Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دعوات شعبية مؤيدة للسلام مع إسرائيل لإنهاء عزلة السودان

تأسيس جمعية تنشط في مجال التواصل بين الشعبين

قرار السودان بتوقع اتفاق مع إسرائيل يتسق مع ملامح البيئة الإقليمية والدولية الراهنة (غيتي)

في وقت ما زالت تتباين فيه الرؤى، وتتقاطع آراء مكونات الساحة السياسية السودانية، في شأن العلاقات مع إسرائيل، في مقابل موقف رسمي يلفه الغموض، ولم يحسم بعد، بدأت تتنامى وتتمدد علناً دعوات من كيانات شعبية عدة مؤيدة له. وتعتبر هذه الدعوات أن توقيع إتفاق سلام يخدم المصالح العليا للبلاد وينهي عزلة السودان ويعيده إلى الأسرة الدولية. في هذا الخضم ظهرت إلى العلن جمعية للصداقة الشعبية السودانية الإسرائيلية، كأبرز معالم تنامي التأييد للسلام، والإطار الشعبي الأول في هذا الخصوص، وهي سابقة في تاريخ السودان، تتبناها مجموعة من الشباب والناشطين السودانيين.

ومنعت السلطات السودانية مؤتمراً صحافياً، كانت دعت له الجمعية صباح السبت 26 سبتمبر (أيلول)، لإعلان ميلادها وتدشين نشاطها، بحجة أن تسجيل الجمعية لا يزال قيد الإجراءات، ولم يكتمل بعد حصولها على الموافقة النهائية كجمعية معترف بها من مجلس الصداقة الشعبية العالمية، بوصفه الجهة صاحبة الاختصاص بإصدار تراخيص جمعيات الصداقة الشعبية العالمية. إذ إن الوضع الطبيعي، وفقاً للنظام الأساسي للمجلس، بحسب المستشار القانوني لمجلس الصداقة الشعبية العالمية الدكتور بدرالدين صالح، يقتضي بأن تكون هناك علاقات دبلوماسية رسمية قائمة أولاً، كي تقوم على أساسها العلاقات الشعبية وليس العكس.

مجلس الصداقة الشعبية يتحفظ

وينفي صالح لـ "اندبندنت عربية" أن تكون جمعية الصداقة المعنية، قد أكملت إجراءات تسجيلها طرف المجلس، ومن ثم لا علاقة للمجلس بالنشاط الذي كانت الجمعية تعتزم البدء به، لا يحق لها استخدام اسم أو شعار المجلس. ويشير إلى أنها غير مسجلة لدى المجلس، كجهة رسمية معنية تعمل كل الجمعيات المماثلة تحت إشرافها.

وعن الدعوة إلى مؤتمر تدشين نشاط جمعية الصداقة الشعبية السودانية الإسرائيلية، التي سبق أن وزعت، تعلق سلوى محمد محجوب، الأمين العام المكلف لمجلس الصداقة الشعبية العالمية (الجهاز المتخصص والتابع للأمانة العامة لمجلس الوزراء)، لـ "اندبندنت عربية"، أن المجلس تسلم منذ أشهر طلباً لتسجيل جمعية للصداقة الشعبية السودانية الإسرائيلية، ورفع الطلب إلى مجلس الوزراء وفق الإجراءات المتبعة، لكن الطلب لم يبت فيه حتى الآن.

وتؤكد محجوب أن المجلس تحفظ على الدعوة واعتبر نفسه غير معني أو مشارك في النشاط الذي كان معلناً عنه، لجهة أنه لم يصدر شهادة تسجيل للجمعية تؤهلها للعمل تحت مظلة المجلس كجهة اختصاص رسمية.

الجمعية تواصل نشاطها

على الرغم من منع السلطات عقد المؤتمر الصحافي لتدشين عمل الجمعية، والجدل الذي أثاره ظهورها إلى العلن، فإن أصحاب الفكرة يصرون على المضي في مشروعهم ومزاولة عمل الجمعية من دون انتظار اكتمال الإجراءات، وقد شرعوا في نشاطهم واتصالاتهم بمجموعات شعبية داخل السودان وخارجه، كنواة ينطلق منها عمل الجمعية.

وأصدرت اللجنة التمهيدية للجمعية بياناً استنكرت فيه إلغاء مؤتمرها الصحافي، الذي كان مكرساً للتعريف بها والإعداد لجمعيتها العمومية، مؤكدة أنها لن تتوقف وستستمر في جهودها من أجل مد جسور التواصل بين الشعبين السوداني والإسرائيلي.

ويؤكد عوض عدلان أمين اللجنة التمهيدية للجمعية لـ "اندبندنت عربية"، أنها ولدت بالفعل وتنشط في مجال التواصل بين الشعبين السوداني والإسرائيلي، وتعمل من خلال لجنة تمهيدية مؤقتة تضم في هيكلها أميناً للجنة ومكاتب للعلاقات الخارجية وشؤون العضوية والإعلام، وبدأت نشاطها واتصالاتها في الداخل والخارج منذ فترة تقارب العام.

ويلفت عدلان إلى أن الدعوة إلى المؤتمر الصحافي الملغى كانت للإعلان الرسمي عن الجمعية فحسب، ووجهت إلى عدد من ممثلي السفارات العربية والأفريقية ومنظمات المجتمع المدني وعدد من الإعلاميين، لحضور برنامج التدشين، الذي كان يشمل مشاركة عبر الهاتف لممثلي الجمعية من السودانيين المقيمين في إسرائيل. 

يضيف عدلان، "نحن جمعية غير حكومية ولا نحمل أي طابع رسمي، نؤمن بضرورة تطبيع العلاقات، ونؤيد أي خطوة في هذا الاتجاه، باعتبارها تصب في مصلحة الشعبين السوداني والإسرائيلي، وتعزز أواصر الصداقة بينهما، ما يمكن من تجسير العلاقات وتليين المواقف وتبادل المصالح والمنافع، بعد طول جفوة طويلة غير مبررة أدت إلى تباعد العلاقات بين شعبي البلدين، ونسعى إلى معالجة تلك الجفوة بتقوية أواصر الألفة بينهما".

ووسط كل ذلك، أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك السبت 26 سبتمبر، أن بلاده لا تريد ربط حذفها من قائمة أميركية للدول الراعية للإرهاب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وأضاف في كلمة أمام مؤتمر في الخرطوم لمناقشة الإصلاحات الاقتصادية، أن ملف العلاقات مع إسرائيل يحتاج إلى نقاش مجتمعي معمّق.

وفي شأن مغزى تزامن الإعلان عن ميلاد الجمعية وتدشين نشاطها مع ختام المفاوضات السودانية الأميركية في دولة الإمارات العربية المتحدة، واحتمال قرب الإعلان الرسمي عن اتفاق مع إسرائيل، ينفي أمين اللجنة التمهيدية وجود أي رابط بين الحدثين، موضحاً أن فكرة قيام الجمعية والترتيبات والاتصالات لتكوينها كانت سابقة للقاء عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الشهير في دولة أوغندا، مطلع العام الحالي.

تواصل مع الداخل والخارج

على صعيد متصل، يلفت محمد عثمان أبو الشباب، مسؤول العلاقات الخارجية في الجمعية، لـ "اندبندنت عربية"، إلى "أننا نركز على علاقات الشعبين، ونستطيع أن نقول إن الجمعية قد بدأت تنشيط الدبلوماسية الشعبية، من خلال الاتصالات الداخلية، ووجدت الفكرة قبولاً وترحيباً مشجعين، كما جرى التواصل مع السودانيين الموجودين في إسرائيل، ومنهم من اكتسب الجنسية والإقامة، بينما لا يزال البعض لاجئين ينتظرون توفيق أوضاعهم ويمارسون حياتهم الطبيعية".

ويوضح أبو الشباب أن اللجنة التمهيدية في تواصلها مع السودانيين داخل إسرائيل قامت بتنويرهم بأهداف الجمعية ورؤيتها المستقبلية، واعتبرتهم جزءاً أصيلاً من نشاطها، وكان من المنتظر أن يشاركوا بمداخلة هاتفية في مؤتمر التدشين، بينما نسعى من خلالهم إلى فتح قنوات التعاون والتواصل مع المكونات الشعبية الإسرائيلية، في المجالات الثقافية والفنية، لتبادل الخبرات والمعارف.

في السياق نفسه، يقول حسن قمر رحمة، مسؤول شؤون العضوية في الجمعية، إن عضوية الجمعية مفتوحة بلا شروط سوى الإيمان بأهمية التواصل الشعبي والقيم الإنسانية، في تطوير أواصر المودة والإخاء بين الشعوب، وبصفة خاصة الشعبين السوداني والإسرائيلي، مبيناً أن استمارات العضوية ستطرح على الراغبين في الداخل وكل دول العالم.

ويكشف رحمة أن هناك أكثر من 350 ألف عضو في الداخل، هم أسر سودانية وأقرباؤهم في إسرائيل، تواصلت معهم الجمعية ومنحتهم حق اعتبار أنفسهم أعضاء فيها.

اتساع التأييد الشعبي

على صعيد تنامي موجة التأييد الشعبي، أعلن تجمع شباب السودان دعمه وتأييده كل الخطوات التي تفضي إلى تطبيع العلاقات السودانية الإسرائيلية. ويؤيد أيوب محمد عباس، رئيس التجمع، في تصريحات صحافية، "التطبيع ولقاء البرهان- نتنياهو، لأن من حق السودان بناء علاقات خارجية، تحفظ مصالح الشعب السوداني وتحقق المصالح العليا للبلاد، وتنهي عزلة السودان الدولية، بعيداً من الأيديولوجيات والمصالح الحزبية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يضيف عباس، "السودان أمام فرصة تاريخية ليكون جزءاً من المجتمع الدولي، ورفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وعلى كل مكونات المجتمع السوداني الشعبية والسياسية، ضرورة التوحد في المرحلة المقبلة لبناء سودان يسع الجميع ومنفتح على الجميع بعيداً عن الجهويات والقبلية أو العنصرية".

وفي المنحى ذاته، أعلنت 9 من حركات الكفاح المسلح، أبرزها حركة كردفان للتنمية والعدل والمساواة جناح الوحدة الوطنية، ومعسكرات النازحين في دارفور، عن تحالف موحد يؤيد إقامة علاقات مع إسرائيل ويدعم كل خطوات إتمامه.

وقال عمر سراج الحاج، نائب رئيس التحالف الوليد، في تصريحات صحافية، "إسرائيل دولة عضو في الأمم المتحدة، والسودان ليس في حالة حرب معها، وبالتالي ليس هناك ما يمنع إقامة علاقات دبلوماسية طبيعية معها".

الضغط الشعبي والبيئة الدولية

من جانبه، لا يستبعد عصمت محمد حسين المتخصص في العلاقات الدولية بالجامعات السودانية، ومدير معهد الدراسات الدبلوماسية بالخرطوم، لـ "اندبندنت عربية"، أن "تتوج الاتصالات والحراك الدبلوماسي الجارية منذ فترة، بإعلان تطبيع علاقات السودان مع إسرائيل"، منوها بأن "الضغط الشعبي غير الرسمي سيكون مؤثراً ودافعاً، لكن القرار يتسق مع ملامح البيئة الإقليمية والدولية الراهنة التي تعتبر مواتية لمثل ذلك الحدث".

يضيف حسين، "قراءة الواقع وتوقع حصول اتفاق سلام، يرتبطان بضرورة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، إذ لا يعقل أن تطبع إسرائيل علاقاتها مع دولة لا تزال مصنفة راعية للإرهاب، وضمن قائمة محور الشر الأميركية السوداء".

ويرجع أستاذ العلاقات الدولية ضبابية الموقف الرسمي والجدل الكثيف حول هذه المسألة، إلى الجذور التاريخية العميقة للقطيعة مع إسرائيل، والتي امتدت سنوات طويلة جداً، انقطع فيها التواصل تماماً بين الدولتين، فضلاً عن بعض الرواسب الأيديولوجية لدى عدد من المكونات السياسية، ما ألقى بظلال تجسدت في غياب أي مصالح أو خيوط  دبلوماسية مشتركة، يمكن أن تبنى عليها العودة الفجائية إلى توقيع اتفاق معها.

تباين وغموض

أخيراً، احتضنت دولة الإمارات العربية المتحدة مفاوضات سودانية - أميركية، قاد الطرف السوداني فيها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، برفقة وزير العدل نصرالدين عبد الباري.

ووفق بيان لمجلس السيادة السوداني، ستعرض نتائج المباحثات على أجهزة الحكم الانتقالي في السودان، لمناقشتها والوصول إلى رؤية موحدة تحقق مصالح الشعب السوداني. وأشار البيان إلى تطرق المباحثات إلى قضية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وعملية السلام في إقليم دارفور، ومستقبل السلام العربي الإسرائيلي، وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وفقاً لرؤية حل الدولتين ودور السودان في ذلك.

كما أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، كان قد أبلغ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في زيارته الأخيرة الخرطوم، أن حكومة الفترة الانتقالية غير مفوضة باتخاذ مثل ذلك القرار كونها غير منتخبة، ولا تقبل الربط بين توقيع الاتفاق ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وكان رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان قد التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مدينة عنتيبي الأوغندية، مطلع فبراير (شباط) الماضي، ووصف اللقاء بأنه "تاريخي" في مسار العلاقات بين البلدين، غير أن الناطق الرسمي باسم الحكومة الانتقالية في السودان نفى وقتها، علم مجلس الوزراء باللقاء.

ونفت وزيرة الخارجية السودانية السابقة، علمها المسبق باللقاء. واعتبر قياديون في قوى الحرية والتغيير، الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، أن ذلك اللقاء غير مقبول ويخالف نصوص الوثيقة الدستورية ولا يحقق عائداً إيجابياً للسودان.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير