Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يتابع أرمن لبنان أحداث الصراع على قره باغ؟

"اندبندنت عربية" جالت في الأحياء الأرمنية قرب بيروت وسجلت آراء الناس

من أحد أحياء برج حمود ثقل الأرمن في لبنان (غيتي)

يتابع الأرمن في لبنان باهتمام وقلق كبيرين، أخبار المعارك بين أرمينيا وأذربيجان في إقليم ناغورنو قره باغ، ويعبّرون عن حماستهم واستعدادهم للذهاب إلى أرمينيا والقتال إلى جانب الجيش هناك والدفاع عن أراضي الدولة في مواجهة الاعتداء التركي.

وتسمّر الأرمن خلال الأيام الماضية أمام الشاشات لمتابعة أخبار المعارك الدائرة، نافين الأخبار عن تقدم الجيش الأذربيجاني متحدثين بعنفوان عن "بطولات الجيش الأرميني وعقيدته القتالية".

وأعادتهم مشاهد المعارك الدائرة إلى التاريخ إذ استذكروا ما حلّ بهم من مجازر على يد الدولة التركية التي تواصل حتى اليوم حربها ضد الأرمن. 

"اندبندنت عربية"، جالت في المناطق الأرمينية في بيروت وتحديداً في منطقة برج حمود حيث الثقل الأساسي للأرمن.

أرمن برج حمود

يرى ليون بيدوزانديبيان، أن "هذا الصراع ليس إلا استكمالاً لمجزرة عام 1915". ويقول في حديث إلى "اندبندنت عربية" إن "المخطط التركي لم تتغير معالمه فهو متجلّ بوضوح في ليبيا وسوريا ويطمح لبسط نفوذه على البحر المتوسط، وهذا ما نشهده من خلال الخلاف الحاصل مع اليونان وقبرص. واليوم في حال ازدادت حدّة الاشتباكات وقد طلبت الدولة الأرمينية مشاركة أرمن لبنان، سنذهب فوراً لأنها أرضنا ومستقبلنا وشرفنا ومثلي كثيرون".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعما إذا كان الأرمن يريدون استمرار هذه المعارك، أكد أنهم يحبذون اللجوء إلى "الطرق السلمية" مع أذربيجان بخاصة أن "تركيا لا تفقه الدبلوماسية".

ويحمّل "اللبنانيون من أصل أرميني" تركيا المسؤولية في بدء الحرب وخوضها نيابة عن أذربيجان. ويعتبر أحد الحلاّقين في أحد الأحياء الشعبية في برج حمود أفاديس شكامكيان أن "هذه الحرب التي افتعلتها تركيا تخوضها نيابة عن أذربيجان من خلال تزويد الأخيرة بالأسلحة الثقيلة ومساندتها عسكرياً من قبل الجيش التركي وبعض المرتزقة"، مؤكداً أن "هذا كله لا يهم لأن قوّة الحق تنتصر دائماً وليس العكس تماماً"، متسائلاً والغصّة تخنقه "إلى متى سنظل نضحّي بأنفسنا؟"

في المقابل، يقول زاديك عنتبيان (صاحب محل للملابس) "الوجع الكبير، نحن شعب مسالم وحقنا ينتهك يومياً. ومع الأسف الحكومة الأذربيجانية محكومة من قبل تركيا وهي تتبع النهج ذاته في الهمجية والمجازر. نحب أن تكون هناك طرق سلمية مع أذربيجان بالنسبة إلى المفاوضات ولكن تركيا ترفض ذلك".

ويرى أن "هدف تركيا منذ الأزل أن تمحينا عن الوجود. ورأينا ذلك في سوريا كيف تدخلوا وقتلوا المدنيين في منطقة كسب لأن لديهم انتماء أرمينياً واليوم لو جاءتهم فرصة لإبادتنا في بيروت وتحديداً في برج حمود لن يترددوا ثانية!". 

ويقول عنتبيان "منذ 105 سنوات ندافع عن قضيتنا سلمياً في الأمم المتحدة وعبر التظاهرات، رفضاً للمجزرة الأرمينية التي كانت لها تداعيات ليس فقط على صعيد الأرمن بل أيضاً على السريان وشعوب المنطقة كافة وحتى على لبنان عام 1914 وتحديداً ساحة الشهداء (حيث شهداء 6 أيار) خير دليل على ذلك".

أردوغان نيابة عن أذربيجان؟

وعما إذا كانت تركيا هي التي أشعلت فتيل الحرب وتخوضها اليوم نيابة عن أذربيجان، تؤكد المديرة التنفيذية للهيئة الوطنية الأرمينية في الشرق الأوسط فيرا يعقوبيان أن "الميزانية المخصصة للجيش الأذربيجاني تفوق الميزانية المخصصة للجيش الأرميني. كما أن أرمينيا تحاول أن تحارب من أجل استعادة أراضيها بسواعد أهلها وجيشها وتصحيح خطأ تاريخي سابق قام به زعيم الاتحاد السوفياتي جوزيف ستالين، أي عندما جرى تغيير في الخرائط إذ ضم قره باغ الى أذربيجان عام 1923 إرضاءً لمصطفى كمال أتاتورك الذي كان يؤسّس الدولة التركية الحديثة حينها وبذلك أراد ستالين أن يُؤسّس حلفه لمحاربة البريطانيين".

وتساءلت يعقوبيان في حديث إلى "اندبندنت عربية"، "لماذا جلبت أذربيجان المرتزقة إذا كانت قره باغ هي أرضها ولماذا تستعين بالجيش التركي؟"، معتبرة أن "كل هذه الأمور تدل على أن أذربيجان مدعومة من قبل تركيا والأخيرة تحاول أن تدفعها للقتال"، مؤكدة في الوقت عينه أن "أرمينيا تقدم التضحيات بدمائها وليست بحاجة إلى مرتزقة وهي تحارب اليوم دفاعاً عن قضيتها وأرضها وحقوقها".

جذور الصراع

أما عن أسباب الصراع فهي متشعبة. وترى يعقوبيان أن هناك عوامل أساسية "أولاً، العداء التاريخي بين تركيا وأرمينيا وعدم الاعتراف بالإبادة الجماعية التي ارتكبتها عام 1915-1923 وهو استكمال للمزيد من الانتهاكات. ثانياً، السيطرة وبسط النفوذ واسترجاع مجد السلطنة العثمانية، وقد تجدد ذلك الحلم "الطوراني" مع وصول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السلطة الذي يهدف إلى الانتشار في آسيا الصغرى التي تتحدث اللغة التركية ولها روابط عرقية مهمة وأخوية مع تركيا (مثل أذربيجان، تركمانستان) وصولاً إلى الصين واليابان. ثالثاً، الصراع على الطاقة في منطقة ناغورني قره باغ، فتركيا تحاول الاستفادة من النفط الأذربيجاني وأنابيب النفط التي تنتقل من جورجيا إلى تركيا ومن ثم أوروبا. أما الهدف الرابع والأساسي فزعزعة الأمن والاستقرار في منطقة جنوب القوقاز".

من جهة ثانية، يعتبر المحلل السياسي اللبناني المهتم بشؤون الشرق الأوسط ومنطقة القوقاز يغيا طاشجيان أن العامل الجيوسياسي يلعب دوراً مهماً. ويرى أن "تركيا تحاول أن تستجمع قوتها ونفوذها وتحاول فرض معركتها في قره باغ كورقة ضغط ضد روسيا بخاصة عندما يتعلق الأمر بالمفاوضات في المستقبل حول إدلب وليبيا، لذا هي مهمة جداً لها. من جهة ثانية نرى أن الاقتصاد التركي ينهار وأردوغان يريد انتصاراً إقليمياً في المنطقة ليخدمه في ما بعد في المعترك السياسي".

ويؤكد طاشجيان هدف تركيا في مواصلة أطماعها ومشروعها الاستعماري، مشيراً إلى أن "رئيس وزراء أذربيجان قال إنهم غير مستعدين لأي حل وسطي حتى لو أقرّ القانون الدولي الشرعية للأرمن".

ويعتبر في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن "المسألة لا تتمحور حول قره باغ فقط بل أيضاً حول الحلم "الطوراني" في توسيع نفوذهم والسيطرة على أراضي الأرمن كلها ومد التواصل مع تركيا، كما أن رئيس أذربيجان صرّح أنه لا يريد فقط قره باغ بل يريد الذهاب أبعد من ذلك إلى يريفان عاصمة أرمينيا التي كانت واحدة من العواصم التابعة لأذربيجان، إضافة الى خطاب أردوغان الذي يفعّل هذا الأمر من خلال قوله: نحن وأذربيجان أخوة، ليس فقط في المنطقة بل أيضاً في أصلنا العرقي".

تسوية سلمية؟
 
من جهة أخرى، تفاوتت وجهات النظر لدى أرمن لبنان حيال الموقف الروسي حول إيجاد "تسوية سلمية" للنزاع في قره باغ، حيث اعتبرها البعض "غير جدّية" في حين اعتبرها آخرون مجدية شرط أن تكون مبنية على "أسس القوانين وحق تقرير المصير".

وعن تقييمهم الموقف الروسي، يقول مسؤول المكتب الإعلامي لحزب "الطاشناق" اللبناني هاكوب هاواتيان، "نحن ضد منطق الحرب ونثق بالحل عن طريق الحوار والمفاوضات المبنية على احترام القوانين وحق تقرير المصير"، مشيراً إلى أنها "ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الأذريين الهجوم على جمهورية أرتساخ وبدعم تركي مطلق"، معتبراً أن "على تركيا أن تتصالح مع تاريخها المبني على الإنكار وتضليل الحقائق إذ لا يوجد حتى اليوم أي اعتراف منها بالمجزرة الأرمنية".

واعتبرت يعقوبيان أن "هناك علاقات إستراتيجية مهمة بين الروس والأرمن ولكن الأولى حتى الساعة لم تتعاطَ بالموضوع بشكل جدي بخاصة بعد تصريحها وموقفها السلمي لفض النزاع. في المقابل، لا تريد أرمينيا الحرب لأنها ستسبب المزيد من الدمار وخسائر بشريةوهي تريد معالجة سلمية مع أذربيجان ولكن الأخيرة هي التي بدأت بإعلان الحرب بقرار من تركيا التي تساندها بالخبرة العسكرية ومدها بالأسلحة والضباط المتمرنين في القتال وإرسال المرتزقة السوريين الموجودين على الخطوط الأمامية في المعركة".

أما بالنسبة إلى المواقف العربية، فاعتبرت يعقوبيان أنها "لا تزال خجولة، فالعامل الديني يلعب دوراً مهماً في العالم العربي، بخاصة أن أذربيجان غالبيتها من الطائفة الشيعية"، مطالبة المجتمع الدولي وأصحاب القرار في العالم بـ "فض النزاع فوراً كي لا تدوم الحرب طويلاً وتكون تداعياتها خطرة على المنطقة ككل".

يبقى موقف أرمن لبنان موحداً بكل تشعّباته وتيّاراته، مع استعداد بتقديم كل ما يلزم وتحتاجه الحرب "إذا دعت الحاجة"، مُجمعين أيضاً على إدانة تركيا ووصف أعمالها بـ "الوحشية" في مواصلة أطماعها ومشروعها الاستعماري الكبير باستعادة مجد الأمبراطورية العثمانية وما خلّفته من مجازر بحق شعوب العالم وليس الأرمن فقط.

وإذ يراقب أرمن لبنان أخبار المعارك، الا أنهم يتأسفون للعديد من المواقف الدولية والعربية التي ما زالت "خجولة" في انتقاد وإدانة الموقف التركي ويعتبرون ذلك "تشجيعاً لتُركيا وأذربيجان في مواصلة الحرب ضد الشعب الأرميني"، داعين إلى "تدخل عاجل عبر مجلس الأمن والدول الفاعلة" لوقف العدوان "التركي - الأذربيجاني".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات