Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران تستهدف "صانعة حقائب" انتقاما لسليماني

لوحت طهران بسلاح الاغتيالات ضد ترمب عبر سفيرته في جنوب أفريقيا

أثار اختيار لانا ماركس لحمل الحقيبة الدبلوماسية في كيب تاون جدلاً بسبب عملها كمصممة حقائب (انستغرام: لانا ماركس)

لم ينته الأمر بالنسبة للإيرانيين، فالخسارة كانت موجعة باغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، وهو ما كشف عنه تقرير استخباراتي أميركي عن تدارس إيراني لخيارات الرد.

إذ يبدو أن الإيرانيين عضّوا على جراحهم طيلة الأشهر الماضية بحثاً عن الموعد الأكثر إيلاماً بالنسبة لرجل لا يعمل  إلا لإعادة انتخابه فقط.

أوردت تقارير استخباراتية أميركية، أن المسؤولين في طهران يدرسون فرص اغتيال السفيرة الأميركية في جنوب أفريقيا، رداً على اغتيال القائد العسكري الإيراني.

وقال مسؤولون  نقلت عنهم صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، إن السلطات في واشنطن كانت على علم بوجود تهديد منذ بداية العام ضد السفيرة في كيب تاون، لانا ماركس، في إطار الرد على قرار الرئيس دونالد ترمب قتل الجنرال الإيراني المدرج على قوائم الإرهاب الأميركية منذ 2011، إلا أن التهديد بات أكثر خطورة في الأسابيع الأخيرة.

واتهم أحد المسؤولين الذين نقلت عنهم الصحيفة الأميركية السفارة الإيرانية في الدولة الأفريقية بالضلوع في المؤامرة، التي من الممكن أن تتسبب بتصعيد خطير من قبل الولايات المتحدة، نتيجة للضغط الذي ستخلقه على الرئيس الطامح لإعادة انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني).

لماذا تم اختيار هذا الهدف بالتحديد؟

لانا ماركس ليست الهدف الوحيد بحسب المسؤولين، فهي أحد الخيارات المطروحة لدى الإيرانيين، إلا أنها الهدف الأول على طاولة الانتقام.

إذ وجه مجمع الاستخبارات وكالات التجسس الأميركية الدولية بضرورة إخطار الضحية المحتملة، وتوفير حماية استثنائية، كإجراء معتاد لورود تهديدات أمنية موثوقة تجاه مسؤول أميركي.

وحول سبب اختيار ماركس، 66 سنة، لتكون الخيار الأبرز للرد فلم يورد المسؤولون الأميركيون أي أسباب حول ذلك، إلا أن علاقتها الخاصة وصداقتها الطويلة مع ترمب قد تكون من أهم الأسباب التي أخذها الإيرانيون في الاعتبار في اختيار سبل الرد على الرئيس الذي قال أنه أعطى قرار تصفية العسكري الإيراني بنفسه.

ومن ضمن الأسباب التي من المرجح أنها دفعت باسم السفيرة الستينية، هو وجودها في أفريقيا، إذ أشار مسؤولون إلى أن الحكومة الإيرانية تدير شبكات تجسس وميليشيات سرية في جنوب أفريقيا، مكنتها من أن تجد لها موطئ قدم عن طريق شبكة سرية واسعة من العملاء الإيرانيين في أفريقيا، ما يجعل إمكانية تنفيذ عمليات بهذا التعقيد هناك أمراً أسهل مما لو أراد الإيرانيون تنفيذها في أماكن أخرى تتمتع فيها أميركا بحضور أمني أوسع.

سلاح الاغتيال الدولي

ولم يرد أي تعليق من إيران فيما يتعلق بهذه الاتهامات ومن المرجح أن يكذب الإيرانيون الخبر، إلا أن تجربة إيران في استخدام سلاح الاغتيال العابر للحدود يجعل من ترجيح الرواية الأميركية وارداً وقريباً من الصحة، بحسب مراقبين.

فعلى الرغم من أن إيران طيلة سنوات حكم الإسلاميين المعادين للغرب، كانت تتجنب استهداف دبلوماسيين أميركيين بشكل مباشر، إلا أن أذرعها وميليشياتها لها تاريخ طويل في استهداف الدبلوماسيين والأفراد الأميركيين بالنيابة عن طهران في دول كثيرة، بخاصة في العراق. 

وهو الأمر الذي دفع بعملية اغتيال القائد الإيراني في يناير (كانون الثاني)، فبحسب ما أعلنه ترمب بعد تنفيذ العملية، فقد كان الجنرال يسعى لتنفيذ عمليات ضد دبلوماسيين أميركيين في العراق، مضيفاً "كان يعمل على تفجير سفارتنا"، في إشارة إلى المجمع الأميركي في المنطقة الخضراء ببغداد، ضمن سلسلة عمليات ضد ممثليات دبلوماسية تابعة لواشنطن في العالم العربي، بحسب الرئيس.

محاولات اغتيال في أوروبا

وسبق لطهران أن سعت لاستخدام الاغتيال كسلاح لإسكات معارضيها في أوروبا، إذ اعتقلت السلطات البلجيكية والفرنسية في عام 2018، ستة أشخاص من بينهم دبلوماسي إيراني في فيينا، بعد ورود معلومات عن تحضيرها لعملية اعتداء يستهدف تجمعاً لجماعة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في باريس عن طريق تفجير انتحاري، بحسب بيان النائب العام البلجيكي.

وأضاف النائب العام "تم القبض على شخصين من ضمن المجموعة، تحمل 500 غرام من مادة "تي أي تي بي" شديدة الانفجار مع جهاز تفجير" عندما أوقفتهما الشرطة في بروكسل.

ورجحت السلطات في البلدين الأوروبيين أن الخلية كانت تستهدف تنفيذ عملية انتحارية في المؤتمر السنوي للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، والمعروف باسم "مجاهدي خلق".

تلى هذه المحاولة بعام، الكشف عن عدة عمليات في هولندا أعلنت عنها السلطات في أمستردام في 2019، إذ وجهت هولندا التهمة لإيران باستخدام عصابات الجريمة المنظمة في اغتيال اثنين من المعارضين للنظام الإيراني  على أراضيها.

وقال وزير الخارجية الهولندي، ستيف بلوك، في خطاب إلى البرلمان، إن الاستخبارات الهولندية "لديها أدلة قوية على ضلوع إيران في اغتيال شخصين من أصول إيرانية يحملان الجنسية الهولندية أحدهما في ألميرا في 2015، والآخر في لاهاي في 2017".

وأضاف في خطابه "كان الشخصان معارضين للنظام الإيراني"، وهما أحمد مولى نيسي وعلي معتمد كولاهي.

وقالت الحكومة الهولندية إن أسلوب تنفيذ عملية اغتيال نيسي عام 2017 مطابقة تماماً لعملية اغتيال معارض إيراني آخر في هولندا، محمد رضا كولاهي الذي قتل أيضاً أمام منزله بمسدس كاتم للصوت في مدينة أمستردام.

محاولة اغتيال عادل الجبير

وفي عام 2011، كشفت السلطات الأميركية عن إحباطها محاولة تفجير كانت تستهدف وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير، الذي كان سفيراً لبلاده في واشنطن حينها.

وقال مسؤولون أميركيون إنه تم إحباط محاولة اغتيال السفير السعودي، كما أفشلت عملية أخرى استهدفت تفجير السفارتين السعودية والإسرائيلية في العاصمة الأميركية.

ونسبت وكالات إعلامية إلى وثائق قضائية قولها، "إن المتهمين في العملية ايرانيون، يحمل أحدهما الجنسية الأميركية". وسمت تلك الوثائق المتهم الأول بأنه منصور أربابسيار، والثاني غلام شاكوري.

وكشف جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأميركي السابق، في كتابه الذي نشره أخيراً تفاصيل عن هذه الحادثة، والذي تضمن "في 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2011 أخبرني الضابط المناوب بالمقر في تامبا، فلوريدا، أن النائب العام ومكتب التحقيقات الفيدرالي عقدا مؤتمراً صحافياً للإعلان عن اعتقال شخصين خططا لشن هجوم بالقنابل على مقهى ميلانو في واشنطن. 

وقال ماتيس "النائب العام، إيريك هولدر قال إن خطة التفجير كانت موجهة ومعتمدة من قبل عناصر في الحكومة الإيرانية، بالتحديد من قبل أعضاء بارزين في فيلق القدس، وهي قوة عمليات خاصة بالحرس الثوري يأخذون أوامرهم من أعلى سلطة في إيران"، أضاف "لقد رأيت تقارير الاستخبارات بنفسي، كنّا قد سجلنا موافقة طهران على العملية".

وأشار ماتيس إلى أن إفشال المخطط جاء عن طريق الصدفة، بعد أن حاول منفذو العملية تجنيد وكيل سري في إدارة مكافحة المخدرات الأميركية لإدخال قنبلة إلى البلاد، ولو لم يحدث ذلك، فإن الولايات المتحدة "كانت ستتعرض لأسوأ هجوم دموي منذ 11 سبتمبر (أيلول) 2001، على بعد عدة كيلومترات فقط من البيت الأبيض"، بحسب ما كتبه الوزير السابق.

ولفت الكتاب إلى أن الرئيس الأميركي في حينها، باراك أوباما، رفض الرد على الخطوة الإيرانية على رغم ورود أدلة كافية عن تورط أعلى سلطة في طهران، "كنت على قناعة بضرورة الرد بالقوة، وخياراتي العسكرية كانت سترفع تكلفة هذا الهجوم إلى مستوى لم يكن بوسع الملالي وجنرالات (القدس) تحمله، غير أن أوباما لم يستجب لهذه النداءات، وتعاملنا مع خطوة حرب كأنها مخالفة قانونية".

المزيد من دوليات