فتحت الأسواق الأوروبية على ارتفاع في تعاملات الخميس مع إعلان الحكومة الفرنسية خطة تحفيز اقتصادي تصل إلى أربعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بقيمة أكثر من 118 مليار دولار (مئة مليار يورو). وارتفع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنحو واحد في المئة، بينما قفز مؤشر كاك الفرنسي 1.9 في المئة، وارتفع مؤشر داكس الألماني 1.8 في المئة، متجاوزاً حاجز 13400 نقطة للمرة الأولى منذ فبراير (شباط) الماضي، كما ارتفع مؤشر بورصة لندن أيضاً.
وأسهم التفاؤل بشأن سرعة التوصل إلى لقاح لفيروس كورونا (كوفيد 19) في رفع معنويات المستثمرين في الأسواق الأوروبية، إضافة إلى خطة التحفيز الاقتصادي الفرنسية "إعادة انطلاق فرنسا"، كما استفادت الأسواق الأوروبية من هبوط سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، مقابل الدولار مع تكهنات بأن البنك المركزي الأوروبي قد يعلن حزمة تحفيز اقتصادي جديدة.
وتتضمن خطة التحفيز الاقتصادي الفرنسية زيادة الإنفاق في مجالات عدة، وتركز على توفير فرص العمل في الاقتصاد، وتقديم دعم حكومي للأجور والرواتب، وتخفيض الضرائب على الأعمال والشركات، وتمويل مشروعات تتعلق بالبيئة، وجعل اقتصاد فرنسا "أكثر تنافسية". وحسب تقديرات الاقتصاديين والمتخصصين فإن هدف خطة التحفيز الفرنسية السياسي هو تحسين أداء جانب العرض في الاقتصاد، رغم أنها تعتبر أكبر عملية تحفيز حكومية للاقتصاد الفرنسي، وتشمل نطاقاً واسعاً من قطاعاته.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي جون كاستكس، إن الخطة يمكن أن توفر 160 ألف وظيفة بحلول العام المقبل 2021، إضافة إلى معالجة الآثار السلبية لوباء فيروس كورونا على الاقتصاد الفرنسي. وتستهدف خطة التحفيز على مدى عامين تحسين شبكة المواصلات والاستثمار في مشروعات الطاقة الهيدروجينية لتوفير مصادر طاقة نظيفة، كجزء من المشروعات البيئية.
وحسب خطة إنفاق حزمة التحفيز، تخصص الحكومة الفرنسية نحو 41 مليار دولار (35 مليار يورو) لجعل ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي أكثر تنافسية، ونحو 35 مليار دولار (30 مليار يورو) للاستثمار في مشروعات الطاقة النظيفة والمشروعات البيئية الأخرى، ونحو 30 مليار دولار (25 مليار يورو) لدعم الوظائف والأعمال.
وتأتي حزمة التحفيز الفرنسية كأول إعلان عن خطة حكومية من دولة أوروبية لدعم اقتصادها بعد إعلان حزمة التحفيز الأوروبية لدول الاتحاد الأوروبي كلها بقيمة 887 مليار دولار (750 مليار يورو)، كما أنها أكبر خطة تحفيز وطنية بفرنسا في تاريخها المعاصر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان الاقتصاد الفرنسي قد عانى انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من العام من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران) بنسبة تزيد على سالب 13 في المئة. وحسب بيانات أصدرتها شركة تحليل المعلومات آي إتش إس، الخميس، فإن مؤشر نشاط قطاع الخدمات في فرنسا تراجع في أغسطس (آب) مقابل يوليو (تموز)، ليصل إلى 51.5 نقطة الشهر الماضي، مقابل 57.3 نقطة في الشهر السابق يوليو، وإن ظل تحركه إيجابياً منذ يونيو، وكذلك تراجع مؤشر نشاط القطاع الخاص عموماً في أغسطس الماضي إلى 51.6 نقطة، مقابل 57.3 نقطة في يوليو.
وفي التعليقات الأولية السريعة على إعلان خطة التحفيز الفرنسية، رأى محللون أنها متفائلة جداً، لكنهم حذروا أن "السياسيين غالباً ما يفكرون في التنفيذ بطريقة تتعلق بالماضي أكثر من النظر إلى المستقبل". ويقول لودفيك سوبران، من مجموعة أليانز عن حزمة التحفيز التي أعلنتها باريس، "إنها فرنسية تماماً، بمعنى أنها تستهدف كل شيء في خطة واحدة"، ويضيف "إنها تستهدف توفير التمويل على المدى الطويل، وتتضمن تشكيلة معقولة من الإنعاش على مستوى النشاط".
أما بول دونوفان، من إدارة الثروات في بنك يو بي إس، فيرى أن "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يستخدم الصندوق المالي الأوروبي، لتمويل حزمة التنشيط بمئة مليار يورو، وهي تركز على جانب العرض في الاقتصاد مع خفض الضرائب للمصنعين وتمويل برامج إعادة التدريب".
ورغم أن الاقتصاد الفرنسي عموماً لم يتضرر بالشدة التي تضرر بها اقتصاد إسبانيا وإيطاليا، نتيجة أزمة وباء كورونا، فقد كان أشد تضرراً من أكبر اقتصاد في أوروبا، الاقتصاد الألماني. ويرى بعض المراقبين أن الحكومة الفرنسية أرادت بإعلان حزمة التحفيز الوطنية الكبيرة، إلى جانب حزم التحفيز الأوروبية لكل الدول الاتحاد، أن تعطي دفعة للاقتصاد في محاولة لتنشيط النمو، كي لا يتخلف اقتصادها كثيراً عن وتيرة نمو الاقتصاد الألماني.
ويضاف إلى ذلك أيضاً أن فرنسا من بين الدول الأوروبية التي يمكن أن تتضرر أكثر من غيرها من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) دون اتفاق بنهاية هذا العام. ومن شأن التحفيز المبكر للاقتصاد أن يجنب فرنسا مزيداً من الضرر في حال بريكست دون اتفاق نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل.