كشفت مؤسسات وتقارير دولية أن احتياطي النقد الأجنبي الموجود لدى البنك المركزي المصري يعد الأكبر في تاريخ البلاد، مؤكدة أن صدمة كورونا لم تؤثر في موجودات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري بنسبة كبيرة، إذ تمكنت الحكومة المصرية من استعادة زمام الأمور في وقت قصير، بعد فقدان الاحتياطي نحو 9.5 مليار دولار منذ منتصف مارس (آذار) الماضي، ليعاود الارتفاع من جديد في يوليو (تموز) الماضي.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن احتياطي النقد الأجنبي الموجود لدى البنك المركزي ارتفع بنهاية يوليو الماضي إلى مستوى 38.2 مليار دولار، على الرغم من تداعيات ومخاطر كورونا التي تسببت في نزيف احتياطيات دول الأسواق الناشئة.
البداية بالتقرير الأخير الذي أعدته وكالة موديز للتصنيف الائتماني، الذي أشارت فيه إلى نجاح الحكومة المصرية في بناء مخزون وفير من احتياطي النقد الأجنبي يكفي لتغطية التزاماتها الخارجية مدة ثلاثة أعوام مقبلة، وهو ما أرجعته الوكالة إلى سياسات الحكومة والإدارة المصرية التي أثبتت مصداقية وفعالية، وعكست مدى الثقل والتنوع الذي يتمتع به الاقتصاد المصري.
وأوضحت الوكالة الدولية، في تقرير حديث، أن تصنيف مصر الائتماني في الوقت الحالي عند مستوى B 2، مع نظرة مستقبلية مستقرة، إنما يعكس حجم قاعدة التمويل المحلية الواسعة التي يتمتع بها الاقتصاد المصري. وأشارت إلى أن هذه النظرة الائتمانية تعكس مرونة الملف الائتماني لمصر ضد صدمات التمويل، وهو أمر إيجابي لملفها الائتماني.
6.8 مليار دولار ديون مسددة بالربع الأول
وتضمن التقرير تصريحات لنائب رئيس وكبير المحللين الاقتصاديين لدى وكالة موديز لخدمات المستثمرين، إليسا باريسي كاوبوني، أشارت فيها إلى أن السياسات التي تتبعها الحكومة المصرية، التي تتمتع بقدر عال من الفعالية والمصداقية، أسهمت في تحصين الاقتصاد ضد الصدمات المالية، إلى جانب سجل حافل من النجاحات المحققة على صعيد الإدارة الاقتصادية والمالية وإدارة الدين، التي تُسهم بدورها في تدعيم ملف مصر الائتماني.
وتطرق التقرير إلى أسباب النظرة الإيجابية التي منحتها الوكالة لمصر في الوقت الحالي، التي تضمنت المستويات المنخفضة نسبياً للدين الحكومي الخارجي المقوم بالعملة الأجنبية، إضافة إلى تراجع معدل التضخم مدعوماً بسياسات نقدية فاعلة أسهمت في تمهيد الطريق أمام البنك المركزي، من أجل خفض سعر الفائدة، ومن ثم المساعدة في خفض تكاليف الاقتراض الحكومي المحلي بشكل تدريجي.
وأشار التقرير إلى أن هناك مزيداً من التحسن على صعيد قدرة مصر على الوفاء بالالتزامات من الديون وتحقيق تنمية مستدامة في سوق العمل والصادرات غير النفطية، إلى جانب تقليل الاحتياجات التمويلية الإجمالية، جميعها عوامل تُسهم في إحداث تحولات إيجابية ورفع تصنيف مصر الائتماني.
وأمس، أعلن البنك المركزي المصري سداد ديون وفوائد ديون لجهات خارجية بقيمة إجمالية بلغت نحو 6.8 مليار دولار، خلال الربع الأول من العام الحالي. وذكر أن الديون التي سُددت موزعة على 5.66 مليار دولار أقساط ديون، و1.14 مليار دولار فوائد. وبلغ إجمالي ما سددته مصر من ديون وفوائد ديون خلال الأشهر الستة من أكتوبر (تشرين الأول) 2019 وإلى نهاية مارس 2020 نحو 10.8 مليار دولار.
وأشارت البيانات إلى تراجع رصيد الدين الخارجي لمصر بنهاية مارس الماضي إلى نحو 111.3 مليار دولار، مقابل 112.7 مليار دولار في ديسمبر (كانون الأول) 2019، بتراجع بلغ نحو 1.4 مليار دولار. كما تراجعت نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال هذه الفترة إلى 31.7 في المئة.
ودائع العملاء تقفز والسيولة المحلية تنمو 15 في المئة
في سياق متصل، أوضح التقرير الشهري الصادر عن البنك المركزي المصري، ارتفاع ودائع العملاء بالجهاز المصرفي بنهاية مايو الماضي بنحو 85 مليار جنيه (5.37 مليار دولار)، لتسجل 4.603 تريليون جنيه (291.14 مليار دولار) مقابل نحو 4.518 تريليون جنيه (285.76 مليار دولار) في أبريل (نيسان) السابق.
وأوضح أن الودائع الحكومية ارتفعت بقيمة 11.7 مليار جنيه (0.740 مليار دولار)، لتبلغ 738 مليار جنيه (46.68 مليار دولار) بنهاية مايو الماضي، مقابل 726.3 مليار جنيه (45.93 مليار دولار) بنهاية أبريل السابق.
وأشار التقرير إلى أن الودائع الحكومية بالعملة المحلية بلغت نحو 635.9 مليار جنيه (40.22 مليار دولار)، في حين بلغت الودائع بالعملة الأجنبية 102.1 مليار جنيه (6.457 مليار دولار)، لافتاً إلى أن الودائع غير الحكومية سجلت ارتفاعا بنهاية مايو لتبلغ 3.865 تريليون جنيه (244.46 مليار دولار) مقابل 3.792 تريليون جنيه (239.84 مليار دولار) بنهاية أبريل السابق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بينما بلغت الودائع غير الحكومية بالعملة المحلية نحو 3.204 تريليون جنيه (202.65 مليار دولار) بنهاية مايو الماضي، مقابل نحو 3.143 تريليون جنيه (198.79 مليار دولار) بنهاية أبريل الماضي. واستحوذ قطاع الأعمال العام على نحو 64.5 مليار جنيه (4.079 مليار دولار)، وقطاع الأعمال الخاص على نحو 413.5 مليار جنيه (26.154 مليار دولار)، بينما استحوذ القطاع العائلي على نحو 2.714 تريليون جنيه (171.66 مليار دولار)، أما باقي القطاعات الأخرى التي تشمل غير المقيمين وشيكات وحوالات مُشتراة فقد استحوذت على 14 مليار جنيه (0.885 مليار دولار).
التقرير أشار إلى أن الودائع بالعملات الأجنبية سجلت نحو 660.4 مليار جنيه (41.77 مليار دولار) في مايو الماضي، مقابل 649.06 مليار جنيه (29.66 مليار دولار) في أبريل الماضي. واستحوذ قطاع الأعمال العام على نحو 34 مليار جنيه (2.15 مليار دولار)، وقطاع الأعمال الخاص على نحو 170 مليار جنيه (10.752 مليار دولار)، واستحوذ القطاع العائلي على نحو 448.3 مليار جنيه (28.355 مليار دولار)، أما باقي القطاعات الأخرى، وتشمل غير المقيمين وشيكات وحوالات مُشتراة فقد استحوذت على نحو 7.5 مليار جنيه (0.474 مليار دولار).
وعلى صعيد السيولة المحلية، أشار التقرير إلى ارتفاعها خلال الفترة من يوليو (تموز) 2019 وإلى مايو الماضي، لتبلغ نحو 4.451 تريليون جنيه (281.53 مليار دولار) لتسجل زيادة بنحو 587.8 مليار جنيه (37.179 مليار دولار) بنسبة نمو بلغت نحو 15.2 في المئة.
صندوق النقد يعلق على وضع القطاع المصرفي
لدى تعليقه على أوضاع القطاع المصرفي في مصر، كشف صندوق النقد الدولي في تقرير حديث، أن القطاع المصرفي والمالي في مصر لا يزال مستقراً رغم الصدمات التي هزت الاقتصاد العالمي خلال أزمة جائحة تفشي فيروس كورونا. مؤكداً أن النظام المصرفي في مصر حافظ على مستويات السيولة والربحية رغم ظهور مخاوف بشأن محافظ القروض وتكاليفها بسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي.
صندوق النقد أشار إلى أن النظام المصرفي يتمتع بوضع جيد للتعامل مع الضغط، مع ربحية قوية وجودة الأصول، لافتاً إلى أن مرونة سعر الصرف هي أداة ناجحة لامتصاص الصدمات. وأوضح أن البنك المركزي المصري يعمل مع المقترضين المتأثرين بشدة، لتخفيف الضغوط على المدى القريب من خلال تعديلات القروض المستهدفة، الأمر الذي يمكن أن يحد من التأثير الفوري لتفشي "كوفيد 19"، فإن طرق إعادة الهيكلة الأكثر استهدافاً، يمكن أن تساعد في تقليل المخاطر الأخلاقية واحتواء التكاليف على النظام المصرفي.
وتوقع الصندوق ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد المصري إلى نحو 6.4 في المئة خلال العام المالي 2021 - 2022. وأكد أن الحكومة المصرية تنفذ إصلاحات مهمة لتحقيق نمو أكثر شمولاً بقيادة القطاع الخاص. وشدد الصندوق على قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها الخارجية، لافتاً إلى أن تحسين وتطوير شبكة الأمان الاجتماعي يظل أولوية مهمة بالنسبة للحكومة المصرية، إذ تبحث فرص توسيع نطاق الدعم الاجتماعي ليشمل المزيد من الفئات.
وأشار إلى اتخاذ الحكومة المصرية تحركات مهمة وإيجابية في إطار دعم الاقتصاد وضبط أوضاع المالية العامة وخفض الدين العام في إطار برنامجها الناجح للإصلاح الاقتصادي. لافتاً إلى أن مصر تعمل على تعزيز الإيرادات وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية العاجلة خلال جائحة "كوفيد 19".