Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش الوطني يتجه إلى غرب ليبيا... هل يدخل طرابلس سياسياً أم عسكرياً؟

يلاحظ من تلك التحركات أنها تجري في مناطق تشكل هلالاً حول العاصمة

منذ ما يزيد عن الشهرين والغموض يلف أهداف التحركات العسكرية لقوات الجيش الوطني في الآونة الأخيرة في مناطق غرب البلاد، وتحديداً قرب مدينة سرت حيث تعسكر قوات موالية لحكومة الوفاق المدعومة دولياً، وفي المناطق المحيطة بالعاصمة طرابلس، لكن قرار القيادة العامة للجيش بنقل اللواء عبد السلام الحاسي من مهمته كقائد لعمليات الجيش لتحرير الجنوب الليبي إلى "آمر لغرفة العمليات في المنطقة الغربية" وتكليفه بـ "تشكيل مجموعة عمليات المنطقة الغربية" يؤكدان عزم الجيش الانتقال رسمياً إلى الغرب الليبي الذي تسيطر عليه عشرات الميليشيات المناطقية المتناثرة والتابعة اسمياً لحكومة الوفاق.

تحركات غير واضحة

آخر تلك التحركات في مدينة غريان 92 كيلومتراً غرب طرابلس حيث بثت شعبة الإعلام الحربي في القيادة العامة للجيش تسجيلاً مرئياً أظهر أرتالاً من السيارات المسلحة التي تجوب المدينة، سبقها توتر أمني جنوب مدينة سرت أعلنت عنه سرية تأمين مدينة سرت بعد أن رصدت سرايا استطلاع تابعة لقوات الجيش تجوب مناطق التماس الجنوبية للمدينة. وقال سالم الأميل المتحدث باسم سرية التأمين إن "رصد تلك السرايا الخاصة بالاستطلاع لم يتوقف لكن إي تماس أو اشتباك بين القوتين لم يحدث" مؤكداً جاهزية قوات المدينة لصد أي تقدم.

ليست تلك التحركات هي الأولى منذ أن أعلنت القيادة العامة عن تشكيل "غرفة طوق الحمادة" منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي بإمرة اللواء إدريس مادي، ولم يتوقف الحديث عن إعلان ظهور سرايا للجيش في مناطق غرب ليبيا خلال فبراير (شباط) الماضي، وتحديداً في مدن صرمان وصبراته والزاوية غرب العاصمة، تزامناً مع تحشيد عسكري كبير في قاعدة الوطية الجوية الواقعة على بعد حوالي 145 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة.

"منطقة إستراتيجية لأمن مدينة مصراته"

يلاحظ من تلك التحركات أنها تجري في مناطق تشكل هلالاً حول العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى أهمية مدينة سرت الإستراتيجية كونها تقع في منتصف الساحل الشمالي للبلاد، وتطل على شبكة معقدة من المسارب الصحراوية الموصلة إلى قاعدة الجفرة الجوية 450 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس، ومناطق المرتفعات الواقعة على تخوم جنوب طرابلس.

لكن الخبير الأمني والضابط المتقاعد ناجي حريشه يضيف أهمية أخرى للمدينة يعتبرها الأهم كونها "منطقة إستراتيجية لأمن مدينة مصراته" وهي المدينة التي تشكل ثقلاً عسكرياً كبيراً من خلال عشرات الميليشيات التي سبق وشنّت حرب فجر ليبيا نهاية العام 2014، وسيطرت على العاصمة، ويعتبرها حريشه "خط الدفاع الأول عن العاصمة لوجود طائرات حكومة الوفاق الحربية في قاعدة المدينة الجوية".

ينظر حريشه إلى خطط الجيش، بأنها تسير وفق مراحل "وجود قوات بالقرب من سرت، تعلن عن نفسها بين الفينة والأخرى بسرايا استطلاع، يعني تحييد أكبر قوات حكومة الوفاق وإبعادها عن أي تقدم باتجاه العاصمة فلا يمكن مصراته أن تفرغ مدينتها وسرت من قواتها تخوفاً من أي تقدم نحوها".

أما حول طرابلس فيعتقد حريشه بأنها بمثابة حصار خانق عليها وسد للممرات الإستراتيجية المهمة، فمدينة "غريان" (شمال غربي ليبيا) المعبر الرئيس للمناطق الغربية نحو طرابلس وهي منطقة جبلية تطل على العاصمة ومعسكراتها يمكن أن تشكل إسناداً مهماً لقاعدة الوطية الجوية، كما أن المفارز العسكرية التي ظهرت في الزاوية وصرمان وصبراته سابقاً تشكل تأميناً لمناطق غرب العاصمة وتسهل السيطرة على الضواحي الغربية.

توتر أمني وقوات الجيش إلى غرب البلاد

نشرت وسائل إعلام محلية ليبية أنباء عن توتر عسكري وأمني كبير، منتصف الأسبوع الماضي، بين ميليشيات طرابلس وقوة اللواء السابع الموجودة في مدينة ترهونة 95 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، واتهمت الأولى مدينة ترهونة باستقبال أسلحة وإمداد عسكري من الجيش ورغبة في انضمامها للجيش، لكن حريشه يرى أن القيادة العامة لا تزال في طور خطواتها الأولى، فمهمة اللواء الحاسي كما يظهر من اسمه هي "تشكيل مجموعات المنطقة الغربية" ما يشي بأنها مجموعات غير مترابطة وأن مهمتها التنسيق بينها مستبعداً حدوث أي مواجهات في غرب البلاد في المرحلة الحالية.

بالتزامن مع تكليف الحاسي بمهمته الجديدة، كشف اللواء محمد المنفور عن انتقال قريب لغرفة العمليات الجوية من قاعدة بنينا في بنغازي الى غرب البلاد من دون أن يحدد مكانها، وقال "قريباً ستكون قوات الجيش في غرب البلاد والأطقم والفنيون التابعون لغرفة العمليات الجوية كذلك" رافضاً الإفصاح عن تفاصيل أكثر لكنه أكد أن الجيش بقواته البرية والجوية هدفه "الحرب على الإرهاب وتأمين المدن الليبية"، وقال "الجيش لليبيين ولن يستهدفهم ولا ينحاز لأي تيار سياسي ولذلك ليست له مواجهة مع أحد سوى الارهاب".

تسويات سياسية

لا يمكن النظر إلى تحركات الجيش الحالية بمعزل عن المسار السياسي الذي يقترب من إحداث ثقوب في جدار أزمة البلاد المستعصية، وهو ما يعتقده منصور سلامة رئيس الجمعية الليبية لدراسة السياسات (أهلية)، إذ يرجح أن تأتي هذه التحركات ضمن التسويات السياسية، مدعماً ترجيحه بتصريحات ضباط الجيش ومن بينهم الفريق عبد الرزاق الناظوري رئيس الأركان العامة في القوات المسلحة الذي قال إن "الجيش لن يدخل طرابلس مقاتلاً. لكنّ تصريحات جديدة للمتحدث باسم القيادة العامة الجيش العميد أحمد المسماري قد تؤشر إلى غير ذلك، فقد أكد أن الجيش "سيدخل إلى طرابلس ولن يسمح بحزب مسلح في العاصمة الليبية طرابلس ترعاه الأمم المتحدة"، في إشارة إلى الميليشيات، بل ورفض دخولها في المفاوضات السياسية عندما قال "عمل بعثة الأمم المتحدة على إدخالها في حوار سياسي والمشاركة في السلطة مرفوض".

تنسيق غير منظور طرابلس وبنغازي

ويرى سلامة، أن ملامح المشهد الماضي القريب، تشير إلى تنسيق خفي غير منظور على الصعيد الأمني بين طرابلس وبنغازي من خلال الإعلان عن "توحيد الأجهزة الأمنية في الشرق والغرب" الذي تبنته وأعلنت عنه وزارة الداخلية بحكومة الوفاق، نهاية ديسمبر (كانون أول) الماضي، بل وأوفدت آمر مديرية أمن طرابلس للقاء نظيره في بنغازي.

لا للحل العسكري

ويفسر سلامة تناقض تصريحات قادة الجيش في سياق حديثه عن تحركات الجيش غرب البلاد، بأنه "تهديد فقط لفرض شروط تفاوضية" معتبراً أن المفاوضات التي بدأت بلقاء أبو ظبي مطلع مارس(آذار) الحالي بين حفتر والسراج لم تكتمل، فالجيش لن يسير عكس التسويات الجارية عبر الأمم المتحدة وآخرها الملتقى الوطني الذي قالت البعثة الأممية إن المجتمع الدولي سيتبنى توصياته" كما أكد أن الجيش بات على قناعة كاملة بأن "المجتمع الدولي يرفض الحل العسكري ويطالب بحل سياسي يكون الجيش جزءاً منه".

مستجدات دولية

الظروف الدولية المحيطة بمستجدات الأوضاع الحالية في البلاد تؤدي إلى تفهم اقتراب قوات الجيش من طرابلس. فوفق وكالة "رويترز"، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مؤتمر صحافي بعد مشاركته في اجتماع اللجنة الرباعية في شأن ليبيا التي عقدت على هامش اجتماع القمة العربية الـ 30 في تونس، أن "ثمة مؤشرات وللمرة الأولى إلى توصل رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج والقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر إلى حل الخلاف في شأن قيادة الجيش" مضيفاً أن "مؤشرات التناقض بينهما يمكن التغلب عليها".

المزيد من العالم العربي