Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئيس "السيادي السعودي": حوّلنا "كورونا" لفرصة وجنينا أرباحا ضخمة

يتطلع صندوق الاستثمارات العامة إلى افتتاح مكاتب جديدة في لندن ونيويورك مطلع 2021

ياسر الرميان محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي منذ 2015 (غيتي)

أطل ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، في حوار مطول مع مجلة "بارونز" المتخصصة في القطاع المالي، ليكشف لمجتمع المال والأعمال عمّا يحمله من أوراق في ملفه الاستثماري في الصندوق.

الرميان الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية وهو أحد المستشارين الرئيسيين لدى ولي العهد  الأمير محمد بن سلمان في الملفات الاقتصادية والاستثمارية، جلس على رأس هرم الصندوق الذي تبلغ ثروته 360 مليار دولار عام 2015، بعد سنوات قضاها في إدارة المحافظ والبنوك الاستثمارية، بغية أخذ الصندوق إلى مواطن تجعله الأضخم على مستوى العالم، بحسب ما تتوقعه منه رؤية السعودية 2030.

تحدث في حواره المطول عن رأس مال الصندوق وطريقة توزيع استثماراته على مستوى العالم، وعن أرامكو ومصادر التمويل وعن مستقبل الصندوق الذي يأمل في أن يفتتح مكتباً له في كل من نيويورك ولندن مطلع 2021 ورؤيته للمساحات الاستثمارية المحلية وامتيازات توظيف رأس مال الصندوق في فرص داخل البلاد.

سياسة الصندوق في الاستثمار

يقول محافظ السيادي السعودي إن الصندوق منذ تأسيسه كان يركز على الاستثمار داخل البلاد لأغراض تنموية فقط، لكن في 2015 بعد تولّيه الإدارة، قام بتغيير المجلس والتسلسل الإداري بالكامل، ما دفع إلى تبديل شامل في سياسة الصندوق.

وانتهى هذا التغيير بتحديد ستة مسارات للاستثمار، مساران منها دوليان، وأربعة محلية. المسارات المحلية تتضمن "الاستثمارات في سوق الأسهم السعودية بالأخص في الشركات الناضجة والكبيرة"، وهناك أيضاً قطاعات جديدة استثمرت فيها السوق مثل إدارة النفايات وتدويرها وبيع منتجاتها المعاد تصنيعها، إذ لم تكن هناك شركات تعمل في هذا القطاع ولم تكن هناك أنظمة بالأساس لذلك.

الأمر ذاته ينطبق على قطاع الترفيه، الذي يسعى الصندوق إلى تطويره بالاستثمار فيه بدءًا من صالات السينما، وصولاً إلى المشاريع الكبرى.

أما المسار الثالث، فهو "مشاريع الجيجا" وهو مصطلح يستخدم لوصف المشاريع الضخمة مثل نيوم والبحر الأحمر. أما الرابع، فهو "القطاع العقاري في فرصه الضخمة، كأن تذهب إلى أرض فارغة بعيدة من البلدات والمدن وتنشئ كل شيء من الصفر، بدءًا من القوانين واللوائح، وصولاً إلى التخطيط والبناء".

وهذه المسارات اليوم تشكل 82 في المئة من استثمارات الصندوق، إذ تحتفظ السوق المحلية بهذه النسبة من حصة ما يدفعه الصندوق في استثماراته، مقابل 18 إلى 20 في المئة للأسواق الدولية.

هذه النسب تختلف عمّا كان عليه الصندوق قبل الهيكلة "كانت نسبة الاستثمار في السوق المحلية 98 في المئة مقابل 2 في المئة دولياً في 2015، لكننا نستهدف زيادة نسبة الاستثمار الدولي إلى 25 في المئة مقابل 75 في المئة محلياً".

وبات لدى صندوق الاستثمارات العامة 900 موظف مقارنة بـ40 نهاية 2016 بفضل الهيكلة الجديدة، ويتطلع إلى أن يصلوا إلى 1000 نهاية هذا العام. وبحلول 2025، سيكون لديه 2000 موظف في مختلف مكاتبه حول العالم.

التوجه المفاجئ لسوق الأسهم

ويقول الرميان إن المضاربة على الأسهم لم تكن ضمن أهداف الصندوق الذي يبحث عن الفرص الكبيرة، إذ تزيد أصول محفظته على 360 مليار دولار بعد أن كانت لا تتجاوز الـ150 مليار دولار في 2015.

إلا أن الأزمة التي ضربت العالم مطلع العام الحالي أعادت إلى الأذهان ما حصل عام 2009، بعدما تسبب الوباء وحالة عدم اليقين، إضافةً إلى الحرب التجارية بين أميركا والصين، بانخفاض كثير من القطاعات بشكل مفرط.

ويضيف "نحن نظرنا إليها على أنها فرصة تاريخية، فوباء كورونا لن يستمر إلى الأبد، سينتهي حتماً مثل أي جائحة أخرى عرفتها البشرية، وكذلك الانهيار الذي تسبب به، لهذا بدأنا بضخّ الأموال ليس فقط في أسواق الولايات المتحدة، بل في الصين وإيطاليا وفرنسا وكثير من الأسواق العالمية التي وجدنا فيها فرصاً مؤاتية، ونجحنا بفضل كورونا في جني أرباح ضخمة"، إذ كانت هذه الأسواق تنخفض إلى مستويات قياسية غير مسبوقة منذ فترة طويلة، بحسب الرميان.

ويقسّم محافظ الصندوق استثماراته إلى ثلاثة أنواع "انتهازية واستراتيجية وتمويل الإنقاذ". بالنسة إلى الاستثمارات الانتهازية، فهي تلك التي حقق فيها الصندوق أرباحاً ضخمة بعد تعافي الأسعار ثم باعها بشكل سريع. أما الاستراتيجية، فهي الاستثمارات التي اعتقد مسيّروه أنها يمكن أن تضيف بعض القيمة إلى الاقتصاد السعودي في ما لو حافظ على استثماره فيها. بينما يستند تمويل الإنقاذ إلى تمويل عمليات الإنقاذ عن طريق قروض يمكن تحويلها إلى أسهم في المستقبل، كما حصل في استثماره في شركة "كرنفال"، أكبر مشغّل للرحلات البحرية في العالم.

"لوسيد موتورز" في نيوم

ويرى ياسر الرميان أن شركة "لوسيد موتورز" للسيارات الكهربائية التي يستثمر فيها صندوقه هي "أفضل شركة سيارات كهربائية في العالم"، لأسباب عدة أهمها "نطاق الشحن في لوسيد يزيد على 500 ميل، وهو أكثر بـ150 ميلاً عن أقرب منافسينا"، مضيفاً "استثمرنا في الشركة 1.5 مليار دولار، قمنا بتغيير الخطة وساعدناها في بناء منشأة تصنيع في أريزونا، وكنّا نستهدف بدء الإنتاج التجاري في الربع الأخير من هذا العام"، إلا أن كوفيد-19 فرض التأجيل إلى الربع الأول من 2021.

ويقول إن الشركة تستهدف في مرحلتها الثانية بناء منشأة تصنيع في السعودية "سنفتح السوق السعودية لسيارات شركة لوسيد موتورز، وسيكون لدينا مصنع للشركة في المملكة، على الأرجح سيكون في نيوم، وربما في مكان آخر".

وحول تجربة الاستثمار في منافستها تسلا، يوضح "أجرينا بعض المحادثات مع إيلون ماسك لتوسيع استثماراتنا فيها، لكن لم نصل إلى نتيجة. لا يمكننا التعليق أكثر على هذا الموضوع، فالأمر حساس، بخاصة أن تسلا شركة مدرجة، لكن في نهاية الأمر تخارجنا من الشركة وركّزنا على لوسيد".

من أين تأتي عائدات الصندوق؟

يجيب هنا عن سؤال حول مصادر عائدات الصندوق، إذ يؤكد أن الطرح الأوّلي لشركة أرامكو ضخ رأس مال جديد للمحفظة لكنه ليس المصدر الوحيد، على اعتبار أن شركات المحفظة وأصولها تشكّل المصدر الأول لرأس المال الذي يعاد ضخّه في استثمارات جديدة. 

ويقول الرميان إن ارتباط الصندوق بالحكومة يمثّل ثاني مصادر التمويل، "هناك ضخ حكومي يخدم الصندوق  نقدياً أو عينيّاً، ويمكن أن تكون العيّنات شركة، أو أرضاً، إذ نملك فرص وصول إلى مساحات ضخمة من الأراضي لا تتأتى لكيانات استثمارية أخرى في العالم".

ويضيف "نيوم على سبيل المثال، تبلغ مساحاتها 26000 كيلومتر مربع، هذا حجم دولة كاملة. نحصل على هذه المساحة بسعر رمزي لا يكاد يذكر، الأمر كذلك بالنسبة إلى مشروع البحر الأحمر الذي تبلغ مساحته 46 ألف كيلومتر مربع"، وهناك عدد كبير من الأراضي في مكة المكرمة التي تعدّ من أعلى القيم العقارية في العالم، بحسب الرميان.

إلا أنه يرفض تسمية ذلك بـ"التطوير العقاري"، نظراً إلى أن الصندوق "يخلق نظاماً بيئياً جديداً وليس مجرد استثمار وتطوير في العقار. أفضّل تسميته بمشاريع الجيجا كما قلت قبل قليل، لأنها أكبر بكثير من ذلك. هي مشاريع غير مسبوقة في التاريخ الحديث، وستخلق لنا تدفقات نقدية هائلة بمجرد أن تبدأ العمل".

السعودية بعد 10 سنوات

وتساءل المحاور آفي سالزمان، عمّا يمكن أن يشاهده زائر السعودية بعد 10 سنوات من الآن، فأجاب الرميان "السعودية سرّ كبير، يعتقد الجميع أنها مجرد صحراء، حتى نحن كنّا نعتقد ذلك، لكنها ليست كذلك، لديها بعض المواقع المدهشة. أضف إلى ذلك أنك تتعامل اليوم مع جيل شاب، ما سيحدث بعد 10 سنوات ستجد أن هذا الجيل الشاب صار أكثر عالمية". ويردف "لن تجد فرقاً كبيراً في تعاملك معهم ومع الأشخاص الذين ستراهم في نيويورك ولندن ومومباي أو أي مكان آخر في العالم".

ويضيف "لدينا بيئة ونظام بيئي مدهش. مثلاً البحر الأحمر، يبلغ طوله حوالى 2000 كيلومتر، لا نريد إفساده، فنحن نسعى إلى خلق سياحة صديقة للبيئة"، وهو جزء من رؤية بلاده لبقية المشاريع كالبحر الأحمر ونيوم وغيرها "لذا ما نودّ القيام به هو الحصول على أفضل ما في العالم لإضافته إلى مقوماتنا والبدء من هذه النقطة، وهو ما يمكن أن تراه بعد 10 سنوات بحلول 2030 في المملكة".

المزيد من اقتصاد