Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تدعو تركيا لفسح المجال أمام "الفرصة الأخيرة" للسلام في ليبيا

"الملف الليبي ساهم في استنزاف كبير لجهود الجيش الجزائري منذ عام 2011 والسيناريو التركي في سوريا يجب أن لا يتكرر في الجارة الشرقية"

جاويش أوغلو مستقبلاً بوقادم في أنقرة (المكتب الإعلامي للخارجية الجزائرية)

ناقش وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الثلاثاء 1 سبتمبر (أيلول) الحالي، تطورات الوضع في ليبيا في سياق خطة "وقف الاقتتال" بين طرفَي الصراع الليبي. وتوجهت الجزائر إلى أنقرة بخطاب لـ"خفض أي توتر" محتمل على الأرض الليبية، ما يسمح باستكمال خطة "تفعيل العملية السياسية" عبر حوار جامع بين الليبيين. واعتبرت الجزائر التطور الأخير في ليبيا "فرصةً تاريخية لوضع حد لسيناريو الاقتتال الداخلي الدائر منذ سنوات".
ونشرت الرئاسة التركية الثلاثاء، صور استقبال بوقادوم موفداً عن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. وأصدرت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية بياناً عقب اللقاء جاء فيه أن المحادثات مع الرئيس التركي "شملت الوضع الإقليمي في كل من ليبيا ومالي"، وأن "الجزائر جددت موقفها الداعم لأفضلية صوت الحوار والحلول السياسية". أما عن لقاء بوقادوم بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو، فذكرت الخارجية الجزائرية أن "التبادلات بينهما شكّلت فرصةً لمواصلة الحوار السياسي بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. لقد تم استحضار الوضع في ليبيا للتأكيد على ضرورة حل سياسي يقوم على الحوار والمصالحة بين جميع الليبيين وفي مأمن من أي تدخل خارجي، باعتباره المخرج الوحيد الضامن للحفاظ على وحدة ليبيا وسلامتها".


الفرصة الأخيرة

من جهة أخرى، ذكرت مصادر مطلعة على تفاصيل زيارة بوقادوم لـ"اندبندنت عربية"، أن "وزير الخارجية الجزائري ذهب إلى تركيا من أجل ملف واحد هو الملف الليبي على أمل توجيه طلب لسلطات أنقرة بالمساهمة في وقف الاقتتال الساري المفعول منذ أواخر أغسطس (آب) الماضي. وتعتبر الجزائر قرار وقف القتال المعلَن عنه قبل أيام "فرصة تاريخية" أمام الدولة الليبية "قد تكون الأخيرة".
ولفتت المصادر ذاتها إلى أن "الجزائر تحاول إقناع الطرف التركي برفع اليد عن مسار التقارب الليبي"، في سياق قناعة جزائرية بأن "الملف الليبي ساهم في استنزاف كبير لجهود الجيش الجزائري على الحدود الشرقية للبلاد منذ عام 2011 وأن السيناريو التركي في سوريا يجب أن لا يتكرر في الجارة الشرقية".
وتُقدم الخارجية الجزائرية نفسها "ضامناً" ووسيطاً بين عواصم متخاصمة على الأرض الليبية و"لمتابعة مسار الحوار الليبي - الليبي من دون أي حسابات خارج إرادة الليبيين أنفسهم". ويُبنى الموقف الجزائري على أساس توافق داخل المجلس الأعلى للأمن في الجزائر وأيضاً على تقارير من المؤسسة العسكرية تؤكد ضرورة إنهاء حالة التوتر الأمني والعسكري في ليبيا في أقرب وقت ممكن. وترى الجزائر أن حالة التوتر في مالي إثر الانقلاب العسكري الأخير، تضعها أمام تحديات أمنية مضاعفة على شريطَيها الحدوديين مع كل من مالي وليبيا، الممتدَين على مسافة تقارب ألفي كيلومتر.

