Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تغازل مغتربيها بفتح فروع لبنوكها في الخارج

خطوة من شأنها القضاء على السوق السوداء ومحاربة تبييض الأموال وتشجيع الاستثمار

تُعدّ الجالية الجزائرية في فرنسا الأهم بالنسبة إلى البلد الأم (وكالة الأنباء الجزائرية)

تترقب الجاليات الجزائرية المقيمة في الخارج والمتعاملون الاقتصاديون تنفيذ قرارات الرئيس عبد المجيد تبون بفتح مصارف جزائرية أو ذات رأسمال مشترك في أوروبا وأفريقيا، ما يسمح بإيداع أو تحويل أموال المهاجرين، وإعطاء دفع للمبادلات التجارية بالنسبة إلى رجال الأعمال، في خطوة تأتي ضمن إطار مواجهة تراجع احتياطيات العملة الصعبة ولمراقبة حركة الأموال.

وأمر تبون، خلال اجتماع مجلس الوزراء، بفتح بنوك جزائرية في الخارج، سواء كانت مصارف جزائرية أو ذات رأسمال مشترك، بهدف تمكين المهاجرين من إيداع أو تحويل أموالهم، وتشجيع المبادلات التجارية، لا سيما مع الدول الأفريقية، داعياً إلى العمل على الاستفادة من المؤسسات المالية الدولية على قدر مساهمة الجزائر فيها، وقال "كما يفعل غيرنا، ويكون ذلك بالحصول على حصتنا من المناصب في أجهزتها، والاستفادة من إمكاناتها في مجال التمويل لصالح الجزائر".

مطلب المهاجرين

وصرحت مسؤولة الإعلام والاتصال بالاتحاد العام للجزائريين في المهجر، صباح بخوش، لـ"اندبندنت عربية"، بأن "مطلب فتح بنوك بالخارج رفعه الاتحاد في 2008 خلال تولي جمال ولد عباس وزارة التضامن والجالية بالخارج، ثم في 2010 عندما كان عبد الحليم بن عطاء الله وزيراً منتدباً مكلفاً بالجالية، ولم نتوقف عن المطالبة بذلك. وكان القرار السياسي غائباً إلى غاية الآن حين توفر مع الرئيس تبون"، مضيفة "فتح البنوك في المهجر يسهل تجميع العملة الصعبة، وتحويل الأموال بصفة رسمية، بما يعود بالفائدة على اقتصاد البلاد. ونأمل كاتحاد يمثل الجالية أن لا يبقى هذا القرار حبراً على الورق، ونترقب أن يكون ميدانياً، وفي القريب العاجل".

وتعتبر بخوش أن "هذه الخطوة من شأنها القضاء على السوق السوداء ومحاربة تبييض الأموال، وتشجيع الاستثمار، وإعطاء دفع للمبادلات التجارية، لا سيما مع الدول الأفريقية، لأنه، كما ذكرت الرئاسة الجزائرية، يجب الاستفادة من المؤسسات المالية الدولية، ومن تجارب الدول الأخرى".

7 ملايين مغترب جزائري

ورفع نواب الجالية في البرلمان مطالب بفتح بنوك في الخارج، من أجل تسهيل تحويل المهاجرين أموالهم، ومن أجل مراقبة حركة رؤوس الأموال، ووضع حد للنشاط الموازي الذي يتداول مبالغ ضخمة خارج السوق الرسمية، بخاصة أن أموال المغتربين تقدرها جهات رسمية بما بين 15 و20 مليار دولار، غير أن مختلف الحكومات المتعاقبة كانت تتجاهل هذه الانشغالات تحت مبررات عدة، أو تقدم وعوداً لإسكات أصوات ممثلي المغتربين.

ويقيم في الخارج بصفة قانونية، ما يقارب سبعة ملايين جزائري، إلا أن تحويلاتهم هي الأضعف في دول المغرب العربي، وقدرها تقرير للبنك الدولي بحدود 2.2 مليار دولار، مقارنة مع تونس والمغرب اللذين تبلغ تحويلات مهاجريهما 7.4 مليار دولار سنوياً.

إصلاحات ضرورية

في السياق ذاته، اعتبر أستاذ الاقتصاد في المدرسة العليا للتجارة بالعاصمة الجزائرية، عبد القادر بريش، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، أن القرار "خطوة إيجابية" أتت استجابة لمطالب الجاليات بالخارج، خصوصاً في فرنسا، إذ يوجد عدد كبير من المغتربين، "كما أن قرار فتح بنوك في بعض الدول الأفريقية سيُسهم في تعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والاستثمار والتجارة، ويسهل الولوج إلى الأسواق الأفريقية، لا سيما بعد المصادقة على اتفاقية انضمام الجزائر إلى منطقة التبادل الحر الأفريقية"، موضحاً أن "المشكل الذي يعترض استقطاب أموال الجالية بالخارج هو وجود السوق غير الرسمية للعملة الصعبة، حيث يوجد فارق كبير بين الصرف الموازي والرسمي".

ورأى بريش أن "القرار من شأنه تحقيق أهدافه في استقطاب الأموال، وتمكين الراغبين في التحويل عبر القنوات الرسمية"، لافتاً إلى أنه "سيجري تقليص فارق الصرف تدريجياً عبر إصلاحات مالية وبنكية، وتحسين الوضع الاقتصادي على المدى المتوسط من سنتين إلى خمس سنوات". وختم قائلاً "نعتبرها خطوة في الاتجاه الصحيح".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


واحد في المئة من الناتج الداخلي الخام

ويمثل مبلغ التحويلات المسجلة واحداً في المئة من الناتج الداخلي الجزائري الخام، وفق البنك الدولي الذي راهن في توقعاته على تحويلات أموال نحو الجزائر تُقدر بـ2.15 مليار دولار في 2018، أي 1.1 في المئة من الناتج الداخلي الخام.

وأشار إلى أنه خلال الفترة الممتدة بين عامي 2013 و2017 استقرت تحويلات الأموال نحو الجزائر في حدود ملياري دولار، مقابل 28.9 مليار دولار هي تحويلات المصريين، و7.4 مليار دولار للمغاربة.

لا للتفاخر بعدد الفروع

في السياق، قال الإعلامي الجزائري المقيم بألمانيا، رشدي شياحي، لـ"اندبندنت عربية"، "على الحكومة وقبل أن تنشئ فروعاً بنكية بأوروبا وأفريقيا مثل ما أمر الرئيس تبون، أن تعمل على إعادة الثقة بين أفراد الجالية من جهة والمؤسسات المصرفية من جهة أخرى، بسبب ما خلفه إرث سنوات الحكم السابقة التي راهنت على عدم ضخ دماء جديدة بمنظومة مصرفية لا تزال في أمس الحاجة إلى إعادة هيكلة جذرية لمواكبة العصر ومقتضيات الوقت الحالي".

وأوضح شياحي أن "العمل على طمأنة أفراد الجالية بتهيئة مناخ مناسب يحفزهم على تحويل وادخار أموالهم في بنوك جزائرية، يجب أن يحظى بالأولوية في أجندة الحكومة، لذلك على المسؤولين أن لا يفاخروا بعدد الفروع التي ستُفتح في مختلف دول العالم لمغازلة أفراد الجاليات، بل العمل على تطوير النظام المصرفي وعصرنته، للفوز بتحويلات الجالية وحتى زبائن من دول أخرى"، مبرزاً أن "العملية أخيراً اختيارية، ولا يمكن أن يُجبَر المقيم خارج الوطن أن يحول أو يدخر ماله في فرع بنكي بعينه، بالتالي سيتوقف الأمر على ما يقدمه البنك من خدمات وعروض".

ولفت شياحي إلى أنه "على الرغم من العدد الكبير للجالية الجزائرية البالغ نحو سبعة ملايين مغترب، فإن البيروقراطية والنظام البنكي المتهالك وانعدام وجود فروع بنكية بالخارج جعل من التحويلات الجزائرية من بين الأضعف مغاربياً"، موضحاً أنه "بعد القرارات الأخيرة التي صبت في صالح المغتربين، مثل تكفل الدولة بنقل جثامين المتوفين منهم الى الجزائر، تأمل الجالية أن تُجسد خطوات أخرى على أرض الواقع للإفادة والاستفادة، انطلاقاً من مبدأ (رابح - رابح)، فلطالما ظل الحديث عن التكفل بانشغالات الجالية حبيس الأدراج، وتعاطي الحكومات السابقة معها لم يكن إلا وعوداً لم تتجاوز الحناجر والأوراق".

المزيد من العالم العربي