Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كاليفورنيا وحرائق الغابات غير المسبوقة فيها تشبه مشهداً من المريخ

عمليات إنقاذ للسكان والرياح أججت عدداً غير مسبوق من حرائق الغابات

بدا مشهد مدينة سان فرانسيسكو مرعباً يوم الأربعاء المنصرم، حيث تبدّت السماء صباحاً متوهجة بلون برتقالي. إذ أججت الرياح بفعل أزمة المناخ، وعلى مدى الأيام الماضية، عدداً غير مسبوق من الحرائق في أنحاء كاليفورنيا. واستدعى الأمر عمليات إنقاذ وإجلاء آلاف السكان من المناطق التي تلتهمها النيران.
وتعرض مزيد من المساحات في مناطق الشمال بولاية واشنطن [على الساحل الغربي لأميركا] لألسنة اللهب، محترقة في يوم واحد، الأمر الذي لم يشهده الإطفائيون هذه السنة. كذلك أجبرت نيران الحرائق المواطنين على النزوح وإخلاء مناطق سكنهم في ولايتي "أوريغون" و"إيداهو"، وغطت سحابة هائلة من الدخان معظم أنحاء كاليفورنيا الأربعاء المنصرم. وغردت ترايسي تشو على "تويتر"، وهي من سان فرانسيسكو، "هذه المشاهد لا بد أنها من فيلم "بلايد رانر "Blade Runner"  [ فيلم متشائم عن مستقبل الحضارة]. كذلك غردت مواطنة أخرى، فيرونيكا بيلمونت، قائلة "لم تسبق لي رؤية السماء هكذا في سان فرانسيسكو، تقريباً طوال العشرين سنة المنصرمة من حياتي هنا. هذا الفيديو لا ينقل واقعاً حقيقياً. يبدو الأمر كمشهد من المريخ".
في أوقات سابقة، ربط عدد من الدراسات الحديثة، من بينها تقارير أصدرتها "الوكالة الفيدرالية للحماية البيئية"، حرائق الغابات الكبيرة نسبياً، بأزمة المناخ. وفي هذا الإطار، ذكر عالم المناخ في "جامعة ستانفورد"، نوا ديفينبو، في حديث إلى وكالة "أسوشيتد برس"، إنّ "حرائق الغابات الناتجة من أحوال مناخية قاسية شهدت تضاعفاً في وتيرتها في كاليفورنيا خلال العقود الأربعة الماضية. ويرجع ذلك أساساً إلى تأثير ارتفاع الحرارة في كميات الوقود الجافة، وهذا يعني في كثير من الأحيان أن كميات المواد القابلة للاحتراق بلغت حدها الأقصى، أو شارفت على بلوغه، تزامناً مع ظهور مصادر الاشتعال وهبوب رياح قوية".
على بعد 125 ميلاً (200 كيلومتر) إلى الشمال الشرقي أججت الرياح حرائق هائلة عند سفوح مرتفعات "سييرا نيفادا". وأُجبرت السلطات هناك على إصدار أوامر إخلاء للسكان في الصباح الباكر، داعية السكان الذين لم يجرِ إخلاؤهم بعد إلى التيقظ والحذر. ولا تبعُد هذه المنطقة كثيراً عن "بارادايز"، حيث لاقى 85 شخصاً حتفهم جراء حرائق التهمت تلك البلدة في 2018، وكذلك الحال بالنسبة إلى "أوروفيلدام" حيث أدى انهيار مصارف المياه إلى عملية كبرى لإجلاء السكان في 2017.
الثلاثاء الماضي، طاولت ألسنة اللهب 14 إطفائياً اضطروا إلى اللجوء إلى ملاذات الحماية الأخيرة. والتهمت النيران أيضاً محطة للإطفاء في محمية "غابة لوسبادريس الوطنية" في وسط ساحل كاليفورنيا، وأصيب الإطفائيون بحروق وعانوا بسبب استنشاق الدخان فنقل ثلاثة منهم جوّاً إلى المستشفى في "فريسنو"، وفق "هيئة خدمة الغابات الأميركية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


عن حال أولئك الإطفائيين الثلاثة، ذكر كريس بارت، المتحدث باسم وحدة الإطفاء في دولان، "إنّهم في وضع مستقر. إصابة أحدهم خطرة، فيما الإصابتان الأخريان معتدلتان". ورأى بارت أن الإطفائيين تلافوا كارثة أسوأ بفضل تدريبهم وتجهيزاتهم. وقد استخدمت طائرات الهيليكوبتر في الأيام الماضية لإنقاذ مئات الأشخاص المحاصرين في محمية "غابة سييرا الوطنية"، حيث التهمت النيران 365 مبنى، من بينها 45 منزلاً. وأفاد مسؤولون عن عمليات الإطفاء هناك إن نحو 5 آلاف مبنى وقع تحت تهديد النيران.
في جنوب ولاية كاليفورنيا، اشتعلت النيران في محافظات "لوس أنجليس" و"سان بيرناردينو" و"سان دييغو". وأُخطر السكان في البلدات الواقعة عند سفوح المرتفعات شرق "لوس أنجليس"، بوجوب الاستعداد لإخلاء مناطقهم، بيد أن رياح "سانتا آنا" العاتية التي تشتهر بها تلك المنطقة جاءت هذه المرّة أضعف من المتوقع. وفي هذا السياق، ذكر حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم، "ننظر بإيجابية إلى تراجع الرياح الناشطة التي تميل إلى السكون". وأضاف، "ما بقي من الأسبوع يبدو أكثر هدوءاً بعض الشيء".
في سياق مواز، وبعدما عملت "هيئة خدمة الغابات في الولايات المتحدة" على إغلاق ثماني غابات ومحميات وطنية في النصف الجنوبي من ولاية كاليفورنيا في وقت سابق من هذا الأسبوع، عادت وأغلقت الغابات والمحميات العشر الأخرى في كاليفورنيا مشيرةً إلى ما تشهده الولاية في كلّ أنحائها من "مظاهر حرائق تاريخية غير مسبوقة". وسجّلت كالفورنيا رقماً قياسياً بالحرائق، إذ التهمت النيران حوالى 2.3 مليون هكتار من الأراضي حتى هذا الوقت من السنة، فيما الموسم الأسوأ من حرائق الغابات تاريخياً لا يبدأ إلّا في فصل الخريف.
في سياق متصل، نشرت شركة "باسيفيك غاز أند إلكتريك" أكثر من 3 آلاف موظف الأربعاء الماضي لتفقّد خطوط إمداد الطاقة ومعاينتها قبل إعادة الكهرباء إلى حوالى 167 ألف مشترك قُطع التيار عنهم لتفادي مزيد من الحرائق التي قد تسببها أسلاك الكهرباء التي فصلتها الرياح عن شبكتها. واضطرت بعض عمليات المعاينة تلك الجوية منها بالتحديد، بحسب المتحدث باسم الشركة جيف سميث، إلى التوقف بعض الوقت جراء تسبب دخان الحرائق في حجب الرؤية. وفي جنوب كالفورنيا، لم تُقطع التغذية الكهربائية إلّا عن عدد قليل جداً من المشتركين.
على نحو مماثل، في محمية غابة سييرا الوطنية شرق "فريسنو"، حوصر عشرات من المخيّمين والمشائين في الطبيعة بمنتجع وادي "فيرميليون"، بفعل ما يعرف باسم "نيران الغدير" يوم السبت الماضي أدت إلى إغلاق الطريق الوحيدة إلى هناك، والتي تتميز بأنها ضيقة تلتوي عبر جرف جبليّ شديد الانحدار. وعن النيران في تلك المنطقة، تحدث تشار ميللر، أستاذ علوم البيئة في "بونوما كوليدج"، مشيراً إلى إنه "ثمّة بعد رمزي للسرعة التي تحركت بها النيران، إضافة إلى الطبيعة الجغرافية في تلك البيئة التي لا تؤدي إليها ولا تخرج منها إلّا طريق واحدة". وعن عمليات الإنقاذ بواسطة طائرات الهيليكوبتر، أشار ميللر إلى إنه "كان ينبغي التحرك سريعاً، بهدف تلافي كارثة أعنف على صعيد الخسائر البشرية".

© The Independent

المزيد من بيئة