Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العملة اليمنية الأكثر تضررا مع تصاعد الحرب الاقتصادية بين الحكومة والحوثي

اشتداد ضراوة التنازع على إدارة السياسة النقدية بين سلطتي صنعاء وعدن منذ قرار نقل البنك المركزي في أغسطس 2016

البنك المركزي اليمني (رويترز)

تصاعدت الحرب الاقتصادية بين جماعة الحوثي والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، فكانت العملة الوطنية وقيمتها إحدى أهم ضحايا هذه الحرب مع اشتداد ضراوة التنازع على إدارة السياسة النقدية بين سلطتي صنعاء وعدن منذ قرار نقل البنك المركزي في أغسطس (آب) 2016.

اتخذت الحرب الاقتصادية بين الطرفين صوراً وأشكالاً عدة منها قرار حوثي بمنع تداول الطبعة الجديدة من العملة اليمنية في مناطق سيطرته، على الرغم من آثاره السلبية المتمثلة في حرمان نحو 70 ألف موظف في مناطق سيطرة الحوثي من استلام مرتباتهم من الحكومة المعترف بها دولياً نتيجة عجز شركات الصرافة والتحويلات المالية عن توفير السيولة المطلوبة بالعملة المحلية.

آثار هذه الحرب الاقتصادية أفرزت واقعاً يتمثل في وجود قيمتين مختلفتين للعملة اليمنية ووجود تفاوت في أسعار الصرف لنفس العملة في منطقتين مختلفتين، مما أربك سوق الصرافة وأسهم في ارتفاع حجم المضاربة في العملة اليمنية.

زيادة مسنوى التضخم 

وبفعل زيادة مستوى التضخم في مناطق الحكومة وارتفاع حجم السيولة من العملة المحلية مع استمرار تدفق العملة المطبوعة تهاوت قيمة العملة المحلية في المناطق الحكومية لتصل إلى مستوى 825 بفارق مرتين عن قيمتها في مناطق الحوثي.

ومن بين الآثار لهذه الحرب، ارتفاع نسبة عمولات التحويلات المالية الداخلية من مناطق الحكومة إلى مناطق الحوثي، وبالتالي تقلص حجم الحوالات، ناهيك عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية والخدمات، وخاصة في مناطق الحكومة.

من جانبه، قال الخبير المصرفي رشيد الأنسي، إنه "بعد خطوة الحكومة في عام 2016 بنقل إدارة البنك المركزي اليمني إلى العاصمة المؤقتة عدن دون أن يتوافق هذا النقل مع خطة إنعاش أو أي خطة لإعادة دور البنك المركزي في عدن أضعف دور البنك المركزي تماماً، فلا الذي في صنعاء قادر على القيام بدوره، ولا الذي في عدن قام بدوره أساساً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف الأنسي في حديثه لـ "اندبندنت عربية" أنه في ظل حكومات مجزأة منقسمة وعدم اهتمام بتنفيذ سياسة نقدية وسياسة مالية تتلاءم ولو جزئياً مع وضع الحرب، والوضع السياسي في البلاد أدى إلى حدوث تدهور في سعر الريال اليمني تجاه الدولار.

وأرجع اختلاف حجم التدهور ما بين مناطق سيطرة الحوثيين ومناطق الحكومة الشرعية لعدة عوامل أهمها، ارتفاع حجم العرض من العملة المطبوعة الجديدة، إذ قام البنك المركزي في عدن باستخدام طباعة العملة في تمويل الإنفاق الحكومي، ونتيجة للعبث الحاصل في الإنفاق الحكومي وعدم السيطرة عليه، فإن الحكومة اليمنية اعتمدت في إنفاقها الحكومي على مصدرين الأول، هو العملة المطبوعة، وهذه سياسة تضخمية كما يعرفها الجميع. والمصدر الثاني، هو الوديعة السعودية، حيث إنه نتيجة مصارفة الوديعة السعودية تذهب لحساب الحكومة.

إلا أنه استدرك بقوله، إن ارتفاع الفارق ما بين سعري الصرف بين مناطق سيطرة الحوثين ومناطق سيطرة الشرعية لا يعكس الواقع تماماً، على الرغم من أن سعر الصرف في مناطق الحوثيين مستقر نسبياً عما يحدث في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وهذا ليس ناتجاً عن أن الواقع الاقتصادي في مناطق سيطرة الحوثيين أفضل من المناطق الأخرى، لافتاً إلى أن الفارق يعكس قوة وسيطرة مؤسسات الدولة على ضبط أسعار الصرف فقط.

ويدلل على رؤيته بأن أسعار السلع لا تكاد تختلف في مناطق اليمن كاملة، إضافة إلى أن حجم المعروض من العملات الأجنبية في مناطق الشرعية أكبر من المعروض في مناطق الحوثيين، وأيضاً شح السيولة من الريال اليمني في مناطق الحوثيين أثر ويؤثر على طلب العملات الأجنبية، فيلجأ المستوردون إلى شراء ما يحتاجونه من عملات أجنبية من المناطق التي تسيطر على الحكومة الشرعية وبمقابل الطبعة الجديدة.

ونتيجة لذلك يجزم الخبير المصرفي أن البنك المركزي في عدن لا يملك أي سياسة نقدية بالمطلق، وليس لدى البنك أي خطط، وظل منذ عام 2016 وإلى الآن يعمل كصراف للحكومة فقط، مؤكداً أن أدوات السياسة النقدية في كبح جماح التضخم والتحكم في العرض والطلب على العملة المحلية والأجنبية اختفت بفعل غياب الكوادر المؤهلة وذات الخبرة في إدارة البنك المركزي.

وفي أحدث تطورات الحرب الاقتصادية، أصدر البنك المركزي في عدن قرارات بوقف جميع التحويلات الداخلية بالعملات الأجنبية، كما أقر تعليق عمل شبكات

واحدة تعمل تحت إشرافه ورقابته من أجل السيطرة على حركة التحويلات ومراقبة أي مضاربة في العملات الأجنبية.

في المقابل، أوقفت جماعة الحوثي جميع التحويلات بالعملة المحلية من مناطق سيطرتها إلى المناطق الحكومية، في إجراء قالت إنها تهدف من خلاله لوقف أي مساع لسحب الطبعة القديمة من العملة اليمنية إلى خارج مناطق سيطرتها.

ارتفاع فارق الصرف 

وفي هذا الصدد، يقول الأنسي إنه "نتيجة للفارق بين سعر الصرف بين صنعاء وعدن أدى ذلك إلى ارتفاع في أسعار تحويل العملة المحلية بين مناطق اليمن، ونتيجة لاختلاف قيمة طبعات العملات المحلية ما بين صنعاء وعدن، كان على الصرافين والبنوك اعتماد الريال السعودي أو الدولار كعملة تسوية أو مقاصة ما بين أرصدتهم.

ويضيف أن هذا الفارق يزداد مع الوقت نتيجة زيادة الطلب على العملات الأجنبية في مناطق سيطرة الشرعية مقابل زيادة العرض في مناطق الحوثيين، وهذه من المعضلات التي لم يتنبه لها المختصون في البنك المركزي في عدن والحكومة في كيفية إدارة عمليات التحويل ما بين مناطق الحوثيين ومناطق الشرعية والتي هي نتيجة التبادل التجاري والخدمات ما بين مختلف المناطق، فما يحدث الآن هو استنزاف للعملة الأجنبية من مناطق سيطرة الشرعية وإرسالها إلى مناطق الحوثيين لتباع وتغطي فارق التحويلات وعمليات التبادل التجاري.

من جانبه، طالب مركز الإعلام الاقتصادي بإنهاء الانقسام في إدارة السياسة النقدية في البلد وإلغاء كافة الإجراءات الأحادية التي أثرت سلباً على استقرار العملة اليمنية، محذراً من أن استمرار انهيار قيمة العملة سيؤدي حتماً إلى آثار اقتصادية كارثية .

واعتبر المركز أن " خسارة الريال اليمني لما يقرب من ثلث قيمته خلال فترة وجيزة يعبر عن عمق الأزمة اليمنية وامتداداتها إلى الجوانب الاقتصادية والإدارية"، لافتاً إلى أنه "بتدهور سعر الريال اليمني تدخل الأزمة الاقتصادية في اليمن حلقة أكثر تعقيداً لا سيما، ونحن أمام متغير جديد، يتمثل في انقسام قيمة العملة اليمنية بين فئات نقدية جديدة، وعملة قديمة ولكل فئة قيمتها السوقية المختلفة. ويمثل هذا أكثر مظاهر الأزمة الاقتصادية فداحة على الإطلاق بل وتعبيراً عن مستوى الصراع في الملف الاقتصادي".

ضبط قطاع الصرافة 

بدوره، أكد الخبير الاقتصادي عبدالحميد المساجدي ضرورة ضبط الحكومة قطاع الصرافة من خلال ربط الحوالات الخارجية بالمركز الرئيس للبنك المركزي في عدن، وكذا ضرورة توريد جميع المساعدات الخارجية إلى حسابات البنك المركزي وربط جميع فروع البنك في المحافظات بالمركز الرئيس، ناهيك عن توريد جميع الإيرادات الحكومية إلى وعاء واحد.

وفي حديثه لـ "اندبندنت عربية" شدد على ضرورة تفعيل ورفع الحظر عن حسابات البنك المركزي في الخارج وإعادة الثقة للقطاع المصرفي ومحاربة شركات الصرافة المضاربة بالعملة وكلها ستعمل على تهدئة السوق.

ويذهب المساجدي إلى تحمل البنك المركزي في عدن مسؤولية التدهور في سعر العملة بمناطق الحكومة، بفعل فشله في إدارة السياسة النقدية، وترك الحبل على الغارب لشركات الصرافة للتلاعب والمضاربة بالعملة، مقابل رقابة حوثية صارمة في صنعاء تمثلت في ربط الحوالات الخارجية الواردة ببنك صنعاء، وكذا فرض عقوبات مشددة على شركات الصرافة المخالفة ناهيك عن التعليمات المستمرة للقطاع المصرفي التي أسهمت في طمأنة سوق الصرافة.

وذكر المساجدي بأهمية ترشيد الإنفاق الحكومي بالعملات الأجنبية، مثل مرتبات الموظفين اليمنيين خارج البلد، وموظفي السلك الدبلوماسي والنفقات المتعلقة بالطاقة الكهربائية، ورفع كفاءة تحصيل الموارد العامة للدولة.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد