Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد سلام المنامة وإسرائيل ماذا نعرف عن يهود البحرين؟

عضو مجلس الشورى خضوري تحدثت لـ"اندبندنت عربية" عن نظرتها وفئتها للاتفاق وأعدادهم وتاريخهم في البلاد

وفد كنيس أميركي في زيارة للكنيس البحريني (مرآة البحرين)

قبل أن تعلن مملكة البحرين انضمامها أخيراً إلى جارتها الإمارات في إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل، كانت وسائل إعلام خليجية في السنوات الأخيرة قد سلطت الأضواء على تاريخ اليهود في الإقليم، خصوصاً "البحرينيين"، حيث لا يزال وجود أبناء الديانة واقعاً ملموساً في التجارة والثقافة، وحتى المناصب الحساسة.

 لذلك يُنظر إلى المنامة باعتبارها معنية بالعلاقات الجديدة على نحو خاص، أمكن المراقبين من التنبؤ بأنها ستكون التالية بعد كسر أبو ظبي الحاجز، فالمواطنون اليهود في البحرين على الرغم من قلة عددهم، فإن تأثيرهم في المشهد السياسي، تجاوز بلدهم إلى المستوى الدولي، إذ كانت أول سفيرة يهودية لدولة عربية هي هدى نونو، التي عينت سفيرة للمنامة في واشنطن بين 2008 و2013 لتلفت الأنظار في ذلك الوقت إلى وجود فئتها في الإمارة الخليجية بشكل كبير في أهم عواصم العالم. 

وتشير التقارير الواردة من المنامة إلى أن العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تبنى دعم الأقلية اليهودية في مملكته أكثر من سابقيه، مما دفع "اللجنة اليهودية الأميركية" إلى التنويه بذلك، من خلال تقليده عام 2009 وساماً تقديرياً، نظير "الدور الذي تلعبه الجالية اليهودية في البحرين، فهو ذو أهمية كبيرة وعلامة مميزة بالنسبة لبقية دول المنطقة"، وفقاً لبيان اللجنة. 

أكثر من المتوقع

لكن مهما يكن من دور للأقلية هنالك، فإنها لم تكن تحلم بالخطوة التي أقدمت عليها المنامة، وبدت تاريخية ومفاجئة لها، حسب بيان ممثل المجموعة إبراهيم داود نونو، الذي قال في بيان رسمي نشرته وكالة البحرين للأنباء "إن المجتمع اليهودي في البحرين مجتمع متجانس مع نسيج المجتمع البحريني، سواء في الأعمال أو في الثقافة، وهو مجتمع موجود في المملكة، ولدينا كنيس ومقبرة يعملان حتى يومنا هذا. وهذه لحظة تاريخية لم نتوقع أن نراها في حياتنا". 

ومثله المستشارة البحرينية نانسي خضوري التي قالت لـ"اندبندنت عربية"، إنها تنظر للاتفاق البحريني مع إسرائيل بوصفه "خطوة تاريخية هامة تجاه تحقيق السلام في منطقة الخليج والشرق الأوسط؛ ذلك أن الحوار والعلاقات المباشرة بين البلدين ستساعد على البناء الإيجابي وعلى دعم الاستقرار والأمن والازدهار في المنطقة".

وذكرت أن المواطنين اليهود في البحرين يتمتعون بكل حقوق المواطنة أسوة بنظرائهم من المسلمين في البلاد، وعددهم الآن 36 شخصاً من أصل مئات في السابق، يعود أول تاريخهم في أرض اللؤلؤ إلى 1880م؛ إذ جاء أكثرهم من العراق مثل عائلتها. وتقول بعض التقديرات إن أرقامهم المحدثة تناهز الـ70 نفساً.

تهديدات بـ"الانتقام"

لا تجد خضوري الناشطة في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني في مجلس الشورى البحريني تناقضاً بين صفاتها المتعددة، فهي فخورة بكونها "بحرينية يهودية المعتقد، ومواطنة خليجية وعربية". وترى أن الظروف الصعبة التي مر بها البحرينيون عامة زادتهم تقارباً، وليس العكس، في إشارة إلى الأحداث التي دفعت أبناء من مجموعتها للهجرة، وتلك التي عصفت بالمنامة إثر احتجاجات "دوار اللؤلؤة" قبل بضع سنين. 

وعلى الرغم من الجوانب المشرقة التي تشير إليها خضوري ونونو فإن جوانب أخرى تركت آثارها على الأقلية، مثل حروب العرب مع إسرائيل في 48، وكذلك 67 من القرن الماضي؛ إذ أدت إلى هجرة أكثرية أبناء الديانة إلى إسرائيل، إما اختياراً، وإما خوفاً من الغضب العربي المتأجج في ذلك الحين. كما أن أصواتاً في المنطقة نددت بالتقارب بين تل أبيب والمنامة، لدرجة دفعت الحرس الثوري في طهران إلى تهديد الجزيرة بـ"الانتقام"، وهو تهديد ترجم مرات عدة إلى أفعال، ولم يقف عند الأقوال، حين حركت إيران أدواتها في الإمارة الخليجية، واستغلت أجواء "الربيع العربي" لتغيير المعادلة السياسية في البحرين لصالحها، قبل أن تتدخل قوات "درع الجزيرة" بقيادة السعودية بغتة لإحباط تلك المحاولة. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير الكاتب البحريني علي الجلاوي في كتابه عن "يهود البحرين" إلى تناقص في العائلات اليهودية التي لا تزال تقطن البحرين، ويعيد ذلك إلى أتون الصراع بين العرب وإسرائيل، لكن بعض ما انتهى إليه المؤلف من تصوير علاقة بين المكون الشيعي واليهودي في الجزيرة الصغيرة، أثار انتقاد بعض قرائه البحرينيين من السنة في مراجعاتهم للكتاب على "جود ريد". 

عائلات يهودية لا تزال صامدة

يؤكد الجلاوي أن "بعض العوائل تكاد لا تجد لها أثراً، وبعضها لها اتصال بطبقة معينة من المجتمع، ولكنك تجد أكثرهم في متاجرهم وبعض الأسواق التي يرتادونها، ولا يمكنك التفريق بينهم وبين المحليين لسمة ما، وكبار السن منهم يجيدون اللغة العربية أكثر من الجيل الثاني، وأكثر أبناء هذه العوائل لا يدرسون حالياً في المدارس العامة، ولكن مع الجيل الثاني بدأ الاحتكاك والاختلاط في المحافل والمؤسسات الرسمية والأهلية، فنجد بعضهم دخل في مؤسسة لحقوق الإنسان والبعض الآخر في مؤسسات تختص بعضوية نيابية، وآخرون لهم نشاطاتهم التي لها اتصال بالمجتمع المسلم في البحرين".

وذكر أن بين العوائل التي بقيت "عائلة نونو، وكوهين، ويادكار، وسويري، ومراد، وبروين، وروين، وخضوري، وهارون، وحسقيل، وحوقي، وغرجي، وزلوف، ومنشي، ويهوذا"، لافتاً إلى ظروف كل عائلة ومكانتها ومشاهيرها في البحرين. 

ويرى مهتمون بالشأن العربي الإسرائيلي أن اتفاق البحرين سيمنح مرونة أكبر للتواصل بين يهود البحرين وأقاربهم الذين هاجروا منذ عقود إلى إسرائيل، أو على الأقل إلقاء التحية على قبور المتوفين منهم، حسب وصف "نونو". 

وتقول الأقلية اليهودية في البلاد إنها تتمتع بحقوق كاملة مثل بقية البحرينيين، لدرجة أن أحد أفرادها المهتمين بالشأن الثقافي عندما سألته "اندبندنت عربية" عما تضيف الاتفاقية الجديدة إلى محيطه استشاط غضباً، وقال "هذه الزاوية من التناول مرفوضة بحرينياً. اليهودية في البحرين ديانة أكثر من عرق، واليهود مواطنون بحرينيون أولاً وأخيراً".

وتسمح البحرين لكل الديانات بإقامة مراكز العبادة وأداء طقوسها الدينية بمن في ذلك اليهود، إلا أن الكنيس اليهودي في المنامة شبه مهجور، ولا تؤدى فيه الصلوات بسبب عدم اكتمال النصاب في الأحوال العادية. غير أن وجوده في تقدير خضوري يشكل بُعداً نفسياً مهماً لشريحتها. 

لكن في سياق آخر انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها العالمي 2020 سجل البحرين الحقوقي، معتبرة أنه تدهور في 2019؛ إذ "نفذت الحكومة إعدامات، ودانت المنتقدين بسبب تعبيرهم السلمي، وهددت النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي".

وقال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش": "إن السلطات البحرينية أسكتت، أو نفت، أو سجنت كل من ينتقد الحكومة، ما يزيد الأمور سوءاً، يتجاهل حلفاء البحرين كل ذلك ويواصلون العمل مع البحرين كالمعتاد بدل الضغط عليها للإفراج عن نبيل رجب وآخرين مسجونين بسبب تعبيرهم عن رأيهم"، على حد قولها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير