Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كواليس "وزاري تونس"..."أطواق إعلامية" حول وزراء الخارجية وأبو الغيط يطلب سكوت الصحافيين كي تبدأ الجلسة

اليماني يرد على مراسلة "مشاغبة" والمالكي يقول إن كل أموال الدنيا لا تساوي ذرة من تراب فلسطين

المشهد العام لجلسة افتتاح اجتماع الوزراء الخارجية العرب في تونس (رويترز)

عندما دخل وزراء الخارجية العرب إلى قاعة الاجتماع التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، كانت القاعة تعج بعشرات الصحافيين من مراسلين ومصورين وغيرهم. كان "ضجيج الصحافة" عالياً: المصورون "يصرخون" في وجه من يقف حائلاً بين الكاميرا والمشهد الذي يريدون تصويره، حركة رجال الأمن، أصوات الفريق المنظم، ضحكات الأصدقاء، وأحاديث الزملاء، كلها جعلت القاعة خلية كبيرة من حركة وصور وضجيج.

أخذت الوفود مقاعدها، وبدأ وزير الخارجية السعودي الدكتور إبراهيم العساف يتهيأ لألقاء كلمته التي جاءت في مستهل جدول الأعمال، وكان ضجيج الصحافيين وأصوات لقطات الكاميرات لا تزال تعج بها القاعة، وهنا بدأ أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط بمخاطبة ممثلي وسائل الإعلام مداعباً بلهجة لا تخلو من ظُرف: "هل يمكن للإعلام أن يسكت ليتمكن رئيس الجلسة من إلقاء كلمته"؟

الصحافيون في المرصاد

كان مندوب "اندبندنت عربية" يجلس قرب أحد الصحافيين فقال ضاحكاً: "ما احنا طول عمرنا ساكتين"، قبل أن يرد زميل آخر بلهجة لا تخلو من جدية: "كان ذلك قبل ثورات الربيع"، فيما تقاطعت النظرات لصحافيَين: أحدهما يحاول أن يتماشى مع جو "الفكاهة"، فيما الآخر يصر على "حرية الصحافة" بعد "الربيع العربي".

أما أبو الغيط فقد أتاح الفرصة لوزير الخارجية السعودي الذي استهل كلمات الوزراء بحكم أن بلاده ترأست القمة العربية الماضية التي انعقدت في مدينة الظهران في أبريل (نيسان) 2018، ثم انتقلت الكلمة لوزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي الذي شكر السعودية على جهودها لإنجاح قمة الظهران. يعلم الصحافيون أن المادة الإعلامية الحقيقية ليست في الجلسات الرسمية، ولذا اصطف المراسلون ومندوبو وسائل الإعلام المختلفة على جانبي ممر الخروج ليتصيدوا معلومة أو تصريحاً من هنا أو صورة ومشهداً من هناك.

وبعد الجلسة الافتتاحية العلنية طُلب من الإعلاميين الخروج ليبدأ الوزراء جلسة مغلقة، فيما خرج الإعلاميون للممرات بانتظار رؤساء الوفود حال خروجهم. وفيما كان وزير الخارجية اليمني خالد اليماني خارجاً أطبق عليه العديد من ممثلي وسائل الإعلام، وانهمرت الأسئلة حول العديد من القضايا من الحرب في اليمن، إلى اتفاق ستوكهولم المتعثر وتعنت الحوثيين في تنفيذه، وتحدث اليماني عن هذه القضايا، ثم بدأ يشق طريقه محاولاً الخروج إلى حيث تنتظره سيارته، وفيما هو يخرج لاحقته صحافية "مشاكسة"، قائلة: هل ندمت على الجلوس إلى جوار رئيس وزراء دولة الاحتلال؟، مشيرة إلى صورة تداولتها وسائل الإعلام للوزير اليمني إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ضمن مؤتمر دولي في بولندا حول الأمن في الشرق الأوسط، عقد في وارسو يومي 13 و14 فبراير (شباط) الماضي، ولما لم يكن لليمن دور في ترتيب أماكن جلوس المشاركين، جاء حظ الوفد اليمني "غير السعيد" بالجلوس إلى جوار وفد دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما أثار ضجة إعلامية ضد الوفد اليمني ورئيسه الوزير خالد اليماني. ورغم صدور بيانات رسمية في حينها تؤكد موقف اليمن الرافض للاحتلال الإسرائيلي، وعدم الاعتراف بإسرائيل، إلا أن ذلك لم يشفع للوزير اليماني لدى بعض وسائل الإعلام، ولا لدى خصوم الحكومة الشرعية اليمنية من الحوثيين ومؤيديهم الذين نشروا الصورة على نطاق واسع، ظانين أنهم قد حصلوا على دليل إدانة الحكومة اليمنية بـ"الاعتراف بإسرائيل".

الوزير اليماني: قال للصحافية صاحبة السؤال قد تكلمنا كثيراً عن الموضوع، وبإمكانك الرجوع لما قلناه. كان يبدو أن الغرض من وراء السؤال استفزازي، وكررته الصحافية، وحينها قال اليماني بلهجة حادة "لم نجلس مع أحد بالصورة التي تريدين إيصالها"، ثم مضى نحو سيارته، بعد أن أعطى اندبندنت عربية موعداً بدردشة حول الوضع في اليمن، وآخر التطورات.

أما وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم، فما إن أخذ طريقه للخروج من مقر الاجتماع حتى لاحقه الصحافيون، وأمطروه بوابل من الأسئلة حول العراق وداعش وسوريا، غير أن صحافية سألته: ما هو موقفكم من قرار الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل؟

وعلى الرغم من أن كلمتي الوزيرين السعودي والتونسي، وكلمة أبو الغيط شددت على الموقف المعلن لكل الدول العربية من القرار، وهو رفض تسمية الاحتلال بغير اسمه، وعلى الرغم من أن الوزير العراقي شرح الموقف، إلا أن الصحافية ظلت تلح على سؤالها، وهنا تدخل زميل آخر ينتظر دوره في الأسئلة، وقال: "خلاص يا ستي شو بدك أكثر من هيك تصريحات"! ليتنفس الوزير العراقي الصعداء قبل أن يدلف خارجاً من مقر انعقاد المؤتمر.

وزير خارجية فلسطين رياض المالكي قال للصحافيين إن واشنطن "تطبق صفقة القرن" بطريقة هادئة، وخطوة خطوة. وعندما سئل عن ما ستفعله القمة للفلسطينيين، قال: "كل مرة نأتي إلى القمة بالمطالب ذاتها...القرارات دائماً تكون ممتازة، لكن المشكلة في عدم تفعيلها".

وأضاف: "يريدون (الأميركيون) أن يقوموا ببعض الإجراءات الاقتصادية لإسكات الفلسطينيين عن حقوقهم"، وعندها تحدث بلغة المواطن الفلسطيني الذي لا ينقصه الحماس الوطني قائلاً: "كل أموال الدنيا لا تساوي ذرة من تراب فلسطين"، لينطلق بعدها شاقاً "طوقاً إعلامياً" مكوناً من أجساد الصحافيين  والكاميرات والميكرفونات التي كانت طول اليوم تسجل وتلحظ وتلتقط وتسأل ثم تعيد السؤال بصياغات متعددة، علَّ الإجابة تكون على مستوى الحدث، على مستوى الآمال والطموحات العربية، أو كما قال رياض المالكي "نريد أن تفعل قرارات القمم السابقة لتلبية الطموحات".

بعد مغادرة الوزراء بقيت في القاعة أصداء الأسئلة المعلقة حول سوريا وجراحاتها، واليمن وتصدعاته وليبيا ونزيفها، عدا عن فلسطين والجولان والتدخلات الإيرانية، وموضوعات كثيرة على جدول أعمال اجتماع القادة العرب في قمتهم الثلاثين التي تعقد بعد غد الأحد في تونس العاصمة.

المزيد من العالم العربي