Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البريكست بُني على وعود خاطئة، دعونا نبتعد عن هذه الكارثة المحدقة

كأمة، نواجه تحديات خارجية وداخلية هائلة. وكي نعالج هذه المشكلات، علينا أن نتحد لنصير أقوى. لكن الـ"بريكست" ينطوي على خطر تدمير ذلك إلى الأبد

إنه لأمر جيد أن ترغب في شراء بيت، ولكن عليك أن تفكر مرتين قبل شرائه إذا اكتشفت بعد فحص هيكلي للبناية أنّها مملؤة بالشقوق (أ.ف.ب)

معاً نكون أقوى: هذه جملة أؤمن بها حقّاً.

عندما صوّتنا لصالح مغادرة "الاتحاد الأوروبي" في يونيو 2016، كنت في حالة من الذهول وعدم التصديق. انفطر قلبي. وتساءلت "كيف فعلنا ذلك؟". لكن، آنذاك، مهما كان رأيي، "كانت تلك إرادة الشعب". فقد صوت 52 بالمائة من السكان بطريقة مختلفة عما فعلتُ. ومهما كانت آرائي، توجّب عليّ احترام تلك النتيجة. وكلنا فعلنا ذلك، أو اعتقدنا بأننا فعلناه.

لاحقاً، ظهر إلى العلن كل أنواع المعلومات الجديدة حول الموضوع. وحينما مُحّصَتْ حملات الاستفتاء، أضحت الوعود والتمويل والاستراتيجيّة موضع شك كبير. ولسوء الحظ، على عكس حالته مع الانتخابات العامة، لا يتلاءم القانون الانتخابي بشكل جيّد مع الاستفتاءات، وثمة ضرورة ملحة لتحديثه.

ولكن، حتى لو نحيّنا ذلك كلّه، كل صفقة يجب أن تكون لها شروط وأحكام. إنه لأمر جيد أن ترغب في شراء بيت، ولكن عليك أن تفكر مرتين قبل شرائه إذا اكتشفت بعد فحص هيكلي للبناية أنّها مملؤة بالشقوق. وماذا عن الرهن العقاري؟ ربما لن تضع توقيعك على الخط المنقط المخصص له في العقد، إذا اكتشفت لاحقاً أن المبالغ التي ستدفعها لسداد دَيْنك ستفوق السعر الحقيقي 20 ضعفاً. وإذا أدركت في نهاية المطاف أنّ البيت الذي كنت تقيم فيه أصلاّ هو أفضل بكثير من البيت الجديد، قد يكون التوقّف وإعادة النظر وربما عدم التحرك على الاطلاق، فكرة جيدة.

في بعض الأحيان، يبدو كأن غُلاة أنصار الـ"بريكست" يريدون الخروج من أوروبا مهما كلف الأمر. كما يبدو أنهم سيسْعدون بالخروج حتى وإن كانت شروط الصفقة تقتضي بتر ذراع كل شخص منا. طالما تعلّق الأمر بالمغادرة، فذلك هو الأمر الرئيسي.

"ابتهجوا، غادرنا!"

"لكن، لدينا ذراع واحدة فقط!"

"لكننا غادرنا، ابتهجوا!"

"لككنا جميعا ننزف دما حتى الموت!"

"إنها إرادة الشعب! غادرنا!"

"هه، هذا لا يعقل ..."

أرى أننا بحاجة لأن نغادر الاتحاد الأوروبي بصفقة جيدة أو ألا نغادر مطلقاً. ولا يمكننا أن نقبل أية صفقة قديمة لمجرد أنها صفقة. ويبدو أن تريزا ماي تعتقد أنه إذا استمرت في إعادة وضع صفقتها على الطاولة سيتم تمريرها في النهاية، وأن ذلك هو الحل السريع الذي نحتاج إليه جميعا. لكن الصفقة لن تمر.

تترك صفقة ماي قضايا عدّة من دون حل، حتى قضايا أساسيّة مثل التجارة، وهي بذلك تعرضنا للخطر بشكل مرعب. إذ يستغرق تنفيذ "بريكست" وإدارته سنوات عدّة، ويشمل ذلك صياغة قوانين وإعادة صياغتها ، ووضع تشريعات، والتفاوض على صفقات جديدة. ولكن، من الممكن تخصيص ذلك الوقت لمعالجة قضايا داخليّة أخرى تحتاج إلى عناية ملحة.   

ويقول البعض إنه إذا سارت الأمور بشكل سيئ، ما علينا إلا تركه ومعاودة الانضمام إلى أوروبا. إلا أنه في تلك الحالة سيكون احتمال حفاظنا على الجنيه ضعيفاً جداً. ولا يمكننا حتى افتراض أنه سيتاح لنا العودة، ولندع جانباً النقاش عن هذه الصفقة التي بين أيدينا اليوم.

وإذ نبدد وقتنا على هذه الكارثة التي لحقت بنا، وقت كان من الأجدر تخصيصه لمشاكلنا الداخلية، علينا أن نتساءل عن القضايا العالمية التي نواجهها. تتمثّل حافة الهاوية التي تقترب منها في التغيرات المناخية، وليس "بريكست"، وتلك كارثة ستكون أشد إيلاماً علينا لأنه ليس بمقدورنا التصدي لها وحدنا. وإن كنتم قادرين على ذلك، فإني أناشدكم أن تخرجوا في مسيرة لتشجيع رئيسة الوزراء على وضع الصفقة النهائية بيد الشعب. وكي نتمكن من مواجهة المشاكل العالمية، علينا أن نتحد لنصير أقوى، لكن البريكست يهدد بتدمير ذلك إلى الأبد.

© The Independent

المزيد من آراء