Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مادونا تشارك في كتابة وإخراج سيرتها الذاتية المصورة

مؤشرات غير مطمئنة ظهرت في جلسة غريبة جمعتها مع السيناريست ديالبو كودي وبُثت مباشرة عبر الإنترنت

صنعت مادونا أسطورتها بنفسها بالجرأة والإبداع والقفز فوق الأنماط السائدة (ستارز أن فولدد.كوم)

من البديهي أن تشارك مادونا في كتابة وإخراج فيلم يتناول قصة حياتها. من غيرها سيتجرأ على محاولة تناول إحدى الرموز الثقافية الصامدة الأكثر تأثيراً في الموسيقى الحديثة، بصورة متفرّدة؟ إذ وضعت تلك المرأة قصة موسيقى البوب ​​والجنس والأنوثة في الاتجاه السائد، ولم تنل احتراما تستحقه فعلياً، يوازي أهميتها في إطلاق توجهات ثقافية وكذلك كونها قوة دافعة وإبداعية. في المقابل، مع الأسف، يبدو أن العمل على الأرجح سيكون كارثة.

وإذ أفادت مادونا في بيان لها، "أريد أن أنقل إلى الجمهور الرحلة المذهلة التي أخذتني بها الحياة كفنانة وموسيقية وراقصة. هناك كثير من القصص المُلهمة غير المعروفة، من سيكون قادراً على روايتها أفضل مني؟"

في حين أنه يمكننا الجدل حول مدى صحة هذا الكلام، آخذين في عين الاعتبار أن الموضوعية عادة ما تكون جوهرية لأي معالجة فنية لحوادث تكون حقيقية، لكنه كلام يحمل أيضاً مقداراً موازياً من المشاعر القوية. وكي نكون منصفين، فإن مادونا محاطة أيضاً بصوتين مؤثرين هما كاتبة السيناريو ديابلو كودي الحائزة على جائزة أوسكار (عن فيلم "جونو" Juno) وستساهم في كتابة سيناريو [فيلم مادونا]، والمنتجة السينمائية آمي باسكال، التي كانت آخر ثمرات إبداعها فيلم "نساء صغيرات"  Little Women الرائع. لكن مادونا تبقى مادونا. وسيكون التوافق على أي مسعى إبداعي جماعي أشبه بمواجهة بين أفعى كوبرا ملكيّة ومجموعة من القوارض الصغيرة.

وهناك أيضاً ذلك "الفيديو". من المحتمل أن يكون إطلاق تسمية "الفيديو" عليه سابقاً لأوانه، نظراً إلى أن قلة قليلة ممن لا ينتمون إلى القاعدة الجماهيرية لمادونا قد تمكنت من مشاهدته حتى الآن. لكن عندما تتعرض سيرتها الذاتية للانهيار المحتم في منتصف عملية الإنتاج، أو تنسحب كودي من المشروع، أو يثبت أن الفيلم النهائي فاشل، سيعود المؤرخون للاطلاع على ["الفيديو" الذي نُقِلَ في] بث مباشر مدته ساعة على منصة "إنستغرام"، وسيلاحظون الأساس الضعيف الذي بُني عليه نص الفيلم [عن سيرة مادونا].

لقد بُثَّ الفيديو بُث مباشرة عبر حساب مادونا الرسمي على "إنستغرام" في 10 سبتمبر (أيلول). وظهرت فيه النجمة كي تتحدث برفقة كودي، عن عمليتهما الكتابية. وقد جلست كودي بشكل غريب على حافة أريكة بلون الكريما في منزل مادونا، بينما تكرر النجمة الأفكار نفسها من دون كلل، وغالباً ما يتشتت انتباهها بسبب أسئلة المعجبين حول جولتها الأخيرة. ومن الواضح أن الأجواء كانت متوترة. وتكفل القوة المطلقة لحضور مادونا في جعل حتى أكثر الأشخاص ثقة قلقين إلى حد ما، فيما بدت كودي مستنزفة على نحوٍ خاص.

وبدت كودي كأنها ترتكب خطأ في كل ما تفعل. إذ تضطر للاعتذار لأن مادونا تتوه عن المكان الذي وصلتا إليه في النص، كذلك تطلق نكات حول ثلاثية سينمائية قدمتها مادونا لكن الأخيرة لا تفهم المزحة. وفوق كل ذلك، انتعلت كودي حذاءً فظيعاً سخرت منه مادونا بلا توقف. وفي مقاطع فيديو نُشرت سابقاً على "إنستغرام" تظهر فيها السيدتان، بدا أن مادونا ركّزت بدقة على ملابس كودي، وسخرت من بلوزتها التي تشبه ما كانت ترتديه بطلة مسلسل "بيت صغير على المرج" Little House on the Prairie الذي بُثّ في سبعينيات القرن العشرين، وخيارات ملابسها. وذات مرّة، استنكرت مادونا تجنّب كودي النظر مباشرة إلى عينيها عندما كانتا تتدارسان السيناريو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سيتمكن أي من محبّي مادونا من التعرّف على هذا النمط من التصرفات، حتى إنه قد يستمتع بها. لدى مادونا تاريخ معروف عن تمتعها بروح الدعابة القاسية وازدراءها الشديد لكل شيء وكل شخص حولها، وقد منحها ذلك رونقاً رائعاً بشكل دائم لا يمكن المساس به، ويشكل جزءاً كبيراً من جاذبيتها. لكن في هذا الصدد بالتحديد، يبدو الأمر غير مفيد ويُحتمل أن يدمّر السيرة الذاتية نفسها.

انطلاقاً من الفيديو، تتضمن عملية كتابة السيناريو التي ينهض الثنائي بها، أن تروي مادونا قصصاً من حياتها بصيغة المونولوج، فتكتبها كودي وتعيد مادونا صياغتها أو "تصويب" ما يرد في الحوار. وتمسك كلتاهما بحاسوب محمول، لكن يبدو أن مادونا تسعى إلى مجرد إبقائه بين يديها. في ذلك البث المباشر عبر "إنستغرام"، عمدت بشكل متكرر إلى نزع حاسوب كودي منها، وغالباً ما كانت تضعه فوق جهازها مباشرة، تاركة كودي جالسة مكتوفة الأيدي بينما تؤدي مادونا مهمة الكتابة.

وعلى نحوٍ مماثل، بدا كأنما ثمة خلافات بينهما حتى حول طبيعة الفيلم. بناءً على محادثتهما، سيلخصل النص الذي تكتبانه معظم حياة مادونا ومسيرتها المهنية، بدءاً من طفولتها المبكرة مروراً بدخولها المشهد الفني في نيويورك في ثمانينيات القرن العشرين، ووصولاً إلى نهاية تسعينيات ذلك القرن على أقل تقدير. وبطريقة لا تثير الدهشة، يبدو أن كودي تتعامل وحدها مع بنية الحبكة. إذ أوردت في السيناريو الأهمية فوق العادية التي تحوزها باولا، أخت مادونا، بينما ذكرت مادونا لاحقاً أن باولا كانت دائماً مبدعة أكثر منها، لكنها لم تتمتع بالدافع الذي امتلكته مادونا أو رؤيتها. وكذلك تذكر كودي إن باولا لعبت دور حلقة وصل مع إنسانية مادونا، إذ قدّمت صوت المنطق العادي بينما طاولت مادونا النجوم في مسيرتها المهنية.

في ملمح مشابه، تلمح كودي أثناء المحادثة إلى أنها تفضل أن تدور حوادث الفيلم برمته في الأيام التي قضتها مادونا تجوب شوارع نيويورك قبل وصولها إلى عالم الشهرة. ثمة تفاصيل كثيرة تستحق الاكتشاف في تلك المرحلة بداية من الصعوبات التي واجهتها في وقت مبكر من مسيرتها المهنية، مروراً بتفاعلاتها مع المشهد الفني في المدينة مع الفنان آندي وارهول، ووصولاً إلى علاقتها مع الفنان التشكيلي جان ميشيل باسكيات. في المقابل، لسبب ما،  أدخل الثنائي [مادونا وكودي] في سيناريو [الفيلم عن مادونا] مقطعاً عن صناعة فيلم "إيفيتا" Evita الموسيقي الذي قدمته مادونا في 1996. لقد شكّل إيفيتا تحدياً إبداعياً للنجمة، إذ توجّب عليها تغيير صوتها بشكل جذري عبر التدريب. وذُكِرَ أيضاً إنها اختلفت مع المنتج أندرو لويد ويبر، واكتشفت أيضاً خلال التصوير أنها كانت حبلى بطفلها الأول. ولا يشبه فيلم "إيفيتا" سوى حادث عرضي بالنسبة إلى "قصة مادونا" الشاملة. إذ لم يغير بشكل كبير الطريقة التي نُظِرَ بها إلى النجمة، وتوجّب عليها التغلّب على عقبات أكثر إثارة للاهتمام في جوانب اخرى.

في المنحى نفسه، يشير الحضور المستغرب لـ"إيفيتا" إلى سبب إمكانية عدم نجاح السيرة الذاتية لمادونا بشكل عام. إذ لا تشكّل حياة مادونا ومسيرتها المهنية نظراً إلى حجم شهرتها وأهميتها الثقافية، مادة سينمائية في شكل خاص. لم يكن هناك أبداً مسار سلس في رحلتها، أو حدث متفرد يمكنه أن يكون بمثابة ذروة واضحة للعمل. ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها مازالت نشطة في عملها. إذ يثبت ألبومها الأخير "مدام إكس" Madame X أنها لا تزال سياسية ومبدعة بإصرار، حتى لو أن هيمنتها التجارية قد اختفت منذ فترة طويلة. واستطراداً، يعود ذلك الأمر إيضاً إلى أن حياتها المهنية لم تكن سلسة أبداً، بل شهدت نقاط صعود وهبوط واضحة. ونظراً لكونها شخصية تستقطب الجدل، فقد دأبت دوماً على تحدي الحدود وإثارة استياء الجماهير، ولم يجرِ تبنيها بشكل كامل على الإطلاق. ببساطة، ثمة قصص كثيرة التي لا يستطيع فيلم مدته ساعتان أن يتعامل معها، إضافة إلى عدد من العلاقات الثرية التي تحتاج إلى استكشاف، ونجاح كبير وردود أفعال عكسية.

 

مهما كان السبب، فإن فيلماً عن مادونا يجب أن يكون عملاً تجريدياً بشكل غامض، بمعنى أن يكون شيئاً يشبه نسخة عن مادونا من فيلم "أنا لست هناك" I’m Not There عن بوب ديلن، الذي ساهم فيه عدد من الممثلين، من بينهم كيت بلانشيت وهيث ليدجر، في تقديم حياة ديلن. كذلك يمكن [لفيلم عن مادونا] أن يأتي شبيهاً بفيلم "فوكس لوكس" Vox Lux من بطولة ناتالي بورتمان الذي يتحدث عن نجمة بوب غير عادية هي  سيليست مونتغومري، وادّعاءات بوجود رابط بين إحدى أغنياتها وحوادث إرهابية، وقد جاء عملاً مثيراً للحيرة بقدر إثارته للإعجاب.

في منحىً موازٍ، يبدو كأنه أمر غير لائق صناعة فيلم تقليدي يرضي الجماهير، كفيلم "الملحمة البوهيمية" Bohemian Rhapsody عن "فرقة كوين"، وقد تناول أيقونة رائعة واستقطابية في ثقافة البوب، وذلك يشبه مادونا،​​. في المقابل، ها نحن نقف أمام هذا المشروع.

لا بد من الإشارة إلى أن وثائقي "الحقيقة أو الجرأة" Truth or Dare  الشهير الذي أخرجه آليك كيشيشيان عن النجمة، لا يزال أفضل خلاصة عن عبقرية مادونا. إذ صدر ذلك الفيلم في 1991 وسُجّل خلال جولة "بلوند أمبيشن"  Blond Ambition العالمية الرائدة التي قدمتها مادونا، فأظهر جاذبيتها المذهلة على المسرح وطموحها الفني وتألقها، التي لا مثيل لها. كذلك قدمها بوصفها إنسانة تافهة وحذرة ووضيعة، إلى جانب كونها راعية ورحيمة عندما تشاء ذلك. إنه فيلم فوضوي يجعل الحقيقة والخيال متماهيين، بينما أخذت مادونا إما دور المشاركة في اللعبة التي تُجاري وثائقياً غير حقيقي أو أنها انفضحت بالكامل ضد إرادتها.

وتقدم كودي أفضل ما لديها عندما تكتب عن النساء غير البسيطات والرائعات اللواتي قد يَكُنَّ قاسيات وفوضويّات (ولهذا السبب يظل فيلما "جسد جينيفر" Jennifer’s Body و"البالغة الشابة" Young Adult، وليس فيلم "جونو"، أفضل الأعمال التي كتبتها على الإطلاق). مع أخذ ذلك في الاعتبار، تعتبر كودي الشخص المثالي لكتابة سيرة مادونا، والأقدر على التعبير عن ديناميكية النجمة وتناقضاتها. واستطراداً، يتمثّل كل ما تحتاجه كودي في السماح لها بإطلاق العنان لرؤيتها. بناءً على كل ما توفر لدينا من معلومات حتى الآن، يبدو أن ذلك غير مرجح. ماذا عن الممثلة المسكينة التي سيُسند إليها دور مادونا نفسها؟ ماذا عن تلك الفتاة التي ستُكلّف بتجسيد شخصية أعظم نجمة بوب في التاريخ، وسيجري ذلك تحت إشراف مادونا نفسها ونظرتها الناقدة والمدققة؟ بإمكانكم مجرد أن تتخيلوا مأساة تلك الممثلة.

© The Independent

المزيد من سينما