Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تهديد جونسون بدعم الصادرات قد يفضي إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي

يريد رئيس الوزراء المحافظ الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته أن يجعل أوروبا تظن أنه بإمكانه الانسحاب من المحادثات التجارية

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون (رويترز) 

من بين نقاط القوة التي يتمتع بها بوريس جونسون كرئيس للوزراء كونه شخصاً غريب الأطوار، لا يتقيد بالعرف ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته، وغير متسق، وتصعب معرفته بعض الشيء. وعلى الرغم من أنه مقيد بالقانون والمؤسسات والسياسة مثل أي زعيم آخر، فإنه يتصرف أحياناً كما لو أنه ليس كذلك، ما يجعله شخصاً يصعب التفاوض معه.

لهذا السبب تمكن من كسر جمود "بريكست". ففي مثل هذا الوقت من العام الماضي، أقر مجلس العموم مشروع قانون تقدم به النائب هيلاري بين لمنع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق تجاري. وقد كان ذلك تحدياً أساسياً لصلاحية الحكومة في الحكم، ومع ذلك رفض البرلمان نفس السماح لجونسون بإجراء انتخابات.

في ذلك الوقت، قلت إنه يواجه كارثة محدقة بعد ستة أسابيع فقط من توليه منصب رئيس الوزراء، حيث لم يكن بإمكانه إجراء انتخابات، وسيجبر بموجب القانون على طلب تأجيل "بريكست"، في وقت تخلى فيه عنه حتى شقيقه الذي استقال من الحكومة. ومع ذلك، فقد تفاوض على اتفاقية انسحاب جديدة مع ليو فارادكار (رئيس الوزراء الإيرلندي السابق) وهدد باتخاذ كل أنواع الإجراءات غير الدستورية، ما أربك خصومه لدرجة أنهم سمحوا له في النهاية بإجراء الانتخابات التي يريدها.

ولقد نجح حيث فشلت تيريزا ماي العاقلة والواعية وغير المتقلبة.

لذلك دعونا نتوقف قليلاً ونتساءل، بينما يرفع العالم يديه في حالة صدمة وذهول من فكرة أن حكومةً محافظةً مستعدة لتدمير صفقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي لأنها تريد أن يكون لها الحق في دعم الصادرات. هل تحول جونسون إلى تبني سياسة جيريمي كوربين للتدخل الحكومي اللا محدود في الاقتصاد، بينما يحاول حزب العمال نسيانها؟ أم أنه يريد أن تظن أنجيلا ميركل وإيمانويل ماكرون أنه شخص غير عقلاني بما يكفي لمغادرة الاتحاد من دون اتفاق، من أجل إقناعهما بتوجيه ميشيل بارنييه، مفاوض الاتحاد الأوروبي، لتقديم عرض أفضل؟

يعلم الجميع أن الدعم الحكومي يعتبر نقطة شائكة في محادثات التجارة في الاتحاد الأوروبي. وفي الظروف العادية، تعتبر المسألة بسيطة، حيث إنه لن يتسامح أي بلد بسهولة مع دعم حكومة بلد آخر لصادراته من أجل الحصول على ميزة تجارية غير عادلة. هذا هو ما كان يدور حوله إلى حد كبير التاريخ الكامل لاتفاقيات التجارة. ولدى الاتحاد الأوروبي قوانين للحد من الدعم الحكومي، ويريد أن تنطبق هذه المبادئ على بريطانيا عندما تنتهي الفترة الانتقالية في ديسمبر. وعلى الرغم من قبولها، فإن بريطانيا تريد أن يتم فرض هذه المبادئ من قبل هيئة تحكيم جديدة، وليس من قبل محكمة العدل الأوروبية.

وتعتبر وجهة نظر جونسون، التي عبرت عنها هذا الأسبوع "شخصية ذات معرفة وثيقة بالمفاوضات" في حديث للمحرر السياسي لمجلة The Spectator، جيمس فورسيث، تعتبر فعلاً غير تقليدية. وترى وجهة النظر تلك أن "دعم الدولة أمر بالغ الأهمية إذا كنت ستحاول تشكيل أسواق في مجال التكنولوجيا". وتشير هذه الفكرة إلى أن الولايات المتحدة والصين تستخدمان قوة الدولة لتعزيز الابتكار التكنولوجي، وينبغي أن نفعل ذلك أيضاً. ويعد ذلك تجديداً لبرنامج هارولد ويلسون بشأن "الحرارة البيضاء" للثورة التكنولوجية. ويبدو أنه يستند إلى الاعتقاد أن الرجل الموقر في وايتهول - الذي سيكون في هذه الحالة على الأرجح أحد أشخاص دومينيك كامينغز، غريبي الأطوار وغير الأكفاء - يعرف حقاً أفضل التكنولوجيات الرائدة التي ينبغي دعمها.

ويكتسي هذا الأمر أهمية بالغة على ما يبدو لدى رئيس الوزراء، لدرجة أنه يفضل الخروج بلا اتفاق على أن يتنازل. وفي هذا الصدد، يقول أحياناً إن "ثلاثة أشخاص فقط في الحكومة يتفقون معي" في مسألة "مدى الطموح - أو الأصولية – الواجب إظهارها إزاء (بريكست)" - كما يقول فورسيث - لكنه "مقتنع" بموقفه.

حسناً، لديّ شكوك. ومع ذلك، لا يمكنني التأكد من أن هذا ليس ما يعتقده جونسون. إنه ليس مرتبطاً بقناعات إيديولوجية كثيرة، ويسهل عليه أن يكون مؤمناً بالتجارة الحرة والأسواق الحرة، وأن يكون أيضاً نسخة هوجاء من مايكل هيسلتين الذي يريد أن تتدخل الدولة قبل الإفطار والغداء والعشاء. ربما يريد إغراق سوق الاتحاد الأوروبي بنسخ مدعومة من أي ابتكار ينال شغف الناس مستقبلاً بعد تطبيق "تيك توك". وربما يعتقد أن المنافسة غير العادلة أمر جيد، طالما أننا نحن من يمارسها. ويمكن أن تكون حالة عدم اليقين هذه كافية لتعطيل وزعزعة استقرار طرف الاتحاد الأوروبي في المفاوضات.

لا يبدو هذا محتملاً، ولكن لم يكن أيضاً محتملاً نجاح جونسون في إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مثل هذا الوقت من العام الماضي. وفي النهاية، تنحصر مسألة دعم الدولة للصادرات في أمر واحد. إذا أرادت أي حكومة بريطانية يوماً ما أن تتصرف عكس ما تقتضيه الحكمة الاقتصادية التقليدية، وأن تدعم الصادرات، فإن الاتحاد الأوروبي سيرد بفرض رسوم جمركية. وبغض النظر عن توثيق ذلك في صفقة تجارية أم لا، فإن ذلك سيكون واقع الحال.

لهذا السبب أتوقع أن يتوصل بوريس جونسون، الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، إلى صفقة مع زعماء الاتحاد الأوروبي المملين والبراغماتيين الذين يمكن التنبؤ بتصرفاتهم.

© The Independent

المزيد من دوليات