Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إذا ألغينا بريكست يمكننا المساهمة في إعادة إحياء الحلم الاشتراكي الأوروبي

يقوم اليسار اليوم بإدانة الاتحاد الأوروبي بسبب تركيزه على نمو الاقتصاد واعتماد سياسات الليبرالية الجديدة، وهو محقّ بهذه الإدانة. ولكنّ ذلك ليس سبباً لمغادرة الاتحاد الأوروبي، بل سبباً للبقاء خصوصاً مع صعود اليمين المتطرّف مجدداً

لافتة لأحد المتظاهرين يعرب عن حبه للاتحاد الأوروبي خلال مسيرة في لندن احتجاجا على بريكست. (إي.بي.أي)

 أنظمة على مشارف الفاشية أو ما قبل فاشية

من الغريب التفكير في أنّ نسبة كبيرة من أعضاء البرلمان البريطاني بمن فيهم تيريزا ماي، يفضّلون عدم الخروج من الاتحاد الاوروبي من دون اتفاق على المشاركة في الانتخابات الأوروبية.

ولكن، كما يوضح المجلس الأوروبي، إذا تمّ إلغاء المادة 50 أو تمديدها لأجلٍ غير مسمّى، فمن شأن هذا أن يعني ضرورة مشاركة بريطانيا في تلك الانتخابات. وفي حال شاركت المملكة المتحدة، تظهر استطلاعات الرأي أنّ حزب العمال (البريطاني) سيبلي حسناً فيها، وهذا ما قد يؤثّر في التوازن السياسي للبرلمان الأوروبي ويساهم أيضاً في وقف صعود الشعبويين اليمينيين.  

ستكون تلك الانتخابات الأولى التي من المرجح أن يؤدي فيها النقاش الاوروبي الشامل بشأن أيّ أوروبا يريدها الناس إلى إزاحة المناقشات الوطنية عن الواجهة. و هذا جزءٍ منه نتيجةً بريكست. يحمل اليمين المتطرّف استراتيجية تشمل القارة بأكملها وقد أدّى صعود اليمين الشعبوي بالأحزاب الأخرى إلى تسليط الضوء أكثر على الإصلاح الأوروبي.

غير أنّ الانتخابات تشكّل فرصة للنقاش الديمقراطي بشأن طبيعة الاتحاد الأوروبي -وهو عنصر كان غائباً للأسف عن  المناقشات الضيقة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

مؤخراً، قام حزب الاشتراكيين الأوروبيين (PES) الذي يمثّل الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية الاجتماعية في البرلمان الأوروبي بإصدار برنامج انتخابي متطرّف لخوض الانتخابات الأوروبية المقبلة مستوحى بشكلٍ كبير من حزب العمال البريطاني.

يدعو (البرنامج الانتخابي) إلى

تضامن أوروبي من أجل الغالبية العظمى و ليس الأقلية

(الميسورة في المجتمع) و"وضع حدّ لسياسات التقشّف" و"التحوّل إلى اقتصاد يحمي البيئة" فضلاً عن إحداث ثورة رقمية وإرساء العدالة الضريبية والتأمين ضد البطالة في كافة أنحاء أوروبا. كما تضمّن البرنامج  اقتراحات واسعة النطاق لمحاربة التغيير المناخي و محاربة عدم المساواة و الفقر. ودعا أيضاً إلى أوروبا تناصر حقوق المرأة.

ويمثّل برنامج حزب الاشتراكيين الأوروبيين عودة إلى جذور المشروع الأوروبي الأساسي.

فخلال الحرب العالمية الثانية، حلم الذين انخرطوا في المقاومة الأوروبية بأوروبا اشتراكية موحّدة. ويُعتبر بيان فنتوتيني الذي خُطّ عام 1943 على يد ألتييرو سبينيللي ويوجينيو كورلورني واورسولا هيرشمان الذين وضعهم موسوليني في الإقامة الجبرية في جزيرة فنتوتيني أحد الوثائق المؤسسة للاتحاد الأوروبي. وقد تمّ اعتماده من قبل قادة المقاومة حول أوروبا. دعا البيان إلى الانفصال عن الماضي الأوروبي من خلال إعادة الهيكلة السياسية والتحوّل الاجتماعي.

يقوم اليسار اليوم، على نحوٍ صحيح، بإدانة الاتحاد الأوروبي بسبب تركيزه على حماية الأسواق فضلاً عن سياساته الليبرالية الجديدة. ولكنّ ذلك ليس سبباً لمغادرة الاتحاد الأوروبي، بل سبباً للبقاء وتغيير الوضع.

وبريطانيا في نهاية المطاف هي الدولة الأوروبية التي تتحمّل على الأرجح المسؤولية عن الطابع الليبرالي الجديد  الذي يعم الاتحاد الأوروبي اليوم، بدءاً بحماسة مارغريت تاتشر للسوق الموحّدة. وقد اتّسعت النزعة الليبرالية الجديدة في بريطانيا أكثر مقارنةً بالبلدان الأخرى. و من شأن بريطانيا خارج أوروبا أن يهيمن عليها أسلوب بريكست السياسي وأن تكون أكثر التزاماً برفع القيود عن الليبرالية الجديدة ووضعها في متناول الجميع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تفضّل الغالبية الساحقة من أفراد حزب العمال البريطاني استراتيجية البقاء في الاتحاد الاوروبي و العمل على تحوّل (من داخل الاتحاد). فقد أيّد (رئيس حزب العمال) جيريمي كوربين تصويتاً عاماً في ظلّ استمراره بالحديث عن اتفاق أفضل لبريكست - وهو أمر يتعارض نوعاً ما مع تقاليد حزب العمال. عام 1975، صوّت اليسار الذي ضمّ جيريمي كوربين وتوني بين ضدّ الانضمام إلى أوروبا لأنهم كانوا معارضين للسوق المشتركة على الرغم من أنّ العديد منهم أقرّوا بتأييد أوروبا اشتراكية.

اليوم، يبدو أنّ جيريمي كوربين يفضّل الجزء الليبرالي الجديد من الاتحاد الأوروبي، أي الاتحاد الجمركي ولكن ليس المشاركة الديمقراطية في المؤسسات الأوروبية وليس حريّة التنقّل.

يسود أمر غير ديمقراطي عميق بشأن السياسة البريطانية في الوقت الحالي. إذ تشعر رئيسة الوزراء (تيريزا ماي) أنّ بوسعها إحضار عرض اتفاقها مجدداً للمصادقة عليه في البرلمان بعدد المرّات اللازمة للحصول على الجواب الذي تريده. ومع هذا، تعلن أنّه من غير الديمقراطي إجراء تصويت عام على الاتفاق.

"سيفقد الناس الثقة بالسياسة"، قالت ماي في خطابها الأسبوع المنصرم في مقرها في داونينغ ستريت. "ولكن لماذا قد يولي الناس ثقتهم لرئيسة وزراء تُعتبر استراتيجيتها الأساسية، و في محاولتها إقناع أعضاء البرلمان بالمصادقة على اتفاقها مع أوروبا، نوع من البلطجة و التعيير ورفض منح الشعب الحقّ بإبداء الرأي؟ في الديمقراطية، من المفترض أن نغيّر رأينا من خلال عملية نقاش ومداولاتٍ مستمرة.

ورفض رئيس مجلس العموم طرح إجراء تصويت ثالث لأنّ النصّ (الذي رفضه النواب) لم يتغيّر. ولكن في حالة بريكست ككلّ وبحسب مبدأ التصويت العام، فقد تغيّر النصّ. لم يدرك أحد ما الذي كان يعنيه بريكست تحديداً عندما قاموا بالتصويت على استفتاء العام 2016. فلماذا أصبح من غير الديمقراطي التصويت على نسخة تيريزا ماي الخاصة من بريكست؟

يشكّل هذا أمراً بغاية الأهمية، ليس بالنسبة إلينا نحن في بريطانيا أو في أوروبا ككلّ وحسب، بل بالنسبة للعالم أجمع. فالاتحاد الأوروبي محاط  أنظمة على مشارف الفاشية أو ما قبل فاشية كروسيا وتركيا والولايات المتحدة الأميركية في عهد ترمب- وهي تتصرّف بطرقٍ بغاية الخطورة، سواء في ما يتعلّق بإنقاذ الكوكب أو تجنّب العنف أو الحفاظ على حقوق الإنسان والتطوّر.

اليوم، يقود الشباب الذين يتظاهرون ضدّ التغيّر المناخي الطريق. نضطلع بمسؤولية المساهمة في بناء أوروبا من شأنها أن تساعدنا على مواجهة هذه المخاطر.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء