Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا فقدت الجزائر حماستها لحلف "الناتو" رغم الروابط العسكرية؟

ما تُركز عليه حالياً هو الاتفاقيات المشتركة لمراقبة حركة السلاح الخفيف والمواد المحظورة وتحركات عناصر تنظيمات إرهابية

فرقاطة إسبانية تابعة لقوات "الناتو" ترسو في ميناء العاصمة الجزائر (صفحة وزارة الدفاع الجزائرية)

تحافظ الجزائر على تعاونها العسكري الدوري مع القوات البحرية التابعة لحلف شمال الأطلسي على الرغم من "فتور" علاقات الحوار في سياق اختلافات تخص ملفات إقليمية، وتراجع حماس الجزائر لنتائج "الحوار المتوسطي" الذي تشارك فيه ضمن آليات الحلف، بعدما أدركت أنه لا ينسحب على إمكانية تحديث المنظومة الدفاعية، أو يقرب وجهات النظر في معالجة أزمات الجوار.

شراكة الجزائر العسكرية مع حلف شمال الأطلسي تُحافظ على معدلها الطبيعي على مستوى التدريب العسكري، وهو ما يتجسد سنوياً من خلال التمارين البحرية المشتركة المخصصة للمنع البحري أو الاعتراض والتصدي للإرهاب، لكن هيئات الحوار التي تشجعت لها الجزائر مطلع الألفية، لم تعد تجلب كل ذلك الاهتمام لدى القيادة العليا في الدولة.

وتجلى التوافق المستمر ضمن آليات التدريب بين الجزائر و"الناتو" في عمليات مشتركة جارية في عرض البحر الأبيض المتوسط منذ السبت 12 سبتمبر (أيلول)، ما بين قوات بحرية جزائرية وفرقاطة من المجموعة البحرية الثانية التابعة لحلف شمال الأطلسي في سياق البرنامج الدوري المشترك للتدريب البحري.

وذكر بيان لوزارة الدفاع الجزائرية، أن "الفرقاطة الإسبانية رست في ميناء الجزائر السبت، وهي من المجموعة البحرية الدائمة الثانية لحلف الناتو، ضمن توقف في الميناء لمدة ثلاثة أيام لتنفيذ تمرين مع وحدة بحرية محلية في إطار التعاون العسكري"، وأكد أن ذلك "يندرج في سياق نشاطات التعاون العسكري بين وزارة الدفاع الوطني، ودول منظمة حلف الأطلسي في مجال الدفاع، بهدف تعزيز تبادل الخبرات وتطوير قدرات قواتنا المسلحة".

معدل مستقر

 يعتبر العقيد المتقاعد عمار قداش في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن "التعاون البحري بين الجزائر وحلف شمال الأطلسي لم يشهد يوماً أي تراجع أو تجميد تجسيداً لخيارات أقرتها وزارة الدفاع، تتبادل القوات الجزائرية والقطع البحرية للحلف في منطقة غرب المتوسط المعلومات الأمنية حول حركة السفن، إلى غاية اليوم لا تزال الجزائر تقدم تمارين عسكرية، تجعلها الحليف المفضل للمنظومة البحرية للناتو في الحوض الغربي للمتوسط، كما أن قدرات البحرية الجزائرية جالبة للاهتمام، ولم يعد بالإمكان تجاوز خدماتها في المنطقة الغربية للمتوسط".

ويضيف قداش أن "الجزائر تعتبر التعاون العسكري البحري خياراً إستراتيجياً لغلق المجال أمام أية قوة أخرى. حدث قبل عشر سنوات خلاف كبير بين الطرفين بسبب مشاركة قطعة بحرية إسرائيلية في مهام متوسطية لتفتيش سفن متجهة إلى سوريا، علماً أن التعاون العسكري بين قوات الناتو يشمل تبادل معلومات وخرائط ومعطيات حساسة، وقد طوي الخلاف سريعاً لصالح الطلب الجزائري المستفيد من دعم الولايات المتحدة الأميركية، التي ترى في الجزائر حليفاً مهماً في مكافحة الإرهاب في تلك المنطقة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى النقيض لم تُحصل الجزائر ما كانت تصبو إليه من "الناتو" قبل عقدين من الزمن في سياق عملية كبرى لتحديث هياكل الجيش الجزائري، يقول قداش "أدركت الجزائر من خلال مشاركتها في الحوار المتوسطي للحلف، أن التعاون العسكري متعدد الأطراف لن يُفيد كثيراً، لذلك أبقت على تعاونها التدريبي قائماً وحضورها في الحوار قائماً أيضاً، لكنها سرعت من تعاونها الثنائي العسكري البحت مع حليفتها التقليدية روسيا والصين وألمانيا وكذلك إيطاليا".

التعاون متعدد الأطراف

 شكلت تزكية حلف شمال الأطلسي التدخل العسكري المباشر في ليبيا سنة 2011، محطة فارقة في علاقة الجزائر بهذه المنظمة الدولية، التي سعت إلى الانضمام إليها في سياق مساعيها "للعودة إلى الساحة الدولية" بعد تجربة داخلية مريرة في مكافحة الإرهاب.

ففي مرحلة ما كانت الجزائر أبرز صوت في المنطقة يرفض المعالجة العسكرية الخارجية في ليبيا لصالح حلول داخلية ليبية - ليبية، فقد ترتب على ذلك التدخل مراجعة جزائرية لما هو مأمول من هذا التحالف متعدد الأطراف، لا سيما في مجال معالجة أزمات إقليمية أبرزها الملف الليبي والملف المالي.

ويشير إسماعيل حيوني الأستاذ المحاضر في الشأن السياسي والأمني لـ"اندبندنت عربية"، أن "خطاب الجزائر الدبلوماسي لا يزال حريصاً على فكرة الحوار المثمر والمسؤول مع حلف شمال الأطلسي. في الحقيقة أصيبت الجزائر بخيبة كبيرة بسبب مواقف الحلف من أزمات إقليمية، ليس الحلف وحده ولكن هناك حواراً آخر متعدد الأطراف لم تصدر عنه فاعلية كبيرة بالنسبة إلى بلدنا، وهو آلية الدفاع خمسة زائد خمسة".

محطة فارقة ثانية

وتكتل "خمسة زائد خمسة" هو مجموعة دول غرب البحر الأبيض المتوسط، تعمل تحت غطاء الاتحاد الأوروبي، وتهتم بمسائل الدفاع المشترك، والتنمية الاقتصادية والأمن في المنطقة وتنظيم الهجرة وقمع الهجرة غير الشرعية، وتضم كلاً من الجزائر وتونس والمغرب وليبيا وموريتانيا من الضفة الجنوبية لغرب المتوسط، وفرنسا وإيطاليا ومالطا والبرتغال وإسبانيا من الضفة الشمالية.

ويتابع حيوني "في السنوات الخمس الأخيرة تكتفي الجزائر بالتعاون السياسي مع الحلف في حده الأدنى، أما التدريب العسكري فتحافظ على حدوده القصوى، فالتبادل البرلماني لا يزال قائماً ومشاركة الجزائر في لقاءات الحلف لا تزال قائمة أيضاً، لكن بمستوى أقل من العادة، وذلك بتكليف سفراء النيابة عن مسؤولين سامين".

ومعلوم أن الجزائر انضمت في آذار (مارس) سنة 2000 إلى الحوار المتوسطي لحلف شمال الأطلسي بهدف "إرساء أسس للأمن الجماعي الإقليمي قائمة على وحدة الأمن في المتوسط"، كما تشارك في الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي، وهذا منذ إطلاق الحوار المتوسطي سنة 1994.

ويضيف حيوني "في نهاية المطاف تم إقرار مراجعة لسياسة التعاون المشتركة مع الحلف، الجميع يعلم بسقوط شعار تدعيم احترافية الجيش الجزائري وتطويره، هناك أنانية وبيروقراطية كبيرة في القرار داخل هذه الهيئة الدولية، ما تُركز الجزائر عليه حالياً هو الاتفاقيات المشتركة لمراقبة حركة السلاح الخفيف والمواد المحظورة وتحركات عناصر تنظيمات إرهابية وعمليات المسح للمناطق الصحراوية في مالي والنيجر وموريتانيا والتشاد".

ولفت في الختام إلى أن "موقف حلف شمال الأطلسي من الحراك الشعبي السنة الماضية كان مشجعاً جداً بالنسبة إلى السلطات الجزائرية، وهو محطة فارقة ثانية أبقت على علاقة الطرفين قائمة، وقد تتعزز بشكل أوسع نظراً للدور النشيط للجزائر الراغبة في فتح الباب أمام تعاون إضافي على مستوى بعثات من الدول الأفريقية، يتم تدريبها على مكافحة الإرهاب التقليدي أو الإرهاب الجديد المعلوماتي".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي