Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الستينية الغنية... أي الدول أكثر تأثيراً في "أوبك"؟

قدرات السعودية الإنتاجية واحتياطاتها الضخمة تضعها بمقدمة الدول في حركة الذهب الأسود عالمياً والاضطرابات السياسية والأمنية تبعد "مؤقتاً" أدوار أعضاء فاعلين في التجمع

أوبك تفتتح اجتماعاً لمدة يومين لمناقشة أسعار النفط الخام في فيينا عام 1974 (غيتي)

بنحو 40 في المئة من الإنتاج النفطي العالمي، تحول تجمع "منظمة الدول المصدرة للنفط"، المعروف اختصاراً بـ"أوبك"، ليكون الرقم الأبرز في معادلة الطاقة العالمية، بحسابات العرض والطلب وسياسات الطاقة التي ينتهجها أعضاؤها، ويرتبط بها أغلب الاقتصادات العالمية.

وعلى مدار العقود الستة التي تلت إنشاءها في سبتمبر (أيلول) 1960، تصدرت "أوبك" محور الاهتمام الدولي على الصعيد الطاقوي؛ بسبب تأثيرها على أسعار النفط في العالم، وقدرتها على وقف إمداده كما حدث في سبعينيات القرن الماضي، فضلاً عن قدرة دولها الأعضاء، وعلى رأسها السعودية، صاحبة ثلث الإنتاج النفطي للمجموعة، على التأثير في سياسة إبقاء التوازن في الأسواق واستقرار أسعار الخام النفطي.

ومع انضواء نحو 13 دولة تحت تحالف "أوبك"، وتباين قدرة تأثير كل دولة من أعضائها فيما يتعلق بالإمدادت النفطية على المستوى العالمي، تبقى السعودية صاحبة الإنتاج الأكبر والاحتياطي الأضخم في العالم، وفق تقديرات كُثُر، الزعيمة الفعلية لمنظمة "أوبك"، والعضو الأكثر نفوذاً بالمنظمة.

وفي الذكرى السنوية الثانية والستين لإنشاء "أوبك" تبحث "اندبندنت عربية" الدول الأكثر تأثيراً بها في مواجهة دول نفطية عملاقة من خارج المجموعة من بينها الولايات المتحدة وروسيا، والتي تبوأت في السنوات الأخيرة صدارة الدولة المنتجة للنفط عالمياً، ما يؤشر على أن الذكرى الستين لـ"أوبك" تأتي في عام استثنائي على صناعة النفط ودول "أوبك"؛ إذ شهد هذا العام حرب أسعار بين روسيا والسعودية أدت إلى زيادة هائلة في حجم العرض، وذلك خلال الأشهر الأولى لتفشي وباء كورونا وهبوط الطلب بشكل كبير. وأدت حرب الأسعار والوباء إلى هبوط في أسعار النفط إلى ما تحت الصفر في سابقة تاريخية، قبل أن يتدارك الجميع الأمر وتخفض مجموعة "أوبك+" الإنتاج تخفيضاً تاريخياً.

أي أرقام تحملها "أوبك"؟

"أوبك" التي ظهرت بهدف "تنسيق وتوحيد السياسات البترولية للدول الأعضاء، وضمان استقرار أسواق النفط من أجل تأمين إمدادات فعالة واقتصادية ومنتظمة من النفط للمستهلكين، وتحقيق دخل ثابت للمنتجين وعادل بالنسبة إلى العائد على رأس المال لأولئك الذين يستثمرون في صناعة البترول"، وفق ميثاقها التأسيسي، تراقب أعضاءها بالسوق العالمي وتقرر بشكل جماعي رفع إنتاج النفط أو خفضه من أجل الحفاظ على الأسعار وإحداث توازن بين العرض والطلب.

وعلى الرغم من تجميد بعض الدول عضويتها وأعادت تفعيلها عدة مرات، يوفر أعضاء المنظمة مجتمعين قرابة 40 في المئة من إنتاج النفط الخام العالمي فيما تنتج 12 دولة تنتج مجتمعة بالمنظمة ثلث النفط الخام المستخرج في العالم، وكذلك تمثل صادرات "أوبك" النفطية نحو 60 في المئة من إجمالي النفط المتداول دولياً، بحسب تقديرات "إدارة معلومات الطاقة الأميركية"، كما يوجد لدى الدول الأعضاء قرابة 81.9 في المئة من إجمالي الاحتياطات العالمية الثابتة، يقع الجزء الأكبر منها في منطقة الشرق الأوسط، بقرابة قرابة 65.36 في المئة من إجمالي احتياطات المنظمة.

ووفق المراقبون، فإن الأداة الرئيسة التي تملكها "أوبك" وتعطيها قوة غير تقليدية، هي التحكم بمستويات الإنتاج، إما من خلال تقليصها إذا أرادت رفع الأسعار أو زيادتها إذا أرادت خفض الأسعار، على الأقل إلى حد لا يؤدي إلى انهيار الأسعار؛ وذلك على الرغم من أن نسبة 60 في المئة من الإنتاج النفطي العالمي تقع خارج "أوبك"، وتتصدره دولتان، وهما روسيا والولايات المتحدة (تجاوز الإنتاج النفطي الأميركي نحو 19.5 مليون برميل يومياً العام الماضي 2019، وإنتاج السعودية نحو 12 مليون برميل يومياً، وباتت أكبر منتج للنفط في العالم، فيما حلت روسيا ثالثاً بنحو 11.5 مليون برميل نفط يومياً، وفق بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية).

وبحسب ما نقلت شبكة "سي أن أن" الأميركية، عن أستاذ العلاقات الدولية بجامعة براون، جيف كولغان، فإن "(أوبك) اكتسبت سُمعتها بالسيطرة على سوق النفط العالمية في أزمة النفط عام 1973، وذلك لأن بعض أعضاءها وضعوا حظراً على الولايات المتحدة"، وتجلت قدرة "أوبك" مع مرور الزمن عبر صياغتها لمحددات الـسعار والعرض والطلب عالمياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يشار إلى أن الدول التي انضمت لـ"أوبك" كانت على النحو التالي: حيث انضمت قطر بعد عام واحد من التأسيس، وإندونيسيا وليبيا بعد عامين، والإمارات عام 1967، والجزائر عام 1969، ونيجيريا عام 1971، والإكوادور عام 1973، والغابون عام 1975، وأنغولا عام 2007، وغينيا الاستوائية عام 2017، والكونغو عام 2018. وبين تلك الدول، علقت إندونيسيا عضويتها مرتين، كانت آخرها عام 2016 ولا تزال عضويتها معلقة حتى اليوم، كما انسحبت قطر من المنظمة مطلع العام الماضي. وانسحبت الإكوادور أوائل العام الحالي.

السعودية الأكثر تأثيراً في سياسات الطاقة

مع التأكيد أن السلاح الأقوى لـ"أوبك" يبقى في التأثير على أسعار عبر "التحكم بالعرض والطلب"، وتحديداً التحكم بسقف الإنتاج، الذي يمكن تعديله نحو الارتفاع أو الانخفاض تبعاً لمصالح الدول الأعضاء بالمنظمة، وذلك استناداً للأهداف التي تأسست عليها، حيث تشمل توحيد السياسات النفطية بين الدول الأعضاء ضمان أسعار مستقرة لمنتجي النفط وضمان الإمداد الموثوق والمنتظم للدول المستهلكة.

ووفق مؤشرات الطاقة العالمية والبيانات الرسمية الصادرة عن الدول الأعضاء للمنظمة، تأتي السعودية على رأس الدول النفطية، سواء عبر قدرتها الإنتاجية اليومية التي وصلت لحاجز 12 مليون برميل يومياً (أكثر من ثلث إنتاج مجموع الدول الأعضاء)، أو الاحتياطات الاستراتيجية الأكبر في العالم (تمتلك وحدها أكثر من نصف الاحتياطات النفطية)، فيما تأتي الدول التالية على النحو التالي: العراق (4.4 مليون برميل يومياً)، وإيران (3.5 مليون برميل يومياً)، والإمارات (3 ملايين برميل يومياً)، والكويت (2.9 مليون برميل يومياً)، وفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية، وهو ما يعد مؤشراً على القدرة التي تتمتع بها السعودية في التحكم بإنتاج النفط على مستوى "أوبك" أو المستوى العالمي.

 

وتقول الدراسات المتخصصة إن النفط السعودي يكتسب ميزات تنافسية أخرى غير موجودة لدى أغلب الدول النفطية، إذ يعتبر النفط السعودي هو الأرخص في الإنتاج عالمياً، إذ تبلغ التكلفة (شاملة الضرائب الإجمالية والإنفاق الرأسمالي ومصاريف النقل) 8.98 دولار للبرميل، وفقاً للبيان التمهيدي للطرح الأولي العام لشركة أرامكو (عملاق النفط السعودي) العام الماضي. وبالمقارنة، تبلغ تكلفة إنتاج النفط الصخري الأميركي 23.35 دولار للبرميل (والنفط غير الصخري 20.99 دولار للبرميل)، بينما تبلغ متوسط تكلفة إنتاج النفط الروسي 19.21 دولار للبرميل، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

وتتصدر السعودية زعامة وقيادة "أوبك" والقدرة على التأثير في قراراتها، وهو ما ظهر جلياً مع دخولها في "حرب أسعار"، مع روسيا في مارس (آذار) 2020، بعد رفض الأخيرة تجديد اتفاق خفض الإنتاج المعروف بـ"اتفاق أوبك+" بقيم خفض إضافية لمواجهة أزمة نقص الطلب على النفط الناتجة عن تراجع الاستهلاك العالمي، وهو ما تجلت فيه القدرة السعودية وفق رأي المراقبين على "إعادة ضبط السوق النفطية العالمية مجدداً"، بعد أن انتهت الأزمة بالإعلان في 12 أبريل (نيسان) 2020 عن توصل مجموعة "أوبك+" (تضم إلى عضوية أوبك عشر دول أخرى من مصدري النفط من غير (أوبك)، وعلى رأسهم روسيا) لاتفاق يقضي بخفض إنتاج النفط بمقدار 9.7 مليون برميل يومياً ابتداءً من مطلع مايو (أيار) 2020 (وهو أكبر اتفاق للخفض في تاريخ أوبك).

ووفق تقرير لوكالة "بلومبرغ" الأميركية، فإن أزمات الطاقة الأخيرة التي شهدها العالم، لا سيما فيما يتعلق بالمعروض والإنتاج وأسعار النفط، أظهرت الأقطاب النفطية في العالم، وهي السعودية (عن أوبك) وروسيا والولايت المتحدة، الممثلون لأكبر ثلاثة منتجين للنفط في العالم، حيث يتجاوز إنتاجها مجتمعة من الذهب الأسود إنتاج أعضاء "أوبك".

وتحافظ السعودية، ضمن سياستها للطاقة، على ميزة تنافسية تتمثل في أنها الدولة الوحيدة التي لديها طاقة إنتاجية فائضة يمكنها أن تستخدمها في أي وقت، كما أنها الدولة الوحيدة التي تستطيع خفض الإنتاج بكميات كبيرة دون أن يؤثر ذلك كثيراً على اقتصادها.

