Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القمع في هونغ كونغ حوّل المستشفيات إلى ميدان قتال

لُقّبتُ بـ"مسعفة المشاغبين" لمعالجتي الجرحى في صفوف المتظاهرين والشرطة أرهبت زملائي الذين تطوّعوا لتقديم الإسعافات الطبية الأوّلية خلال الاحتجاجات

من اعتصام في هونغ كونغ احتجاجاً على استهداف عيون المتظاهرين السلميين برصاص مطاطي (غيتي)

أنا طبيبة متمرسة في هونغ كونغ، عملتُ في عدد من المستشفيات العامة لأكثر من عشر سنوات. فيما مضى، كنتُ أفخر بالخدمات الطبية التي يسهل الوصول إليها في المدينة. لكنّ الأحداث الأخيرة بدّلت واقع الحال. فسلطات هونغ كونغ اليوم تتعامل مع كلّ من له علاقة بالتظاهرات على أنّه مواطن درجة ثانية. وهذا يعني بصريح العبارة أنّ أحداً منّا لم يعد في أمان، حتى داخل المستشفيات العامة.

وما شهدتُه وعايشتُه من مواقف صادمة على مرّ العام المنصرم أكّد لي أنّ خطراً منهجيّاً يُحدق بسكان هونغ كونغ. فالشرطة المحليّة داهمت المستشفيات التي تقدّم العلاج للمحتجين بنيّة اعتقالهم بصرف النّظر عن حالتهم الصّحية. وحذرتني الشرطة مع زملائي من عواقب الاتصال بأهالي المتظاهرين المصابين، كما يُفترض بنا أن نفعل في حالاتٍ مماثلة. وكذلك، طوقت شرطة مكافحة الشّغب المسلّحة أجنحة الطّوارئ في المستشفيات، من دون سببٍ واضح غير تقييد تقديم المساعدة الطّبية للمصابين.

وكنت شاهدة على إلحاح رجال الشّرطة لاقتحام أقسام الولادة لاستجواب حوامل وتخويفهنّ، وعالجتُ موقوفين يُعانون من إصاباتٍ خطيرة وكسور في العظام مضى عليها ساعات، جراء احتجاز الشرطة لهم ورفضها منحهم العناية الطّبية اللازمة. ونتيجة المماطلة والتأخير، تفاقمت حالة هؤلاء الصحية وتعقدّت مسيرة تعافيهم وأُصيب بعضهم بمضاعفات مرضيّة طويلة الأمد.

عدا عن ذلك، تعمّدت شرطة هونغ كونغ رمي قنابل الغاز المسيل للدموع على بعد أقل من مئة متر خارج المستشفيات حيث كنتُ أعمل، الأمر الذي زاد عملنا إجهاداً وصعوبة وأثّر سلباً في علاج المرضى الذين هم في أمسّ الحاجة إليه. ويظهر أنّ المستشفيات العامة في هونغ كونغ قد تحوّلت إلى ساحات قتال وهذا هو بالضّبط ما نشعر به.

هذا الواقع لا يخفى أبداً على إدارة المستشفيات والمسؤولين الحكوميين. ومع ذلك، لم تُبذل سوى جهود ضئيلة لمواجهته ومواجهة إنكار الشّرطة لأفعالها وتعرّضها لكلّ من يُحاول التّعبير عن مخاوفه.

وأنا لُقّبتُ بـ"مسعفة المشاغبين" وقُدّمت شكاوى ضدي لمعالجتي الجرحى في صفوف المحتجّين. أما زملائي الذين تطوّعوا لتقديم الإسعافات الطّبية الأوّلية خلال الاحتجاجات، فهاجمتهم عناصر الشّرطة ووضعتهم رهن الاعتقال.

فالشرطة لم يعد شاغلها حماية مواطني هونغ كونغ، وكلّ ما تصبو إليه هو إسكات كلّ من يجرؤ على رفع الصّوت وكشف حقيقة ما يجري هنا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وما يجري هو أنّ الأوضاع في هونغ كونغ إلى تدهور منذ فرض قانون الأمن القوميّ المتشدّد في 1 يوليو (تموز) 2020. وقد وصلت أخيراً إلى حدّ إدانة مكتب الاتصال التّابع للحكومة، العاملين في مجال الرّعاية الصّحية الذين أعربوا عن قلقهم إزاء التموينات الطّبية المرسلة من البرّ الرئيسي إلى هونغ كونغ لإسعاف مرضى كوفيد-19، والحكم بالسّجن المؤبّد على كلّ من يقدّم المساعدة الطبية للمحتجين. تخيّلوا أنّ كتابتي لهذا المقال هي بحدّ ذاتها مخاطرة بعدما أصبح انتقاد الحكومة أو الشرطة ممنوعاً منعاً باتاً!

وأودّ أن أُعرب عن تقديري للمجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب البريطانية عن هونغ كونغ لسعيها إلى تحقيق دوليّ شامل في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها الشّرطة بحقّ العاملين الطّبيين واستماعها إلى شهادتي. فمثل هذه الجهود تذكّرنا بأنّ العالم لم ينسنا ولم يتخلّ عنّا. وفي ظلّ فشل حكومتنا في أخذ الاتّهامات الموجّهة ضدّ الشّرطة على محمل الجدّ، يلوح التّحقيق كبصيص أمل في العدالة المتلاشية في هونغ كونغ.

(الدّكتورة بولا لي هي عاملة صحيّة في هونغ كونغ وقد اختارت كتابة المقال الحالي تحت اسم مستعار حفاظاً على هويتها)

© The Independent

المزيد من آراء