطانيا، منذ بدأ تخفيف إجراءات الإغلاق الاقتصادي الذي فُرِض للوقاية والحد من انتشار وباء كورونا في نهاية مارس (آذار) الماضي.
وأوضحت أرقام شركة هاليفاكس للسمسرة والتمويل العقاري، أن أسعار البيوت في بريطانيا ارتفعت في سبتمبر الماضي 7.3 في المئة عن أسعار سبتمبر العام الماضي 2019، في أعلى زيادة مماثلة منذ 2016. وبحسب بيانات هاليفاكس كانت الزيادة الشهرية في أسعار البيوت الشهر الماضي هي 1.6 في المئة، مقارنة مع أغسطس الذي سبقه. وهكذا يكون معدل ارتفاع أسعار البيوت في بريطانيا خلال الربع الثالث من العام المنتهي في آخر سبتمبر 3.3 في المئة، مقارنة بالربع الثاني من 2020.
كما أعلنت شركة سافيلز للسمسرة العقارية، أن المزاد الأخير لبيع المساكن حصد أكثر من 51 مليون دولار (40 مليون جنيه إسترليني) من بيع 90 بيتاً لتصل حصيلة مزادات الشركة في 2020 حتى الآن إلى 252 مليون دولار (195 مليون جنيه إسترليني). وبحسب أرقام سافيلز، فالزيادة 30 في المئة عن مبيعات الفترة نفسها من العام الماضي 2019.
أسباب انتعاش السوق العقارية
وتواصل شركات السمسرة العقارية والتمويل العقاري إصدار أرقام وبيانات تؤكد قوة النشاط في السوق العقارية، مستفيدة من عوامل عدة. من بينها انخفاض أسعار الفائدة في بريطانيا إلى نحو الصفر، بالتالي قلة تكلفة القروض العقارية لشراء البيوت، إضافة إلى التخفيض المؤقت الذي أعلنته وزارة الخزانة على ضريبة الدمغة العقارية (التي يدفعها المشتري)، لتشجيع سوق العقار على التعافي من أزمة وباء كورونا. وكذلك تعويض توقف سوق البيع والشراء في الفترة من نهاية مارس حتى نهاية مايو (أيار) التي شهدت شبه إغلاق تام للاقتصاد.
ومن العوامل غير المباشرة التي تُسهم في انتعاش سوق العقار بقوة، رغبة كثير من السكان في الابتعاد عن المدن المزدحمة وشراء بيوت أكبر، والبحث عن مساكن بها مساحات مفتوحة. وكل ذلك مرتبط بنمط الحياة الجديد الذي فرضه وباء كورونا، والحرص العام الذي أصبح سمة للسكان، ويتوقع أن يستمر سنوات.
وبحسب أرقام موقع السمسرة العقارية رايت موف، فإن الإقبال من جانب المشترين ارتفع بشدة على المناطق الساحلية في بريطانيا. وذكرت شركة رايت موف أن الباحثين عن بيت لشرائه يفضّلون البعد عن المناطق ذات الكثافة السكانية، وأن القرى والبلدات التي لا يزيد تعداد سكانها على 11 ألف نسمة هي المفضلة لدى الباحثين عن شراء منزل.
هل تنخفض أسعار المنازل؟
مع ذلك، يتوقع غالبية المحللين وشركات السمسرة والتمويل العقاري أن لا تستمر موجة الارتفاع في أسعار البيوت ببريطانيا خلال العام المقبل 2021. ويلاحظ أن المعهد الملكي للمسّاحين المعتمدين في إعلانه الخميس أشار إلى أن مقياسه لتوقعات المبيعات على مدى الـ12 شهراً المقبلة انخفض مجدداً في سبتمبر، وقارب مستواه المنخفض القياسي في مارس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال المعهد، في بيانه، إن التوقعات قصيرة المدى "تتناقض مع النظرة المستقبلية" التي يرى فيها غالبية المسّاحين المعتمدين تراجع مبيعات البيوت بشكل كبير العام المقبل مع زيادة أعداد العاطلين من العمل عقب انتهاء برنامج حماية الوظائف، الذي تدعم من خلاله الخزانة العامة العاملين الذين تعطلت وظائفهم، بسبب أزمة وباء كورونا. وتشير غالبية التوقعات إلى زيادة البطالة في بريطانيا مع نهاية البرنامج، واحتمال ارتفاعها بما بين 3 و4 ملايين شخص.
وعلى رغم أن توقعات المسّاحين المعتمدين لا ترى أن ضعف النشاط في السوق العقارية، المتمثل في انخفاض عدد معاملات البيع والشراء، سيدفع الأسعار إلى الهبوط فإن توقعات الاقتصاديين تشير إلى احتمال انخفاض الأسعار أيضاً، وليس فقط عدد الصفقات العقارية.
وكان مركز بحوث الاقتصاد والأعمال في بريطانيا قد ذكر الشهر الماضي أنه يتوقع انخفاض أسعار البيوت العام المقبل، بنسبة تصل إلى 14 في المئة، مع نهاية مدة التخفيضات المؤقتة والإعفاءات لضريبة الدمغة العقارية، وارتفاع معدلات البطالة، نتيجة توقف برامج الدعم الحكومي كلها.