Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المسماري: ليبيا بنيت على القذافي 42 عاما ولم نستفد شيئا

المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي يكشف عن وضع السراج الذي بات في خطر وتفاصيل تمركز القوات التركية وحقيقة القواعد المصرية في ليبيا وتسليح القبائل

المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري يكشف خريطة الطريق لحل الأزمة الليبية  (أ ف ب)

أمام تطورات الوضع الليبي وتعقيداته وتشابكه فإن سؤالاً مهماً يطرحه كثيرون بقوة، وهو "كيف يمكن وصف المشهد الليبي حالياً؟"، والسؤال يبدو صعباً في ظل متغيرات متلاحقة تتبدَّل كل لحظة، وتُلقي بظلالها على الخريطة الليبية؛ فما بين مساعٍ دولية، خاصة الأوروبي منها، لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية الممتدة لما يقارب 9 أعوام منذ انتفاضة 2011 وسقوط نظام القذافي، واستمرار الخلافات السياسية، وغياب حكومة وحدة وطنية، تزداد المخاوف من أن يصبح التقسيم هو المصير، بعد أن باتت مؤشراته أمراً واقعاً بطريقة ما، وتفرضه القوى المُسيطرة على الأرض وداعموها من الخارج، وفي مقدمتهم تركيا.

"اندبندنت عربية" أجرت حواراً مع اللواء أحمد المسماري، المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، والذي كشف فيه عن كثير من جوانب المشهد المعقد بالغ التفاصيل الدقيقة، وخاصة في ظل التغول التركي، وتقديم الدعم العسكري لحكومة الوفاق، ونقل المرتزقة إلى ليبيا لدعم قواتها.

مباحثات المغرب والدور الجزائري والتونسي

نبدأ حوارنا من جولة الحوار الليبي - الليبي الجديدة برعاية مغربية، والتي تأتي في سياق محاولة إيجاد منفذ للحلول السياسية للأزمة الليبية، فهل تحمل هذه الجولة أي مبادرات جديدة وسط تشاؤم يُبديه الداخل الليبي من التوصل لانفراجة؟ (جلسات الحوار ضمت ممثلين عن المجلس الأعلى للدولة والبرلمان الليبي في مدينة بوزنيقة المغربية)، وحول ذلك يعلق المسماري قائلاً "إن القيادة العامة تذهب مع أي محاولة لتحقيق حلم الليبيين وطموحاتهم في دولة آمنة بعيدة عن الإرهاب والعصابات الإجرامية والمرتزقة والاحتلال، وسبق أن ذهبنا إلى القاهرة، وبرلين، لتحقيق هذه الغاية، لكن الحل ليس في يد الليبيين؛ فالدول الكبرى لا تريد حلاً في ليبيا، والدليل أنه منذ ستة أو سبعة أشهر لم تتفق على تعيين مبعوث جديد للأمين العام للأمم المتحدة، خلفاً لغسان سلامة، فهذا الخلاف ليس ليبياً، بل كل دولة تريد إرسال مبعوث يحافظ على مصالحها والمكاسب التي حققتها في ظل فوضى عارمة في المشهد الليبي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على جانب آخر، تشهد الأزمة الليبية تعاوناً وتنسيقاً تركياً - جزائرياً، لا سيما منذ زيارة أردوغان للجزائر مطلع العام الحالي، فكيف يمكن وصف الموقف الجزائري؟ وهل تمت تنحية الدور التونسي بسبب الأوضاع الداخلية وقوى جماعة الإخوان بها؟ ويرد المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي "حسب تقييمي الشخصي، ما يحدث في تونس هو محاولة لإعادة إنتاج ما يحدث في ليبيا، وتحويلها لقاعدة إدارية تركية - قطرية بقوة، لكني أراهن على أن الشعب التونسي مثقف وواعٍ، ويُحاول كسر هذا الاحتكار أو السلطة الإخوانية في تونس، أما الدور الجزائري فهو مع المصالحة الوطنية، ومع حل الأزمة الليبية، لكن لا يريدون التحرك فيها على أساس أمني، بل على أساس سياسي، وهنا يوجد تباعد في الرؤى بيننا وبين الجزائريين، وهم يعلمون جيداً أن حدودنا مشتركة، ومصيرنا واحد، وأن ما يحدث في ليبيا خطير على الأمن الجزائري، وبالتالي يريدون الحل الذي يُرضي الجميع".

لكن من هم "الجميع"؟ سألتُ المسماري، فقال "الشعب الليبي والإخوان والإرهابيون، وهذا خطر جداً حتى على الجزائريين أنفسهم، فلا يمكن أبداً أن نعطي موطئ قدم لإرهابي على الأراضي الليبية قد يكون مصدر خطر للجزائر، أو أي دولة حدودية أخرى".  

 

 

إزاحة السراج

عاش المشهد الليبي حالة من السجال مؤخراً ما بين إيقاف وعودة وزير الداخلية في حكومة الوفاق، فتحي باشا آغا، على خلفية خضوعه لتحقيق إداري إثر تحقيقات في إطلاق ميليشيات النار على متظاهرين سلميين في طرابلس، والسياسات التي اتبعها آغا خلال توليه الحقيبة الوزارية، لكن إعلان حكومة الوفاق الليبية الخميس الماضي إعادته لمنصبه ومباشرة مهامه أعطت مؤشرات جدية لمدى قوة باشا آغا، على حد وصف المسماري الذي قال "إن إعادة السراج لفتحي باشا آغا بعد وساطة أميركية ودولية لمنصبه كوزير للداخلية تعطي مؤشرات مهمة في مقدمتها أنه أصبح الطرف الأقوى في الغرب" (كانت حكومة الوفاق قد أعلنت في 29 أغسطس (آب)، في بيان رسمي إيقاف وزير الداخلية فتحي علي باشا آغا احتياطياً عن العمل ومثوله للتحقيق الإداري أمام المجلس الرئاسي خلال أجل أقصاه 72 ساعة، وأنه سيتم التحقيق مع الوزير بشأن التصاريح والأذونات وتوفير الحماية اللازمة للمتظاهرين والبيانات الصادرة عنه حيال التظاهرات والأحداث الناجمة عنها التي شهدتها مدينة طرابلس). 

أضاف المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي موضحاً أن "ما حدث قد يكون بداية النهاية للسراج، ويمكن اعتباره (انقلاباً) قاده فتحي باشا آغا على فايز السراج، تقوده في الأساس تركيا، وهي تدعمه بقوة لأجل إزاحة السراج في مرحلة لاحقة، والأتراك توجهوا إلى باشا آغا لأنه ظهر أنه الرجل الأقوى، كما أنه يحمل أفكار جماعة الإخوان المسلمين نفسها، والدليل على ذلك أن هناك كتائب متطرفة جداً تتبع تنظيم القاعدة مباشرة متحالفة الآن مع الإخوان المسلمين على الرغم من أنها مصنفة دولياً من مجلس الأمن على أنها تنظيمات إرهابية، وهم موجودون في (درنة، وإجدابيا، وبنغازي"، والرسالة القوية التي تؤكد هذا التوجه أن كل هؤلاء جميعاً كانوا في استقبال باشا آغا عندما عاد من تركيا في مطار معيتيقة مع فرقة موسيقية عسكرية للاحتفاء به.

 

 

انقسام داخلي واستعراض قوى عسكرية لباشا آغا

يرى ناشطون ليبيون أن خطوة إعادة باشا آغا لمنصبه جاءت لوقف صداماً كان وشيكاً بين المسلحين الموالين لفتحي باشا آغا وزير داخلية الوفاق الذين تعهدوا إثر إيقافه بالانتقام من المجموعات الموالية للسراج، حيث استمرت حالة الاحتقان حتى تراجع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج عن قراره بإيقاف وزير داخليته المفوض، والذي حاصرت ميليشياته مقر المجلس الرئاسي في فترة التحقيق معه، كما أن ما حدث كانت تحمل كواليسه إحباط السراج لمحاولة انقلاب من مصراتة والإخوان مدعومة من تركيا، بعد غضب الأخيرة من السراج، بسبب اتفاقه مع عقيلة صالح على وقف إطلاق النار، دون الرجوع لها، ما مثل إرباكاً لمخططاتها، التي تستهدف توسيع وتثبيت وجودها غرب ليبيا، لهذا كان العقاب قرار التوجه التركي نحو مزيد من الاعتماد على ممثلي الإخوان والميليشيات التابعة لهم، ودفعهم لتصدر المشهد خلال المرحلة المقبلة، وأصبح باشا آغا الذي تردد على تركيا مرات عديدة، رهان أنقرة القادم، بعد أن أثبت قدرته على توحيد صف المقاتلين على جبهات القتال، وكذلك لمعارضته وقف الحرب، وفقاً لرؤية السراج وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب.

ومع توالي التصدعات الداخلية في صفوف الميليشيات، وخاصة الاتهامات المتبادلة بالخيانة والعمالة، يبرز استعراض القوة المدعوم تركياً لفتحي باشا آغا، سألت المسماري هل الأرض ممهدة له؟ فقال: "أعتقد أن من يقف وراء باشا آغا دولة أقوى بكثير من تركيا، وهي التي وجهت تركيا نحوه، خاصة أنه يعمل من خلال مستشارين وشركات علاقات أميركية، والتي تقوم ببناء شخصية محددة له يستطيع أن يدخل بها المعترك السياسي القادم وتركيا لم تهتم به إلا بعد زيارته لأميركا، مع العلم بأن مبادرة القاهرة تسقط اتفاق الصخيرات، وبالتالي تسقط السراج وحكومة الوفاق، ليكون هنا السؤال من البديل؟ والإجابة هي فتحي باشا آغا الذي ستدعمه أميركا والقوى الدولية لتبقى في المشهد السياسي القادم. وهذا ما يؤكده الصراع في مصراتة، والذي يرون من خلاله أن مصراتة هي من يجب أن تقود ليبيا، في حين أن ليبيا تحتاج لرجل يحمل فكراً ورؤية، لا يحمل بندقية" (ينتمي باشا آغا إلى مدينة مصراتة، شمال غربي ليبيا، والتي تقع على بعد 200 كيلو متر شرق طرابلس، وتُعد مقراً للجماعات المسلحة النافذة).

سألته أيضاً ما المقابل الذي يمكن أن يقدمه باشا آغا حال تصعيده لرأس السلطة؟ فقال بتحفظ "المزيد من التنازلات الليبية، وعلى رأسها إنشاء قواعد عسكرية أجنبية على الأراضي الليبية".

 

 

اتهامات بخرق وقف إطلاق النار

على الرغم من الترحيب الدولي والعربي بإعلان كل من حكومة الوفاق - المعترف بها دولياً - ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وقفاً لإطلاق النار في البلاد الشهر الماضي، فإن هذا الترحيب جاء حذراً، انطلاقاً من تجربة المبادرات السابقة لحلحلة الأزمة الليبية، والذي يرى فيه بعض المحللين السياسيين أنه لا يعني بالضرورة التزاماً مطلقاً بالحل السياسي، فيما أشار نائب الرئيس التركي، فؤاد أوقطاي، مؤخرا، إلى أن بلاده "سترحب" إذا نجح وقف إطلاق النار المعلن في ليبيا، لكن هناك الكثير من الشكوك، مدعياً رفض المشير خليفة حفتر تلك الخطوة، لكن المسماري ينفي هذه الشكوك والاتهامات التركية بشدة قائلاً "نحن قد التزمنا بوقف إطلاق النار تماماً، وكل ما نقوم به فحسب هو عمليات استطلاع ومراقبة لـ(العدو)، لكنهم في الحقيقة هم من لم يلتزموا بهذا الإعلان ويقومون حالياً بتصفية كل المواطنين الليبيين المؤيدين للجيش الليبي والداعمين لوجود دولة ليبيبة يحكمها القانون والدستور في المنطقة الغربية".  

"داعش" في ليبيا

يستطرد المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي حول تطورات الموقف على الأرض بقوله "الأسبوع الماضي قام انتحاري سوري على دراجة بخارية بتفجير نفسه في غرب طرابلس في منطقة جنزور، وهذا عمل يحمل بصمات (داعش) و(القاعدة)، وهذا يعني أن طرابلس حالياً عُرضة لعمليات إرهابية تكفيرية من المتطرفين المدعومين من تركيا ودول أخرى، ولطالما حذرنا أن الأزمة في ليبيا ليست أزمة سياسية، وليست أزمة اقتصادية أو اجتماعية، بل هي أزمة أمنية، والتي تنعكس بالضرورة على باقي الروافد في الشأن الليبي، لهذا يُعد ما حدث كارثة، وتعني بشكل مباشر وجود (داعش) في طرابلس، وهذا مؤشر خطير جداً"، مضيفاً "حينما أعلن أن (داعش) في ليبيا فهذا تم من خلال نقل عناصر تكفيرية من سوريا عن طريق تركيا إلى ليبيا، وهم حالياً في غرب ليبيا، والبعض منهم اتجه ناحية الجنوب الغربي، وواقعة الانتحاري الأخيرة دليل دامغ على تحركاتهم" (كان المفتش العام بوزارة الدفاع الأميركية قد كشف في تقرير حديث بناءً على معلومات القيادة الأميركية بأفريقيا (أفريكوم)، بحسب ما أشارت وكالة "أسوشييتد برس" عن حجم الأنشطة والتدخلات التركية في ليبيا، أن أنقرة أرسلت إلى ليبيا ما لا يقل عن 5000 مرتزق سوري من الذين عملوا بشكل وثيق معها في الحرب السورية، لمساعدة الميليشيات المسلحة المتحالفة مع الوفاق في طرابلس في قتال الجيش الليبي).

وحول ما إذا كانت هذه الواقعة مؤشراً يقودنا إلى تغير ما في خريطة الصراع على الأرض، يقول المسماري "في الأمس القريب كان الصراع صراع ميليشيات على النفوذ، وعلى السلطة والقرار السياسي، لكن اليوم نحن أمام تحدٍّ آخر، وهو الإرهاب والعمليات التكفيرية ضد ناس آمنين، وأتوقع مزيداً من العمليات الانتحارية"، مؤكداً "نحن كقيادة عامة قلقون جداً، وعبرنا عن ذلك في بيان رسمي، لأن الضحايا مواطنون ليبيون في طرابلس، ونحن جيش لهذا الشعب، والمعادلة صعبة، فالشعب الليبي يُقتل ويُقمع، ولا تستطيع حمايته، وعندنا نتحدث عن الحماية يقومون بوضعنا في ميزان أننا نقوم بدور المستعمر، مقابل تركيا الغازية، فنحن الجيش الليبي جيش الوطن بالكامل. ومع ذلك نحن مع شعبنا الذي من حقه أن يقول رأيه بصراحة ويخرج للتظاهر السلمي دون أن يُصيبه أذى، لكن بكل أسف ما يحدث في الغرب الليبي الآن هو صراع ميليشيات وصراع دول".

 

 

خريطة التنظيمات الإرهابية

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أعلن في 20 يونيو (حزيران) الماضي أن كل من سرت والجفرة تمثلان "خطاً أحمر" بالنسبة لأمن مصر القومي، فهل تغيرت خريطة التنظيمات الإرهابية في غرب ليبيا خلال الـ60 يوماً الماضية، وتحديداً ما بعد هذا الإعلان؟ فيقول المسماري "نعم، بكل تأكيد، خاصة أنه بعد ضربات الجيش الليبي في 2014، تم نقلهم كلهم للمنطقة الغربية ومصراتة، والآن كل المتطرفين المطلوبين محلياً ودولياً وعربياً يتمركزون في تلك المناطق، بالإضافة إلى العناصر الأخرى الخطيرة التي تم نقلها، وكانوا في سوريا والصومال"، مشيراً إلى أن "الخطوط الحمراء المُعلنة لم تكن من الناحية العسكرية فحسب، بل من الناحية الأمنية كذلك، وللأسف تركيا دعمت هذه الميليشيات بعد نقلها ووفرت ملاذاً آمناً لهم" (تبعد سرت نحو ألف كيلو متر عن الحدود المصرية، وتتوسط المسافة بين عاصمة البلاد طرابلس، وبنغازي على الساحل الليبي، ويفصلها نحو 300 كيلو متر عن قاعدة الجفرة الجوية التي تعد من أكبر القواعد الجوية الليبية).

قوات مراقبة دولية ومناطق نزع السلاح

سبق أن دعت حكومة الوفاق الوطني الليبية إلى جعل سرت منطقة منزوعة السلاح، فهل يوافق الجيش الوطني الليبي؟ وهل هذا يعني أن يكون من المتوقع وجود لقوات مراقبة دولية وقرار من مجلس الأمن؟ فيجيب المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي بالتفصيل "هم الآن يحاولون الترويج لفكرة سرت منزوعة السلاح، والجفرة منزوعة السلاح، وهذه كلها مؤشرات لابقاء ليبيا على ما هو عليه، وأن تظل المعركة في هذه المناطق ولا تتقدم لطرابلس، في حين أن وجهة النظر الحقيقية تقول إن طرابلس هي التي يجب أن تكون منطقة منزوعة السلاح، فالميليشيات المسلحة فيها تتصارع الآن لأجل النفوذ، بل ويجب أن تنقل العاصمة وكل مؤسسات الدولة من طرابلس، لأن أي مواطن ليبي اليوم يذهب لطرابلس لقضاء مصالحه قد يتم إعدامه لأنه يدعم الجيش الوطني، كل المناطق التي فيها سلاح غير شرعي يجب أن تكون منزوعة السلاح بداية من مصراته إلى حدود تونس. خلاف ذلك، فإن الحديث عن مناطق سرت ونقاط التماس منزوعة السلاح وعن قوات مراقبة دولية أمر خطير جداً، وأضع هذه المعلومة في سلة الساسة العرب، بأن تطبيق هذه الخطوة يعني بكل صراحة تقسيم ليبيا، وستوضع بعد فترة حواجز وبوابات، لنجد أنفسنا نعيش في دولة مقسمة، وهذا أمر مرفوض تماماً".

 

 

دور القبائل الليبية

تلعب القبائل الليبية بحكم طبيعة المجتمع الليبي دوراً بارزاً في تشكيل المشهد الراهن بالبلاد، وهو ما ظهر واضحاً في دعوتها مصر للتدخل العسكري شرق البلاد في حال اقتحام مدينة سرت من قبل ميليشيات حكومة الوفاق بطرابلس ومرتزقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث قال رئيس المجلس الأعلى للقبائل في ليبيا، صالح الفندي، في حديثه لوكالة الصحافة الفرنسية "أعطينا الجيش المصري الضوء الأخضر من جانبنا، ومن البرلمان، ليضرب فوراً إذا حركت الميليشيات ساكناً في مدينة سرت".

فهل يمكن التعويل على القبائل الليبية في الشرق الليبي كقوى داعمة يمكن أن تستند عليها مصر في حال اتخاذها أي تحرك؟ وحول ذلك يقول المسماري "إن القيادة المصرية تعلم جيداً قوة العامل الاجتماعي في ليبيا، وبعد لقاء كل من خليفة حفتر وعقيلة صالح مع الرئيس المصري، بدأت مصر العمل على عدة ملفات تتعلق بالأزمة الليبية، الملف الأول هو ملف القيادات الموجودة الآن، والملف الثاني هو القبائل، وفي كل العصور تعد القبائل في ليبيا ذات تأثير على القرار السياسي، وهو ما تجسد في لقاء وفد القبائل الليبية في مصر مؤخراً، وكل القبائل حضرت هذا اللقاء من خلال ممثليها.

تسليح القبائل

تُعد مسألة تسليح وتدريب القبائل الليبية محل جدل كبير، حتى إن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خرج عن صمته المعتاد في تصريحات متلفزة في يوليو (تموز) الماضي، محذراً من أن تسليح القبائل الليبية لن يجعل من ليبيا سوريا جديدة، ولكنه سيحولها إلى "صومال جديد"، لكن المسماري كان واثقاً هادئاً في رده على هذه الجزئية قائلاً "لن يحدث، ويجب أن نكون واقعيين، ليس كل أبناء القبائل مع الدولة، وهناك أبناء قبائل انشقوا وتبنوا أفكاراً تكفيرية وانحرفوا وأصبحوا في الصف الآخر، فإذا ما فكرنا في تسليح القبائل، فهذا يعني أن هذا السلاح خارج السلطة، أي خارج سلطة المتابعة، وخارج سلطة المراقبة، ولاحقاً خارج سلطة الاستخدام، وبالتالي قد نضع أنفسنا في وضع يدفع لحرب أهلية في حال توفر السلاح، وهذا سيُعد خطأً استراتيجياً كبيراً جداً".

ويكشف المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي قائلاً للمرة الأولى "على سبيل المثال أنا أحد أبناء قبيلتي (المسماري) انحرف وانضم لجماعات تكفيرية، وتم إعدامه في مصر! وهذا يعني أنني لا أضمن الجميع، ومن ينضم للقوات المسلحة يكون وفق شروط معينة وبطاقة تعريف أمنية. إذن، قولاً واحداً المكان الآمن للتسليح هو القوات المسلحة العربية الليبية فحسب، لا غير، ومن يُرد دعم الشعب الليبي عليه أن يدعم القوات المسلحة الليبية وتسليح الشرطة الليبية، وهذا الدعم يُعد دعماً للقبائل الليبية بشكل مباشر".

 

 

هل من استهداف تركي متوقع للقواعد المصرية؟

بات هناك نوع من التهديد المتبادل من خلال تصريحات سياسية غير مباشرة بشأن الملف الليبي بين مصر وتركيا، وبلغ التوتر أقصاه عند خط (سرت - الجفرة)، فيما كشفت بعض التقارير الاستراتيجية عن أن قوات حكومة الوفاق تُعد لتجاوزه، بدعم من تركيا، فهل يتوقع المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أن يكون هناك تجاوز لهذا الخط وقد يتبعه استهداف تركي للقواعد العسكرية المصرية على الحدود الغربية، وتحديداً قواعد" محمد نجيب وسيدي براني وجرجوب"، وأجاب المسماري بقوله "أستبعد ذلك، لكنني أتوقع أن يقوم باستهدافات معينة داخل ليبيا وشخصيات محددة في الشرق الليبي، وهناك محاولات تمت بالفعل، وكل ما يحاول فعله الآن هو (بروباغندا إعلامية) بما في ذلك مناوراته العسكرية الأخيرة مع شمال قبرص في شرق البحر المتوسط، وسط توترات واسعة مع اليونان وقبرص، فكل ما يحاول به هو استفزاز المجتمع الدولي، وهو في الحقيقة للتغطية على المشاكل الكبيرة التي يُعانيها الداخل التركي، وأتوقع أنه بدأ يخسر، وأنه سيسقط وحزبه قريباً بواسطة شعبه".

قواعد عسكرية مصرية في ليبيا

على صعيد آخر، أشارت مزاعم لتقارير استراتيجية عن تفكير مصر في بناء قواعد عسكرية في ليبيا كخطوة فاعلة في تأمين أمنها القومي، فهل تستطيع فعل ذلك؟ وما البدائل لنقاط الانتشار والتمركز للقوات المصرية إذا ما أعلنت مصر التدخل العسكري؟ يجيب المسماري "أُعلنها صراحةً وبوضوح، ولأول مرة، عندما تعلن مصر الدخول في المعركة، فكل القواعد الليبية تحت تصرف الجيش المصري، وسيكون هناك أكثر من 20 قاعدة جوية وقواعد بحرية مهيأة تماماً تحت قيادته.

 

خريطة القوات العسكرية التركية 

كشفت مصادر ليبية مؤخراً عن اتجاه حكومة الوفاق لإبرام اتفاقية عسكرية جديدة تسمح لأنقرة بإقامة قواعد عسكرية جوية وبحرية دائمة في المنطقة الغربية في ليبيا خلاف التي يسيطر عليها أردوغان وضخ مزيد من العتاد العسكري في الغرب الليبي، وبحسب ما نقلته صحيفة "يني شفق" على لسان المصادر العسكرية التركية، فإن "التوتر والاستفزازات اليونانية (بحسب وصف الجانب التركي) في شرق البحر المتوسط تتطلب وجود القوات البحرية التركية في الأراضي الليبية، ولهذا السبب سيكون ميناء مصراتة قاعدة عسكرية لأنقرة. أعود وأسأل المسماري هل لك أن تكشف لنا عن قوة الجيش التركي الحقيقية في ليبيا؟ فيرد قائلاً "الأتراك حالياً يقومون بتعزيز وجودهم في عدة قواعد عسكرية وعدة معسكرات كذلك، أولاً القواعد الجوية (قاعدة معيتقية في طرابلس، وقاعدة عقبة بن نافع في منطقة الوطية غرب ليبيا، والتي تعد ثاني أكبر قاعدة جوية ليبية، ومطار الكلية الجوية، والذي تم تحويله لقاعدة جوية في مدينة مصراته). وهذه القواعد الرئيسية كلها الآن تحت قيادة القوات التركية. ثانياً القواعد البحرية (قاعدة الخمس البحرية، وهي أكبر قاعدة بحرية ليبية لتخزين الذخائر، وتستطيع استيعاب أي سفينة، وميناء الشعاب في طرابلس قاموا بالسيطرة عليه، ومرفأ الصيد في منطقة زوارة القريبة من الوطية). وهذه القواعد والموانئ تضم آلاف المرتزقة والعناصر المسلحة التي نقلتها لليبيا. والآن يحاول الأتراك محاصرة ليبيا من خلال النيجر وعدة دول أخرى من خلال عقد اتفاقيات وتقديم مساعدات أمنية معينة" (كشفت تقارير صحافية في يوليو (تموز) الماضي عن اتفاق عسكري مرتقب بين النيجر وأنقرة، خلال زيارة قام بها وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو إلى النيجر من بين جولة في عدة الدول أفريقية أخرى، التقى فيها مبعوث أردوغان رئيس النيجر محمدو يوسفو، وتحدث الجانبان عن أن تركيا ستقوم بإنشاء قاعدة عسكرية استراتيجية برية وجوية في النيجر إلى جانب تدريب الجيش وتزويده بأحدث الأسلحة وتدريب قوات الأمن).