أي الدول أكثر تأثيراً في "أوبك"؟

بحسب بيانات منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، يستحوذ اثنا عشر بلداً من أعضائها على إنتاج نحو ثلث النفط الخام المستخرج في العالم، وتسعى إلى التأثير على أسعار الذهب الأسود من خلال تنسيق إنتاجها، حيث تأتي في المراتب الخمس الأولى السعودية، والعراق، وإيران والكويت والإمارات، تليها كل من فنزويلا ونيجيريا وأنغولا والجزائر وليبيا وقطر (انسحبت في 2019) والإكوادور، إلا أنه بسبب بعض الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي يشهدها عدد من الدول الأعضاء في "أوبك" مدار السنوات الأخيرة، وهو ما يؤثر بالتبعية على كميات النفط المنتجة، كما هو الحال في فنزويلا وليبيا ونيجيريا والعراق (حيث تشهد تلك البلدان اضطرابات سياسية)، وكذلك تأتي إيران والعقوبات الأميركية المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي، ما ساهم احتمال خروج إيران من السوق النفطية العالمية كلياً أو جزئياً، تركز التأثير بشكل أكبر على الدول التي تشهد استقراراً، وعلى رأسها السعودية، وهو ما يساهم في نقص المعروض بالسوق في بعض الأحيان.

وتستعين "أوبك" بعدة أجهزة داخلها لاتخاذ القرارات للحفاظ على مصالح الدول المنتجة، ومنها المؤتمر الوزاري، وهو أعلى سلطة في المنظمة، ومجلس المحافظين، وهو إدارة تتابع مهام الأمانة العامة المالية، بما فيها موازنة المنظمة وجدول أعمال المؤتمر الوزاري، ولجنة "أوبك" الاقتصادية، وهي جهة فنية تعنى بتحليل السوق، والأمانة العامة، وتضم الأمين العام والمديرين والموظفين العاملين في فيينا التي تتخذها مقراً لها منذ عام 1965.

 

وبحسب تقرير لـ"معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، تملك الدول المنتجة الرئيسة في "أوبك"، خاصة أكبرها السعودية، قدرات إنتاجية غير مستغلة بإمكانها استخدامها بسرعة لزيادة الإمدادات، خاصة في حال أزمات جيوسياسية، وتعتبر مصدراً آخر يؤثر كثيراً على أسعار الخام.

ومنذ تأسيس "أوبك"، كانت الأزمات والاضطرابات التي تطال أعضاءها على المستوى الإقليمي أو الوطني، سبباً رئيساً في التأثير على أسعار النفط، والذي تجلت أولى صوره في أزمة النفط عام 1973، حين قررت الدول العربية حظر تصدير النفط إثر الحرب مع إسرائيل، ما تسبب في حدوث هلع في السوق، أو ما يسمى أول صدمة نفطية، حيث قفز سعر برميل النفط العربي الخفيف من 2.83 دولار في عام 1973 إلى 10.41 دولار عام 1974.

وبالتزامن مع الحرب العراقية - الإيرانية في عام 1980، قفز سعر نفط بحر الشمال في بريطانيا إلى رقم قياسي جديد (40 دولاراً للبرميل)، وكان ذلك أعلى سعر على مدار 10 سنوات، وهو ما دفع لتأسيس بورصة نيويورك والتعامل بالعقود الآجلة للنفط، في عام 1983.

وخلال حرب الخليج الأولى ما بين 1990-1991، قفزت الأسعار إلى أعلى مستوى لها حتى ذلك التاريخ، فأصبح 41.41 دولار للبرميل الواحد. وخلال عامي 1998-1999، نشبت الأزمة الاقتصادية الآسيوية، وهبطت وقتها الأسعار إلى ما دون الـ10 دولارات للبرميل الواحد.

وفي عام 2000، أعلنت فنزويلا، رئيسة "أوبك" وقتها، عن "آلية حزمة أسعار" نصت على تقليص المجموعة للإنتاج أوتوماتيكياً إذا ما انخفض سعر النفط وزيادة الإنتاج أوتوماتيكياً إذا ما ارتفع سعر النفط عن (22 ـ 28 دولار للنفط) لسلة من أنواع محددة من النفطk كما أن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على مركز التجارة العالمي في نيويورك هزت أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مستهلك للطاقة.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز