Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيناريو بيلاروس يقلق جمهوريات سوفياتية سابقة

دول آسيا الوسطى تتخوف من تكرار المشهد ذاته لديها لاسيما وأن بعضها مقبل على انتخابات رئاسية وبرلمانية وحزبية

تظاهرات معارضة لنتائج الانتخابات الرئاسية في بيلاروس تجوب شوارع العاصمة مينسك (أ ف ب)

بالرغم من أن أحداث بيلاروس بدأت للتو في الظهور، والشكل النهائي لا يزال غير معروف لأنه يعتمد على كثير من المتغيرات والمعطيات والعوامل الداخلية والخارجية الإقليمية والدولية، إلا أن الأمور يمكن أن تأخذ منحى مختلفاً في أية لحظة.

ولم يكن ارتداد الاحتجاجات التي أعقبت انتخابات بيلاروس الرئاسية في التاسع من أغسطس (آب) الماضي حكراً عليها، بل وصل صداها إلى الجمهوريات السوفياتية السابقة، التي بدأت حكوماتها في أخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة أي سيناريو مشابه لما جرى في بيلاروس، والتفكير بجدية لمنع تكرار تلك الاضطرابات في بلدانها.

الخوف من تكرار "الحال البيلاروسية"

أشعلت الانتخابات الرئاسية التي جرت في الفترة الأخيرة في جمهورية بيلاروس الموقف حول صحة نتائج تلك الانتخابات والفائز فيها، مما دفع دول آسيا الوسطى إلى الخوف من تكرار "الحال البيلاروسية"، لاسيما وأن بعض هذه الدول مقبل على انتخابات رئاسية وبرلمانية وحزبية.

وكان السيناريو ذاته يتكرر دائماً بالمقارنة مع حالات مشابهة في أكثر من دولة، انتخابات محل نزاع، تليها تظاهرات في الشوارع تشارك فيها مختلف شرائح المجتمع من طلاب ومثقفين ومنظمات مجتمع مدني، ترغم الحرس القديم الموالي لروسيا على تسليم السلطة عبر انتخابات جديدة إلى رئيس موال للغرب.

وفي ظل تجاوز تأثيرات أزمة فيروس كورونا حدود القطاع الصحي والصناعي والتعليمي لتصل إلى أنظمة الحكم السياسية، لاسيما التي تحكم بالعقلية ذاتها منذ سنوات طويلة، وتقف اليوم عاجزة أمام التعامل مع أزمة الفيروس في شتى مجالات الحياة، وخصوصاً القطاعات الحيوية للمواطنين التي تأثرت بشكل كبير، زادت الأمور تعقيداً.

الثورات الملونة

أوزبكستان كانت السباقة في إعداد العدة لمواجهة أي سيناريو أو موجة احتجاجية ضد الأوضاع الاقتصادية أو نظام الحكم القائم في البلاد، إذ طرحت السلطات هناك في الـ 18 من أغسطس الماضي مشروع قانون حول التجمعات والتظاهرات، واستمرت النقاشات حوله لغاية الثاني من سبتمبر (أيلول) الحالي. وأكد العديد من الأوزبك أن إصدار مثل هذا القانون في هذه الأيام سببه الاحتجاجات الشعبية الحاصلة في بيلاروس، والتي من غير المستبعد انتقالها إلى دول مجاورة أخرى.

ويذكر أن مشروع القانون الأوزبكي ينص على أنه لا يمكن إقامة الأحداث العامة إلا من الساعة 10:00 وحتى الساعة 18:00 خلال أيام الأسبوع، ويجب أن تستمر مدة ساعتين كحد أقصى، إضافة إلى أنه يجب ألا تقل المسافة بين مكان تجمع المواطنين وأقرب مباني السلطات والمحاكم والبعثات الدبلوماسية عن 300 متر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفقاً للمشروع الأوزبكي، فيجب تقديم طلب التجمع أو المسيرة في موعد لا يتجاوز 15 يوم عمل قبل الموعد المحدد، على أن تتم مراجعته من قبل الأشخاص المسؤولين في غضون عشرة أيام عمل، كما يحظر على الدول الأجنبية والمنظمات الدولية والأجنبية غير الحكومية وغير الهادفة للربح تمويل الأحداث العامة.

ويرى خبراء متابعون لشؤون المنطقة أن هناك محاولات من أجل إعادة تكرار ما عرف بسيناريو الثورات الملونة التي جرت في جمهوريات سوفياتية سابقة، مرة أخرى في دول آسيا الوسطى، مع ظهور تأييد غربي للمحتجين والتظاهرات في بيلاروس.

وكانت قامت الثورة المخملية في جورجيا 2003، والبرتقالية في أوكرانيا 2004، وثورة البنفسج في قيرغيزستان 2005، التي أطاحتها انتفاضة شعبية أخرى عام 2010، في حين تعثرت احتجاجات تلك الفترة في أوزبكستان وأرمينيا.

إيجاد صيغة

يحذر الخبراء في الوقت نفسه، من رد فعل الحكومات التي لا تزال تلتزم بالإجراءات الروتينية ذاتها، أو بعض القوانين التي قد تزيد الأمور سوءاً، إذا ما حصلت أية موجة احتجاجية مفاجئة، على غرار ما تمر به بيلاروس اليوم. ويحض الخبراء في الوقت نفسه قادة دول آسيا الوسطى على إيجاد صيغة أو أرضية مناسبة ومختلفة عن الأساليب التقليدية السابقة التي اتبعت في السنوات الماضية، للتعامل مع أي سيناريو يعرض البلاد للفوضى أو النزاعات كما جرى في أوكرانيا أو جورجيا. ويبدو أن حكام دول آسيا الوسطى أدركوا في الفترة الاخيرة أن خلق نوع من التوازن بين القوى العظمى "أميركا وروسيا والصين" في المنطقة، أصبح أمراً غير كاف لاستمرار الاستقرار السياسي، لاسيما أن الصراع على النطاق المحلي في دول عدة ربما يتحول في أية لحظة إلى نزاع إقليمي، وربما يتجه إلى صراع دولي بأساليب غير تقليدية، كما حصل في دول عدة، تحولت لاحقاً إلى ساحة حرب بالوكالة بين الغرب وموسكو، إضافة إلى انحرافها في أكثر من مكان إلى أكثر من اتجاه، مع دخول أطراف إرهابية انفصالية أو متطرفة دينية على خط الأحداث.

ويعتبر الحفاظ على استقرار دول آسيا الوسطى ضماناً لاستقرار الدول المتحالفة معهم أيضاً، وهو ما قد يتوفر في روسيا والصين، فروسيا تريد الحفاظ على نفوذها السياسي والاقتصادي والثقافي والعسكري في المناطق التي تعتبر حدائق خلفية لها، ومنع حدوث أية فوضى قد تنتقل إلى عمقها الداخلي، فيما تنظر الصين للمنطقة كميناء تجاري مهم، يؤمن لها الطاقة الرخيصة، إضافة إلى ممر عبور ضخم لتصريف بضائعها.

الواضح أن حكام بلدان آسيا الوسطى وضعوا أمام أعينهم سيناريوهات بيلاروس وأوكرانيا وجورجيا، إضافة إلى أرمينيا، وذلك بهدف الاستفادة قدر الإمكان من تجارب هذه البلدان، بعد أن أظهرت التجربة أن التاريخ يعيد نفسه في تلك البقع الجغرافية، وأيضاً السيناريو الذي عُرف بالربيع العربي ليس ببعيد عن الأجواء.

المزيد من تحلیل