الجنوب الليبي بوابة المخاطر 

خلال السنوات التسع الماضية عاشت قبائل الإقليم الجنوبي الليبي حروباً طاحنة على أسس عرقية، ويضاف لها تحدٍّ خطير آخر يتمثل بتمركز التنظيمات الإرهابية المسلحة بالإقليم، ويأتى تنظيم داعش كأبرز التكوينات المهددة بصورة كبيرة، فالتنظيم حاضر في ليبيا منذ سنوات، وإن ظل يتنقل بين مناطقها، حتى استقر في الجنوب بعد هزيمته في مدينة سرت، فضلاً عن القلاقل والنزاعات المسلحة في البلدان الأفريقية المتاخمة للجنوب الليبي، ويقر بذلك المسماري قائلاً "إن حركات المعارضة، خاصة في تشاد والنيجر ومالي، والسودان، وجدت ملاذات آمنة في الجنوب الليبي من خلال إنشاء معسكرات، خاصة إذا ما عرفنا أن منطقة الجنوب الليبي أغنى منطقة في أفريقيا، لوجود النفط والغاز بها بكميات كبيرة جداً، والمياه العذبة الكافية لسنوات طويلة، فضلاً عن (اليورانيوم)، كما تتمركز العصابات في جبل العوينات على الحدود المصرية السودانية الليبية، والذي يُعد 60 في المئة منه في الأراضي الليبية، وكذلك المناطق المتاخمة لحدودنا مع النيجر، حيث تُجرى عمليات التنقيب عن الذهب المتوفر بكثرة، وهو ما يؤمن لهم التمويل بأموال طائلة، وهذا يعني وجود منطقة اقتصادية مهمة جداً تحت سيطرة عصابات إجرامية، لهذا يمكن أن نفهم دعوات المستعمرين لتقسيم ليبيا لثلاثة أقاليم (شرقية، وغربية، وجنوبية)، ونحن قد أمَّنا بعض هذه المناطق بالفعل، لكن عندما نتحدث عن 4400 كيلو متر حدوداً برية صحراوية قاسية جداً، فنحن نحتاج لإمكانات كبيرة، وأغلب قواتنا الآن تقاتل في الميدان".

 

 

تحالفات جديدة

في حالة تعمق الانقسام في الغرب الليبي هل من الممكن أن تلجأ بعض الأطراف في حكومة الوفاق أو السراج نفسه لإعادة ترتيب حسابات المكسب والخسارة والدخول في تحالفات جديدة من ضمنها منطقة الشرق الليبي في إطار تسوية سلمية؟ يرد قائلاً "إذا مُورست على السراج ضغوط سياسية كبيرة فقد يتراجع للبحث عن مكان آمن له، وعليه وقتها أن يعترف بفشله ويعترف للشعب الليبي بجرائمه، وأقولها صراحة: السراج (عميل) سلم القواعد العسكرية الليبية لتركيا، ووقع اتفاقات مع أنقرة غير مشروعة، ومهّد للاستعمار التركي وفرّط في سيادة الدولة الليبية".

أعترضُ كلامه مُتسائِلةً: لكن السراج وحكومته معترف بهما دولياً، فيجيب المسماري "أي مجتمع دولي؟ المجتمع الدولي الذي أتى بالناتو إلى ليبيا في 2011؟ المجتمع الدولي الذي لا يريد قيام قوات مسلحة وشرطة؟ إن تقاطع المصالح للمجتمع الدولي في طرابلس هو ما أدى للصراع الحالي، وحينما خرج الشعب الليبي للاعتراض، تم الخروج عليهم بالسلاح، ومع ذلك لم نسمع بيانات تنديد من المجتمع الدولي".

لكن المجتمع الدولي اليوم بات أكثر توجساً من الاستفزازات التركية في منطقة شرق المتوسط وفي الوقت ذاته تُجرى تحركات حثيثة للحل السلمي، ما قد يمهد عن إعلان قريب لتغير خريطة التحالفات الدولية، خاصة في ظل الاتصالات الأميركية - الليبية، وردود الفعل الفرنسية واليونانية والقبرصية تجاه تعديات أردوغان، ويرد بحسم قائلاً "علينا أن نعرف أن الجماعات التكفيرية في ليييا أقامت تحالفاً كبيراً مع الإخوان المسلمين، والمجتمع الدولي يتحدث عن مشاركة الإخوان في الحكم، وهذا أمر مرفوض رفضاً قاطعاً، لكن تجدر الإشارة إلى أن هناك تفاعلاً مختلفاً في خريطة التحالفات الدولية، وأنها بدأت تتغير، فالآن تحاول أميركا أن تتفادى حدوث انشقاق في حلف الناتو بعد أن دخلت فرنسا في معركة ضد تركيا، فإذا وقفت أميركا مع فرنسا سيخسران تركيا، كما أنهما قد يخسران روسيا، وبالتالي فهي تريد أن يظل المشهد هكذا، في الوقت الذي يضغط فيه أردوغان على أوروبا، وما دام هناك تخوف على حلف الناتو، فيجب أن نستغل هذه النقطة لصالحنا والتحرك باتجاه الاتحاد الأوروبي، فهناك اتفاقية دفاع في الاتحاد الأوروبي، وهي أقوى دفاعياً من حلف الناتو، وسيختارون كلهم الذهاب مع اليونان، وبالتالي سيخسر الناتو قواعده في تركيا، وستصبح أميركا في موقف مُحرج، وكذلك سيخسرون قواعد في خاصرة إيران وروسيا ودول أخرى يهددون بها الشرق الأوسط. أميركا لا تريد أي مواجهة عسكرية في هذه المنطقة، إذن نحن نتحدث عن حل سياسي في ليييا، لكن هذا الحل يجب ألا يتضمن التكفيريين والإرهابيين، ولا باعة الدولة الليبية لصالح تركيا".

 

 

ليبيا بُنيت على القذافي 42 عاماً ولم نستفد شيئاً

إذا ما أراد المجتمع الدولي الذهاب لحل سياسي في ليبيا، فما مقوماته؟ يقول المسماري "خروج تركيا من المشهد الليبي، وتشكيل مجلس شيوخ من الأقاليم الليبية الثلاثة الرئيسية بالتساوي ليكون رافداً لمجلس النواب، كما توكل إليه مهمة تثبيت الثقة بين أبناء الشعب الليبي، وهذه أخطر مهمة، بعد أن استطاع الاستعمار التركي أن يجعل الأخ يفقد الثقة في شقيقه! بالإضافة إلى الذهاب بأسرع وقت ممكن لتشكيل مجلس رئاسي جديد مكون من رئيس ونائبين. فليبيا لن تبنى على أشخاص مرة أخرى، بُنيت على معمر القذافي 42 سنة ولم نستفد شيئاً على الإطلاق، يجب أن تُبنى على الدستور وعلى القانون وعلى دولة مؤسسات واحترام الآخر وقبول الرأي الآخر، هكذا تُبنى الدول، لكن ما يفكر فيه الغرب تجاه ليبيا هو أقرب للتفكير بلغة (العبيد)، مجموعة من العبيد يتم تنصيب عبد واحد عليهم في يده السلطة، وبعد وقت يصبح أقوى من الدولة".

بادرته بالسؤال: هذا الطرح يحتاج لموافقة من؟ ومن يقدر على تنفيذه؟ فيجيب المسماري "أنا سلطة تنفيذ فحسب، وأعرض الطرح على أؤلئك الذين يتابعون المشهد الليبي، وخاصة الأمم المتحدة والقوى الدولية، وطرحي لا علاقة له بكوني ضابطاً في الجيش الليبي، بل كباحث ودارس للحالة الاجتماعية الليبية ومواطن ليبي يعرف عمق الشأن الليبي، وأُطمئن الرأي العام الإقليمي والعالمي والأمم المتحدة بأن القائد العام المشير خليفة حفتر لا يمانع أبداً هذه الحلول، فأي قرار سيسرع من إنهاء الأزمة الليبية، ستسير معه القيادة العامة القوات المسلحة الليبية بكل إيجابية، لكن لا تفرض عليَّ أشخاصاً أو مكونات على الإطلاق، ولا آراء دول أجنبية، فمثلاً تركيا ستخرج بشروط معينة، لا... تركيا تخرج الآن، وسنطالب تركيا بتعويضات عن كل الخسائر التي حدثت في ليبيا جرَّاء تدخلهم".

هل هذا يعني أنه في حال تقديم الأمم المتحدة اتفاقاً جديداً لحل الأزمة الليبية سيقبل به الشرق الليبي؟ فيقول "اتفاق الصخيرات لم يكن له أساس صحيح من البداية، وأصفه بأنه كان عبارة عن مجموعة من الإخوان المسلمين مع توفر المال، وهو غير شرعي، وكل ما تم من اتفاقات بناءً عليه مع تركيا غير شرعي. نحن لدينا مبادرة القاهرة، ونتائج مؤتمر برلين، بخصوص الأزمة اللييبة التي رحَّبنا بها، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا التأخير في تنفيذ نتائجه؟ ألم يكن بحضور قادة العالم كافة؟ الإجابة أن هناك مؤامرة كبرى لتمكين الإسلام السياسي المتطرف على الأراضي الليبية".

 

 

منطقة الهلال النفطي

وسط الأطماع التركية في ليبيا تمثل منطقة الهلال النفطي ما يقارب 80 في المئة من الثروة النفطية للبلاد، وتحدثت مصادر ليبية عن أن تأمينها خضع لدور روسي، خاصة مجموعة "فاغنر" الروسية، خاصة مع محاولات أنقرة لتسخير كل إمكاناتها للحصول على "الذهب الأسود" الليبي، لكن المسماري ينفي أي تدخلات خارجية في تأمين المنطقة قائلاً "الآن هي تحت حراسة وتأمين القوات العربية الليبية بالكامل، سواء مناطق الحقول النفطية في عمق الصحراء، أو خطوط نقل البترول، أو الموانئ والمنشآت النفطية على الساحل، لكن يُمنع منعاً باتاً دخول الجيش المنشآت، حيث إن مهمتنا الحفاظ عليها من الهجمات الإرهابية، مثل حقل (المبروك والظهرة، وغيرهما)، والتي تم تدميرها من قبل (داعش) في 2013-2014، وهناك حقول سرقت، وتم بيع محركاتها في أفريقيا، وهناك حقول شبه مُدمَّرة، لكن في المقابل هناك حقول تمت صيانتها وإعادة تشغيلها، ولا يوجد روس أو مصريون أو أي أحد على الإطلاق في هذه المنطقة تماماً، فحسب قوات الجيش العربي الليبي (جهاز حرس المنشآت النفطية) الذي تم تشكيله في 2007"، مشيراً إلى أن قرار إغلاقها لم يكن من القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، بل من الشعب الليبي، وتحديداً من أعيان القبائل؛ لأنه لم يُسمع صوتهم لدى المجتمع الدولي، ولم يُعرهم أي اهتمام، ولا الأمم المتحدة في ليبيا. وجاء في بيان الإقفال أن ذلك لكي يتم تجفيف منابع تمويل الإرهاب والاستعمار التركي" (يمتد الهلال النفطي من ميناء الزويتينة الذي تبلغ سعته التخزينية 6 ملايين برميل إلى ميناء البريقة ورأس لانوف الذي تبلغ قدرته التصديرية 220 ألف برميل يومياً، ومنها إلى السدرة التي تتسع لـ6 ملايين برميل، وتتمتع باستطاعة تصدير تصل لـ440 ألف برميل يومياً).

 

 

البنك المركزي الليبي والتغول التركي

وقَّعت تركيا منذ عدة أيام مذكرة تفاهم مع البنك المركزي الليبي بطرابلس من أجل تعزيز التعاون المالي بين مصرفي البلدين، من دون الكشف عن بنودها، وهي ما وصفها الليبيون باستمرار استنزاف مقدرات الشعب الليبي وتكريس نفوذها الاقتصادي والسيطرة على أموال الليبيين، وهو ما يفسره المسماري بقوله "ليست هذه الاتفاقية الأولى من نوعها، فالبنك المركزي الليبي والمؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، وكل الدوائر المهمة في طرابلس، بما فيها وزارة الخارجية، وكل من بها من قيادات، وكذلك الصف الثاني والثالث هم من الإخوان المسلمين، وكل مديري الإدارات في هذه المؤسسات من الإخوان، والذين لبعضهم ملفات أمنية خطيرة بتُهم إرهابية، وهذا ينعكس طبعاً على طبيعة التوغل التركي بمساعدة حكومة الوفاق".

 

 

متى ستصبح الطائرات المجهولة معلومة؟

بات مصطلح "الطائرات المجهولة" متداولاً في ليبيا مؤخراً، وخاصة حينما نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر عسكري بالجيش الوطني الليبي في يوليو الماضي قوله "إن طائرات حربية قصفت قاعدة جوية سيطرت عليها حكومة الوفاق في الآونة الأخيرة بمساعدة من تركيا". وأضاف المصدر المنتمي للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أن الضربات نفذتها "طائرات مجهولة"، فكان السؤال متى يمكن أن تصبح هذه الطائرات الحربية معلومة للرأي العام العالمي، فيجيب المسماري بكل صراحة "عندما نُسيطر على الأجواء ونحن على الأرض، عندما يكون هناك دفاع جوي ليبي قوي يستطيع أن يسيطر على الجو، فلقد تم تدمير الدفاع الجوي بالكامل في 2011، والآن نحن نُعيد بناء الدفاع الجوي، وأصبح هناك بعض المناطق ليس بها طائرات مجهولة؛ لأن بها دفاعاً جوياً ليبياً قوياً. وهذه الطائرات بدأ وجودها يتقلص وهي في إطار المجهود العربي الموحد لمكافحة الإرهاب"، مُشيداً في الوقت ذاته بالدعم العربي لاستقرار ليبيا بقوله "نحن نُرحِّب بدور كل دولة عربية تدعم استقرار ليبيا، سواء الإمارات، أو السعودية، أو مصر، أو البحرين، أو الأردن، فمعركتنا أمام العالم واضحة، وما يُصيبنا يُصيبهم، وتقوم دول كبرى بتوظيف تركيا لاستعمار ليبيا، وهذا ما نرفضه ونعمل على إنقاذ ليبيا منه، وندعو المجتمع الدولي إلى مساعدتنا في إنقاذ الشعب الليبي". أما عن الدور القطري في ليبيا، فاكتفى اللواء أحمد المسماري في نهاية حواره بجملة واحدة فحسب، قال فيها "قطر دولة تُدار بالريموت كنترول".

اقرأ المزيد

المزيد من حوارات