تقدم بريطانيا على خطوة جديدة في إطار مواجهتها لوباء "كوفيد - 19" من خلال البدء باختبار علاج تجريبي بالأجسام المضادة على مرضى مصابين بالعدوى في مستشفيات المملكة المتحدة، قد يسهم في تخفيض أعراض الفيروس لديهم.
هذا العلاج التجريبي الذي يأتي ضمن مشروع "تجارب استشفاء بريطانية"UK Recovery Trial (تجرى بموجبه تجارب سريرية واسعة النطاق في المستشفيات للعلاجات الممكنة للمرضى المصابين بكورونا) – الذي ينسقه خبراء في "جامعة أكسفورد" - سيتولى تقييم تأثير الأجسام المضادة المصنعة في المختبرات في نحو ألفي مريض خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وسيخضع في هذا الإطار المرضى للعلاج التجريبي من خلال إعطائهم "مزيجاً مركّباً" من الأجسام المضادة أطلق عليه اسم REGN-COV2، وذلك إلى جانب مواصلة تقديم الرعاية السريرية المعتادة لهم، لمعرفة ما إذا كان العقار الجديد يمكنه أن يخفّف من حدة المرض لديهم، ويسهم تالياً في تقليل عدد الوفيات.
مارتن لاندراي، الأستاذ في الطب وعلم الأوبئة في "جامعة أكسفورد" الذي يشارك في قيادة هذه التجارب، يرى أن "هذا الدواء يعدّ الأول من نوعه من ناحية تركيبته المميزة والمصممة خصيصاً لمواجهة هذا المرض". ويضيف: "هناك عدد كبير من الأسباب الوجيهة التي تدفع بنا إلى الاعتقاد بأنه قد يشكّل حقاً علاجاً قوياً للمرض".
في المقابل، أثنى نائب كبير المسؤولين الطبيين في إنجلترا البروفيسور جوناثان فان - تام على هذا التطور، واصفاً إياه بأنه "خطوة أخرى واعدة في مجال البحث عن علاجات ناجعة لعدوى ’كورونا‘". وأضاف: "إنني أتطلّع إلى معاينة مفاعيل عقار REGN-COV2 في مرحلة التجارب السريرية، وأشجع الناس على التطوع للمشاركة في هذا البحث الذي قد يسهم في النهاية في إنقاذ الكثير من الأرواح".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان مشروع تجارب الاستشفاء التابع لجامعة أكسفورد يهدف إلى دراسة ما إذا كان من الممكن تعديل تركيبة الأدوية المستخدمة راهناً لمعالجة المرض المستجد، وقد توصّل إلى إجابات مقنعة حول عدد منها.
وأظهرت نتائج التجارب في شهري يونيو (حزيران) وسبتمبر (أيلول) أن منشطات مثل "ديكساميثازون" dexamethasone و"هايدروكورتيزون" hydrocortisone تمكّنت من خفض معدلات الوفيات بين مجموعة من المرضى المصابين بالعدوى بشكل حاد".
مزيج REGN-COV2 المركّب الذي ابتكرته شركة Regeneron الأميركية والذي هو قيد التجربة الآن في المملكة المتحدة، يجمع بين نوعين مختلفين من الأجسام المضادة "وحيدة النسيلة" mAb (أجسام مضادة أحادية النوعية تتشكل من الخلية الأم) أو الأجسام المضادة التي يكوّنها الإنسان، ويتصرف هذان النوعان كالأجسام المضادة المكوّنة في جهاز المناعة لدى الإنسان.
وقد صمّم هذا المزيج للالتصاق بالبروتين الغشائي المعروف بـ "أس بروتين" Spike Protein الذي يستخدمه فيروس كورونا المستجد للوصول إلى الخلايا البشرية، بحيث يحدّ من قدرة الفيروس على الإفلات.
ويقول بيتر هوربي، الأستاذ في الأمراض المعدية الناشئة والصحة العالمية في "جامعة أكسفورد" وكبير الباحثين في التجارب التي تجرى في المملكة المتحدة: "اكتشفنا حتى الآن أن أحد العلاجات وهو ’ديكساميثازون‘ يساعد مرضى ’كوفيد - 19‘ على التعافي، لكن معدل الوفيات بالفيروس يظل مرتفعاً للغاية، لذا يجب أن نواصل البحث عن علاجات أخرى".
ويضيف: "إننا نتطلع من خلال تجربة سريرية عشوائية واسعة النطاق، إلى معرفة ما إذا كان REGN-COV2 آمناً وفاعلاً في مواجهة العدوى. وهذه هي الطريقة الوحيدة التي تجعلنا نتأكد من نجاعة المركّب في علاج المصابين بداء ’كوفيد - 19‘".
خبير صحي آخر يعلق آمالاً على هذه التجارب هو نيك كاماك الذي يدير الجهود العلاجية المتعلقة بـ"كوفيد - 19" في مؤسسة "ويلكام ترست" The Wellcome Trust (مؤسسة خيرية عالمية في المملكة المتحدة تدعم العلماء والباحثين). ويرى في هذا المجال أن الأدوية الجديدة المضادة للفيروسات التي تحتوي أجساماً مضادة، تعدّ "من بين أكثر العلاجات المثيرة والواعدة لعدوى ’كوفيد - 19‘"، لكنه يلفت في المقابل، إلى أنها من بين الأدوية الأكثر كلفة.
وأوضح كاماك أن "الدراسات العشوائية المضبوطة وواسعة النطاق مثل "ريكوفري" Recovery (الشفاء) تمنحنا فهماً أفضل حول مدى نجاعة عقارات مثل REGN-COV2 من حيث السلامة والفاعلية في مجال السيطرة على مرض ’كوفيد - 19‘، لكن يتعيّن علينا أن نضمن أن أي علاج ناجح سيكون متاحاً لكل من يحتاج إليه على مستوى العالم".
تجدر الإشارة إلى أن شركة "ريجينيرون" Regeneron عقدت شراكة مع شركة روش Roche، العملاقة في صناعة الأدوية لزيادة الإمداد العالمي من دواء REGN-COV2 إذا ما أثبتت التجارب فاعليته.
وكانت حكومة الولايات المتحدة قد وقّعت صفقة مع شركة "ريجينيرون" Regeneron قيمتها 450 مليون دولار (حوالى 350 مليون جنيه إسترليني) للحصول على هذا المركّب. وتتعهد الشركة بموجب شروط العقد ببيع ما بين 70 ألفاً إلى 300 ألف جرعة علاج محتملة من دواء REGN-COV2.
وأكدت الشركة (المبتكرة للعقار) أن الدراسات التي أجريت في وقت سابق على الحيوانات أظهرت أن المركّب يمكن أن يقلّل من حجم انتشار الفيروس في الجسم والحدّ من تلف الرئتين.
وأوضحت البروفيسورة فيونا وات الرئيسة التنفيذية لـ"مجلس البحوث الطبّية" Medical Research Council في المملكة المتحدة، أن الأجسام المضادة وحيدة النسيلة أثبتت حتى الآن فاعليتها في علاج مرض السرطان والأمراض المرتبطة بالمناعة الذاتية.
وقالت أخيراً إن "التجربة الجديدة ستظهر لنا ما إذا كانت الأجسام المضادة التي تهاجم الفيروس يمكن أن تكون حقيقة علاجاً فعالاً لعدوى ’كوفيد - 19‘".
© The Independent