Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"على الرجال مواعدة نساء نصف عمرهم زائد سبع سنوات": قاعدة غريبة تعود إلى العام 1901

هل العمر مجرد رقم؟

فارق السن بين الرئيس ترمب وزوجته ميلانيا هو 24 عاما (رويترز)

هل سمعتم من قبل عن القاعدة التي تُخوّل الرجال مواعدة نساء يبلغنَ من العمر نصف عمرهم زائد سبع سنوات؟ بعض المشاهير – على غرار ليوناردو دي كابريو– يُسلّمون بهذه القاعدة، لا بل يتطرّفون في تطبيقها، حيث تجدونهم باستمرار في صحبة عارضات أزياء في العشرينات من العمر. ولكن هل تعلمون من أين أتت هذه المقولة؟

إنّها على ما يبدو مبدأ راسخ نسبياً، إذ يرجع تاريخها إلى أكثر من مائة عام،  و تحديدا إلى أحد إصدارات الكاتب ماكس أوريل Max O’Rell في عام 1901 و مسرحية "القمر أزرق" (The Moon is Blue) عام 1951.

لكن، هل يمكن لهذه القاعدة اجتياز امتحان التّدقيق المنطقي أم هو مجرد قولٍ واهٍ كرّسه رجالٌ يرغبون في تبرير ميولهم إلى مواعدة نساء أصغر سناً وأقلّ نضوجاً منهم؟

سألنا ثلاثة خبراء في العلاقات (العاطفية) عن رأيهنّ في القاعدة، فجاءت إجاباتهنّ مفاجئة.

خبيرة العلاقات سوزان وينتر، قالت: "أرى أنّ وجود معادلة حسابية لتحديد فارق العمر "المثالي" في الحب أمرٌ مضحك. صحيح أنّ وجود الأرقام يمنح الصيغة نوعاً من المصداقية العلميّة، لكن الحقيقة أنّ ارتباط روحين خُلقا ليُكمّلا بعضهما البعض لا بدّ أن يتمّ (بصرف النظر عن فارق العمر بينهما)".

ولمّا سألناها عمَا إذا كان ينبغي بالواحد منّا اتباع قواعد معيّنة عند البحث عن شريك حياة محتملٍ له، أكّدت وينتر أنّ "القواعد لا تنفع في العلاقات – ما من قواعد في الحب سوى قاعدة اتباع هوى القلب". وهو أمر لطيف فعلاً!

"ففي العالم الغربي، حصدت المرأة اجتماعياً حرية الارتباط برجال يكبرنَها بخمس سنوات أو حتى خمس عشرة سنة من دون أي اعتراضات. والعكس صحيح بالنسبة إلى الرجل الذي يُمكن أن يتعرّض لوابلٍ من الأحكام والتمييز لو اختار لنفسه شريكاً أكبر منه سناً"، أضافت وينتر.

أمّا عن رأيها في أسباب ديمومة هذه المعادلة، فقالت وينتر: "ما من سببٍ منطقي يدعو لاعتبار هذه المعادلة "قاعدة عامة". وهذه المعادلة الحسابية لا تُحدد "فارق السن المثالي" الذي يضمن نجاح العلاقة".

"ولكنّكم قد تُلاحظون أنّ فارق السن أكبر ممّا يُمكن تخيّله. على مرّ التاريخ، كان على المرأة أن تختار رجلاً في نفس عمرها أو رجلاً يكبرها بخمس سنوات أو خمس عشرة سنة. وفي منتصف القرن، كان الدافع وراء اتساع الفارق العمري بين المرأة والرجل اقتصادي بامتياز. فقدرة المرأة على كسب الدخل كانت محدودة آنذاك. وكان زوجها نافذتها الوحيدة إلى (تحسين) مكانتها الاجتماعية واستقرارها اقتصاديا. ومن البديهي أن يكون الرجل الأكبر سناً و قد أمضى وقتاً أطول من غيره في تحقيق أهدافه الشخصية والمالية".

والمثير للاهتمام برأي وينتر أنّ "هذه العبارة التي يعود منشؤها إلى أوائل القرن العشرين، هي من دون شك بدعة رجال ذلك العصر (وتصبّ بالتالي في مصلحتهم)".

ومن جهّتها، رأت خبيرة العلاقات راتشيل روسو أنّ قاعدة فارق السن لا تنطبق على أرض الواقع، لكنّ الأسباب التي حافظت على استمراريّتها مفهومة.

بالنسبة إليها، "التأسيس لعلاقة ناجحة لا يرتكز على العمر الزمني؛ الأهم من العمر هو المرحلة التي يعيشها الشخص مع الآخر والقيم التي نتشاركها معه".

عدا ذلك، اعتبرت روسو أنّ "القاعدة تأتي في صالح الرجال أكثر من النساء" لأنّ احتمالات نجاح العلاقة بين رجل في العقد الثالث وامرأة في الثانية والعشرين أقوى من احتمالات نجاح العلاقة بين امرأة في العقد الثالث ورجل في الثانية والعشرين، ذلك أنّ النساء عموماً أسرع نضجاً وجهوزيةً للارتباط من الرجال".

ولكن، "لكلّ شخصٍ أولوياته"، لمّحت روسو. "ومن هذا المنطلق، يُمكن القول بأنّ هذه القاعدة لا تنطبق على الجميع سواسية ولا تضمن نجاح كلّ العلاقات".

وفي ما خصّ استمرارية القاعدة، رجّحت روسو أنّ يكون للأمر علاقة بانجذاب الرجال عموماً للنساء الأصغر سناً.

وقالت: "السبب الوحيد لاستمرارية معادلة فارق السن المثالي حتى يومنا، هو انجذاب الرجال عموماً للنساء الأصغر سناً ورغبتهم الدفينة بقاعدةٍ تُشعرهم بأنّ مواعدتهم لنساء أصغر سناً أمرٌ مقبول". الملامة تقع على الرجال إذن!

أمّا خبيرة العلاقات رايتشل دي ألتو، فوجدت بأنّ المعادلة القديمة مفيدة في تحديد الفوارق العمرية المناسبة في العلاقات.

"لا يزال وضع حد أدنى للفارق العمري بين الرجل والمرأة قاعدةً بسيطة ومقبولة، على الرغم من أنّ العمر هو مجرد رقم والعلاقات الناجحة تقوم فعلياً على التفاهم والارتباط المتبادلين. صادفتُ حالات قليلة استثنائية لم يكن فارق العمر الكبير فيها حجر عثرة في طريق الارتباط المديد، مع العلم بأنه كذلك في أغلب الأحيان، حيث يُمكن أن يولّد مشاعر إحباط تضع حداً نهائياً للعلاقة"، على حد تعبير دي ألتو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتابع دي ألتو حديثها بالقول: "القواعد وُضعت لتُكسر أحياناً، غير أنّ إرساء بعض المعايير والقيود ليس بدايةً سيئة".

ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا: إلى أي مدى يمكننا الاعتماد فعلياً على قاعدة مكتوبة من وجهة نظر رجل في أوئل القرن العشرين؟

وفي ما يلي إضاءة على نص المقولة الأصلي المأخوذ من كتاب "صاحبة السمو الملكي، المرأة: وجلالته الملك كوبيد" (Her Royal Highness, Woman: And His Majesty Cupid): "تلقّيتُ ذات يوم نصيحةً مذهلة أودّ استرجاعها هنا من منطلق دعمي الكبير لها: على الرّجل أن يتزوج من امرأة تبلغ نصف عمره زائد سبع سنوات. طبّقوا هذه المعادلة على أي مرحلة عمرية وستجدون بأنّها فعالة تماماً، شرط التسليم بأنّ عمر المرأة في نهاية المطاف، كما عمر الرجل، انعكاسٌ لما يبدوان عليه او يشعران به."

وما أضعف مصداقية المقولة هو ما جاء في الفقرة التالية من الكتاب حيث نصح أوريل قرّاءه بالآتي: "لا تتزوّجوا امرأةً تزيدكم ثراءً أو طولاً أو سناً!"

لذا وعلى الرغم من موافقة دي ألتو على القاعدة ودعمها لها، فهي تبدو لنا بالية. ولا تعكس الواقع لا من قريب ولا من بعيد، لاسيما في عالم المشاهير حيث كلّ شيء مباح ومتاح.

صحيح أنّ بعض المعتقدات يصمد على مر التاريخ، لكنّ قاعدة المواعدة القديمة هذه ليست من بينها.

ففي النهاية، القواعد وُضعت لتُكسر!

تمّ نشر هذه المقالة للمرة الأولى في كانون الثاني (يناير) من العام 2018.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة