Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المقاومة السورية لتحرير الجولان تضع يدها على الزناد بعد قرار ترمب

عواقب اعتراف ترمب امتدت لتترك بصمتها على عملية التسويات التي تقودها موسكو، وخصوصاً على الساحة السورية، ووسط قلق روسيا من عرقلة مساعيها وتسوياتها لا سيما في شمال وشمال شرق سوريا

يجد سوريون أن تحرير الجولان لا يأتي بالشعارات التي أطلقها متظاهرون محتجون في دمشق ومحافظات سورية تستنكر القرار وكفى (أ.ف.ب)

"يا جولان ويلي ما تهون علينا" هذه الأغنية التي صدحت بها حنجرة الفنان السوري المعارض سميح شقير، في التسعينيات غابت ولم يسمعها السوريون على غير عادتهم في ساحات مدنهم التي هبّت احتجاجاً من دون زخمٍ جماهيري كعادة التظاهرات التي تحشدُ لها الأحزاب السياسية، احتجاجاً على اليوم المشؤوم بتوقيع دونالد ترمب الرئيس الأميركي صك إعلان الجولان المحتل هدية لإسرائيل.
ونسف إعلان ترمب ما تبقى من وقار القوانين الدولية حين ختم بتوقيعه موافقاً على قرار سيادة إسرائيل على الجولان، صامّاً أذنيه عن أصداء الاستنكار الدولي لهذه الخطوة، في حين استقبل السوريون هذا القرار بالكثير من الإدانة الباردة شعبياً معتبرين قراره لا يقدم ولا يؤخر على الأرض.

ما أخذ بالقوة
ومهما بدت سياسة دمشق هادئة في التعاطي مع هذا الملف فإن الخيارات مفتوحة حتى على استرجاع الجولان، لو كانت عسكرية، وهذا ما يؤكده مدير مكتب شؤون الجولان في رئاسة مجلس الوزراء السوري مدحت الصالح، وهو الأسير السابق الذي قضى قرابة عقد من الزمن في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد تنفيذه عملية مقاومة ضد الاحتلال ملوحاً بالحل العسكري وبأن السبيل إلى استعادة الجولان بالقوة والمقاومة المسلحة لتحرير الأرض السورية المحتلة.
ويصطف السوريون لاسترجاع الجولان بخيار القوة كما أخذتها إسرائيل منهم عام 1967 وبكثير من السخرية بث ناشطون تهكمهم على قرار هدية رئيس الولايات المتحدة لإسرائيل، بينما يجد سوريون أن تحرير الجولان لا يأتي بالشعارات التي أطلقها متظاهرون محتجون في دمشق ومحافظات سورية تستنكر القرار وكفى.

الاستفزاز الأميركي
تشهد العاصمة السورية حراكاً خفياً لفصائل المقاومة يدفعها الاستفزاز الأميركي الأخير بإمساك البندقية ويداها على الزناد، وبينما تتهيأ طلائع الهيئة الشعبية لتحرير الجولان العربي السوري المحتل لتنفيذ مهماتها على الأرض أعلنت أنها ستبحث مع جهات عليا لم تذكرها في السلطة مسألة تفعيل الجناح العسكري للهيئة وفي ضوء حديث رئيس الهيئة ابراهيم العلي، طارحاً كل الخيارات لتحرير الجولان سواء كان ذلك عن طريق المطالبة بالحقوق عبر المنظمات الدولية أو بأي وسيلة أخرى، منها المقاومة المسلحة.
وعلى الرغم من أن الهيئة الشعبية لتحرير الجولان تركز في عملها على الجوانب الإعلامية فإن جناحها العسكري غير مفعّل في ما يكشف رئيس الهيئة العلي "نحن ضمن دولة قوانين وأنظمة ولا يمكن أن نجري أي عمل كهذا من دون التنسيق مع الدولة والجيش".

الضغط الشعبي
الأحزاب السياسية السورية، وإن أبدت تحركاً في الساحات العامة عبر التظاهرات والبيانات، لم تكشف عن أي جديد بخصوص المقاومة لتحرير الجولان، واقتصرت البيانات المقتضبة على ضرورة استرجاع الأرض ولو (بالقوة)، بينما يعوّل الناطق باسم التيار العلماني نبيل الصالح على الجيش السوري لاستكمال تحرير الجولان كما حرر مدينة القنيطرة من قبل.
ويحفز "العلمانيون" الذين تمخض عنهم التيار السوري العلماني أخيراً ونال جماهيرية واسعة بين السوريين باتجاه ضرورة تحرك الجالية السورية والعربية في الولايات المتحدة الأميركية للضغط شعبياً وقانونياً على الإدارة الأميركية، بكل الوسائل المتاحة، ووفق بيانهم أعلنوا الدفع نحو تحريك دعوى قضائية ضد الرئيس دونالد ترمب وإدارته لمخالفتهما القوانين الدولية وتخريب السلم العالمي وتبييض جرائم الاحتلال في الجولان.

الموقف الروسي
عواقب اعتراف ترمب الأخيرة امتدت لتترك بصمتها أيضاً على عملية التسويات التي تقودها موسكو وخصوصاً على الساحة السورية، ووسط قلق موسكو من عرقلة مساعيها وتسوياتها لا سيما في شمال وشمال شرقي سوريا، الأمر الذي ينبىء بانقلاب أميركي على جملة من التفاهمات برزت منذ منتصف العام 2018 بين موسكو وواشنطن، وبدت معالم هذه الاتفاقات مع خشية من جرأة أميركا على اقتطاع أجزاء من سوريا في الشمال لصالح الأكراد أيضاً.

بين الجولان والقرم
الموقف الروسي الذي بدا رافضاً كغيره من الدول لحالة واضحة من المعايير المزدوجة التي تتعامل بها الولايات المتحدة بشأن الجولان يشير إلى الانتقادات الأميركية التي واجهتها روسيا بسبب ضمها لشبه جزيرة القرم، وبيّن السيناتور الروسي كونستانتين كوساشيف في مقابلة تلفزيونية عدم قبول مقارنة الوضع في شبه جزيرة القرم بواقع الحال في مرتفعات الجولان. فمرتفعات الجولان كانت محتلة بالقوة العسكرية، بحسب قوله إذ جرى طرد نسبة كبيرة من السكان المحليين من هذه المنطقة، أما حالة القرم فهي ذات طابع مختلف تماماً، ولا يوجد احتلال عسكري، ذلك أن الأمر حدث باختيار حرّ من الأشخاص الذين يعيشون هناك، والآن حقوق هؤلاء الناس محمية بموجب التشريع الروسي.

نقاط مراقبة
ويأتي إعلان ترمب بشأن الجولان مع وضع روسيا نقاط مراقبة إذ قال قائد الشرطة العسكرية الروسية فلاديمير ايفانوفسكي في تصريحاتٍ صحافية عن وجود قواته في منطقة مرتفعات الجولان على خط برافو، على الجانب السوري الشرقي، مشيراً إلى إنشاء ستة مراكز مراقبة منذ نهاية العام الماضي، تراقب المنطقة منزوعة السلاح، ووقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل.واستأنفت قوات أندوف الأممية، تسيير دورياتها جزئياً، في أغسطس (آب) الماضي، بعد نهاية الحملة العسكرية التي شنها الجيشان السوري والروسي، وأنهت  المعارضة السورية المسلحة، على الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، وكذلك جرى خلالها القضاء على آخر معاقل داعش، غرب درعا، قرب الحدود مع الأردن والأراضي المحتلة.

وظهر أول تنظيم عسكري جولاني بعد صدور ما يسمى قانون (ضم الجولان) عام 1981، والذي أدى في حينه إلى إعلان الإضراب العام، ليبرز بقوة في فبراير (شباط) 1981 تصميمه على دحر العدوان بمختلف المبادرات ومنها المقاومة المسلحة، واستمر ستة أشهر متواصلة ورفض الاعتراف بشرعية المحكمة العسكرية، على الرغم من أن المقاومة الشعبية كانت لها مواقفها في السبعينات، إلا أن أبناء القرى والبلدات الجولانية باقون ومصممون على مبدأ القوة في استرداد أراضيهم.

المزيد من