Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإسلاميون في السودان يتّجهون إلى تغيير إسمهم وتبديل جلدهم والتخلص من أعباء الحكم

يعقد مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني مؤتمراً للمرة الأولى في غياب البشير لمناقشة "ورقة مفاهيمية" عن الاصلاح والتغيير لرسم مستقبل الحزب

الحركة الإسلامية التي نفذت الانقلاب العسكري 1989 ثم كوّنت حزب المؤتمر الوطني ظلت هي الحاكمة الفعلية إلى أن وقع النزاع بين زعيم الإسلاميين حسن الترابي والرئيس السوداني عمر البشير (حزب المؤتمر الوطني)

يدرس حزب المؤتمر الوطني في السودان مستقبله بعد تخلي الرئيس عمر البشير عن زعامته، ويتجه الى الاندماج مع الحركة الاسلامية، وهي الكيان الذي يضم الاسلاميين، ويُتوقع ان يغيّر اسمه واختيار قيادة جديدة والدخول في تحالفات جديدة ولبس "جلباب" جديد يقدمه الى الشعب السوداني والعالم بعيداً من الصورة السائدة عنه حالياً.

أشواك في الطريق
يعقد مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني مؤتمراً السبت المقبل للمرة الأولى في غياب البشير لمناقشة "ورقة مفاهيمية" عن الاصلاح والتغيير لرسم مستقبل الحزب في مرحلة ما بعد البشير واعداد نفسه لمنافسة القوى السياسية الأخرى بعيداً من السلطة التي ظل عمادها حوالي ثلاثة عقود. وشُكّل حزب المؤتمر الوطني في منتصف التسعينيات بعدما ظلت السلطة في يد الاسلاميين الذين أزاحوا جميع القوى السياسية عن المشهد بانقلاب عسكري حمل البشير الى السلطة.

سلطة الحركة الاسلامية
الحركة الإسلامية التي نفذت الانقلاب العسكري في يونيو (حزيران) 1989، ثم كونت حزب المؤتمر الوطني ليكون ذراعها السياسي الذي تحكم من خلاله، ظلت هي الحاكم الفعلي عبر مؤسساتها وعرابها وزعيم الإسلاميين الراحل حسن الترابي خلال العشرية الأولى من عهد "الإنقاذ"، إلى أن وقع النزاع الشهير بين الترابي والبشير، والذي تسبب في مفاصلة الرابع من رمضان 1999 ، فأحكم الرئيس قبضته على الحزب، وشيئاً فشيئاً خفت دور الحركة في الحكم إلى ان تلاشى تماماً في السنوات الأخيرة، وتالياً تلاشى دور الوطني نفسه ليصبح الحكم في قبضة الرئيس وحده، وبعد إنفصال الجنوب في يوليو (تموز) 2011، وذهاب النفط المورد الرئيس لخزينة الدولة، انفجرت الأزمة الاقتصادية التي عجزت الحكومة عن لملمة أطرافها، على نحو لم يعد يطيقه المواطن فانفجر هو الآخر مطالباً بإسقاط النظام.

تاريخ الاسلاميين
الحركة الإسلامية في السودان نتاج حركتين إحداهما برزت في المحيط الطلابي تحت مسمى "حركة التحرير الإسلامي" والأخرى برزت في المحيط المجتمعي تحت اسم "الإخوان المسلمين" نتيجة لظروف نشأتها امتداداً لحركة الإخوان المسلمين" في مصر في منتصف الأربعينيات، وعرفت الحركة بعد ذلك بالإخوان المسلمين ثم جبهة الميثاق الإسلامي، كما عرفت في الجامعات باسم "الاتجاه الإسلامي" ثم اختارت اسم الجبهة الإسلامية القومية، وفي جميع الحالات كانت الحركة الإسلامية "الإخوان المسلمون" هي النواة الأساسية لهذه التجمعات.  
ومنذ بروز الحركة الاسلامية من جديد، ظل بعض قادة الحكم ورموز الاسلاميين ينظرون اليها بعين الريبة والشك كأنها تنظيم باطني لم يعد له مبرر، ويسعون لتغييبها أو وضعها في ثلاجة يكون الرجوع اليها وقت الضرورة، بينما رأت الحركة أو غالبية قياداتها أنها ينبغي ان تظل مرجعاً للإسلاميين. ويعتقد قطاع واسع من الاسلاميين ان الحركة الاسلامية في نسختها الأخيرة بعد انشاق الترابي عن البشير كانت لديها وظائف محددة انتهت بزوال مسبباتها، وكان من الطبيعي ان تذوب في حزب المؤتمر الوطني حتى لا تكون خصماً عليه، او ان ترسم لنفسها وظائف جديدة.

احتمالات دمج الحزب والحركة
ذكرت تسريبات ان الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني توصلا إلى رؤية جديدة تفضي إلى دمج الجسمين في كيان واحد لمواجهة متطلبات المرحلة المقبلة، والخروج بمسمى جديد يستوعب الكيانين، وأشارت إلى ان الهيكل الجديد يتضمن ان يكون الحزب هو رئيس الحركة مع تغيير وثيقة رؤيتها السياسية والفكرية التي تتجه الى تخفيف الحمولة العقائدية والدخول في تحالفات جديدة مع تيارات قد لا تتفق معها في توجه الاسلاميين واستيعاب رموز غير اسلامية وأخرى من الصوفية والزعامات القبلية والاجتماعية.
تقول لطيفة زكريا عضو المكتب التنفيذي لأمانة المرأة في حزب المؤتمر ان فكرة الدمج بين الحزب والحركة الإسلامية طرحت في وقت سابق، لأسباب تتعلق بالازدواجية في العمل بين الكيانين والحكومة، وهذا ما ادى لتمركز العمل في شخصيات بعينها، فأنتج ذلك خلافات بين الأجسام الثلاثة، في حين الضرورة تقتضي التوافق في ما بينها. وكشف استطلاع وسط الاسلاميين عن بقاء الحزب والحركة الاسلامية في كيانين او دمجهما، ان 83 في المئة كانت لصالح بقاء الحركة كياناً مستقلاً، وحصر وظائفها في النشاط الاجتماعي والدعوة وتزكية المجتمع على ان ينهض المؤتمر الوطني بالعمل السياسي.  

تغيير جلد الاسلاميين
يرى خصوم الإسلاميين أنهم يبدلون جلدهم في كل مرحلة للتخلص من أعباء الأخطاء والصورة الذهنية التي ترسم عن ممارساتهم، وتغير اسمهم من جبهة الدستور الى جبهة الميثاق ثم من الجبهة الاسلامية القومية الى حزب المؤتمر الوطني. ويعتقد باحثون في الجماعات الاسلامية ان الاسلاميين في السودان يحاولون تجنب الهجمة على ما يعرف بـ "الاسلام السياسي" تحت اسم وتوجّه جديدين يقدمانهم في ثوب معتدل ومقبول بعيداً من الاستقطاب الاقليمي وتنامي الدعوة الى الاعتدال والوسطية.

الاسلاميون "براغماتيون""
يقول الباحث السياسي سامي عمر إن الاسلاميين "براغماتيون" لديهم مقدرة على مجاراة روح العصر وتقديم تنازلات تجنبهم العزلة والإقصاء من خصومهم. ويعترف أمين حسن عمر أحد منظري الاسلاميين أن حزب المؤتمر الوطني خسر كثيراً خلال المرحلة السابقة، ودعا الى اختيار بديل من البشير في الحزب من الشباب في عقد الاربعين حتى يكون قادراً على فهم اصوات الشباب وقضاياهم، واستيعاب التحولات الجديدة في المجتمع.
وانتقد من يطالبون باختيار شخص ذي مواصفات تعادل مواصفات البشير لأنه ليس نبياً حتى يقتدى به ولا توجد ضرورة لاستنساخ "بشير جديد" لأن التجارب غير قابلة للاستنساخ.   

المزيد من تحقيقات ومطولات