Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"شهر تاريخ السود" فرصة لتثقيف المتجاهلين لماضي بريطانيا العنصري

هل سئمتم من الاستماع إلى خبراء يدلون بحجج لا تمت للتاريخ بصلة حول السود في بريطانيا؟ يمثل هذا الشهر فرصة لنا جميعاً لأخذ العبر

توجه للإعلامي البريطاني بيرس مورغان انتقادات لتقليله من أهمية "شهر تاريخ السود" في مقابلاته التلفزيونية (غيتي) 

في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، بدأت في الولايات المتحدة ذكرى ما يعرف بشهر تاريخ السود، ولن يكون هناك وقت أفضل من عام 2020 لمعرفة المزيد عن العنصرية، ليس فقط في الوقت الحاضر، ولكن تلك التي وقعت في الماضي أيضاً. ويبدو أن المناقشات المشحونة والمتعاقبة حول العرق تشغل شاشاتنا بصورة متكررة أكثر من أي وقت مضى، وبالرغم من ذلك، ما زلت ألاحظ في تلك المناقشات نقصاً صادماً في فهم الأساس التاريخي للقضايا التي تتصدر عناوين الأخبار. الآن مع اقتراب فصل الشتاء، واحتمال دخول البلاد في حال إغلاق أخرى، يبدو الوقت مناسباً للجمهور والمعلقين والحلفاء على حد سواء، من أجل الاهتمام بتاريخ السود للحصول على بعض التثقيف الذي هم في أمس الحاجة إليه.

يبدو أن شبكة "نتفليكس" فكرت بالطريقة الصحيحة، إذ تبث بمناسبة هذا الشهر 20 إنتاجاً تقول إنها تركز على "البهجة والصداقة والعائلة"، ويمكننا أن نفترض كذلك أنها تركز على قضايا السود. من بين تشكيلة الأعمال الجديدة فيلم "روكس" Rocks، وهو عمل لليافعين، يدور حول طفولة فتاة سوداء في بريطانيا، وإعادة عرض لمسلسل "ديزموندز" Desmond’s  الكوميدي من إنتاج التسعينيات، الذي يتحدث عن عائلة بريطانية أصولها من غانا، تمتلك صالون حلاقة في حي بيكهام جنوب لندن ذي الغالبية السوداء.

في النهاية، هذه خطوة مرحب بها كما يشير المخرج أديمي مايكل، المولود نفسه في بيكهام، والقائم على مجموعة الأعمال المختارة التي تحمل اسمه، "هناك نمط معين من القصص أعتقد أننا سئمنا منه". تتضمن تلك القصص بالنسبة لي حكايات بنكهة الإنسان الأبيض، التي نراها في أفلام مثل "المساعدة" The Help أو "الصدمة الإباحية" لدى السود، تلك الجملة المصاغة لوصف روايات يبدو أنها تتمحور فقط حول آلام السود، ومعاناتهم وموتهم، مع وجود مقدار ضئيل من الراحة أو التفاؤل أو المقاومة. وقد تمكن جوردان ليغنز، من موقع "ذي رينغر" The Ringer الأميركي المتخصص في رياضة وثقافة البوب، من تلخيص السأم الجماعي لدى جمهور السود في مواجهة هذا النمط من الأفلام الذي بات مستهلكاً الآن، "إن سوادنا ليس مرتبطاً دائماً بالألم واليأس، وبالتالي يجب على السينما والموسيقى وثقافة البوب التي تزعم أنها موجهة إلينا، وتقف في صفنا، أن تعكس كذلك هذا الجانب".

ليس هناك شك في أننا بحاجة إلى مزيد من قصص السود ذات الجودة الأفضل على الشاشة، وفيما ننتظر التعرف على كل العناوين في قائمة "نتفليكس"، آمل ألا يكون التركيز فقط على الصور النمطية للسود، لكن أن ينصبّ وبشكل صريح أيضاً على تاريخ السود في بريطانيا وأميركا على حد سواء. في كثير من الأحيان، يتم تفسير شهر تاريخ السود من المذيعين والمؤسسات الثقافية على أنه ببساطة إما "شهر السود" أو "شهر تاريخ الأميركان السود"، لكن ماذا عن الثقافة التي تناقش تاريخ البريطانيين السود؟

في ضوء الأحداث التي شهدها هذا العام على وجه الخصوص، من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نسعى إلى الاكتشاف من خلال الفن والإعلام عن الروابط بين الأحداث التي عاشتها بريطانيا في الماضي، وتلك التي تعيشها في الحاضر.

بالنظر إلى أعنف الانتقادات التي تعرضت لها الاحتجاجات المدوية هذا الصيف، والتي كانت تتساءل غالباً: "على ماذا يحتجون أساساً؟"، وبالنظر إلى الانتقادات للأعمال التي قام بها السود البريطانيون، والمرتبطة بتاريخهم، مثل إطاحة تمثال تاجر الرقيق إدوارد كولستون، أعتقد حقاً أن التثقيف التاريخي قد يكون بمثابة منارة لإرشاد المشككين. وليس من قبيل الصدفة أن تكون احتجاجات هذا الصيف مصحوبة بدفعة باتجاه التعليم، لاسيما ولادة مخطط معلومات في هذا الشأن، انتشر بشكل كبير على "إنستغرام"، ولخص قضايا معقدة تتعلق بالعدالة العرقية من خلال استخدام عرض للصور.

في نهاية المطاف، من الصعب فهم ما تعنيه الحركات الحديثة المناهضة للعنصرية، ما لم توضع في سياق التاريخ العنصري لبريطانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هناك عدد من الأعمال السينمائية والأفلام الوثائقية والكتب التي يمكن أن تسلط نظرة تاريخية على قضايا مهمة للغاية، يهتم بها اليوم البريطانيون المناهضون للعنصرية. ومن بين هذه الأعمال، إصدارات جديدة ستطرح هذا الشهر، فعلى سبيل المثال، قناة "آي تي في" ITV التي أعلنت في شهر يوليو (تموز) عن خطتها لتسريع التنوع، ودعمت أخيراً احتجاجات حركة "حياة السود مهمة "، ستقوم بطرح فيلم وثائقي، "العودة إلى المدرسة" Back to School الذي يركز على تاريخ السود.

وفي هذا السياق، سيشهد الوثائقي زيارة الممثلة ومقدمة البرامج أليسون هاموند مواقع تاريخية في أماكن مختلفة من بريطانيا، وإلقاء الضوء على الحاجة الملحة لإصلاح المناهج الدراسية من خلال مناقشة محطات في التاريخ لم يدرسها أحد منا في المدرسة. وفي هذه الأثناء سيقوم برنامج "آسف لم أكن أعرف" Sorry I Didn’t Know الذي يقدمه مجموعة من المذيعين السود على المحطة نفسها، والذي رفضت عرضه سابقاً جميع شبكات التلفزيون عام 2016، بتناول قضية افتقارنا إلى تعليم تاريخ السود في بريطانيا، بأسلوب كوميدي.

وإذا كنتم ترغبون في التنقيب أكثر في الأرشيفات الضبابية البديلة للسينما البريطانية، للتعرف على جيل ويندرش (فضيحة سياسية بريطانية وقعت عام 2018 حول أشخاص غالبيتهم من أصول كاريبية، تم اعتقالهم خطأً وحرمانهم من الحقوق القانونية وترحيلهم أو تهديدهم بالترحيل)، فلماذا لا تشاهدون أول فيلم بريطاني روائي حول تاريخ السود، "ضغط" Pressure المتوافر للمشاهدة عبر الإنترنت من خلال الاشتراك بخدمة (BFI Player) الذي يدور حول المعاناة اليومية لصبي بريطاني مولود لأبوين من ترينيداد. أو يمكنكم عوض ذلك مشاهدة فيلم "حرق الوهم" Burning an Illusion الذي أخرجه مينليك شاباز عام 1981، وهو متوفر عبر منصة العرض نفسها، ويتناول حكاية امرأة سوداء في غرب لندن، أصبحت ناشطة سياسية خلال سنوات حكم مارغريت تاتشر.

إذا كنتم مهتمين بتأثير السود في موسيقى البوب، ​​بعدما أصبح مغني الراب ستورمزي أول مغن بريطاني أسود يقدم أداء منفرداً في افتتاح مهرجان غلاستنبري الموسيقي السنة الماضية، فلماذا لا تشاهدون فيلم "قصة عشاق الروك" Story of Lovers 'Rock المتوفر عبر خدمة أمازون برايم، وهو فيلم وثائقي للمنتج نفسه، الذي بيّن كيف كان أحفاد جيل ويندرش وراء ظهور نوع جديد تماماً من الموسيقى تعرف باسم "ريغي"، وأثرت في فرق مثل "ذي بوليس" The Police و "كالتشر كلوب" Culture Club. ولمزيد من الأعمال في هذا السياق، قامت خدمة BBC Sounds الموسيقية بالبحث عن الإسهامات الكاريبية غير المعترف بها في كثير من الأحيان، داخل المشهد الموسيقي البريطاني.

 

وإذا كانت لديكم رغبة في مشاهدة شيء راديكالي بشكل خاص، فكروا في متابعة "بلاكس بريتانيكا" Blacks Britannica الذي يمكنكم مشاهدته حالياً على يوتيوب، وهو فيلم وثائقي من إنتاج عام 1978 عن حياة الطبقة السوداء العاملة في بريطانيا، وكانت رسالته تعتبر خطيرة جداً في ذلك الوقت، لدرجة أنه تم حظره. يتناول الفيلم بعمق التمييز الذي واجهه السود من قبل الدولة وبين الناس، ويقدم سياقاً تاريخياً للحركة المناهضة للعنصرية في بريطانيا، والقضايا التي أدت إلى صعودها.

أما إذا كنتم ترغبون في وجهة نظر تركز على الهوية الجنسية في إطار زمني مشابه للتاريخ البريطاني، فيمكنكم إلى جانب مشاهدة الفيلم، قراءة كتاب "قلب العرق" The Heart of the Race الصادر عام 1985 ويسجل القضايا التي تناولتها "منظمة النساء من أصول أفريقية وآسيوية"، وهي مجموعة تنظيمية مكونة من نساء بريطانيات من الأقليات العرقية. عندما تقرؤون الكتاب في 2020، فإن أكثر أمر لافت للنظر هو أن عدداً من القضايا التي يناقشها نشطاء المنظمة، من الرعاية الصحية إلى التعليم إلى دولة الرفاهة، لا تزال إلى يومنا هذا تؤثر بشكل غير متكافئ في النساء المنحدرات من الأقليات العرقية.

ومع انطلاق شهر تاريخ السود هذا العام، ما زالت قضايا العنصرية راسخة في الأجندة البريطانية، وبات من الملح أكثر من أي وقت مضى أن نستكشف سجلات التاريخ لتوجيه أساليب حديثنا وتفكيرنا بمسألة العرق في عام 2020. لا يعني ذلك مجرد استحضار الحقائق التي تعلمناها في المدرسة، ولكن البحث عن وجهات النظر التي أهملت في الكتب المدرسية لفترة طويلة، وكذلك التساؤل عن سبب عدم دراية العامة بها. هذا أمر مهم في حد ذاته، حتى لو كان ذلك فقط من أجل تخفيف شعوركم بالإحباط وقلقلكم الوجودي، خصوصاً عندما تشاهدون الإعلامي البريطاني المشهور بيرس مورغان، يتفوه مرة أخرى بأشياء غير صحيحة عن تاريخ السود في بريطانيا، بخاصة حين وجه سؤالاً للبروفسور ذي البشرة السوداء، كيهاند أندروز، لماذا تعيش في هذا البلد؟

وعندما يتعلق الأمر بمهمة التعليم وزيادة الوعي، يبدو أن الثقافة وسيلة ملائمة مثلما كانت دائماً. آمل أن تعزز الحقائق التاريخية مناقشاتنا حول العنصرية هذا العام، في أعقاب ما قد يبدو أنه جدل لا نهاية له، وألا يقتصر الأمر على مشاعرنا في الوقت الراهن.

© The Independent

المزيد من ثقافة