Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحدي التنفيذ يفرض نفسه بعد توقيع الاتفاق السياسي الليبي في بوزنيقة

جهات فاعلة بشرق ليبيا وغربها تشكك في نتائج الحوار بالمغرب

بعد شهر من الكر والفر والتشاور والتأجيل والتعثر، حققت الأطراف الليبية، أخيراً، ما جاءت للحوار من أجله في المغرب، بتوقيع اتفاق عام على تقاسم المناصب السيادية، وتحديد المعايير لشاغليها مستقبلاً، ما اعتبر بمثابة خطوة أولى في طريق طويل نحو الحل الشامل والتوافقي للأزمة الليبية، بعد عقد من النزاع المرير.

وبعد يوم واحد، من توقيع لجنتي الحوار اللتين تمثلان السلطات في شرق البلاد وغربها، على تفاهماتهما في المغرب، الثلاثاء 6 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، في انتظار التصديق عليها من قبل رئاسة مجلسي الدولة (غرب) والنواب (شرق)، بدأت مصادر ليبية تكشف عن بعض الأسماء التي تُوفق على توليتها بعض المناصب السيادية التي اقتُسمت، بخاصة في ما يتعلق بالمصرف المركزي.

وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق يعد الأول من نوعه منذ انقسام ليبيا إلى معسكرين متخاصمين سياسياً وعسكرياً، في الشرق والغرب، في عام 2014، فإنه لم يلق توافقاً عليه لا بطرابلس ولا في بنغازي، حيث وجهت أوساط فاعلة من الجهتين، النقد له، وشككت في إمكانية دخول ما اتفق عليه في بوزنيقة، حيز التنفيذ.

تسريبات لمرشحين لمناصب سيادية

وكشفت مصادر ليبية متابعة أن وفدي مجلس النواب والدولة في المغرب، حققا تقدماً جديداً، بعد نجاح مفاوضاتهما في المغرب، بالتوافق على تسمية مرشح جديد لتولي منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، الذي كان أحد أكثر المناصب تسبباً بالحساسيات بين طرفي حوار المغرب، وكاد يودي به إلى الفشل.

وأكدت المصادر عينها التوصل إلى توافق شبه نهائي، على تولي فرحات بن قدارة، مرشح مجلس النواب، المنصب. وهو شخصية مصرفية معروفة في ليبيا، سبق له أن شغل منصب نائب ثم محافظ للمركزي الليبي، في عهد النظام السابق، وشغل مناصب مهمة عدة داخل ليبيا وخارجها، على رأسها رئيس مجلس المحافظين للبنوك المركزية الأفريقية، الذي ما زال يشغله حتى الآن، ومنصب محافظ ليبيا لدى صندوق النقد الدولي.

وكشفت المصادر أن النقاشات ما زالت مستمرة، لاختيار بقية أعضاء مجلس إدارة المصرف المركزي، التي ستشكل من عضوين يرشحهما مجلس النواب، وأربعة أعضاء يرشحهم مجلس الدولة إضافة إلى نائب المحافظ.

خطوة في الطريق الصحيح؟

وحول أهمية توافق الأطراف الليبية في المغرب على تقاسم المناصب السيادية، رأى عضو مجلس النواب في طبرق، إبراهيم الدرسي، أن "هذه خطوة إيجابية، لإيجاد حل سلمي للأزمة الليبية، بعد سنوات من الانقسام والاقتتال، سئمها الشعب الليبي، وأدت به إلى أوضاع معيشية خانقة، كان لزاماً معها تقديم التنازلات، والتوصل لحل ما عبر التفاوض". وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "نحن مستبشرون بهذه الخطوة، ونرى الحوار يسير سيراً حثيثاً، نحو الحل النهائي السلمي، ولو طال الطريق وتكاثرت العقبات، فإن هذا شيء طبيعي ومفهوم بعد سنوات من الخلاف، وصلت مرحلة الحرب الأهلية، التي خلفت أزمة ثقة بين الأطراف الليبية، نعمل على تجاوزها".

وانتقد الدرسي من يعملون على إفشال الحوارات السياسية الجارية حالياً، قائلاً "كما يقول المثل الليبي، لم يبق في الزناد إلا طلقة واحدة، وهذه آخر فرصة لنا جميعاً، للتوصل لتوافق سلمي ينهي الأزمة، وإلا فلا أحد يدري إلى أين ستمضي ليبيا بعد ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المسار الأمني والمجلس الرئاسي

وفي معرض رده على من يتوقعون أن تكون العقبة الحقيقية أمام الحل السياسي، في المسار الأمني وانتزاع رئاسة المجلس الرئاسي الجديد، قال الدرسي "بالتأكيد هناك إشكالات عدة عالقة في المسار الأمني، وتتعلق بمصير القائد العام الحالي، وشرعية الكيانات العسكرية، بخاصة في المنطقة الغربية، التي لا ينكر أحد، سطوة الميليشيات على المشهد فيها"، مؤكداً أن "هذه الإشكالات جرت مناقشتها في حوار الغردقة بمصر، وهناك توافقات مبدئية على حلها بشكل نهائي". وتابع "بالنسبة للمجلس الرئاسي، بعد تقليل عدد أعضائه إلى رئيس ونائبين، وتقليص صلاحياته، لن يكون هناك مشكلة حوله، وأعتقد أن الأمور في هذا الملف شبه محسومة أصلاً".

ويتفق عضو مجلس الدولة في طرابلس، أحمد لنقي، على أهمية الخطوة التي تمت في المغرب، لإعادة بناء الثقة بين طرفي النزاع الليبي، معتبراً أن "ما اتفق عليه بين مجلسي النواب والدولة، في بوزنيقة، خطوةً مهمة جداً لتوحيد مؤسسات الدولة، وستكون عاملاً مساعداً في إنجاح الحوار السياسي الأهم، في جنيف". وأضاف لنقي في تصريحات صحافية أن "الحوار الليبي في بوزنيقة، توصل إلى وضع معايير اختيار من يتولى المناصب السيادية السبعة"، مؤكداً أنها "مناصب مهمة، لا بد أن تتوفر فيها معايير الكفاءة والخبرة والنزاهة".

رفض وتشكيك

في المقابل، واصلت أطراف ليبية بارزة أخرى، تشكيكها في إمكانية التزام طرفي النزاع، الموقعين على اتفاق بوزنيقة، بما وقعا عليه، وتطبيقه بآليات سلسة على أرض الواقع. ورأى المستشار السياسي السابق بالمجلس الأعلى للدولة، أشرف الشح، أن "المصادقة على التفاهمات بين وفدي مجلس النواب والدولة، في مدينة بوزنيقة المغربية، هي محاولة للهروب من الدعوات الملحة لإجراء الانتخابات".

وقال الشح، في تغريدة على موقع تويتر "تمخض الجبل فولد فأراً، انتهت اجتماعات بوزنيقة بتبادل محاضر للمصادقة عليها، السؤال هو إلى أين ستذهب مجموعة عقيلة صالح، لطبرق أم طرابلس، حيث غالبية النواب؟ وكيف يتفق المشري مع الأقلية ويترك الغالبية؟"، مختتماً بقوله "ما أرادوا اتفاقاً وإنما الهروب من الدعوات للانتخابات".

كذلك اعتبر عضو مجلس الدولة، عبد الرحمن الشاطر، أن "هذا الاتفاق هو عبارة عن متاهة جديدة، في التعامل مع الأزمة الليبية الراهنة".

في الجهة المقابلة، وصف رئيس مجموعة العمل الوطني خالد الترجمان المفاوضات في بوزنيقة المغربية بـ"المسرحية"، قائلاً إن "طرفيها لا يملكان القوة، لفرض قرارات هذه المفاوضات على الشعب، وأن من سيأتون لتولي المناصب، سيكونون على غير إرادة الليبيين، طالما لم تجر انتخابات حرة". وشدد على أن "التعامل مع الميليشيات يكون بنزع سلاحها بقوة القانون، وليس بالجلوس معها على طاولة المفاوضات".

مصر تضغط لحل الميليشيات

في سياق ذي صلة، كشفت مصادر مقربة من مجلس النواب الليبي، لـ"اندبندنت عربية"، أن اللقاءات التي أجراها السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، في القاهرة، مع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح ورئيس الاستخبارات المصرية اللواء عباس كامل، ناقشت استدامة وقف إطلاق النار، وإنشاء منطقة عازلة في سرت، ووقف التدخلات الخارجية في ليبيا. وأضافت المصادر ذاتها أن الولايات المتحدة تعهدت بالضغط على حكومة الوفاق، لحل الميليشيات المسلحة، في الغرب، ووقف التدخل التركي في المشهد الليبي، والذي كان مطلباً ملحاً ومشتركاً، من الطرفين الليبي والمصري، لتحقيق دفعة جديدة في المسار السياسي الليبي المنتعش، أخيراً.

المزيد من العالم العربي