وقال بوقادوم في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي إن "الجزائر تراقب الأوضاع المتوترة في مالي وتترقب المستجدات التي ستحصل فيها مستقبلاً، هنالك تحولات في مالي على المديَين القصير والبعيد. مالي مهمة جداً واستقرارها بالنسبة إلينا، أكثر من 40 ألف نسمة يتواجدون في مناطق حدودية في ظل المخاوف الراهنة، الجزائر ترتبط بحدود مع مالي وليبيا، وتوجد في المقابل بالفعل موجة كبيرة للهجرة تهدد دول الشمال الأفريقي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


خفض التوتر

ورأى الضابط الجزائري المتقاعد أحمد كروش أن "الجزائر تقدم خطة السلام الليبية كطوق سلام لكل الأطراف بما فيها تركيا، في الفترة الراهنة هناك حالة تريث من قبل الجميع ومن ضمنهم الجانب المصري. وقف إطلاق النار بدأ بشكل غير معلَن منذ نحو شهرين وتم إعلانه أخيراً بعد إدراك الجميع عواقب اندلاع حرب في ليبيا". وتابع كروش "أتوقع أن تستمر الهدنة في ليبيا فترة طويلة ويجب استغلال هذه الفسحة الزمنية أمام الدبلوماسية".
وتُمنّي الجزائر النفس لاحتضان جولات حوار بين الأطراف الليبية، ما سيُجسد أول دور إقليمي لحكم تبون. وكان الرئيس الجزائري رحّب بقرار وقف القتال والحل السياسي للأزمة الليبية في اتصال هاتفي أجراه مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج.
ووردت أمنية احتضان جولات الحوار في تعليق الخارجية الجزائرية على اتفاق وقف القتال، إذ جاء فيه أنه "بحكم الروابط التاريخية الجغرافية التي تجمعها مع الشعب الليبي الشقيق، كانت الجزائر قد سعت منذ بداية النزاع إلى التحرك على كل المستويات الإقليمية والدولية لإيقاف النزيف والحد من مخاطر الأزمة على أمن المنطقة واستقرارها". وذكرت الخارجية أيضاً أن الجزائر كانت أعلنت خلال "مؤتمر برلين" للسلام في ليبيا الذي عُقد في بداية السنة الحالية استعدادها "لاحتضان حوار شامل بين الأشقاء الليبيين، ينطلق بوقف إطلاق النار بهدف الوصول إلى حل سلمي يحفظ مصالح ليبيا وشعبها الشقيق".
كما رحبت الجزائر بالإعلانَين الصادرَين عن طرفي النزاع، وقالت "ترحب الجزائر بالإعلانين الصادرين عن كل من رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح القاضيين بوقف إطلاق النار في كل الأراضي الليبية وتفعيل العملية السياسية عبر حوار جامع يفضي إلى إنهاء الأزمة. كما تسجل الجزائر بارتياح هذه المبادرة التوافقية التي تعكس إرادة الإخوة الليبيين في تسوية الأزمة وتكريس سيادة الشعب الشقيق".


أمن الجزائر في خطر

في سياق متصل، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الوافي بوشماخ إن "الجزائر توجهت إلى أنقرة بملفين اثنين لا واحد، إذ إن التوتر في ليبيا ومالي معاً، يضرب الأمن القومي الجزائري في العمق، وحديث بوقادوم اليوم عن أزمة المهاجرين رسالة إلى المجموعة الأوروبية خصوصاً وأطراف مؤتمر برلين لدعم مسار التقارب الداخلي في ليبيا".

وأوضح بوشماخ أن المعطيات المحيطة بهذه الزيارة "تميل إلى أن الجزائر ستختبر النوايا التركية بخصوص النزاع الإقليمي القائم، بما أنها تقدم اليوم التهديدات التي تطال أمنها القومي في الجنوب والشرق كأولوية وأي مماطلة من تركيا قد تُعتبَر فعلاً عدائياً".

المزيد من العالم العربي