Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشعور بالوحدة مشكلة صحية عامة تهدد بالموت المبكر

العزلة الاجتماعية التي فرضها كورونا ترتبط بزيادة خطر الوفاة

أُكرِه البشر على العزلة لكنها خروج عن طبيعتهم وتهدد بمخاطر شتى (رويترز)

في المملكة المتحدة، وجد مسح جديد أن ما يزيد على ربع من استُطلعت آراؤهم، كابدوا شعوراً بالوحدة خلال الشهر الأول من جائحة كورونا.

ونُشرت تلك الدراسة الاستطلاعية هذا الأسبوع في مجلة "بلوس وان" Plos One العلمية المتخصصة، ونهض بها جيني غروارك وزملاء لها في جامعة كوينز بلفاست في المملكة المتحدة. وتبحث الدراسة في العلاقة بين الشعور بالوحدة من جهة، وبين عدد من العوامل الاجتماعية والصحية من جهة أخرى.

وجمع المسح الذي أُجري عبر الإنترنت بيانات من ألف و964 مشاركاً، في فترة زمنية امتدت بين 23 مارس (آذار) و24 أبريل (نيسان) 2020. وقد أجاب ما يربو على ربع المُستطلعين بأنهم "شعروا بالعزلة الاجتماعية، والافتقار إلى الصحبة".

وفق الباحثة التي تولت الدراسة، تُبين النتائج أن الأولوية في المبادرات التي تُتخذ بغية تخفيف الشعور بالوحدة الذي يعتري الناس، ينبغي أن تُعطى إلى الشباب الذين يشكون أعراضاً تتصل بصحتهم العقلية والنفسية، والأشخاص الذين يئنون تحت وطأة العزلة الاجتماعية. واستطراداً، شملت العوامل المتعلقة بعزلة المستطلعين عوامل مثل الاكتئاب السريري، ومواجهة صعوبات أكبر في السيطرة على الانفعالات، وسوء نوعية النوم نتيجة الجائحة. وكذلك لم يفت الدراسة أن تورد بالتفصيل العوامل "الوقائية"، وفق تسميتها، التي تقلص إمكانية أن يواجه المرء الشعور بالوحدة، من بينها الدعم الاجتماعي، والزواج، أو المساكنة.

وأخبرت الدكتورة غروارك صحيفة "اندبندنت"، أنه "قبل تفشي الوباء، وُصِفت معدلات الشعور بالوحدة بـأنها وباء. إذ تمثل الوحدة مشكلة كبيرة تهدد الصحة العامة، ذلك أنها مرتبطة بأحوال صحية جسدية وعقلية ونفسية شديدة السوء، إضافة إلى زيادة خطر الوفاة". وأضافت غروارك، "في دراسات مختلفة، ارتبط الشعور بالوحدة بأمراض مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة الوزن، والسمنة المفرطة، وقلة النشاط البدني، إضافة إلى زيادة عدد مرات زيارة الأطباء".

ويبرز أن نتائج الدراسة الحديثة تدعمها بحوث أخرى تتناول الشعور بالوحدة خلال الوباء، لا سيما بين صفوف الأشخاص البالغين الأصغر سناً. مثلاً، وجدت دراسة أجرتها كلية لندن الجامعية، استندت إلى ردود مستقاة من استبيان استطلع آراء 70 ألف مشارك، أن الأشخاص الذين تراوحت أعمارهم بين 18 و30 عاماً كانوا على الأغلب يشعرون بالوحدة. واشتملت العوامل المتصلة بتلك البيانات عوامل مثل انعدام الأمل في الحصول على وظيفة، وتأمين حياة مستقلة، ودخل لائق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

في مايو (أيار) الماضي، أجرى مركز الدراسات الممتدة زمانياً في جامعة كوليدج لندن دراسة استقصائية شملت 18 ألف شخص، ووجد أن الوحدة أكثر انتشاراً بين النساء في عقدهن الثالث من العمر.

وقد عمدت تلك الدراسة إلى تكرار الحصول على نتائج عن استطلاعها من مجموعة الأشخاص نفسها كل خمس سنوات. ووجدت أن زيادة كبيرة طرأت على شعور الناس بالوحدة في أثناء الإغلاق (المتصل بكورونا) الذي لجأت إليه البلاد في محاولة لاحتواء الجائحة.

في هذا الشأن، ذكرت البروفيسورة إملا فيتزسيمونز، وهي باحثة مشاركة في الدراسة، أن "هذا التغير في الصحة العقلية والنفسية لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و30 عاماً، سيترك انعكاسه على التغير الذي قد يطرأ على المرء بصورة طبيعية في هذه المرحلة من الحياة، إضافة إلى التحول الذي يُعزى إلى الجائحة".

وأضافت، "على كل حال، ينسجم ذلك الاستنتاج مع دراسات أخرى أظهرت أيضاً أن الشابات عانين الارتفاع الأكبر في مشكلات الصحة العقلية والنفسية بسبب كورونا".

ووجدت تلك النتائج صداها في بحث جديد من إعداد ليزا سبانيغ وبن إثيريدج، وهما عالمان في الاقتصاد من معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية في جامعة إسيكس البريطانية. وقد خلُص البحث إلى أن 34 في المئة من النساء تحدثن عن شعورهن بالوحدة.

وضمن الأعراض الجانبية المتعلقة بالصحة العقلية والنفسية، تبين أن عدداً كبيراً من التأثيرات الصحية، مردها مكابدة الوحدة. خلال الوباء، أظهر بحث أجراه "المسح العالمي للمخدرات"The Global Drug Survey  أن 27 في المئة من البريطانيين كانوا يلجأون إلى شرب كمية أكبر من الكحول، لأنهم شعروا بالوحدة، ما جعل صحتهم تالياً معرضة لمزيد من المخاطر.

وأصدرت "كينغز كوليدج لندن" دراسة أخرى الأسبوع الماضي، كانت الأولى من نوعها التي تجد صلة بين الشعور بالوحدة وبين الإصابة بالسكري من النوع الثاني. وعبر استخدام بيانات تعود إلى أربعة آلاف شخص، وجدت تلك الدراسة التي امتدت على 12 عاماً، أن 264 مشاركاً أصيبوا بالنوع الثاني من السكري.

ولاحظ الباحثون أن مستوى الشعور بالوحدة الذي عاناه الأفراد في بداية الدراسة، شكل مقدمة مهمة لنشوء السكري.

في تصريح إلى "اندبندنت"، ذكرت الدكتورة روث هاكيت، الباحثة التي أعدت الدراسة، أن "دراستنا تشير إلى أن الشعور بالوحدة فترات طويلة من شأنه أن يؤثر في تطور السكري، ما يؤشر إلى احتمال أن تفضي تجربة الإغلاق إلى مفاقمة جوانب الضعف لدى الأشخاص خلال هذا الوباء، إذا استمرت العزلة فترة من الزمن".

يبقى أن بحوثاً أخرى وجدت أيضاً أن الشعور بالوحدة مرتبط بأمراض الشرايين التاجية في القلب، ويشكل في بعض الأحيان تهديداً للصحة يفوق خطر البدانة.

© The Independent

المزيد من صحة