تفشي فيروس كورونا في العالم يتسارع، وفي غياب أي لقاح أو علاج معتمد حتى الآن، تواصل الدول فرض تدابير إغلاق شديدة، سعياً لتفادي سيناريوهات كارثية شهدتها دول عدة في العالم سجّلت آلاف الوفيات جراء الوباء.
في ألمانيا، قالت المستشارة أنغيلا ميركل، اليوم الجمعة، إن بلادها ستتخذ "إجراءات جديدة" في حال لم يستقر معدل الإصابات بكورونا التي تسجّل ارتفاعاً كبيراً. وأوضحت، خلال مؤتمر صحافي، "خلال الأيام والأسابيع المقبلة سيتقرر موقف ألمانيا حيال هذه الجائحة خلال فصل الشتاء"، مشددة على أهمية "وضع الكمامة، واحترام التباعد الاجتماعي، وتهوية القاعات".
وأجرت ميركل مناقشات مع رؤساء بلديات أكبر 11 مدينة في البلاد، على خلفية تسجيل ارتفاع كبير في الإصابات مع أكثر من أربعة آلاف حالة جديدة رصدت يومياً، وهو مستوى قياسي منذ مطلع أبريل (نيسان).
وقالت المستشارة الألمانية، "المدن الكبرى والمناطق الحضرية هي التي سنعرف من خلالها إن كنا سنتمكّن من المحافظة على السيطرة على الجائحة بألمانيا كما نفعل منذ أشهر أم أننا سنفقد السيطرة". مضيفة "ندرك بفضل الإجراءات المتخذة وما قامت به ميونيخ أننا نحتاج إلى عشرة أيام تقريباً، لمعرفة إن كان الانتشار ينحسر".
وحذرت ميركل أنه "في حال عدم لجم الارتفاع في الأيام العشرة المقبلة، وبات تعقب المصابين مستحيلاً سيكون من المستحيل تجنب فرض قيود أخرى محددة".
وأمس الخميس، عبّرت السلطات الألمانية عن قلقها من ارتفاع عدد الإصابات بكوفيد-19، محذرةً من "انتشار خارج عن السيطرة" للفيروس في البلاد التي كانت لا تزال حتى الآن أقلّ تضرراً مقارنةً مع الدول الأوروبية المجاورة.
وقال وزير الصحة الألماني ينس شبان، خلال مؤتمر صحافي في برلين، إن "عدد الإصابات يرتفع وخصوصاً اليوم، بشكل مثير للقلق". ودعا إلى عدم "تبديد" النجاح الذي حققته البلاد حتى الآن في معركتها ضدّ الوباء.
"الخروج عن السيطرة"
وحذّر لوثار فيلر، مدير معهد روبرت كوخ لمراقبة الأمراض والوقاية منها في ألمانيا، من "انتشار خارج عن السيطرة" لفيروس كورونا. وقال "لا نعلم كيف سيتطوّر الوضع في ألمانيا في الأسابيع المقبلة". وأضاف، "قد نسجّل أكثر من عشرة آلاف حالة في اليوم، وقد ينتشر الفيروس بشكل خارج عن السيطرة"، معرباً في الوقت نفسه عن أمله في أن تتمكّن البلاد من تجنّب هذه العتبة.
وأوضح فيلر أن "الإصابات تتزايد في كل المناطق وغالبيتها سُجّلت في ألمانيا"، ولم يكن مصدرها السياح العائدين من العطل في الخارج خلافاً للموجة الأولى من الإصابات في مارس (آذار).
وأظهرت بيانات معهد روبرت كوخ، الخميس، ارتفاع عدد الإصابات الجديدة بواقع 4058 حالة إلى 310144 في المجمل. وأوضح الإحصاء تسجيل 16 وفاة جديدة، ما يرفع العدد الإجمالي إلى 9578.
ويأتي هذا الارتفاع فيما ستبدأ عطل الخريف قريباً في قسم كبير من البلاد، ومع دعوة حكومة المستشارة أنغيلا ميركل إلى الحد من السفر. واتفقت المناطق أيضاً، الأربعاء، على قيود سفر أكثر تشدداً، مع حظر الإقامة في الفنادق أو الشقق السياحية للمسافرين من المناطق ذات المخاطر على المستوى الوطني.
وفي مواجهة الزيادة المقلقة في عدد الإصابات الجديدة، أعلنت برلين والمركز المالي فرانكفورت، حيث يقترب معدل الإصابة من 50 لكل مئة ألف، عن فرض حظر تجول وتقييد التواصل الاجتماعي. وفي العاصمة الألمانية، يتعيّن إغلاق معظم المحلات التجارية وجميع المطاعم والحانات اعتباراً من الساعة الـ11 مساءً وحتى الساعة السادسة صباحاً، اعتباراً من السبت وحتى 31 أكتوبر (تشرين الأول) على أقرب تقدير.
بلجيكا وفرنسا
وفي بلجيكا، أُغلقت حانات ومقاهي بروكسل المكتظة عادةً لمدة شهر، ما يعيد إلى الذاكرة التدابير الأكثر تشدداً التي فرضت في أوج أزمة كوفيد-19 في مارس وأبريل.
وفي فرنسا، ينوي المسؤولون تطبيق قيود أكثر تشدداً في عدد من المدن الرئيسة، بعد يومين على فرض حالة تأهب صحية قصوى في باريس، حيث صدرت أوامر بإغلاق الحانات والمقاهي اعتباراً من الثلاثاء ولمدة أسبوعين للتخفيف من وتيرة تفشي الفيروس.
وبلغ عدد الإصابات اليومية بفرنسا الأربعاء 18746، وهو رقم قياسي منذ بدأت عمليات الفحص واسعة النطاق.
إسبانيا وبولندا
أما الحكومة الإسبانية فقررت، اليوم الجمعة، تفعيل حالة الطوارئ، لإعادة فرض عزل عام جزئي يُطبق على عدة ملايين في العاصمة مدريد والمناطق المحيطة بها، وهي من أسوأ بؤر تفشي كورونا بأوروبا.
وكانت أعلى محكمة إقليمية في مدريد، قد رفضت، أمس الخميس، إغلاقاً جزئياً فُرِض على سكان العاصمة، وجاء في حيثيات الرفض أن الأمر يشكّل تدخلاً في "حقوق وحريات (أهالي مدريد) الأساسية".
ومن المتوقع أن يثير قرار تفعيل الطوارئ أزمة بين حكومة رئيس الوزراء بيدرو سانتشيث ورئيسة منطقة مدريد المنتمية إلى المحافظين، التي تصف الإجراءات بأنها "غير قانونية، ومبالغ فيها، وكارثية الأثر على الاقتصاد".
ومن جانبه، قال وزير الصحة الإسباني سلفادور إيلا، في مؤتمر صحافي انتقد فيه السلطات المحلية، لعدم التحرك لاحتواء التفشي، "للصبر حدود. من المهم أن لا ينشر مستوى العدوى في مدريد المرض بباقي إسبانيا".
وقالت الحكومة إنها ستنشر سبعة آلاف شرطي إضافي للمساعدة في تطبيق الإجراءات الجديدة، لكن كثيرين من سكان العاصمة وثماني مدن محيطة بها، البالغ عددهم نحو 3.8 مليون نسمة، كانوا في حيرة وارتباك، وواصلت السيارات التدفق في بداية عطلة نهاية الأسبوع هناك.
وسجلت إسبانيا حتى الآن 848324 إصابة بكورونا، وهو أعلى عدد في أوروبا الغربية، و32688 وفاة بالمرض.
من جهتها، فرضت السلطات البولندية على السكان وضع الكمامات في جميع الأماكن العامة اعتباراً من السبت، بعدما سجّلت البلاد حصيلة يومية قياسية للإصابات بلغت 4280 حالة.
وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوس مورافيسكي، للصحافيين، "وصلت الموجة الثانية إلينا وعلينا مواجهتها بطريقة حاسمة".
قفزة في إيطاليا
قالت وزارة الصحة الإيطالية، اليوم الخميس، إنها سجّلت 4458 إصابةً جديدةً بفيروس كورونا في الساعات الـ24 الماضية، وهي أول مرة تتجاوز فيها البلاد رقم أربعة آلاف منذ منتصف أبريل.
وسُجّلت 22 وفاة جديدة الخميس، بالمقارنة مع 31 الأربعاء، وهي أعداد أقل بكثير منها وقت ذروة تفشي الجائحة.
وكانت إيطاليا أول دولة في أوروبا يضربها الوباء، وشهدت ثاني أعلى وفيات بسببه في القارة، إذ بلغ إجمالي عدد الوفيات 36083 وفقاً للبيانات الرسمية.
أكثر من 5800 إصابة جديدة
أظهرت بيانات أصدرتها السلطات الصحية الهولندية، اليوم الخميس، أن عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا قفز بأكثر من 5800 حالة في 24 ساعة، في زيادة قياسية جديدة.
وتشكّل الزيادة الكبيرة ضغوطاً على السلطات لفرض قيود جديدة في البلد الذي يشهد واحداً من أعلى معدلات الإصابة بالمقارنة بعدد السكان في العالم.
اللقاح بين مارس وأبريل
في الولايات المتحدة، قال وزير الصحة أليكس أزار، اليوم الخميس، إن جرعات كافية من لقاح كورونا يمكن تصنيعها في الفترة ما بين مارس وأبريل من العام المقبل، لتكون متاحةً لكل أميركي يرغب في الحصول عليها.
وقال أزار في مؤتمر افتراضي نظّمته مجموعة "غولدمان ساكس" للرعاية الصحية، إنه من الممكن توفير ما يصل إلى 100 مليون جرعة من اللقاح المضاد لكوفيد-19 بحلول نهاية العام، وهو ما يكفي لتغطية احتياجات السكان المعرضين للخطر.
وأضاف الوزير الأميركي أن ما بين عشرات إلى مئات آلاف الجرعات من عقار "ريجينيرون" للأجسام المضادة يمكن أن يكون جاهزاً للاستخدام خلال موسم الخريف، في انتظار حصوله على إذن من إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية.
تدهور في الهند وأوكرانيا
في غضون ذلك، سجّل الوضع الصحي في الهند تدهوراً كبيراً، إذ أظهرت بيانات وزارة الصحة الهندية ليوم الخميس 8 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، تسجيل 78524 إصابة جديدة بفيروس كورونا و971 وفاة خلال 24 ساعة. ويبلغ إجمالي العدد المسجل في البلاد حتى الآن 6.84 مليون إصابة و105526 وفاة، في حين كانت السلطات الهندية خففت الأسبوع الماضي بعض القيود وسمحت للولايات بفتح المدارس ودور العرض السينمائي.
كذلك، قال مجلس الأمن القومي في أوكرانيا الخميس إن البلاد سجلت 5397 إصابة جديدة بالفيروس في الساعات الـ 24 الماضية، ارتفاعاً من الرقم القياسي السابق البالغ 4753 يوم الأربعاء (7 أكتوبر).
وذكر المجلس أن مجموع الإصابات في أوكرانيا بلغ 244734 حتى اليوم من بينها 4690 حالة وفاة، بما فيها 93 حدثت خلال الـ24 ساعة الماضية.
رئيس الكنيسة الأرثوذكسية في العزل
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أعلن رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، البطريرك كيريل اليوم الخميس إنه دخل فترة عزل ذاتي بعد مخالطته أحد المصابين بفيروس كورونا. وقال البطريرك الروسي (73 سنة) إنه لم يتمكن من الانضمام إلى المصلين في الكنيسة بسبب الإرشادات الطبية التي تتطلب خضوعه للعزل.
ولم يشر إلى ظهور أي أعراض عليه في بيان نُشر على موقع الكنيسة الإلكتروني.
وأوصت وزارة الصحة الروسية الخميس المواطنين بالبقاء في منازلهم في عطلة نهاية الأسبوع الحالي بسبب ارتفاع كبير في حالات الإصابة الجديدة بفيروس كورونا، وفق ما ذكرت وكالة الإعلام الروسية.
وسجّلت روسيا 11493 إصابة جديدة الخميس، أي أقل قليلاً من أعلى زيادة يومية مسجلة منذ بدء تفشي الجائحة، ليبلغ إجمالي عدد الإصابات في البلاد 1260112 حالة.
سيطرة صينية
في المقابل، أعلنت اللجنة الوطنية للصحة في الصين الخميس، تسجيل 11 حالة إصابة جديدة بكورونا في السابع من أكتوبر مقابل سبع حالات في اليوم السابق. وذكرت اللجنة في بيان أن كل الحالات الجديدة وافدة من الخارج، مضيفةً أنها رصدت أيضاً ثماني حالات إصابة خالية من الأعراض. وسجلت الصين 85500 إصابة في المجمل، بينما لا يزال عدد الوفيات ثابتاً عند 4634.
زيادة كبيرة في الفيليبين
سجّلت وزارة الصحة الفيليبينية، اليوم الخميس، 2363 إصابة جديدة بفيروس كورونا و144 وفاة، في أكبر زيادة يومية في الوفيات بسبب الفيروس منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.
وذكرت الوزارة، في بيان، أن إجمالي الإصابات المؤكدة في البلاد بلغ 331869، بينما بلغ إجمالي الوفيات 6069 حالة.
رقم قياسي في إيران
في إيران، ذكرت وزارة الصحة اليوم الخميس، أنها سجّلت عدداً قياسياً من الإصابات الجديدة بفيروس كورونا في الساعات الـ24 الماضية بلغ 4392 حالة، ليصل العدد الإجمالي إلى 488236.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة سيما سادات لاري، للتلفزيون الرسمي، إن هناك 230 حالة وفاة جديدة، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 27888، في أكثر بلدان الشرق الأوسط تضرراً من الجائحة.
وفي خطوة تكشف عن مدى تفشي الوباء داخل البلاد، قال إيراج حريرجي، نائب وزير الصحة، اليوم الجمعة، إنه "لن يجري استقبال مرضى الحالات غير الطارئة بالمستشفيات".
وأرجعت وسائل الإعلام الإيرانية الخطوة إلى العدد الكبير من مرضى كورونا. لكن، لم يتضح بعدُ إن كان القرار الخاص بالمستشفيات ينطبق على عموم البلاد، أم على طهران فقط، نظراً إلى تفشي الوباء داخل العاصمة بشكل أكبر.
5355 في التشيك
أظهرت بيانات من وزارة الصحة في التشيك، الخميس، أن البلاد سجّلت 5355 إصابة جديدة بفيروس كورونا، في أكبر عدد يومي ترصده السلطات منذ بداية الجائحة.
وتجاوز ذلك العدد رقماً قياسياً سابقاً بلغ 4457، سجّلته التشيك في اليوم السابق مع تزايد حالات الإصابة في البلد البالغ عدد سكانه 10.7 مليون، بأسرع وتيرة في أوروبا في الأسبوعين الماضيين.
وسجّلت التشيك في المجمل أكثر من 95 ألف إصابة منذ مارس، إلى جانب 829 وفاة.
الأردن يعود لإجراءات العزل العام
قال مسؤولون إن الأردن سيعود لفرض إجراءات العزل العام على مستوى المملكة الجمعة لمدة 48 ساعة، وذلك للمرة الأولى منذ شهور وسط قلق مسؤولي الصحة من أن يؤدي التزايد الكبير في حالات كورونا إلى مزيد من الضغط على القطاع الصحي.
وشهد الأردن زيادةً وصفها المسؤولون بأنها "هائلة" في حالات الإصابة، التي ارتفعت بنحو عشرة آلاف حالة في أكثر من أسبوع بقليل، ليصل إجمالي الإصابات إلى ما يقرب من المثلين منذ ظهور أول إصابة في البلاد أوائل مارس، وهو ما يمثّل تحولاً عما كان عليه الحال في البلد الذي شهد أحد أقل معدلات الوفيات والإصابات في الشرق الأوسط.
ويجاهد بعض كبار المسؤولين من أجل تجنّب إجراءات عزل عام أوسع نطاقاً لا يتحمّلها الاقتصاد الذي تضرّر بشدّة.
تمديد العمل بحال الطوارئ في المغرب
قرّرت الحكومة المغربية، الخميس، تمديد حال الطوارئ الصحية، المفروضة منذ مارس، شهراً آخر حتى 10 نوفمبر (تشرين الثاني)، للتصدي لانتشار كوفيد-19، بحسب ما أفاد بيان حكومي في ظل وضعية وبائية "مقلقة".
وذكر البيان أنه تقرّر تمديد حال الطوارئ الصحية التي كان مقرراً أن تنتهي في 10 أكتوبر، "حرصاً من السلطات العمومية على استمرار ضمان فعالية ونجاعة الإجراءات والتدابير المتخذة للتصدي لانتشار جائحة كوفيد-19". وأوضح أن هذا التمديد "تمليه الحال الوبائية المقلقة ليس بالمملكة فحسب، بل بمختلف دول العالم".
ويسجّل المغرب منذ أكثر من شهرين ارتفاعاً في أعداد الإصابات والوفيات جراء الوباء، بحصيلة يومية تتجاوز الألفين منذ بضعة أسابيع. وفاق مجموع الإصابات 140 ألفاً، حسب آخر حصيلة رسمية الأربعاء، توفي 2439 من بينهم بينما تماثل أكثر من 118 ألفاً للشفاء.
وعزّزت السلطات الإجراءات الاحترازية للتصدي للوباء، بمنع التنقل من وإلى مدن كبرى ومتوسطة عدة منذ أواخر يوليو (تموز)، بينما لا تزال الحدود مغلقةً في وجه المسافرين.
وشُدّدت القيود في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء منذ مطلع سبتمبر (أيلول)، بإقرار حظر تنقل ليلي بين الـ 10 مساءً والخامسة صباحاً، وهي الإجراءات التي مُدّدت أسبوعين إضافيين ابتداءً من الخامس من أكتوبر، مع السماح بفتح المدارس في المدينة.