الحشرات البرية الملقِّحة [التي تساعد على تلقيح النباتات] قد تكون اختفت من ربع مواطنها الطبيعية السابقة في أنحاء بريطانيا، وفقا لما نقل تقرير جديد.
عانى حوالي ثلث أنواع النحل و الحشرات الحوّامة عبر البلاد انخفاضا في العدد منذ ثمانينيات القرن الماضي، ما يثير المخاوف على إنتاج الأغذية وعلى التنوع البيولوجي.
تعد بريطانيا موطناً لمئات الحشرات الملقِّحة المتنوعة التي ترفد الاقتصاد سنوياً بمبلغ 690 مليون جنيه استرليني.
إلا أن ظهور الزراعة الصناعية واستخدام المبيدات، بالإضافة إلى الأمراض والأنواع العدائية والتغير المناخي، جميعها تهدد مستقبل هذه الحشرات والزراعة المرتكزة عليها.
قام علماء من ’مركز علوم البيئة والموارد المائية’ بتقييم مصائر أكثر من 350 نوعاً من الملقِّحات باستخدام بيانات جمعها متطوعون على مدى 33 سنة بدءً من عام 1980.
لم تكن جميع النتائج سيئة مع وجود زيادة فعلية خلال المدة نفسها في حجم المَواطن الطبيعية لعُشر الأنواع، بما فيها تلك التي تعتبر مهمة للغاية لتلقيح المحاصيل.
وعزا الفريق هذا النجاح إلى وفرة بذور السلجم الزيتية كغذاء للحشرات، وخطط الحكومة التي تشجع المزارعين على غرس المزيد من الزهور البرية.
لكن مؤلف الدراسة الدكتور بن وودكوك ذكر أن على الرغم من استقرار الأعداد في أنواع عدة، فقد كشفت النتائج التي توصلوا إليها مسارا "مقلقا" تتناغم مع مع تحذيرات أوسع بالانقراض الكلي للحشرات. قائلاً: "قد لا يكون هذا الأمر مفاجئاً. هناك الأنظمة الزراعية الأكثر تكثيفاً على الإطلاق، وكذلك خسارة في المَواطن الطبيعية الرئيسة على المستوى الوطني، و التغير المناخي ... هناك ما لا يحصى من الضغوط التي تؤثر على عدد تلك الحشرات".
بالمتوسط اختفى كل نوع من الأنواع من أحد أربعة أماكن كان يوجد فيها خلال العقود الزمنية السابقة، وفقاً للبحث الذي نُشر في مجلة اتصالات الطبيعة.
ويعني هذا من الناحية العملية أنه تم فقدان 11 من الحشرات الملقّحة من كل كيلو متر مربع في الشبكة التي يتم اختبارها منذ ثمانينيات القرن الماضي.
وتعرض النحل والحشرات الحوامة التي تقطن مناطق المرتفعات لأسوأ انخفاض في حوالي 55 في المئة من نطاق انتشارها، فيما قد يكون نتيجة لتغير الظروف المناخية.
قد لا يتهدد البلاد خطر محيق من فقدان الحشرات الملقِّحة الرئيسة فيها، إلا أن تراجع الأنواع النادرة أو الأكثر تخصصاً قد يجعل وضع الطبيعة البريطانية حرجاً خلال السنوات القادمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الدكتور لين ديكس، خبير الحشرات الملقِّحة في جامعة إيست أنغليا، الذي لم يشارك في الدراسة: "نرى هذه الوتيرة لفقدان التنوع البيولوجي أينما ولّينا وجوهنا". متابعاً: "إنه عملية تطابق وإنه يترك لنا عالَماً طبيعياً أكثر فقراً وأقل مرونة حيال التغير".
حتى الأنواع الناجحة نسبياً أظهرت تراجعاً بعد عام 2006، قرابة الوقت الذي انتشرت في كل أنحاء الريف المبيدات المعروفة بإضرارِها الحشرات الملقِّحة.
وقال مات شاردلو، الرئيس التنفيذي لحملة بَغ لايف [حياة حشرة] الخيرية: "قد يعود التناقص الأخير في نحل تلقيح المحاصيل المنتشر إلى الآثار السامة لاستخدام مبيدات النيكوتينويد في مساحات شاسعة".
بيد أن مع انتهاء جمع البيانات عام 2013 لا يمكن تبين أثر النيكوتينويدات على المدى الطويل ولا أثر حظرها المُطبّق منذ ذلك الحين.
ولأن بيانات الفريق تقتصر على توفير دليل على وجود الحشرات أو غيابها فقط، حذر الخبراء من أن الخسارة في أعداد الحشرات قد تكون أسوأ مما تشير إليه هذه الدراسة.
وبينما يقدم التقرير تحذيراً واضحاً، قال العلماء إن هناك حاجة إلى مزيد من المعلومات المفصّلة عن حجم تدهور الحشرات ومسبباته.
يقول الدكتور نيك آيزاك، مؤلف آخر للدراسة: "إذا استمر الانحدار الذي نشهده هنا لمدة أربعين أو خمسين سنة أخرى، قد تُفقَد بعض الأنواع من بريطانيا". وأضاف: "لكننا نعرف الكثير عن كيفية التخفيف من هذه الانخفاضات فيما يتعلق بإدارة المَواطن الطبيعية، لذلك فإن الأمر ليس محتوما".
وقال متحدث باسم وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية في رد على النتائج: "الحشرات أساسية لسلامة العالم الطبيعي، وتراجع هذه الأنواع الحيوية على نطاق عالمي مقلق للغاية". متابعاً: "لهذا السبب نتخذ إجراءات لاستعادة التنوع البيولوجي وتعزيز بعض النجاحات التي توصل إليها هذا التقرير. نحن نعمل على تحسين حالة الحشرات الملقِّحة وأنواع أخرى من خلال خطة البيئة والاستراتيجية الوطنية للملقِّحات الممتدة على 25 سنة. على سبيل المثال، نقوم باستعادة المواطن الطبيعية الغنية بالحياة البرية ودعم القيود التي يقف العِلم وراء فرضها على النيكوتينويدات لحماية النحل والملقِّحات الأخرى". مضيفاً: "من الأهمية بمكان أن نتحرك الآن لنضمن أن الأجيال القادمة سترث عنا بيئة في حالة أفضل."
© The Independent