Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المصلحة تحكم الخريطة السياسية الجديدة في البرلمان التونسي

يشتد الصراع بين رأسي السلطة التنفيذية وسط أزمة اقتصادية حادة تمر بها البلاد

التحالفات البرلمانية الجديدة ستؤثر في المشهد السياسي التونسي (غيتي)

قبل أيام قليلة من العودة البرلمانية المقررة في بداية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بدأت تتّضح معالم الخريطة السياسية التونسية داخل المجلس، وسط تحالفات جديدة، بعضها معلن وآخر بصدد التشكل في الكواليس.

فكيف سيكون المشهد البرلماني؟ وما هي هذه التحالفات؟ وما تأثيراتها المحتملة في سير الحكومة وهل تستهدف فعلاً الرئيس قيس سعيد؟

التحالف الأبرز حول حركة النهضة

يرى المتابعون للمشهد السياسي في تونس أن هذه التحالفات الجديدة هي نتيجة لمواقف الأحزاب والكتل من حكومة هشام المشيشي، وبينها ما يهدف إلى دعم هذه الحكومة، على حساب سعيد، الذي دخل في صراع محموم مع رئيس الحكومة، ما قد يهدّد بعزله سياسياً. وبينها أيضاً ما يهدف إلى حشد التأييد من أجل السعي إلى سحب الثقة مجدداً من رئيس البرلمان راشد الغنوشي.

وتعمل حركة النهضة من خلال تحالفها مع قلب تونس، الذي طالما اعتبرته في السابق من الأحزاب المشبوهة بتبييض الأموال، على تحصين الغنوشي من إمكانية تقديم لائحة لسحب الثقة منه مجدداً، بعدما نجا بصعوبة من محاولة سابقة، ونيل نصيب من التعيينات المنتظرة في الدولة خلال الفترة المقبلة وبخاصة الولاة (المحافظات).

الدستوري الحر والشعب في المعارضة

في المقابل، اختارت كتلة الدستوري الحر أن تبقى في المعارضة منذ الدورة الأولى، وانضمت إليها حركة الشعب (الكتلة الديمقراطية). وهذا ما سيغير خريطة المعارضة داخل البرلمان.

تشكيل معارضة وازنة داخل المجلس قد يضفي نوعاً من التوازن، إلا أن بوادر تأجج الصراع مجدداً بين الدستوري الحر وحركة النهضة، بالنظر إلى التنافر الأيديولوجي العميق بين الطرفين، يبقى وارداً. 

التحالفات أداة الصراع السياسي 

تتألف كتلة حركة النهضة من 54 نائباً، وقلب تونس من 26 والكرامة من 18، ليكون العدد الإجمالي لنواب هذا التحالف 98 نائباً، وقد يلتحق بهم نواب آخرون، ما سيشكل كتلة تصويتية حاسمة في أعمال البرلمان خلال الفترة المقبلة.

وأكد المحلل السياسي هشام الحاجي في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن التحالفات داخل المجلس التشريعي، بقدر ما هي مطلوبة لتسهيل عمله والمصادقة على مشاريع القوانين وتسيير إدارات الدولة، بقدر ما تحولت إلى أداة من أدوات الصراع السياسي المستفحل في البلاد. 

وأوضح أن أبرز هذه التحالفات هي بين حركة النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس، وهو تحالف مصلحي ولا يمكن فهمه إلا في إطار الصراع الذي بدأ يحتدم يوماً بعد يوم بين سعيد والمشيشي، معتبراً أنه تحالف سيكون أقرب إلى رئيس الحكومة وسيحاول عزل رئيس الجمهورية في قصر قرطاج.

وشدد على أن التحالفات الأخرى لم تتّضح معالمها بعد، إلا أنها تدخل في سياق التكتيكات السياسية من أجل حسم المواقف وتغليب توجهات كتل برلمانية على حساب أخرى. 

السياحة الحزبية والصفقات المشبوهة

وحذر الحاجي من تفشي ظاهرة السياحة الحزبية (الانتقال من حزب إلى حزب ومن كتلة إلى كتلة) وما قد يشوبها من صفقات مالية أو إغراءات بالمناصب في الدولة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر أن العودة البرلمانية ستكون ساخنة وسط أزمة سياسية بادية في الأفق، نتيجة الصراع بين رأسي السلطة التنفيذية، وهو ما يهدد البرلمان بعدم الاستقرار ويعيق مناقشة عدد من مشاريع القوانين التي تراكمت في مكتب المجلس.  

ولم يستبعد الحاجي إمكانية تقديم لائحة سحب ثقة من الحكومة من الجهات التي لم تدعم المشيشي ولم تصوّت له على نيلها.

تحالفات قائمة على المصلحة

يجمع المتابعون للشأن السياسي في تونس أن التحالفات البرلمانية أساسها المصلحة، لأنها قد تجمع أحياناً المتناقضات أو حتى الأعداء السياسيين. ويؤيد أيمن زمال، الصحافي المتخصص في الشأن السياسي هذا الطرح، إذ يعتبر تحالف حركة النهضة مع قلب تونس تحالفاً مصلحياً براغماتياً يجمع تناقضات سياسية، ويبحث عن موطئ قدم في السلطة التنفيذية ويلعب على التباعد الذي بدأ يظهر للعيان بين رئيسي الجمهورية والحكومة ويبغي نيل مناصب تنفيذية في القصبة وفي تعيين الولاة والمعتمدين.

ويعتبر زمال أن هذا التحالف سيؤثر في المشهد السياسي وحكومة المشيشي، وقد يعجّل باحتدام الصراع السياسي. كما قد يسرّع بالتلويح بإسقاط حكومة المشيشي التي أفلتت من قبضة سعيد. كما يرجّح زمال أن يحتدم الصراع السياسي بين رأسي السلطة التنفيذية، ما يهدد الاستقرار السياسي في البلاد وقد يدفع إلى اتخاذ ردود فعل غير متوقعة من رئيس الجمهورية.

التهدئة المطلوبة 

وبالنظر إلى ما تعيشه البلاد من وضع اقتصادي واجتماعي غير مسبوق، بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا، يدعو زمال إلى التهدئة السياسية من أجل تجاوز هذه المرحلة، معوّلاً على دور النخب السياسية والمنظمات الوطنية في تطويق الخلافات التي قد تطرأ ولا يمكن للبلاد أن تتحملها خلال هذه الفترة.

تحالفات غير مستقرة وهي مرتبطة بالمصالح والغنائم السياسية، وهي أيضاً مرتبطة بأداء هذه الحكومة ومدى قدرتها على الاستجابة للمطالب الملحّة للتونسيين في فترة دقيقة اقتصادياً واجتماعياً وسط احتمال تأجج الاحتقان الاجتماعي بسبب تنامي البطالة وتدهور القدرة الشرائية للتونسيين. وضع قد يبدّل مواقف هذه الأحزاب، لأن الولاء والدعم للحكومة ليسا سياسيّين، فحكومة المشيشي مستقلة، إنما هو تأييد مصلحي ضيق قد يتغير بتغير التوازنات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي