Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تشدد إجراءات سفر مصابات سرطان الثدي من غزة لمستشفيات القدس

تعتقد "أطباء لحقوق الإنسان" أن التشديد مرتبط بوقف السلطة الفلسطينية التنسيق الأمني

في غزّة حالياً 990 حالة إصابة بسرطان الثدي (مريم أبو دقة)

على عجالة تتجول مريضة سرطان الثدي هبة درويش في ممر بيتها، تراقب هاتفها المحمول، إذ تنتظر رسالة تحمل رد إسرائيل، إما بالسماح لها بالسفر عبر المعابر الحدودية التي تربطها بقطاع غزة، لتلقي العلاج في مستشفيات القدس الشرقية، وإما رفض ذلك.

"تأخرت الرسالة كثيراً، يبدو أنني لن أسافر غداً. هذه المرة الثالثة التي يرفضني فيها الجانب الإسرائيلي، ولا أعلم الأسباب"، تقول هبة وهي ترجف من التوتر، فهي في الشهر السابع من حملها، وبحاجة ماسة إلى السفر، لتلقي جرعات العلاج قبل أن تصبح أماً وترضع طفلها.


شروط إضافية

لا تعلم هبة بعد أنها لن تتمكن من السفر غداً، على الرغم من وجود موعد لها في مستشفى المُطلع بالقدس الشرقية، وتغطية مالية من وزارة الصحة الفلسطينية، إذ شددت إسرائيل أخيراً القيود والشروط التي تُمكن الفلسطينيات في قطاع غزة اللواتي يعانين سرطان الثدي من الوصول إلى المستشفيات الفلسطينية في القدس الشرقية.

وبات مكتب الارتباط والتنسيق مع غزة التابع لإسرائيل يشترط أن تقدم مصابات سرطان الثدي نتائج الخزعات والتصوير التشخيصي، شرطاً للحصول على تصريح يمكنهن من دخول الأراضي الإسرائيلية، ثم إلى "مستشفى المطلع" بالقدس الشرقية لتلقي العلاج.

من وجهة نظر إدارة التنسيق، ومنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، فإن إسرائيل تقدم مساعدة إنسانية لمرضى غزة، وتسمح لهم بالخروج للعلاج، وذلك استجابة لتوصية الأطباء والجمعيات الحقوقية المعنية، لكن الجيش الإسرائيلي يريد دليلاً على أن المصابات مريضات فعلاً، لذلك يطلب مكتب التنسيق تقديم الخزعات والتصوير التشخيصي.


تدخل وقح!

لكن، هذا الطلب يُعد "تدخلاً وقحاً" من جانب إسرائيل في شؤون المرضى، على حد تعبير مديرة دائرة الأراضي المحتلة في منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" غادة مجادلة، التي تقول لـ"اندبندنت عربية"، "من حق النظام الفلسطيني أن يقرر سفر مواطنيه من غزة إلى بقية مستشفيات الأراضي الفلسطينية لتلقي العلاج، من دون أن تفرض إسرائيل أي معوقات، مع بقاء حقها في إجراء الفحص الأمني".

في العادة، تطلب المستشفيات التي تتلقى التحويلات الطبية لمرضى غزة إرسال عينات التشخيص قبل سفر المريض، مع جلبها معه، ويقول مدير اللجان الطبية في دائرة العلاج بالخارج في وزارة الصحة الفلسطينية عوض الهلول "هذا الإجراء مخصص لتتبع الحالة الصحية للمريض، وهذا مشروع في نطاق العمل الصحي، لكنه مرفوض إذا كان لإجراءات أمنية وتداعيات سياسية كما تقوم إسرائيل الآن".


اقتصرت على النساء

في المقابل، تتساءل مديرة دائرة الأراضي المحتلة في منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان" غادة مجادلة، إذا كانت هناك "لجنة طبية بجسم عسكري" في دائرة تنسيق سفر المرضى، لتطلب إسرائيل تقديم مثل هذه التقارير الطبية لفحصها من نواح أمنية وطبية عند سفر مصابات سرطان الثدي في غزة.

والغريب، أن الطلبات الإسرائيلية اقتصرت على النساء، على الرغم من وجود رجال مرضى بالسرطان تقدموا بطلب السفر، وتقول مجادلة "اعتراضنا على السياسة الإسرائيلية تجاه النساء لا يعني موافقتنا على إقراراها بشكل عام. لكن، نحن نرفض هذا التصرف من الأساس".

ويأتي رفض المؤسسات الحقوقية والرسمية للطلب الإسرائيلي كونه يُعد تدخلاً في شؤون المرضى، وقد يعرقل سفرهم أكثر، كما يسمح لجهات غير مختصة بالاطلاع على وثائق غير معنية فيها، فضلاً عن زيادة احتمال رفض سفر المريضات لدواع غير معروفة تتعلق بملفهن الصحي.

وتشير مجادلة إلى أنه "بالنسبة إلى إسرائيل، منظومة التصاريح مقصورة على الفحص الأمني، ولا علاقة لها بالجانب الصحي، وهذا الأمر المستهجن الذي طلبته إسرائيل مخالف لطبيعة عمل دوائر التنسيق".


تأخير السفر

وحسب مجادلة، فإن مريضات السرطان يعانين منذ 2017 صعوبات في سفرهن، وزادت الصعوبات أكثر بعد وقف التنسيق الأمني وتفشي فيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل على حد سواء.

وبعد تتبع "اندبندنت عربية" سفر المرضى من غزة، وجدنا أن هناك حالات تعمل إسرائيل على تأخير سفرها شهرين، بخاصة مريضات السرطان، ولوحظ ذلك بعد وقف التنسيق الأمني والمدني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

وتؤكد ذلك مجادلة، قائلة "على الرغم من عدم وجود دوائر تنسيق مع إسرائيل في الجانب الفلسطيني، فإنها في الفترة الحالية تشترط حصول المرضى على تصريح، في حين لا يمكنها وقف منح تصاريح السفر، والسماح للمرضى بالتنقل".

وتستند مجادلة في حديثها إلى اتفاقية أوسلو التي نصت على وجود ممر آمن لتنقل الفلسطينيين في أراضيهم، وتقول "هذا معناه أن لا داعي للحصول على تصريح، مع وقف التنسيق الأمني بين الطرفين، بخاصة أن المرضى الفلسطينيين من غزة يذهبون إلى تلقي العلاج في مستشفيات تابعة لوزارة الصحة الفلسطينية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


990 حالة سرطان ثدي

يُقدر عدد إجمالي المصابات بسرطان الثدي في القطاع بنحو 990 حالة، في حين تسجل غزة قرابة 320 حالة كل عام. ويوجد أكثر من ثمانية آلاف حالة مصابة بالسرطان في غزة، يحتجن إلى جرعات علاجية خارج القطاع.

وتقول إيمان شنن، مديرة مؤسسة "العون والأمل" لرعاية مرضى السرطان، "الإشكالية الحقيقية تتمثل بوقف التنسيق الأمني الذي فاقم صعوبة سفر المريضات من غزة، وأعطى إسرائيل حقاً في رفع شروطها وإضافة تعقيدات إلى السفر".

وأنشأت الأمم المتحدة أخيراً نظاماً يمكن مرضى غزة من السفر بعد وقف التنسيق الأمني، إذ تعمل من خلال منظمة الصحة العالمية على إرسال طلبات سفر المرضى إلى دائرة التنسيق في الجانب الإسرائيلي، وترسل الرد للمرضى بالسماح بالسفر من عدمه.


انخفاض أعداد المسافرين المرضى

في سياق متصل، يقول محمد لافي، القائم بأعمال مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في غزة، "إسرائيل تطلب في الفترة الأخيرة من مريضات سرطان الثدي تحديداً إرسال تقارير الخزعات والتصوير التشخيصي، ولاحظنا ذلك مع بدء عملنا في التنسيق لسفر المرضى" الذي بدأ في السادس من سبتمبر (أيلول) الحالي.

وقبل وقف التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي كانت تتلقى هيئة دائرة التنسيقات ما بين 2000 إلى 2500 طلب تصاريح خروج من غزة لأسباب طبية كل شهر، نحو 35 في المئة منها كانت لمرضى السرطان. لكن لوحظ انخفاض عدد الطلبات بعد وقف التنسيق وتفشي كورونا، فباتت تُقدر الطلبات التي يتلقاها مكتب منظمة الصحة العالمية بمعدل عشر طلبات في اليوم.

المزيد من تقارير