Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السوريون يعانون من أزمة وقود خانقة الأكبر منذ بداية الحرب

مخاوف من انهيار سبل عيش الناس العاديين بعد تعطل أعمالهم

سوريون يعتمدون على الدرجات في تنقلاتهم النادرة في ظل أزمة الوقود (اندبندنت عربية)

يعيش السوريون هذه الأيام أزمة مواصلات لم يشهدوا مثيلاً لها حتى في أصعب أيام الحرب، وذلك جراء فقدان مركباتهم العامة والخاصة لمادة البنزين التي باتت نادرة جداً.

وأسفرت قلّة تلك المادة الحيوية عن تعطل الحياة في البلاد وأدت إلى توقف الأعمال، وسط مخاوف من استمرارها لتمتد إلى مواد التدفئة، ما سيسبب كارثة إنسانية في فصل الشتاء الذي بات على الأبواب.


الحياة الصعبة

كذلك ينذر فقدان مادتَي البنزين والمازوت اللتين تشغّلان محركات الطاقة والمولدات الكهربائية الصغيرة والمتوسطة الحجم بحدوث معاناة شديدة تلقي بأثرها في مؤسسات القطاع الصحي من مراكز صحية ومستشفيات، في ظل مطالبات شعبية للحكومة بإيجاد حلول ولكن من دون جدوى.

في المقابل، لم توضح دمشق منذ ما لا يقلّ عن عشرة أيام، أسباب الضائقة التي تعيشها البلاد، ولم يصدر عنها أي بيان يبرّر ما يحصل.

 ويظل العجز الحكومي سيد الموقف أمام محطات وقود خُفّضت مخصصاتها إلى أقل من النصف، وبعضها يعمل لساعات قليلة قبل أن توقف مضخاتها وتغلق، بينما يبيت السائقون لأيام بانتظار دورهم لتعبئة مركباتهم العطشى للوقود.
 


في غضون ذلك، وعلى الرغم من التكتم الرسمي، علمت "اندبندنت عربية" من مصدر في وزارة النفط، أن حلاً جزئياً للمشكلة بات قريباً، لا سيما بعد بدء أعمال الصيانة في مصفاة بانياس (غرب سوريا) يوم الثلاثاء 15 سبتمبر (أيلول) الحالي. وقد تستمر تلك الأعمال في المصفاة لأقل من شهر واحد وستوضع بعدها في الخدمة لتصبح تغطية حاجات السوق ممكنة.

أما بشأن التساؤلات حول موقف حلفاء النظام السوري مما يحدث، فاكتفى المصدر ذاته بالحديث عن مساعٍ جادة للحصول على واردات نفطية من تلك الدول، مشيراً في الوقت ذاته إلى عدم وصول أي سفن محملة بالوقود منذ 5 أشهر إلى سوريا. وأضاف أن "قانون قيصر الذي دخل حيّز التنفيذ بعد 17 يوليو (حزيران) الماضي، عزّز المخاوف، وبات صعباً وصول سفن من إيران أو روسيا، ناهيك عما يكتنف حركة هذه السفن والشحنات باتجاه البلاد من سرية تامة".
سبق ذلك قرار حكومي في 6 سبتمبر (أيلول) الحالي، قضى بتشكيل لجنة مختصة بالموارد والطاقة في رئاسة مجلس الوزراء، برئاسة وزير النفط والثروة المعدنية وعضوية وزراء الموارد المائية والنقل والصناعة والكهرباء وحاكم مصرف سوريا المركزي ومدير مكتب تسويق النفط.

من ناحية أخرى، أعلن مدير مصفاة بانياس بسام سلامة أن المصفاة قادرة على إنتاج 130 ألف برميل يومياً، مضيفاً أنها "بكل أقسامها ستدخل في مرحلة صيانة شاملة لوحداتها الإنتاجية، ستستمر من 20 إلى 25 يوماً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


"قيصر" والبنزين

في غضون ذلك، فقدت شوارع دمشق والمدن السورية الواقعة تحت سيطرة النظام، دوران عجلات المركبات وأصابها الشلل، ما انعكس على أداء عمل المؤسسات الخدمية، وبات تنقل المواطنين بين المحافظات أو داخل المدن صعباً، ولجأ بعضهم إلى قيادة الدراجات الهوائية كحلّ مؤقت.
وأدت الأزمة إلى وقوف طوابير أمام محطات الوقود، وصل طول بعضها إلى كيلومترات عدة من السيارات المصطفة لتعبئة 30 ليتراً فقط عبر بطاقة تسمّى "الذكية" بعد تخفيض الكمية السابقة بـ10 ليترات.
وعلى الرغم من ذلك الوضع الصعب، لا يزال عسيراً على أصحاب المركبات الحصول على ليترات تسدّ حاجاتهم في ظل حالة فلتان أمني تسود أمام المحطات ووسط عدم قدرة رجال الشرطة على ضبط الأمور والتصدي لقوة الميليشيات التي ترغم أصحاب تلك المحطات على تعبئة مركباتهم بقوة السلاح، متجاوزين الطوابير.
وعلمت "اندبندنت عربية" أن اشتباكاً مسلحاً وقع في محافظة السويداء بين مجموعتين أمام إحدى محطات الوقود من أجل تعبئة مركباتهم وتجاوز الدور المخصص لذلك، ما أدى إلى سقوط جرحى.

أرض النفط

حيال هذا الواقع المظلم، تلقي أوساط سياسية اللوم في تلك الأزمة على قانون العقوبات الأميركي "قيصر"، وما تلاه من تبعات الحرص والحذر من مغبة إمداد النظام الحالي بالمواد النفطية ومشتقاتها. ويرى مراقبون أنه "من المؤسف أن يحصل ذلك في سوريا التي تعدّ دولة نفطية تغصّ أراضيها في الشمال الشرقي والغربي بحقول النفط والغاز".
كذلك، ردّ سياسيون سوريون أسباب الأزمات المتكررة إلى العقوبات الأميركية والأوروبية التي أثرت في الوسط الشعبي مباشرةً.

وأدى توقف تبادل الواردات النفطية عبر وسطاء من قبل النظام و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) من حقول شمال شرقي البلاد، إلى حالة إرباك لدى السوريين، بعدما كانت دمشق تستجلب تلك المواد الحيوية من مناطق الإدارة الذاتية الكردية، بدعم من الولايات المتحدة المسيطرة على الحقول، التي كانت تخضع قبل ذلك لتنظيمات متطرفة أبرزها "داعش".
في خضمّ كل هذا، يراقب السوريون المشهد وسط مخاوف من حصار سيترك تأثيراته في كل شيء بما في ذلك لقمة عيشهم، إذ إن محاذير انقطاع الوقود والمحروقات المشغّلة للأفران والمخابز يهددها بالإغلاق التام، إن لم يتمكن النظام السوري وحلفاؤه من إيجاد حلول.

المزيد من العالم العربي