Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اليوم الدولي لإزالة الأسلحة النووية... تنوعت الاتفاقيات والموت واحد

يوجد 14 ألف سلاح دمار شامل في العالم ومنذ عام 2017 لم يُدمر رأس نووي واحد

تمثال القديس جورج يذبح التنينن وهو يتكون من أجزاء صواريخ بيرشينج النووية (موقع الأمم المتحدة)

في ديسمبر (كانون الأول) 2013، اعتمدت الأمم المتحدة تاريخ 26 سبتمبر (أيلول) من كل عام، "اليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية". ويصادف هذا اليوم في هذا العام (2020) الذكرى الـ50 لبدء معاهدة "منع انتشار الأسلحة النووية". وقد يكون من المستهجن أن المنظمة الدولية التي تتمثّل فيها جميع الأمم، المنتسبة إلى النادي النووي وغيرها، قد انتظرت حتى عام 2013 كي تحدد يوماً سنوياً لهذا الموضوع الذي يشكل التحدي الأكبر أمام البشرية جمعاء منذ عام 1945، حين دمّرت قنبلتان نوويتان مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين، حيث قتل ما مجموعه 213 ألف إنسان على الفور. لكن التأخّر في إعلان هذا اليوم السنوي أتى بعد الاحتفال بـ"أيام سنوية" كثيرة تتعلق بالحد من انتشار السلاح النووي، وبعد انعقاد اتفاقيات لا تعد ولا تحصى حول هذا الموضوع، لكنها لم تؤد إلى النتائج المرجوّة منها، بل وفي عام 2020، ما زال الصراع للحصول على السلاح النووي المدمّر على أشده، وعلى الرغم من أن القرار الأول للأمم المتحدة عند تأسيسها عام 1946 كان مضمونه أن "نزع السلاح النووي هو الهدف الرئيسي والأول للأمم المتحدة".

القرار والواقع

اعتمد القرار 32/68 في عام 2013 حين تمت إضافة "اليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية" إلى روزنامة الأيام الدولية العالمية، وجاء فيه أنه يجب "بدء المفاوضات على نحو عاجل، خلال مؤتمر نزع السلاح (سيعقد في عام 2021)، من أجل الإسراع بإبرام اتفاقية شاملة تتعلق بالأسلحة النووية لحظر امتلاكها واستحداثها وإنتاجها وحيازتها واختبارها وتكديسها ونقلها واستعمالها أو التهديد باستعمالها وتنص على تدميرها".

أما الهدف من هذه الذكرى السنوية فهو وضع منظومة الأمم المتحدة والمجتمع المدني، بما يشمل المنظمات غير الحكومية والأوساط الأكاديمية والبرلمانيين ووسائط الإعلام والأفراد، أمام مسؤولياتهم في الاحتفال بهذا اليوم الدولي، و"الترويج له بالاضطلاع بجميع الأنشطة لتثقيف وتوعية الجمهور في شأن ما تشكّله الأسلحة النووية من خطر على البشرية، وفي شأن ضرورة إزالتها بالكامل، بما يعبئ الجهود الدولية لتحقيق الهدف المشترك المتمثّل في إيجاد عالم خال من الأسلحة النووية".

إلا أن تمنيات قرارات الأمم المتحدة أمرٌ، وتنفيذها على أرض الواقع أمر آخر. فالمنظمة الدولية ليست سوى تجمّع لدول العالم، لذا تخضع لموازين القوى التي تحكم علاقات هذه الدول، والتي غالباً ما تأتي أفعالها على أرض الواقع، عكس ما تشتهيه "رياح" القرارات الدولية وأمانيها ومتطلبات العيش بسلام.

ما الذي يجري؟

يقال في المثل الشعبي العربي إن "مَن لسعته الأفعى يخاف من الحبل"، وعليه فإن اليابانيين الذين ذاقوا طعم الآلام الكبرى التي تسبّب بها قصف بلادهم بقنابل نووية يعرفون جيداً أن سلام العالم لن يتحقق إلا بإزالة كاملة للسلاح النووي، لذا تصدر "منظمة الاتحاد الياباني لضحايا القنبلة الذرّية والهيدروجينية"، بياناً سنوياً مفاده بأن "الأسلحة النووية اخترعها البشر، وقد استُخدمت من قبل البشر. لذا يجب أن يكون البشر هم من يستطيع إزالتها من الوجود".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فما الذي يحدث فعلاً على الأرض؟

يوجد 14 ألف سلاح نووي في العالم. ومنذ عام 2017 لم يُدمر رأس نووي واحد، وفقاً لاتفاقية سواء كانت ثنائية أو متعددة الأطراف. ولا تجري أي مفاوضات متعلقة بنزع السلاح النووي. بل على العكس، تعمل بعض دول "النادي النووي" لتحسين ترسانتها وصرف الأموال لصيانتها وحفظها.

وفي السنوات الماضية بدأت الآليات الدولية للحدّ من الأسلحة ونزع السلاح في الإنهيار. ففي عام 2019، انسحبت الولايات المتحدة من معاهدة "القوى النووية متوسطة المدى"، وكانت المعاهدة قد فرضت حظراً على الصواريخ القادرة على حمل أسلحة نووية، التي تُطلق من الأرض ويراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر. كذلك انسحبت الولايات المتحدة من "معاهدة الأجواء المفتوحة"، التي سمحت بالمراقبة المتبادلة لأراضي كل دولة. ومن المقرر أن تنتهي في فبراير (شباط) 2021 معاهدة "ستارت الجديدة"، وهي آخر قيد مفروض على ترسانتَيْ الولايات المتحدة وروسيا اللتين تشهدان علاقات متوترة. وانسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، ما أضعف الجهود المبذولة لتجنّب الانتشار النووي في منطقة الشرق الأوسط. وفشلت الجهود كذلك في ثني كوريا الشمالية عن السعي لحيازة أسلحة نووية، إذ أجرت ست تجارب لرؤوس حربية نووية منذ عام 2006.

وأضيفت إلى الأسلحة النووية نفسها تهديدات جديدة على رأسها المتعلقة بالأمن السيبراني لأنظمة الأسلحة النووية، ومنها قرصنة المعلومات السرية، وسعي منظمات "إرهابية" للحصول على أسلحة نووية تكتيكية مصغّرة. وهناك خطر حقيقي متمثل بالدول التي تمتلك أو يمكن أن تمتلك أسلحة نووية، مثل كوريا الشمالية وإيران، وتدفع جيرانها إلى السعي لامتلاك هذا النوع من الأسلحة لتأمين "التوازن الاستراتيجي". ناهيك بالخلافات التي ما زالت قائمة بين بعض دول "النادي النووي"، مثل الهند وباكستان، والهند والصين، والآن بروز الصراع العلني والسري في سباق التسلّح بين الصين والولايات المتحدة الأميركية.

لولا فسحة الأمل

إذاً، بعد مرور 50 عاماً على معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي، والذكرى 75 لتأسيس الأمم المتحدة، والذكرى السابعة لتحديد "اليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية"، والذكرى 30 لإنهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة، ما زال العالم يقبع فوق مخزن من الأسلحة النووية التي تهدّد الوجود البشري بأكمله. ليس هذا فحسب، بل يشهد العالم صراعاً مشتعلاً في الشرق الأوسط من أجل امتلاك هذا السلاح، إضافة إلى تراجع قدرات الاتفاقات الدولية عن ضبط الاستراتيجيات الدولية للتسلّح النووي بسبب تراجع التزامات الدول الكبرى بالاتفاقيات العالمية أو المعقودة في ما بينها من أجل إرساء عالم خال من السلاح النووي.

وكتب فابيان هاميلتون، وهو نائب عن حزب العمال البريطاني، ووزير الدولة لشؤون السلام ونزع السلاح في حكومة الظل في مقال نشرته "اندبندنت عربية" في 19 أغسطس (آب) 2020: "بعد 75 عاماً، لا يزال بلوغ الهدف الطويل الأجل لتحقيق عالم خالٍ من الأسلحة النووية عبارة عن طموح بعيد المنال. ولا يمكن السماح بتهميش أجندة حظر الانتشار النووي والحدّ من التسلح بينما يصارع العالم ضد فيروس كورونا. فالجائحة يجب أن تكون بمثابة نداء صحوة للدول كي تعمل معاً من أجل السلم والاستقرار العالميين".

المزيد من تقارير